التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (أ): الطعن رقم ٣٣٩ / ٢٠١٧م والطعن رقم ٣٤٠ / ٢٠١٧م

2017/339 339/2017 ٢٠١٧/٣٣٩ ٣٣٩/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢١ / نوفمبر / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة السيد  /  خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي  /  نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان

(٥٨)
الطعن رقم ٣٣٩ / ٢٠١٧م والطعن رقم ٣٤٠ / ٢٠١٧م

– دفع « ببطلان القبض والتفتيش».

– الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع الجوهرية التي يتعين الرد عليها. لا يكفي في سبيل الرد عليه افتراض صحة إجراءات القبض والتفتيش. علة ذلك.

الوقائع

تتحصَّل الوقائع حسبما يبينْ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعنين في أن الادعاء العام أحال المتهمين (الطاعنين) إلى المحكمة الابتدائية بصلالة (الدائرة الجزائية)؛ لأنهما بتاريخ (٩ / ١٢ / ٢٠١٥م) بدائرة اختصاص إدارة مكافحة المخدرات:

أولاً: بالنسبة للمتهمين معاً:

١ . حازا بقصد التعاطي وفي غير الأحوال المرخص بها قانوناً مواد مخدرة من نوع القات المدرج في الجدول الخامس من المجموعة الأولى من ملحق قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، الأمر الثابت بالأوراق.

٢ . تعاطيا في غير الأحوال المرخص بها قانوناً مواد مخدرة من نوع القات، الأمر الثابت بتقرير المختبر الجنائي.

ثانياً: بالنسبة للمتهم الثاني (الطاعن بالطعن رقم (٣٤٠ / ٢٠١٧)):

قاد المركبة رقم (…. / رس) تحت تأثير المخدر، وفق الثابت بالتحقيقات.

وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهمين معاً بجنحة حيازة مواد مخدرة بقصد التعاطي المؤثمة بالمادة (٤٧) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وجنحة تعاطي المواد المخدرة المؤثمة بالمادة (٤٧) من ذات القانون ومعاقبة المتهم الثاني أيضاً  بجنحة قيادة مركبة تحت تأثير المخدر المؤثمة بالمادة (٥٠ / ١) من قانون المرور.

وبتاريخ (١٩ / ٧ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهمين بجنحة حيازة مواد مخدرة بقصد التعاطي وقضت بسجنهما لمدة سنة وغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال وإدانتهما بجنحة تعاطي المواد المخدرة وقضت بسجنهما لمدة سنة وغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال وإدانة المتهم الثاني بجنحة قيادة مركبة تحت تأثير المخدر وقضت بسجنه لمدة ثلاثة أشهر وغرامة قدرها (٣٠٠ ر.ع) ثلاثمائة ريال مع إدغام العقوبات في حق المتهمين ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة والمركبة رقم (…. / ر س) المستخدمة في نقل المضبوطات وسحب رخصة قيادة المتهم الثاني لمدة ثلاثة أشهر تبدأ بعد انتهاء تنفيذ العقوبة الحبسية.

لم يرتض المحكوم عليهما بهذا القضاء فاستأنفاه أمام محكمة الاستئناف بصلالة (دائرة الجنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢ / ١ / ٢٠١٧م) بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع الأمر بإنفاذ ثمانية أشهر من العقوبة الحبسية وإلزام المستأنفين المصاريف.

لم يرتض الطاعنان بهذا القضاء فطعنا فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعنين الماثلين إذ أقام عليه الطاعن…. الطعن رقم (٣٣٩ / ٢٠١٧) الذي تم التقرير به بتاريخ (١٢ / ٢ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد عليها، كما أقام عليه الطاعن….الطعن رقم (٣٤٠ / ٢٠١٧) الذي تم التقرير به بتاريخ (١ / ٢ / ٢٠١٧م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد عليها.

وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا في كلا الطعنين مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً.

وحيث إن الطعنين مرتبطان في الموضوع فقد قررت المحكمة ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد.

المحكمة

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعنين وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.

أولاً: في الطعن رقم (٣٣٩ / ٢٠١٧) المقدم من الطاعن….:

وحيث إنه لما كان قانون الإجراءات الجزائية قد اشترط لجواز الطعن بالنقض في الأحكام أربعة شروط مُستفادة من المواد (٢٤٥، ٢٤٧، ٢٤٩) من ذات القانون أولها: أن يكون الحكم صادراً في جناية أو جُنحة وثانيها: أن يكون الحكم صادراً من آخر درجة من درجات التقاضي العادية وثالثها: أن يكون فاصلاً في موضوع الدعوى إلا إذا ترتب عليه منع السير فيها ورابعها: أن يكون الحكم نهائياً وأن هذا الشرط الأخير ولئن لم ينص عليه المشرع صراحة  كما فعل بالنسبة للشروط الأخرى  إلا أنه يُستفاد مما جرى به نص المادة (٢٤٩) من ذات القانون من وجوب التقرير بالطعن في أمانة سر المحكمة التي أصدرت الحكم خلال أربعين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري أو من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة أو من تاريخ الحكم الصادر فيها كما يجب إيداع الأسباب خلال هذا الميعاد ومؤدَّى هذا الشرط أن يكون الحكم نهائياً أي ألا يقبل الطعن بالمعارضة أو بالاستئناف لأن المحكمة العليا تختصُّ بإصلاح الأخطاء القانونية التي فاتت على القضاء الموضوعي وما دام هناك احتمال لأن يُصلح خطأ الحكم بمعرفة محكمة الموضوع تعينَّ الطعن فيه أمامها ثم التريث حتى تعرف نتيجة هذا الطعن إذ قد يُتدارك الخطأ الذي وقع فيه الحكم فإن فوَّته الخصم فلا يلومنَّ إلا نفسه وبالإضافة إلى ذلك فإن الطعن بالنقض في حكم قابل للطعن بالمعارضة أو الاستئناف  غير نهائي  يخلق مشكلة فقد يُلغى الحكم بناءً على المعارضة أو الاستئناف فيصير النقض غير ذي موضوع ينصرف إليه وإذا قيل إن الطعن بالنقض يُنهي سلطة محكمة المعارضة أو الاستئناف فمؤدَّى ذلك حرمان الخصم من حقه في الطعن بالطريق العادي هذا فضلاً عن أن علة هذا التحديد الدقيق للأحكام التي يجوز الطعن فيها بالنقض خاصة اشتراط نهائيته هو حرص الشارع على حصر هذا الطعن في نطاق ضيق بالنظر إلى طابعه الاستثنائي.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه حكماً غيابياً لم يعلن للطاعن ولم يقرر الطعن فيه بطريق المعارضة على نحو ما هو ثابت من خطاب مدير إدارة الادعاء العام بصلالة رقم…. (إ. ع  /  ظفار  /  ص  /  ٢٠١٧) المؤرخ في (٧ / ١١ / ٢٠١٧م) ومن ثم فإن باب المعارضة في الحكم لا يزال مفتوحاً ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز مما   يتعينّ القضاء بعدم جواز الطعن وإلزام الطاعن المصروفات عملا بالمادة (٢٢٥) من قانون الإجراءات الجزائية.

ثانياً: في الطعن رقم (٣٤٠ / ٢٠١٧) المقدم من الطاعن….:

حيث إن الطعن استوفى وضعه القانوني فهو مقبول شكلاً.

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والبطلان حينما أدانه بجنح حيازة مواد مخدرة بقصد التعاطي وتعاطي المواد المخدرة وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر دون التحقق من المضبوطات (المواد المخدرة) من حيث نوعها وهل خضعت للفحص الفني أم لا وهل حيازتها مجرمة أم لا وهل هي المخدرات نفسها التي ضبطت بداخل المركبة أم غيرها كما أن الحكم قضى بسحب رخصة قيادته مع أنه في الأصل لا يحمل رخصة قيادة مما يعني أن الحكم خالف الثابت بالأوراق كما قضى بمصادرة المركبة دون مطالبة من الادعاء العام ودون التأكد من مالكها الأصلي الذي هو حسن النية ناهيك أنه عول في إدانته على حيازته لرزم القات الخضراء مع أن هذه العينة لم ترسل إلى المختبر الجنائي ولم تخضع للفحص الفني كما أنه دفع ببطلان القبض وحبسه لمدة (٢٤) ساعة وفي مكان مخصص للحبس من قبل أفراد الجيش السلطاني وهم ليسوا من مأموري الضبط القضائي، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إخلال بحق الدفاع سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء المحكمة العليا أن شائبة الإخلال بحق الدفاع تعلق بالحكم إن هو أغفل دفعاً جوهرياً إذا تحقق وصح قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى.

لما كان ذلك وكان البينّ من مطالعة الأوراق أن المدافع عن الطاعن تمسك في مذكرة دفاعه ببطلان إجراءات القبض عليه وتفتيش مركبته إذ تم إلقاء القبض عليه في نقطة عسكرية للجيش السلطاني وتفتيش مركبته وحبسه (٢٤) ساعة في معسكر أم الغوارف (قيادة لواء المشاة بصلالة) فتكون هذه الإجراءات المتخذة في حقه مخالفة للقانون كونها أجريت عليه من قبل جهات غير مختصة بإجرائها فأصبح بذلك واقعاً مسطوراً بالأوراق قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر الدعوى.

لما كان ذلك وكان الدفع ببطلان القبض والتفتيش هو من أوجه الدفاع الجوهرية التي يتعينّ الرد عليها وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد فيما اعتمد عليه على محضر الضبط والاستدلالات وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم   المطعون فيه والمكمل له قد رد على هذا الدفع بقوله: «… وما إنكار المتهمين ودفوع وكلائهما إلا محاولة منهم للتهرب من الجزاء في ظل ما هو ثابت من أدلة دامغة فضلاً عن تولي الجيش السلطاني تسليم المتهمين بعد ضبطهما إلى شرطة عمان السلطانية لاستكمال الإجراءات القانونية بشأنهما ولا ترى المحكمة في ذلك ما يخل بصحة إجراءات الضبط والتفتيش في ظل ما هو ثابت بالأوراق من خلال محاضر الضبط والاستدلالات المجراة…» كما أورد الحكم المطعون فيه هذا الدفع ورد عليه بقوله: «… وصحة إجراءات الضبط والتفتيش في ظل ما هو ثابت بالأوراق…» فهذا الذي رد به الحكم الابتدائي ومن بعده الحكم المطعون فيه على دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش غير سائغ ذلك أنه من المقرر في قضاء المحكمة العليا أنه لا يكفي لسلامة إجراءات القبض والتفتيش القول: «… ولا ترى المحكمة في ذلك ما يخل بصحة إجراءات القبض والتفتيش في ظل ما هو ثابت بالأوراق من خلال محاضر الضبط والاستدلالات المجراة…» أو «… وصحة إجراءات الضبط والتفتيش في ظل ما هو ثابت بالأوراق…» بل على محكمة الموضوع أن تعرض لهذا الدفع بالمناقشة والتحقيق لتبين مدى صحته إذ لا يمكن القول بسلامة وصحة إجراءات القبض والتفتيش إلا بالتحقيق وليس للمحكمة أن تفترض صحة وسلامة القبض والتفتيش إذا تم الدفع أمامها ببطلانهما وعدم صحة إجراءاتهما ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قاصراً قصوراً يبطله بما يتعينَّ نقضه دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن الأخرى ولا يغني عن ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجزائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة مما يتعينّ نقض الحكم وإعادة أوراق الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: أولاً: بعدم جواز الطعن رقم (٣٣٩ / ٢٠١٧) وإلزام الطاعن المصروفات، ثانياً: قبول الطعن رقم (٣٤٠ / ٢٠١٧) شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.