جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٨ / ١١ / ٢٠١٦م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد عبد الرحمن شكيوه.
(١١٩)
الطعن رقم ١١٥٣ / ٢٠١٦م
بيع (تسليم – التزام – ثمن)
– الإلزام بالتسليم بموجب عقد البيع يوجب على المطعون ضدها الالتزام بسداد باقي الثمن حسبما اتفق عليه بالعقد.
الوقائع
يتضح من الأوراق أن المطعون ضدها….. أقامت دعوى لدى المحكمة الابتدائية بمسقط طالبة الحكم بإلزام الطاعنين: ١….، ٢ شركة… العقارية بتسليم العين محل التداعي للمدعية كاملة التشطيبات وصالحة للسكن وفق ما اتفق عليه بعقد البيع الابتدائي كإلزامهما بنقل الملكية بوزارة الإسكان وإلزامهما بدفع غرامات التأخير منذ نهاية المدة المتفق عليها بعقد البيع (١٨ شهرا) من تأريخ التوقيع على العقد حتى تأريخ التسليم الفعلي واستلام الملكية مع (٢٠,٠٠٠ر.ع) عن الأضرار المادية والمعنوية احتياطيا ندب خبير هندسي لبيان الأضرار عن مدة التأخير للتسليم وبيان الأضرار وأسباب التأخير.
وأوضحت أنه بموجب اتفاقية مؤرخة في ٥ / ١١ / ٢٠١٢م باعت المدعى عليها الأولى للمدعية شقة بمشروع تلال القرم بمسقط تمسح (٨٦م م) بمبلغ قدره (٤٤,٦٤٠ر.ع) سدد بالكامل وحدد موعد التسليم بعد (١٨ شهرا) من توقيع العقد أي ٩ / ٤ / ٢٠١٤م ولم تلتزم المدعى عليها بموعد التسليم لغاية رفع الدعوى مع الإشارة إلى أن عقد البيع تضمن شرطا من إعداد المدعى عليها تمثل في أنه في حالة تعذر التسليم خلال (١٦٠يوما) من تأريخ تسلم الإخطار تصبح الاتفاقية منتهية وخلال (٩٠ يوما) يرجع البائع جميع الدفعات للمشتري مع فائدة (٦٪) في السنة من تأريخ تسديد كل دفعة ولا يحق للمشتري أي تعويض أو غرامات مهما كانت الأسباب أو الأحداث التي أدت إلى التأخير أما المدعى عليها الثانية فقد كلفت بأعمال البناء والتشطيب وتوصيل الكهرباء بصفتها مقاولا ووسيطا بين الطرفين وقد أخطأت بعدم الانتهاء من الأعمال في موعدها وأخطأت في أعمال التشطيب فترتب ضرر للمدعية وقد رد عليهما بطلب رفض الدعوى واحتياطيا فسخ العقد مع إلزامهما بإرجاع قيمة العقد مع فائدة (٦٪) سنويا موضحين أن الشقة موضوع الدعوى تقوم ضمن مشروع ضخم شبيه بمشروع الموج والمدينة الزرقاء وأن أسباب التأخير تعود لقوة قاهرة تتمثل في الإجراءات التي تحتاج وقتا طويلا وقد تضمن عقد البيع خيار شرط الفسخ حسب البندين (٨ / ١ و ٩ / ٢) وقعت عليه المدعية بإرادتها ولا يجوز نقض العقد أو تعديله إلا بالاتفاق وقدما دعوى فرعية في طلب الفسخ.
وبتأريخ ١٢ / ١ / ٢٠١٦م أصدرت المحكمة حكمها رقم (٦١٧ / ٢٠١٥م) في الدعوى الفرعية بفسخ عقد بيع الشقة موضوع الدعوى المؤرخ في ٥ / ١١ / ٢٠١٢م وإلزام المدعيتين فرعيا بأن تردا للمدعى عليها فرعيا المبلغ المدفوع ثمنا للشقة والبالغ مقداره (٤٤,٤٦٠ر.ع) وبأن تؤديا تعويضا لها مبلغا وقدره (٨,٠٠٢,٨٠٠ ر.ع) وإلزامهما مصاريف الدعوى ورفض ما عدا ذلك من طلبات وفي الدعوى الأصلية برفضها وألزمت رافعها المصاريف.
استنادا إلى أحكام المادتين (١٧١، ١٧٣) من قانون المعاملات المدنية باعتبار أن الفسخ يكون جزاء إخلال أحد الطرفين المتعاقدين بالتزاماته وقد تضمن عقد البيع شرطا فاسخا لذلك يحكم به إذا اختار أحد الطرفين ذلك والقبول بنسبة الفائدة (٦٪) في السنة المتفق عليها ولا صحة لما دفع به المدعى عليه فرعيا من أن العقد تضمن شروطا إملائية من الشركة بما يجعله عقد إذعان لعدم توفر شروط ذلك ومنها أن تكون في صيغة مطبوعة تحتوي على شروط مفصلة لا تجوز فيها المناقشة.
فاستأنف الطرفان الحكم وأصدرت محكمة استئناف مسقط حكمها رقم (١٢٩، ١٦٧ / ٢٠١٦م) بتأريخ ٣١ / ٥ / ٢٠١٦م بقبول الاستئنافين شكلا وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدهما أصليا بتسليم المستأنفة الشقة محل الدعوى بوصفها وبياناتها المذكورة أعلاه وبأن يؤديا لها متضامنين تعويضا قدره (٥,٠٠٠ر.ع) مع إلزامها بالمصاريف وبمائتي ريال عماني عن أتعاب المحاماة وبرفض ما زاد على ذلك من طلبات.
تأسيسا على أن المدعي أصليا اختار العقد ولم يختر الفسخ رغم جواز حقه في ذلك بالقانون وبالبند (٨ – ١) من العقد كما أن العقد خلا من تحديد تأريخ بداية الحفر لإنجاز البناء حتى يبدأ حساب مدة (١٨ شهرا) المفترضة لإتمام الانجاز وتسليم الشقة بما يجعل العقد في هذه الناحية عقد غرر دون أن يعفي ذلك المدعى عليهما من التسليم طالما لم يثبتا القوة القاهرة التي تجعل التنفيذ مستحيلا وينفسخ العقد تلقائيا ولم يثبت البائع أنه في مركز لا يسمح له بالتسليم كإلزام المدعى عليها بالتعويض عن التأخير من تأريخ دفع آخر قسط المفترض قبل انقضاء مدة (١٨ شهرا) طالما لم يقع تحديد تأريخ آخر تم فيه تسليم آخر قسط من الثمن.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا من المحكوم عليهما فطعنتا فيه بالنقض مع طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل في الطعن هذ وقد أقيم الطعن على الأسباب التالية:
– مخالفة القانون والفساد في الاستدلال:
قولا بأن الدعوى تقوم على اتفاقية موقعة من الطرفين وبالتالي ملزمة لهما وقد قبلت المطعون ضدها بكامل بنودها بعد دراستها والحصول على المشورة القانونية كيفما ورد بالبند (٥ / ٦) من الاتفاقية وأن البند (١٠) تضمن القوة القاهرة التي تجعل القعد منتهيا في حالة تحققها وقد استحال التسليم في الموعد المتفق علي وبذلك انفسخ العقد إلا أن المحكمة لم تأخذ بذلك وأن دفع الثمن لا يعد سببا لتسليم العين للقوة القاهرة فضلا عن أن المطعون ضدها لم تسدد كامل الثمن بل (٧٥٪) من المبلغ وأنه خلافا لما جاء بالحكم المطعون فيه فإن القوة القاهرة تحققت باعتبار أن الشقة تقوم على مشروع ضخم مثل مشروع الموج وأن هناك جهات حكومية مثل الكهرباء والمياه لم تقم بتوصيل الخدمات بجميع المشروع حتى يتم التشطيب واللمسة النهائية قبل التسليم أما عن التعويض المحكوم به فقد كان على أساس دفع كامل ثمن الشقة أي (٤٤,٦٤٠ر.ع) في حين أن المبلغ المدفوع هو (١٣,١٢٢ر.ع) فيكون المبلغ المستحق (١,٨٦٠ر.ع) مع التأكيد على عدم استحقاقه لعدم ارتكان الطاعنتين خطأ لحصول التأخير للقوة القاهرة لذا فقد طالبتا بالنقض والتصدي للدعوى وذلك بفسخ العقد وإعادة الأطراف لحالتهما الأولى، احتياطيا النقض والإعادة للنظر بهيئة مغايرة.
وحيث لم ترد المطعون ضدها على صحيفة الطعن وبلغها الإعلان طبق القانون وجاز بذلك للمحكمة مواصلة النظر في الدعوى طبق أوراقها.
المحكمة
– من حيث الشكل:
حيث رفع الطعن ممن له صفة وفي الآجال القانونية واتجه قبول شكلا.
وحيث أوقفت المحكمة تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل في الطعن طبقا لأحكام المادة (٢٤٥) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
– من حيث الموضوع:
حيث إن ما انعقد على الوجه الصحيح يقوم مقام القانون فيما بين المتعاقدين ولا ينقص إلا برضائهما.
وحيث إن عقد البيع المبرم بين الطرفين استوفى أركانه القانونية وبادرت المطعون ضدها بتنفيذ الالتزام المحمول عليها بدفع الثمن في حدود ما اتفق عليه قبل التسليم وحيث إن تعلل الطاعنتين بالقوة القاهرة كسبب من أسباب التأخير في تسليم العين المشتراة والمطالبة مقابل ذلك بفسخ البيع يعد من قبيل الإخلال بالالتزام التعاقدي والمماطلة الصادرة عن الدائن حيث إنه بحكم خبرة الطاعنتين واحترافهما في إنشاء المباني وبيعها لا يغيب عنها إمكانية تأخر إنجاز بعض المتدخلين في إتمام ما عهدا إليهم كالتوصيلات الكهربائية ومياه الشرب وطالما كان الأمر متوقعا بالنسبة إليهما فإن الدفع بأحكام القوة القاهرة لا أساس قانوني يسنده وتعين تجاوز هذا الدفع.
وحيث إن المطالبة بفسخ البيع تعد من قبيل التهرب من تنفيذ الالتزام وللمدين (المطعون ضدها) غصب الطاعنتين على الوفاء إن كان ممكنا حيث تقدم مصلحة الطرف غير المماطل على الطرف المماطل في الالتزام وقد ثبت أن الوفاء بتسليم المبيع ممكنا لاكتمال البناء في جوهره وإمكانية تدارك النقائض القائمة.
وحيث إن الإلزام بالتسليم يوجب على المطعون ضدها الالتزام بسداد باقي الثمن حسبما اتفق عليه بالعقد وقد خلا الحكم المطعون فيه من بحث هذه الجزئية لذلك تعين النقض جزئيا مع الإحالة لتتولى محكمة الاستئناف بهيئة مغايرة التحقيق في ذلك بين الطرفين كالرد على دفع الطاعنتين بخصوص كيفية تقدير التعويض المناسب للإخلال بالالتزام بتسليم المبيع في الآجال المتفق عليها والمقدرة بـ (١٨ شهرا).
وحيث وقد نجحت الطاعنتان جزئيا في طعنهما فإنه يتعين رد الكفالة إليهما وإلزامهما بالمناسب من المصاريف.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا في الثمن والتعويض ورفضه فيما زاد على ذلك مع الإحالة إلى استئناف مسقط لتحكم في الجزء المنقوض من جديد بهيئة مغايرة وإلزام الطاعنتين بالمناسب من المصاريف ورد الكفالة للطاعنتين.