جلسة يوم السبت الموافق ١٦ / أكتوبر / ٢٠١٦م
المشكلة برئاسة فضيلة القاضي / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة العليا وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي
(١)
الطعن رقم ١ / ٢٠١٦م
حضانة (إسقاطها -شروط)
– مصلحة المحضون مقدمة على حق زوج الأم في عدم حضانتها لأبنائها من غيره، ولو اشترط عليها ذلك عند الزواج ما دام لم يكن للولد حاضن إلا أمه؛ فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وذلك مقتضى نص المادة (٥٨ / ب) من قانون الأحوال الشخصية.
الوقائع:-
تتلخص وقائع الدعوى على ما يظهر من ملف القضية بأن المطعون ضدها تقدمت بدعوى أمام المحكمة الابتدائية ببهلاء بتأريخ ٣ / ٨ / ٢٠١٥م ضد الطاعن طلبت فيها إلزامه ببقاء ابنها الذي هو من غيره معها، وإن رفض فإنها تطلب الطلاق منه. وقالت بيانا لذلك: إن لديها طفل من غير الطاعن واتفقت معه أن لا يعيش الطفل معها وبعد ذلك اتفقت معه أن يبقى الابن معها وتتحمل نفقته ونفقتها غير أنه لما أنجبت منه ولدا لم يقبل بذلك.
وقد رد الطاعن بأن الولد ليس ابنه وقد اشترط عند عقد الزواج أن لا يعيش الطفل في منزله بل يعيش مع أسرة المدعية، وطلب رفض الدعوى وبتأريخ ٧ / ٩ / ٢٠١٥م قضت المحكمة برفض الدعوى فلم تقتنع المطعون ضدها بهذا الحكم فتقدمت بطلب الاستئناف أمام محكمة الاستئناف بنزوى وبتأريخ ٢٤ / نوفمبر / ٢٠١٥م قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببقاء الابن مع والدته في منزل المستأنف ضده.
لم يحز هذا الحكم قبولا لدى الطاعن فتقدم بالطعن الماثل أمام المحكمة العليا بتأريخ ٣ / ١ / ٢٠١٦م وبذات التأريخ أودع صحيفة طعنه المحتوية على أسبابه معتمدة من محام مقبول أمام هذه المحكمة وهو………….. من مكتب……….. وقد استكمل الطعن جميع الإجراءات الشكلية فهو مقبول شكلا وقد أعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن فردت عليها بمذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعقب عليها الطاعن.
أسباب الطعن:-
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وقال بيإنا لذلك إن الحكم المطعون فيه أخطأ عندما حكم ببقاء ابن المطعون ضدها في منزله وقد خالف المادة (٥٨ / ب) من قانون الأحوال الشخصية حيث نصت على أنه لا يحق للزوجة أن تسكن معها في بيت الزوجية أولادها من غيره إلا إذا لم يكن لهم حاضن غيرها أو يتضررون من مفارقتها أو رضي الزوج بذلك صراحة أو ضمناً، ويحق له العدول متى لحقه ضرر من ذلك (وحيث إن الطفل منذ ولادته كان لدى والدة المطعون ضدها تارة ولدى أخواله تارة أخرى لذلك فإن الحاضن موجود من غير أمه) كما إن وجود الطفل المذكور يولد له مشاكل عائلية كثيرة مع أولاده وبناته لا سيما وإن الطاعن له عدة زوجات وأولاد وبنات في نفس المنزل لا سيما وإن الطاعن اتفق مع الطاعنة منذ ولادة الطفل الأخير أن لا يعيش معه.
وأما عن طلبها الطلاق إذا لم يلتزم الطاعن بضم الطفل فهو طلب في غير محله نظراً إلى أن حل عرى رابطة الزوجية ليس بالأمر الهين ولا يتم إلا بأسباب قوية. وعليه فليس هناك ما يبرر هذا الطلب وليس ثم حاجة داعية إلى الطلاق ولا ضرر يتعذر معه دوام العشرة.
وقد عقبت المطعون ضدها على هذه الأسباب بوساطة محاميها المطلوب بالمساعدة القضائية، حيث قال إن المطعون ضدها اتفقت مع الطاعن على أن تنفق على ابنها ونفسها من مالها ثم إن الابن لم تجد له حاضناً غيرها وهو في سن الثامنة ولا يستغني عنها حيث كان عند أمها فتزوجت فرفض الزوج وجوده في منزله ثم دفعته إلى شقيقها فرفضته زوجته فبقي بلا حاضنة، أما ما يخص الإنفاق بينهما فالعبرة في مصلحة هذا الطفل الذي لا عائل له كما وضحه الحكم المطعون فيه لهذا تطلب المطعون ضدها رفض الطعن لأن الابن لا يوجد له أب شرعي يكفله.
المحكمة:-
إن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب غير سديد، وذلك لما هو مقرر في قضاء المحكمة العليا من حيث استخلاص الواقعة والنظر في الأدلة وموازنتها مما تستقل به محكمة الموضوع إذا أقامت قضاءها على أدلة صحيحة وأسباب سائغة والثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه راعى قاعدة (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) وقاعدة (الضرر يزال) ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة (ومن هذا المنطلق ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نرى ما نحا إليه الحكم المطعون فيه حقاً وصواباً فحفظ النفس حق من حقوق هذا الدين فلا وجه أن يترك هذا الولد سائباً عرضة للمخاطر النفسية والمفاسد الخلقية.
فلهذه الأسباب:
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه، ورد ثلاثة أرباع الكفالة للطاعن.»