جلسة يوم الاثنين الموافق١٧ / ٢ / ٢٠١٦م
المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ د / إسحاق بن أحمد البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:
الشيخ د. عبدالله بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا
د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا
ماجد بن عبدالله بن مبارك العلوي رئيس محكمة القضاء الإداري
د. خليفة بن محمد الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا
علي بن سالم بن علي النعماني نائب رئيس المحكمة العليا
مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا
سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري
ناصر بن محمد بن ناصر الرواحي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
عبدالله بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
أحمد بن محمد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
(٨)
طلب التنازع رقم (٣) السنة القضائية السابعة
تنازع اختصاص (ملكية – منح – تثبيت ملكية – اختصاص- قضاء عادي) –
– الطلب الذي يهدف إلى تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع تخصيص بأرض بعد أن قضى كل من جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري بعدم اختصاصهما عن نظره يكون للقضاء العادي.
– استقر قضاء هيئة تنازع الاختصاص والأحكام على أنه إذا كان القرار الصادر من الجهة المختصة بالوزارة يتعلق بالنظر في الطلبات الخاصة بإثبات ملكية الأفراد للأراضي استناداً إلى إشغالهم السابق للأرض أو بناء على صكوك شرعية أو غيرها من وسائل الإثبات، وترتب على هذا القرار نشوء منازعة حول الملكية بين الوزارة وطالب إثبات التملك أو غيره من ذوي الشأن، فان القضاء العادي يكون هو الجهة المختصة بالفصل في هذه المنازعة، باعتبار أن موضوع القرار ينحصر في منازعة مدنية تتعلق بإثبات الملكية.
– إذا لم تمارس جهة الإدارة سلطتها العامة بالمنح وإنما اقتصر دورها على تثبيت الملكية بناء على توصية لجنة شؤون الأراضي بعد التحقق من المستندات المقدمة، وعليه فإن المنازعة في هذا الشأن تعد منازعة مدنية حول الملكية، مما تختص بنظرها المحكمة المختصة بجهة القضاء العادي باعتبار أن القاضي المدني هو قاضي دعاوى الملكية التي يتطلب إثباتها بحث المستندات وإجراء المعاينات وسماع الشهود وغير ذلك وهو ما يتناسب مع طبيعة عمل هذا القاضي ولا يتناسب مع طبيعة عمل القاضي الإداري الذي يختص بالتحقق من مشروعية القرار المطعون فيه من عدمه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بتعيين المحكمة الابتدائية بعبري الدائرة المدنية المختصة بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.
أولاً- في الإجراءات
بتاريخ ٢٣ / ٤ / ٢٠١٥م أودع المحامي…. من مكتب….. للمحأماة والاستشارات القانونية المقيد لدى المحكمة العليا لدى أمانة سر الهيئة عريضة الطلب الماثل بصفته وكيلاً عن مقدمي الطلب بموجب وكالة مصدق عليها من الكاتب بالعدل، طالباً في ختامها الحكم بالتالي: ١ تعيين الجهة القضائية المختصة للدعوى ٢ تحميل المطلوب تعيين الاختصاص ضدهم الرسوم والمصاريف.
وأسس الطلب الماثل على أن الدعوى رقم (٢٧٧ / ١٣ق) المقيدة لدى محكمة القضاء الإداري بصحار، والدعوى رقم (١٠٤ / ٢٠١٤م) المقيدة لدى المحكمة الابتدائية بعبري الدائرة المدنية والتي أقامها مقدمو الطلب طعناً على قرار الجهة الإدارية بإصدار سند ملكية لأرض بيضاء، وملك لإحرأمات فلج العارض، مع إلزامها بإلغاء سند الملكية، وجعلها حرماً للفلج، لم يتم الفصل فيها موضوعاً نظراً لتضارب الأحكام بالاختصاص عند نظر الدعويين.
وبتاريخ ١٠ / ٥ / ٢٠١٥ م و ٩ / ٩ / ٢٠١٥م قام محضر الهيئة بإعلان المقدم ضدهما الطلب بصورة من الطلب ومرفقاته،ولم يودع أي من المقدم ضدهما الطلب الماثل ردهما عليه.
وبتاريخ ١٨ / ١٠ / ٢٠١٥م أحال فضيلة الشيخ الدكتور رئيس الهيئة ملف الطلب إلى الأمانة الفنية لتحضيره،و إعداد تقرير بالرأي القانوني وقد قامت الأمانة الفنية للهيئة بتحضير الطلب وأعدت تقريراً تضمن رأيها بشأنه قدمته إلى رئيس الهيئة بعد ذلك نظرت الهيئة الطلب وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
ثانياً- الهيئة:
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة قانوناً.
حيث إن الطلب الماثل استوفى الشكلية المقررة قانوناً، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إنه عن وقائع هذا الطلب فتتحصل في أن مقدمي الطلب الماثل (المدعي الأول) كان قد أقام دعواه بتاريخ ٢٦ / ٥ / ٢٠١٣م بإيداع عريضتها ابتداء أمانة سر محكمة القضاء الإداري بصحار، قيدت بجدولها رقم (٢٧٧ لسنة ٣١ ق) طالباً في ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، ثانياً: وقبل الفصل في الموضوع بإلزام الجهة المدعى عليها بتقديم كافة بيانات الأرض محل الدعوى وسندها القانوني في تمليك المدعى عليها الثاني.
رابعاً: بإلزام المدعى عليهما بالتضامن مصاريف الدعوى، ومبلغ(٥٠٠) خمسمائة ريال عماني مقابل أتعاب المحاماة، وذكر مقدم الطلب شرحاً للدعوى أن الجهة الإدارية المدعى عليها أصدرت سند ملكية للمدعى عليه الثاني على أرض بيضاء أو عليها اشغالات حديثة وخالية من الشواغل لما قبل ١٩٧٠م، كما تقع على إحرأمات فلج العارض في ولاية عبري مخالفة بذلك المرسوم السلطاني رقم (٣٢ / ٢٠٠٧م) الذي يقضي بعدم قبول طلبات التملك على الأراضي البيضاء، وقد تدوولت الدعوى أمام الدائرة، وبتاريخ ١٨ / ٢٠١٤م أصدرت المحكمة حكمها القاضي « بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة عبري الابتدائية (الدائرة المدنية) للاختصاص لنظرها بإحدى جلسات شهر فبراير لعام ٢٠١٤م وأبقت الفصل في مصاريف « وأسست الدائرة قضاءها على اعتبار أن المنازعة تتعلق بإثبات الملك، مما يختص بنظرها القضاء العادي وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة القضاء الإداري، وتنفيذاً لذلك الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة عبري الابتدائية (الدائرة المدنية) حيث قيدت بها تحت رقم (١٠٤ / م / ٢٠١٤م) حيث تدخل المدعون الثاني إلى الحادي عشر مع المدعي طالبين الحكم لذات الطلبات، وبعد تداول الدعوى أمامها قضت المحكمة فيها بجلسة ٩ / ١٢ / ٢٠١٤م « بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها لمحكمة القضاء الإداري المختصة لنظرها أمامها في إحدى جلسات شهر يناير / ٢٠١٥م، وأبقت الفصل في المصاريف «، وأسست قضائها على أن حقيقة الدعوى المدعين هو الاعتراض على تمليك المدعى عليه الأولى للمدعى عليها الثاني قطعة الأرض السكنية بالمخالفة لأحكام القانون، وفي موقع سيقام لهم به سد تغذية جوفيه؛ كونهم يرون أن الأرض محل النزاع معززة لماء الفلج وقت جريان الأودية، وليست المنازعة متعلقة في إثبات ملك؛ وتنفيذاً لذلك الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بصحار حيث قيدت برقم (٤١٣لسنة ١٥ ق) وبعد تداولها أمامها قضت المحكمة فيها بجلسة ١٦ مارس ٢٠١٥م « لعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها؛ على أنه المبين بالأسباب وألزمت المدعين المصاريف»، وشيدت قضاءها على أنه» ولما كانت هذه المحكمة سبق وأن نظرت النزاع، وانتهت إلى القضاء لعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى الماثلة، فإن إعادة النزاع إليها مجددا من قبل الدائرة المدنية رغم اتحاد في الخصوم والسبب والمحل يلزم هذه المحكمة بالقضاء لعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها طالما أن الاختصاص ما زال ينحصر لهده المحكمة لنظر المنازعة الماثلة، سيما وأن الدائرة الاستئنافية لمحكمة القضاء الإداري أكدت في حكمها القاضي في الاستئناف رقم (٥١٤ لسنة ١٣ ق س) بعدم اختصاصها في البت في النظر في الملكيات الصادرة بناء على قرار اللجان المحلية فالخصوم في الدعوى الماثلة هو ذاتهم في الدعوى الابتدائية رقم (٢٧٧ / ١٣ ق)، كما أن محل الدعوى الماثلة وسببها هو ذاته في الدعوى السابقة المشار إليها، والمدعون ينعون على قرار جهة الإدارة المدعى عليها بتمليك المدعى عليه الثاني….. قطعة الأرض السكنية الواقعة بمربع الخدم في ولاية عبري بمساحة (٣٠٠٠ م٢) ثلاثة الآف متر مربع بناء على قرار اللجنة المحلية بالولاية، ويطالبون بإلغائها واعتبارها حرماً لفلج العارض.
ولا يغير من ذلك إضافة عدد من الخصوم في الدعوى الماثلة؛ فان الثابت أن هؤلاء الخصوم انما تم قبول الطلب تدخلهم انضماميا لصالح المدعي أمام الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بعبري، ولما كان التدخل الانضمامي يعني تدخل الغير للانضمام إلى أحد الخصوم الأصليين بذات الطلبات في الدعوى لمساندته وإصدار حكم لصالحه، فإنه ولئن اختلف المدعون في الظاهر إلا أن الارتباط الذي يجمعهم يجعل الدعوى متحدة الخصوم لتعلق طلباتهم بذات الحق المطالب به من قبل المدعي الأصلي، والذي يقتصر دورهم في مساندة هذا الأخير في دعواه الماثلة»، وبتاريخ ٢٣ / ٤ / ٢٠١٥م أودع وكيل مقدمي هذا الطلب طلبه أمام هيئة تنازع الاختصاص والأحكام.
وحيث إنه عن موضوع طلب التنازع الماثل فإنه يهدف إلى تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع محل الطلب، بعد أن قضى كل من جهتي القضاء العادي والقضاء الإداري بعدم اختصاصهما عن نظره. وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقاً للفقرة (أ) من المادة (٢) من قانون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٨٨ / ٢٠٠٨م) هو أن تكون الدعوى قد رفعت عن موضوع واحد أمام محكمتين المنصوص عليها في قانون السلطة لقضائية ومحكمة القضاء الإداري وأي محكمة أخرى ولم تتخل إحداهما عنها أو تخلت كلتاهما عنها، وإذ ثبت أن كلاً من محكمة القضاء الإداري بصحار والمحكمة الابتدائية بعبري الدائرة المدنية قد نأتا عن نظر النزاع المعروض عليهما تأسيساً على أنهما غير مختصين ولائياً بنظره، فإن ذلك يثير تنازعا سلبيا في الاختصاص بينهما مما يتوافر معه قبول طلب تعيين الجهة المختصة بنظر الدعوى.
وحيث إن المادة (٦٨) من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (١٠١ / ٩٦) تنص على أنه « ينظم القانون طريقة البت في الخلاف على الاختصاص بين جهات القضاء وفي تنازع الاختصاص».
وتنص المادة(٢) من المرسوم السلطاني رقم (٨٨ / ٢٠٠٨م) بشأن قانون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام على أن « تختص الهيئة دون غيرها بما يأتي « الفصل في حالات تنازع الاختصاص الإيجابي والسلبي بين المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية ومحكمة القضاء الإداري وأية محكمة أخرى وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام محكمتين من المحاكم المشار إليها ولم تتخل إحداهما عنها أو تخلت كلتاهما عنها…».
وحيث إن المادة(٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩١ / ٩٩) والمعدل بالمرسوم السلطاني رقم (٣ / ٢٠٠٩م) تنص على أن « تختص محكمة القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في الخصومات الإدارية، ومنها الآتي:
١-…. ٢-…. الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات الإدارية النهائية . ٣ الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات النهائية الصادرة من لجان إدارية ذات اختصاص قضائي «.
وحيث إن المادة (٨) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩) تنص على أنه:» فيما عدا الخصومات الإدارية تختص المحاكم المنصوص عليها في هذا القانون بالحكم في الدعاوى المدنية والتجارية، وطلبات التحكيم، ودعاوى الأحوال الشخصية، والدعاوى العمومية والعمالية والضريبية والإيجارية وغيرها، التي ترفع طبقاً للقانون، إلا ما استثنى بنص خاص، وتبين النصوص الإجرائية قواعد اختصاص المحاكم». وحيث إن المادة (٨) من قانون الأراضي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٥ / ٨٠) تنص على أنه:» تستثنى من أملاك الدولة الأموال الموقوفة وما تثبت ملكيته للأفراد العمانيين أو يملك لهم طبقاً لأحكام هذا القانون «.
وتنص المادة (١٦) مكرراً من المرسوم السلطاني رقم (٣٢ / ٢٠٠٧) بتعديل بعض أحكام قانون الأراضي على أن «: على المواطنين أن يتقدموا بطلبات إثبات الملك وتعيين الحدود إلى لجان شؤون الأراضي المختصة في مديريات ودوائر الإسكان والكهرباء والمياه بالمحافظات والمناطق، ولا تقبل الطلبات التي تقدم في الأراضي البيضاء، كما لا تقبل الطلبات التي تقدم بعد مضي ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا المرسوم إلا في المباني القديمة والأموال الخضراء التي تسقى من الأفلاج، وتلك التي تسقى من الآبار ويعود تاريخ الادعاء عليها إلى الأول من يناير ١٩٧٠م «.
وتنص المادة (١٦) مكرراً (١) من المرسوم ذاته على أن «: تبت لجان شؤون الأراضي المختصة في مديريات ودوائر الإسكان والكهرباء بالمحافظات في الطلبات المقدمة إليها خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب، وعلى اللجان أن تتثبت بكل الطرق من صحة الادعاءات، ولا تقبل بشأنها إلا الصكوك الأصلية، ولها الانتقال إلى الأراضي ومعاينتها على الطبيعة والاستعانة بمن تراهم من الخبراء والمختصين بكافة الجهات الإدارية وترفع هذه اللجان توصياتها إلى الوزير لاتخاذ القرار بشأنها خلال شهرين من تاريخ رفعها، وللوزير تفويض وكيل الوزارة في ذلك ، ويعتبر مضي هذه المدة دون الرد على أصحاب الطلبات رفضا ضمنياً لها، ويجوز التظلم للوزير خلال ثلاثة أشهر من صدور القرار أو عدم الرد «.
وحيث يستفاد من النصوص المتقدمة أن القانون حدد إجراءات خاصة لإثبات ملكية المواطنين للأراض التي يدعون ملكيتها، تتمثل في وجوب تقديمهم طلبات إثبات الملك وتعيين الحدود إلى لجان شؤون الأراضي التي تختص بنظر هذه الطلبات والبت فيها بعد أن تثبت بكل الطرق من صحة الادعاءات والانتقال إلى موقع الأراضي ومعاينتها على الطبيعة والاستعانة بمن تراهم من الخبراء والمختصين، كما أجاز القانون للمواطن التظلم للوزير خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار أو عدم الرد عليه، ثم ناط بجهات القضاء المختصة النظر في الدعاوى المرفوعة في هذا الشأن، الأمر الذي يتعين معه تحديد الجهة القضائية المختصة بالنظر في دعاوى إثبات الملك.
وحيث إن معيار تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى محل طلب التنازع الماثل يتمثل في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه، فإذا كان موضوع القرار الإداري صادراً في نطاق السلطة العامة للجهة الإدارية والصلاحيات التي خولها لها القانون فالمنازعة فيه تكون منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإداري استناداً إلى المادة (٦) من قانونها ما لم يخرجها المشرع بنص سواءً أكان في قانون المحكمة أم في أي قانون آخر، أما إذا كان موضوعه يتعلق بمسألة من مسائل القانون الخاص وصدر هذا القرار في ضوء ما أسفر عنه فحص الوقائع المادية لطلب إثبات التملك في واقعة ميراث شرعي أو وضع اليد لمدة طويلة أو إلى صك شرعي أو شهادة الشهود أو غير ذلك من وسائل الإثبات، فإن هذا القرار يخرج من عداد القرارات الإدارية التي تختص محكمة القضاء الإداري بنظرها وذلك لعدم توافر عنصر السلطة العامة في إصداره مما أفقده أهم مقوماته، وتكون المنازعة فيه منازعة مدنية حول إثبات الملكية ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة المختصة بجهة القضاء العادي وفقاً لأحكام المادة (٨) من قانون السلطة القضائية، فالعبرة في القرار ليس بصدوره من جهة إدارية فحسب بل يجب أن يكون إداريا بمضمونه وفحواه.
كما استقر قضاء هيئة تنازع الاختصاص والأحكام على أنه إذا كان القرار الصادر من الجهة المختصة بالوزارة يتعلق بالنظر في الطلبات الخاصة بإثبات ملكية الأفراد للأراضي استناداً إلى إشغالهم السابق للأرض أو بناء على صكوك شرعية أو غيرها من وسائل الإثبات، وترتب على هذا القرار نشوء منازعة حول الملكية بين الوزارة وطالب إثبات التملك أو غيره من ذوي الشأن، فان القضاء العادي يكون هو الجهة المختصة بالفصل في هذه المنازعة، باعتبار أن موضوع القرار ينحصر في منازعة مدنية تتعلق بإثبات الملكية.
وبتطبيق ما تقدم على حالة طلب التنازع الماثل يتبين بأن مقدمي الطلب يطعنون على قيام وزارة الإسكان بتمليك المواطن…..الأرض محل التداعي على سند من القول إن تلك الأرض بيضاء أقيم عليها إشغالات حديثة، وخالية من الشواغل لما قبل عام ١٩٧٠م، كما تقع على إحرأمات فلج العارض في ولاية عبري مخالفة بذلك للمرسوم السلطاني رقم (٣٢ / ٢٠٠٧) الذي يقضي بعدم قبول طلبات التملك على الأراضي البيضاء.
وحيث إن المواطن المدعى عليه قد تقدم بطلب تملك للأرض محل التداعي بموجب استمارة طلب تملك وبعد عرض الموضوع على لجنة شؤون الأراضي أوصت بتمليكه واعتمدت جهة الادارة ذلك، الأمر الذي دفع مقدمي الطلب بالاعتراض على تصرف جهة الإدارة، فإن موضوع هذا الطلب يكون متعلقاً بالنزاع حول ملكية قطعة الأرض بين الوزارة وذوي الشأن (مقدمي طلب التنازع) إذ لم تمارس جهة الإدارة سلطتها العامة بالمنح وإنما اقتصر دورها على تثبيت الملكية بناء على توصية لجنة شؤون الأراضي بعد التحقق من المستندات المقدمة، وعليه فإن المنازعة في هذا الشأن تعد منازعة مدنية حول الملكية، مما تختص بنظرها المحكمة المختصة بجهة القضاء العادي باعتبار أن القاضي المدني هو قاضي دعاوى الملكية التي يتطلب إثباتها بحث المستندات وإجراء المعاينات وسماع الشهود وغير ذلك وهو ما يتناسب مع طبيعة عمل هذا القاضي ولا يتناسب مع طبيعة عمل القاضي الإداري الذي يختص بالتحقق من مشروعية القرار المطعون فيه من عدمه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بتعيين المحكمة الابتدائية بعبري الدائرة المدنية المختصة بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.
وحيث إن من مقتضى الحكم الصادر من هيئة تنازع الاختصاص والأحكام بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى، هو أن تلتزم تلك المحكمة بنظرها.
فلهذه الأسباب
حكمت الهيئة، بتعيين الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بعبري لنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.