التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة التجارية: الطعن رقم ٦٧٢ / ٢٠١٧م

2017/672 672/2017 ٢٠١٧/٦٧٢ ٦٧٢/٢٠١٧

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٠ / ٤ / ٢٠١٨م

برئاسة فضيلة القاضي /  منصور بن علي الفارسي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. محمد صالح علي سيد أحمد، وأحمد بن عياش الجندوبي، ونور الدين بن المكي خليفي، و عاطف المأمون عبد السلام.

(٢٤٣)
الطعن رقم ٦٧٢ / ٢٠١٧م

استئناف (حجز- مد – آثار) – إجراء (بطلان- نص)

– حجز الدعوى في الاستئناف للنطق بالحكم ثم أجله للمرة الثانية والتي صدر فيها الحكم لم يرتب شيئا على مخالفة ما جاء فيها والمدة المحددة في المادة (١٦٧) من قانون الإجراءات هي مسألة تنظيمية لا يترتب البطلان على إغفالها.

– يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون صراحة على بطلانه ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذ ثبت تحقق الغاية من الإجراء.

الوقائع

تتحصل الوقائع بحسب ما تبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق والمستندات التي أنبنى عليها في أن الطاعن أقام الدعوى رقم (٨٥١ / ٢٠١٥م) أمام الدائرة التجارية بالمحكمة الابتدائية بالسيب بصحيفة أودعت أمانة تلك المحكمة بتاريخ ٢٦ / ١٠ / ٢٠١٥م طلبت في ختامها ندب خبرة محاسبية وبإلزام البنك المطعون ضده باسترجاع مبلغ التأمين على الحياة البالغ (٣٤٨ / ٢٧١،٥ر.ع) خمسة آلاف ومائتان وواحد وسبعون ريالا وثلاثمائة وثمانية وأربعون بيسة وجاء بصحيفة الدعوى بيانا لطلباته أنه حصل من البنك المطعون ضده على قرض سكني في العام ٢٠٠٨م مقداره (٦١٨٧٩ر.ع) ويبلغ القسط الشهري أربعمائة وثلاثة ريالات وأربعمائة وثلاث بيسة (٤٠٣ / ٤٠٣ر.ع) وأن البنك قام باستقطاع قيمة التأمين المطالب بها (٣٤٨ / ٢٧١،٥ر.ع) على القرض وإضافة المبلغ المذكور إلى حساب القرض ويستطرد الطاعن أنه وبتاريخ ١٣ / ٩ / ٢٠١٥م قام بسداد القرض دفعه واحدة وذلك بعد أن قام الطاعن بشراء القرض من بنك…… وذلك بفائدة أقل وأن مبلغ التأمين أصبح غير مستحق عن السنوات التي لم تحل السداد القرض.  وحيث رد البنك المطعون ضده على صحيفة الدعوى ودفع بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة وطلب الحكم بذلك وإلزام الطاعن (المدعى) بمصاريف الدعوى وأورد البنك بيانًا بذلك أن البنك يحصل مبلغ التأمين من العميل – الطاعن المدعي حاليًا – ونيابة عنه لسداده لشركة التأمين تأمينًا للقرض الإسكاني الممنوح للطاعن المدعي وهو ما كان معه على المدعي الطاعن اختصام شركة التأمين وأن المدعي الطاعن على علم بها إذ سبق له القيام بفحص نفسه طبيًا لديها قبل حصوله على القرض وأن قيمة التأمين التي يطالب بها المدعى حاليًا هي بطرف شركة التأمين نظير التزامها بتحمل باقي الأقساط عن الطاعن عند تحقق الخطر المؤمن منه.

وحيث إن الدائرة التجارية بالمحكمة الابتدائية السيب أصدرت الحكم في الدعوى الابتدائية رقم (٨٥١ / ٢٠١٥م) بجلسة ١٢ / ٦ / ٢٠١٦م وجاء منطوق الحكم كالآتي: (حكمت المحكمة برفض الدعوى وتحميل رافعيها المصاريف).

وقد أورد الحكم المذكور في أسبابه أن الدفع المبدئ من المدعى عليه – المطعون ضده حاليًا – بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفه في محله وقد صادف صحيح الواقع والقانون وهو ما تقضي به المحكمة على النحو الذي سوف يرد بالمنطوق.

وأورد الحكم كذلك أن البنك المدعى عليه حصل قسط التأمين من المدعي نيابة عن شركة التأمين ومن ثم يكون طلب استرداده من البنك قد جاء على غير ذي صفة.

وحيث لم يلق الحكم الابتدائي القبول لدى….فطعن فيه بالاستئناف (١٨٦ / ٢٠١٦م) المودعة صحيفته بتاريخ ١١ / ٧ / ٢٠١٦م طلب في ختامها القضاء له بطلباته الواردة بصحيفة دعواه الابتدائية، وندبت محكمة الاستئناف خبيرًا محاسبيًا في الدعوى ورد بتاريخ ١٣ / ٢ / ٢٠١٧م انتهى إلى استحقاق الطاعن لمبلغ (٢٠٤٧ر.ع) عبارة عن الفائدة المحتسبة على مبلغ التأمين عن الحياة المضاف إلى القرض، وقدم الطاعن مذكرة بالتعقيب على تقرير الخبير مؤرخة ٧ /  مارس / ٢٠١٧م وقدمت أمام محكمة الاستئناف السيب في جلستها المنعقدة بتاريخ ٢٨ / ٣ / ٢٠١٧م طلب الطاعن في ختامها بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم الابتدائي المطعون فيه والقضاء من جديد في الدعوى بإلزام البنك المطعون ضده بأن يؤدي إلى الطاعن المبلغ الذي انتهى إليه الخبير المنتدب   استئنافيًا (٢٠٤٧ر.ع) عبارة عن الفائدة المحتسبة على مبلغ التأمين.

وحيث أن الدائرة التجارية بمحكمة الاستئناف السيب أصدرت الحكم في الاستئناف بجلسة ٢ / ٥ / ٢٠١٧م قضت بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأورد الحكم سالف الذكر – حكم محكمة الاستئناف – ضمن أسبابه صفحته (٦): (ومن ثم فإن الدعوى المستأنفة بمطالبة البنك باسترجاع مبلغ التأمين تكون مقامة على غير ذي صفة ويكون الدفع بهذه المثابة قد صادف صحيح القانون مما يتعين قبوله) (وإذ قضت المحكمة برفض الدعوى على اعتبار أنها مقامة من غير ذي صفة – وتقصد محكمة الاستئناف هنا – (على غير ذي صفه) فكان عليها القضاء بعدم القبول).

وحيث إن حكم محكمة الاستئناف سالف الذكر لم يلق القبول لدى….. فطعن فيه بطريق النقض بالطعن (٦٧٢ / ٢٠١٧م) المحكمة العليا الذي أودعت صحيفته أمانة سر المحكمة العليا بتاريخ ١١ / يونيو / ٢٠١٧م موقعة من الأستاذ المحامي …… المقبول لدى المحكمة العليا والذي يعمل لدى مكتب…… للمحاماة والاستشارات القانونية وكيل الطاعنة بموجب سند الوكالة المرفق وقدَّم ما يفيد سداد الرسم والكفالة المقررين قانونًا وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن ورد عليها في الميعاد بمذكرة طلب فيها رفض الطعن.

المحكمة

وحيث استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.

وحيث أن الطعن أقيم على سبب وحيد تنعى به على الحكم المطعون فيه – من عدة وجوه – الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وجاء بيانًا للوجه الأول أن حكم أول درجة – المؤيد استئنافيًا – التفت عن طلب الطاعن ندب خبرة محاسبية لتحديد جميع المبالغ المستحقة للطاعن المدعي بعد تاريخ سداده للقرض كليًا ورغم ذلك كله قضى الحكم بعدم قبول الدعوى ونطقت في منطوقها برفض الدعوى موضوعًا.

الوجه الثاني: أخطأ الحكم المطعون فيه عندما ساير قضاء محكمة الدرجة الأولى رفض الدعوى في الوقت الذي أورد فيه الحكم المطعون فيه ضمن أسبابه على صحة الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفه ولذلك فإن الحكم   المطعون فيه يكون قد أخطأ عندما أيد حكم أول درجة الذي رفض الدعوى موضوعًا رغم عدم فصله في موضوع الدعوى.

الوجه الثالث: أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون عندما مد أجل النطق بالحكم مرتين دون بيان الأسباب بالمخالفة لنص المادة (١٦٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

الوجه الرابع: خالف الحكم المطعون فيه الثابت في التقرير المحاسبي الذي لم يعترض عليه أحد الأطراف وذلك عندما التفت الحكم المطعون فيه عن القضاء للطاعن بالمبلغ الذي انتهى إليه الخبير ألفين وسبعة وأربعين ريالاً عمانيًّا (٢٠٤٧ر.ع) عبارة عن مبلغ الفائدة المحتسبة على مبلغ التأمين على الحياة المضاف إلى القرض.

وحيث أنه عن النص على الحكم المطعون فيه بمخالفة المادة (١٦٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية فقد ثبت بالاطلاع على محاضر الجلسات أن الاستئناف تم حجزه ليصدر فيه الحكم بتاريخ ٢٨ / ٣ / ٢٠١٧م ثم مد أجله لجلسة ٢٥ / ٤ / ٢٠١٧م ومد أجل النطق بالحكم للمرة الثانية لجلسة ٢ / ٥ / ٢٠١٧م والتي صدر فيها الحكم إلا أن نص المادة المذكورة لم يرتب شيئا على مخالفة ما جاء فيها مما يعني أن المسألة الواردة في المادة المذكورة هي مسألة تنظيمية لا يترتب البطلان على إغفالها ولما كان المقرر بالمادة (٢١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية أن الإجراء يكون باطلاً إذا نص القانون صراحة على بطلانه ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذ أثبت تحقق الغاية من الإجراء ولم يترتب عليه ضرر للخصم ومتى كان ذلك وكان نص المادة (١٦٧) السالف الذكر لم يرتب البطلان على إغفال ما جاء فيها من أمور تنظيمية لإصدار الأحكام وعلى فرض النص على البطلان فإن الطاعن لم يثبت بل لم يدع ضررًا جراء صدور الحكم بجلسة ٢ / ٥ / ٢٠١٧م بدلاً عن صدوره بجلسة ٢٥ / ٤ / ٢٠١٧م ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا الوجه من وجوه أسباب الطعن في غير محله جدير بالرفض.

وحيث إنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بمجمل باقي وجوه الطعن فإن المقرر قانونًا أن العبرة ليست بالضرورة بالألفاظ وإنما بما اتجهت إليه أسباب الحكم، وعلى ذلك فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه اتجهت أسبابه إلى القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وناقش الحكم الابتدائي هذا   الدفع وأورد في شأنه على صفحة (٤) ما يلي:

(وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة المقدم من البنك المدعى عليه فقد قام البنك بتحصيل أقساط التأمين نيابة عن شركة التأمين باعتبار أن البنك وسيط بين المدعي وشركة التأمين ومن ثم يكون طلب استرداد أقساط التأمين من البنك قد جاء على غير ذي صفة ومن ثم يكون الدفع المبدأ قد صادف صحيح الواقع والقانون وهو ما ستقضي به المحكمة على النحو الذي سوف يرد بالمنطوق).

إذن فإن حكم محكمة الدرجة الأولى المؤيد استئنافيًا بالحكم المطعون فيه وإن كان قد قضى برفض الدعوى إلا أن هذا الحكم في حقيقته وأخذًا بأسبابه هو حكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.

وقد تم رفض الاستئناف المرفوع من الطاعن وتأييد الحكم الابتدائي أخذًا بما ورد بأسبابه لا بمنطوقه، ثم إن القضاء على هذا النحو – عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفه وتأييده من قبل الحكم المطعون فيه على هذا الأساس – هو قضاء صحيح وفي محله إذ أنه المؤسسات الائتمانية ومنها البنوك فهي تفرض على المقترض – نظير حصوله على قرض – تفرض عليه الاشتراك في تأمين جماعي تبرمه بمعرفتها ويكون الغرض من هذا التأمين أن تحل شركة التأمين محل المقترض (المشترك في التأمين) في الأقساط المتبقية من القرض حال تحقق الخطر المؤمن منه ويكون ذلك نظير مبلغ تأمين مقدر يقتطعه البنك من القرض لصالح شركة التأمين ويقدم البنك بإدخال مبلغ التأمين في حساب القرض وهذا ما حدث في الدعوى الماثلة وهو أن البنك المطعون ضده قام بتحصيل مبلغ التأمين من القرض لصالح شركة التأمين مما لازمه أن دعوى استرجاع هذا المبلغ أو غير المستحق منه في حالة قيام السداد الكلي للقرض قبل أوانه يجب توجيهها إلى شركة التأمين لا على البنك مما يعني أن الحكم المطعون فيه في محلّه عندما ساير الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفه وأما عن ما أثاره الطاعن من أنه قد طالب بما انتهى إليه الخبير في تقريره فهو مردود عليه – وبحق – بما جاء في أسباب الحكم المطعون فيه وهو أن الطاعن لم يطلب أمام محكمة الدرجة الأولى القضاء له بمبلغ الفائدة المحتسب على مبلغ التأمين بل طالب الحكم له بمبلغ التأمين.  ولا تثريب على الحكم المطعون فيه عندما لم يقض بما انتهى إليه الخبير للأسباب السالفة الذكر وهي أن الأثر الناقل للاستئناف يمنع محكمة الاستئناف من التعرض لطلبات لم تكن مطروحة أمام محكمة الدرجة الأولى.

وأما عن الذي أثاره الطاعن ضمن أسباب طعنه أن له طلبات موضوعيه أخرى وأن الحكم المطعون فيه كان حريًا به إلغاء الحكم الابتدائي لكونه لم يتعرض لهذه الطلبات فإنه هذا الادعاء هو قول مرسل لا دليل على صحته إذ العبرة بطلبات الدعوى الابتدائية وهي أن المدعي طالب فيها بمبلغ التأمين فقط وسبَّب ذلك بقيامه بالسداد الكلي للقرض قبل حلول أجله وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بتأييده لقضاء أول درجه بعدم قبول الدعوى في هذا الشأن لرفعها على غير ذي صفه لأن الصفة في رفع الدعوى تنعقد باختصام شركة التأمين التي تم خصم مبلغ التأمين لصالحها وهذا القضاء المطعون فيه في محله ولا يقدح في صحته من أنه جاء مخالفًا لما جاء في الحكم التمهيدي بندب خبرة لأن الخبرة وما تنتهي إليه ليست إلا عنصرًا من عناصر الإثبات وللمحاكم الأخذ بما جاء فيها من عدمه، فضلاً عن أن طلب الطاعن القضاء له بما انتهى إليه الخبير هو طلب جديد إذ الثابت أن الطلب أمام أول درجة هو القضاء للطاعن بمبلغ التأمين في حين أن طلب الطاعن وفقًا لآخر طلباته في مذكرة تعقيبه على تقرير الخبير – هو الحكم له بمبلغ الفائدة المحتسبة على مبلغ التأمين مبلغ ألفين وسبعة وأربعين ريالاً عمانيًّا (٢٠٤٧ر.ع) كما انتهى الخبير إلى ذلك – ومن ثم يكون الطعن في غير محله متعينًا رفضه.

وحيث أنه عن المصاريف فإن المحكمة تلزم بها الطاعن وعن الكفالة فإن المحكمة تقضى بمصادرتها عملا بالمادة (٢٦١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بالمصاريف ومصادرة الكفالة.