التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ١٦١ / ٢٠١٧م

2017/161 161/2017 ٢٠١٧/١٦١ ١٦١/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢٤ / أكتوبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٥٣)
الطعن رقم ١٦١ / ٢٠١٧م

– شهادة السماع» ماهيتها. حجيتها».

– الشهادة السماعية هي شهادة غير مباشرة يشهد بها الشاهد بناءً على معلومات عن الواقعة المراد إثباتها ويكون قد حصل عليها من الشخص الذي وقعت الواقعة تحت بصره أو سمعه وهذه الشهادة يجوز الأخذ بها أمام القضاء ويرجع تقييم قيمتها إلى سلطة المحكمة التقديرية.

الوقائع

تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال الطاعن (المتهم) إلى محكمة الاستئناف بالرستاق (محكمة الجنايات)؛ لأنه بتاريخ (١٩ / ٦ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص مركز شرطة بركاء:

تحرش جنسياً بالمجني عليه الطفل…. البالغ من العمر (١٠) سنوات وذلك بأن استدرجه إلى مكان متوار عن الأنظار في البناية التي يقيم فيها المجني عليه وقام باحتضانه من الخلف والإمساك بعضوه الذكري، وفق الثابت بالتحقيقات.

وطالب الادعاء العام بمعاقبته بجناية التحرش الجنسي بطفل المؤثمة بالمادة (٧٢) بدلالة المادة (٥٦ / ب) من قانون الطفل.

وبجلسة (٣ / ١ / ٢٠١٧م) حكمة المحكمة حضورياً بإدانة المتهم بالجناية المسندة إليه ومعاقبته عنها بالسجن سنتين ونصف وغرامة قدرها (٥٠٠.٢ ر.ع) ألفان وخمسمائة ريال وألزمته المصاريف.

لم يرتض الطاعن بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (١٢ / ١ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته   وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدَّم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد.

وقدَّم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخُالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع وذلك لعدم معقولية الواقعة وخلو الأوراق من أي دليل سوى أقوال المجني عليه وإفادة والده فلا يعقل أن يتم التحرش بالمجني عليه في وضح النهار وفي مكان مكشوف على سطح العمارة ودون أن يختار الجاني مكاناً متوارياً عن الأنظار كما جاءت أقوال المجني عليه متناقضة ففي محاضر الاستدلال ذكر أن المتهم أمسكه من عضوه الذكري وحاول التحرش به ولم يذكر أنه احتضنه من الخلف بينما في محاضر التحقيق ذكر أنه احتضنه من الخلف مما يؤكد كيدية الاتهام وتلفيقه أما عن بقية الشهادات فقد جاءت سماعية ولم ير أي من الشهود المتهم وهو يرتكب الواقعة كما أخلت المحكمة بحق الدفاع حيث أبدى وكيل المتهم مرافعته أمام هيئة غير التي أصدرت الحكم وبالتالي تضرر الطاعن من ذلك لأنه كان يعول على المرافعة التي أبديت في الجلسة، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه غير سديد إذ من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن استخلاص الواقع في الدَّعوى والصورة الصَّحيحة لها وتقدير الدليل فيها ووزن البينات هو من المسائل التي تستقلُّ بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وقادرة على حمله وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع المحكمة من جميع عناصر الدعوى المطروحة عليها ولها كامل الحرية في أن تستمدَّ اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ومن أية بيِّنة أو قرينة ترتاح إليها طالما أن لكل ذلك مأخذه الصحيح من الأوراق ولا يصحُّ مطالبتها بالأخذ بدليل دون الآخر ولا يلزم في الأدلة التي يُعوِّل عليها الحكم أن تكون مفصَّلة بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ إن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكوَّن عقيدة المحكمة فلا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها وحدة واحدة تؤدي إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولو عن طريق الاستنتاج طالما أن القانون لم يُحدِّدْ وسيلة معينة لإثبات الجريمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فإن إثباتها يكون بكافة طرق الإثبات كما أنه من المقرر في قضاء المحكمة العليا أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان من المقرر أن المشرع لم يحرم القاضي الأخذ بأقوال المجني عليه لحداثة سنه إذا آنس منها الصدق فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدرها القاضي حسب اقتناعه.

لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة وصدق ما أدلى به المجني عليه وأنه كان يدرك ويعي ما يقول حيث قرر وفي جميع مراحل الدعوى أنه وبينما كان يلعب عصراً هو وإخوته الصغار بدراجته الهوائية إذ قدم المتهم بسيارته وطلب منه مساعدته في نقل أغراض إلى أعلى العمارة وعند وصوله للسطح طلب منه المتهم أن يقرأ له رقماً على أحد الصناديق التي كانت تحتوي على أدوات دورات مياه وأثناء انحنائه لقراءة الرقم احتضنه من الخلف وأمسك بعضوه الذكري فادعى له أنه يريد أن يشرب عندها ذهب مسرعاً وأخبر والده بما حصل له ثم هرع هو ووالده بحثاً عن المتهم فوجداه يهرب بسيارته فتمكن الوالد من التقاط الرقم وقد عزز صدق هذه الشهادة ما أثبتته الصور الفوتوغرافية الملتقطة على الصندوق الذي أشار إليه المجني عليه في شهادته والذي يحتوي على مستلزمات دورات مياه كما أشار المجني عليه للرقم المطبوع على الصندوق والذي طلب منه المتهم قراءته وقد شهد والد المجني عليه استدلالاً بأن ابنه حضر إلى المنزل في حالة خوف وأبلغه بأن شخصاً في العمارة تلمس عورته وعلى الفور هرع هو وابنه للبحث عن الفاعل فشاهده يتحرك بمركبته هارباً وقد استطاع أخذ مواصفات المركبة ورقم اللوحة.

لما كان ذلك وكانت الشهادة السماعية هي شهادة غير مباشرة يشهد بها الشاهد بناءً على معلومات عن الواقعة المراد إثباتها ويكون قد حصل عليها من الشخص الذي وقعت الواقعة تحت بصره أو سمعه وهذه الشهادة يجوز الأخذ بها أمام القضاء   ويرجع تقييم قيمتها إلى سلطة المحكمة التقديرية.

لما كان ذلك وكان الطاعن لا ينكر وجوده في مكان الواقعة والوقت الذي وقعت فيه إلا أنه أنكر دخوله العمارة مطلقاً مقرراً أن سبب اتهامه أنه معروف باسم (أبو الصغيرين) في حين قررت الشاهدة…. أمام المحكمة أنها شاهدت المتهم في حدود الساعة الخامسة عصراً ينزل من درج الدور الأول بالبناية وكانت عليه علامات الارتباك ثم حضر والد المجني عليه وأخبرها أن ذلك الشخص تحرّش بولده ثم ذهب يبحث عنه إلا أن المتهم هرب مسرعاً بسيارته.

لما كان ذلك وكان القاضي في المواد الجنائية غير مقيد في قضائه بالأخذ بدليل معينّ أو قرينة خاصة بل هو يحكم بما اطمأن إليه من أي عنصر من عناصر الدعوى وظروفها وبالتالي فلا تثريب على المحكمة إذا اعتمدت في قضائها على شهادة المجني عليه رغم حداثة سنه والشهادة السماعية لوالده وشهادة الشاهدة…. ما دامت قدرت هذه الشهادات التقدير السليم واطمأنت عقيدتها إلى صدقها.

أما ما ينعاه الطاعن بخصوص الهيئة التي استمعت للمرافعة فمردود عليه بأن الثابت من محاضر الجلسة أن الدعوى حجزت للحكم بتاريخ (١١ / ١٠ / ٢٠١٦م) وبتاريخ (١ / ١١ / ٢٠١٦م) قررت المحكمة فتح باب المرافعة بناءً على طلب وكيل المتهم لتمكينه من تقديم مذكرة بدفاعه وبجلسة (٦ / ١٢ / ٢٠١٦م) أبدى وكيل المتهم دفاعه أمام الهيئة المشكلة برئاسة فضيلة القاضي خميس الغافري وأبو بكر بن المنصف الطرابلسي وأسامة عبد الحليم محمد وحجزت للحكم لجلسة (٣ / ١ / ٢٠١٧م) وتلك الهيئة هي التي تداولت الدعوى ووقعت على مسودة الحكم.

ولما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه يضحي غير قويم ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في استخلاص الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام المحكمة العليا ويتعينّ ترتيباً على ما سلف رفض الطعن موضوعاً وإلزام رافعه المصروفات عملاً بنص المادة (٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتحميل رافعه المصروفات.