جلسة يوم الأربعاء الموافق١٢ / ٤ / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور / إسحاق بن أحمد بن ناصر البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كلّ من أصحب الفضيلة القضاة:
الشيخ. د. عبد اللهّ بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا
الشيخ. د. صالح بن حمد بن سالم الراشد نائب رئيس المحكمة العليا
ماجد بن عبد الله بن مبارك العلوي رئيس محكمة القضاء الإداري
د. خليفة بن محمد بن عبدالله الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا
مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا
سالم بن محمد بن سالم البراشدي قاضي المحكمة العليا
سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري
ناصر بن محمد بن ناصر الرواحي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
عبد اللهّ بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
أحمد بن محمّد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
(١٧)
طلب التنازع رقم (١٨) السنة القضائية الثامنة
عقد (قرض- اختصاص – قضاء عادي)
– اشتمال عقد القرض على أطراف تمثل الحكومة كوزارة المالية بحجة أن أموال البنك ممولة منها لا يغير ذلك من طبيعته حالة أن عقد القرض المبرم فضلاً عن عقد الرهن لا يتضمن أية شروط استثنائية تنقل اختصاص القضاء العادي تجاهه إلى القضاء الإداري على النحو الذي تبنته محكمة القضاء الإداري في حكمها مما يعني والحال ما قرر انعقاد الاختصاص للقضاء العادي ممثلا في المحكمة الابتدائية بصلالة.
أولاً- في الإجراءات
تخلص الوقائع على ما يبين من سائر الأوراق في أن وكيل مقدم الطلب – من مكتب …..محامون ومستشارون في القانون – أودع لدى أمانة سر المحكمة الابتدائية بصلالة صحيفة الدعوى رقم (٥٥١ / ٢٠١٥م) بتاريخ ٢٥ / ٨ / ٢٠١٥م، طلب في ختامها الحكم: أولاً: بإلزام المقدم ضده الطلب فندق….. بأن يؤدي له مبلغ مقداره (٤٩٩.٥٩٢.٣٧١) ثلاثمائة وواحد وسبعون ألفا وخمسمائة واثنان وتسعون ريالاً وأربعمائة وتسع وتسعون بيسة. ثانيا: بإلزامه بفوائد التأخير بواقع (١٠٪) من ٩ / ٧ / ٢٠١٥م، وحتى تمام السداد. ثالثاً: التصريح ببيع قطعة الأرض المرهونة لصالح مقدم الطلب بالمزاد العلني وتحصيل قيمتها لسداد مبلغ المديونية موضوع الدعوى. رابعا: الحجز على الأصول الثابتة والممتلكات المنقولة المملوكة للفندق ومنعه من التصرف فيها لحين سداد مبلغ المديونية المترتبة عليه لصالح مقدم الطلب. خامساً: تعيين حارس قضائي للإشراف والتدقيق على حسابات ريع دخل ومصروفات الفندق وتقديم كشف حساب بها شهرياً للمحكمة مع التوجيه بفتح حساب لدى أحد البنوك العاملة بالسلطنة يودع فيه حصيلة الدخل الشهري للفندق، ويكون تحت إشراف الحارس القضائي ولا يتصرف فيه إلا بإذن المحكمة لحين استيفاء المديونية موضوع الدعوى. سادساً: تحميل الفندق مصاريف الدعوى، وأتعاب المحاماة البالغة مقدارها (١٠٠٠) ألف ريال عماني.
وذكر شرحاً للدعوى بأن موكله بنك حكومي ومسجل كشركة مساهمة عامة بالسجل التجاري ويمارس الأعمال المصرفية لأجل التنمية بالبلاد، وقدّم لفندق…… المقدم ضده الطلب قرضين، الأول: رقم (١٢٠٠٠٩٣٥٠) بتاريخ ١٨ / ٧ / ١٩٩٣م حصل بموجبه على مبلغ مقداره (١٢٥.٢٨) ثمانية وعشرون ألفا ومائة وخمسة وعشرون ريالاً عمانياً، لفائدة تأخير (١٠٪) سنوياً، مع رهن الأصول التابعة للمشروع لصالح الحكومة، وكذلك رهن قطعة الأرض بالاستعمال السكني التجاري رقم (٣٠٥ / د) بالقوف الجنوبية بولاية صلالة والمملوكة للشركاء في فندق….، كما حصل على قرض آخر بقيمة (٠٠٠.١٦٥) مائة وخمسة وستين ألف ريال عماني بتاريخ ٢٣ / ٩ / ١٩٩٦م، لتمويل المباني الإضافية لمشروع الفندق، على أن يتم سداد القسط سنوياً بقيمة (٥٠٠.١٦) ستة عشر ألفا وخمسمائة ريال عماني، وبفائدة تأخير بواقع (١٠٪) سنوياً مع رهن قطعة أرض بالاستعمال السكني التجاري مملوكة للشركاء في فندق…..رقم (٣٠٥ / د) بالقوف الجنوبية في ولاية صلالة، وقد بلغ إجمالي المترتب على ذمته للقرضين مبلغاً مالياً مقداره (٤٩٩.٥٩٢.٣٧١) ثلاثمائة وواحد وسبعون ألف وخمسمائة واثنان وتسعون ريالاً وأربعمائة وتسع وتسعون بيسة لكنه توقف عن سداد القسطين السالفي الذكر.
وأرفق بمذكرته صوراً ضوئية لعدد من المستندات، أهمها: ١- شهادة سجل تجاري لبنك التنمية العماني صادرة من وزارة التجارة والصناعة بتاريخ ١٩ / ١١ / ١٩٩٧م.
٢- عقدا القرض المبرمان بين طرفي الدعوى.
وبتاريخ ١٦ / ١١ / ٢٠١٥م قدّم الفندق المقدم ضده الطلب مذكرة بالرد عن طريق وكيله من مكتب……. للمحاماة والاستشارات القانونية ذكر فيها بأن صحيفة الدعوى جاءت مبهمة وخالية فيما يخص عدد الأقساط التي تم سدادها وإجمالي المبلغ المستحق عنها، كما أن المبلغ المطالب به جاء مخالفاً لحقيقة المبلغ المستحق والمشغول به ذمة المقدم ضده الطلب والذي لا يتجاوز مبلغاً مقداره (١٣٥.٢١٦) مائتان وستة عشر ألفا ومائة وخمسة وثلاثون ريالاً، إضافة إلى أن القرضين بدون فائدة وفق البينّ من العقدين.
قضت المحكمة الابتدائية بصلالة، بجلسة ٢٨ / ١٢ / ٢٠١٥م: بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها لمحكمة القضاء الإداري، وأبقت الفصل في المصاريف. وقد شيدّت حكمها بأن العقد المبرم بين طرفي الدعوى تضمن شروطاً استثنائية تخرجها عن عقود القرض التجاري والتي تقوم بها الإدارة بصفتها شخصا عاديا وليس ذات سلطة، الأمر الذي تكون معه الخصومة متعلقة بعقد إداري.
وبناءً على قرار الإحالة قيدت الدعوى أمام الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري بصلالة برقم (أ ب ٨١٢) لسنة (١٦) وحددّت المحكمة لنظر الدعوى جلسة ٢ / ٢ / ٢٠١٦م، وفيها حضر عن مقدم الطلب المحامي……، كما حضر وكيل الفندق من مكتب……. للمحاماة والاستشارات القانونية. وبجلسة ١٦ / ٢ / ٢٠١٦م أصدرت الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري بصلالة حكمها القاضي: بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى.
مؤسسة حكمها على أنه من المستقر عليه أن العقد الإداري هو ذلك العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وأن تظهر فيه نيته للأخذ بأساليب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
وبتطبيق ذلك على النزاع الماثل، فإن البينّ أنّ بنك التنمية العماني سبق له وأن قدّم قرضاً مالياً لفندق….. المقدم ضده الطلب، على أنّ يتم سداد القرض بموجب قسط سنوي تمّ تحديد مقداره بموجب العقد المبرم بينهما، ولمّا كان البنك مقدم الطلب شركة مساهمة عمانية عامة وفق المرسوم السلطاني الذي نص على إنشائه، يسري عليه قانون الشركات التجارية، بتاريخ ١٩ / ١١ / ١٩٩٧م وهو ليس جهة إدارية من الجهات العامة في الدولة بل شركة خاصة، الأمر الذي تكون معه هذه الدعوى مرفوعة بين شخصين من أشخاص القانون الخاص، مما ينحسر الاختصاص عن محكمة القضاء الإداري بنظر هذه الدعوى، ولا يغيرّ من ذلك أن البنك مقدم الطلب مملوك للدولة، فهو لا يعدو أن يكون شركة من شركات القطاع الخاص وفق المرسوم السلطاني رقم (١٨ / ١٩٩٧).
كما أن العقد المبرم بين طرفيّ الدعوى لا يكفي لاعتباره عقداً إدارياً وجود شروط غير مألوفة في العقود الأخرى، بل إنه يتعينّ أن يتصل بأحد المرافق العامة بالدولة ويكون أحد طرفيه جهة إدارية عامة، ووفق الثابت من المستندات أن العقد المذكور لم يتصل بأي مرفق من هذه المرافق باعتبار أن قطاع الفنادق ليس ضمن المرافق العامة للمملوكة للدولة، كما أن القرض المقدّم من قبل مقدم الطلب حتى وإن كان بأموال الدولة باعتبار أن الحكومة هي مالكة لهذا البنك إلا أن الهدف من هذا القرض وفق ما بينّه الملحق بأحكام تأسيس البنك لدعم الشركات والمؤسسات العمانية الخاصة، إضافة إلى ذلك أن طرفيّ الدعوى من أشخاص القانون الخاص وليس من الجهات الإدارية بالدولة كما سلف الذكر، مما يكون معه هذا العقد ذا طبيعة تجارية ولا يمكن معه اعتباره ضمن العقود الإدارية التي تبرمها الجهات العامة بالدولة، مما يتعينّ معه الحكم بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري.
وحيث إن من المستقر عليه فقهاً وقضاء في تعريف العقد الإداري بأنه هو ذلك العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وأن تظهر فيه نيته للأخذ بأساليب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً او شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
ثانياً- الهيئة
حيث قدم الطلب أمام الهيئة لبيان الجهة المختصة بنظر النزاع حالة قضاء القضاء العادي (المحكمة الابتدائية بصلالة) بعدم اختصاصها بنظره كما قضت المحكمة الابتدائية (بالقضاء الإداري) بعدم الاختصاص كذلك بنظره.
وحيث إنه بمطالعة الأوراق (عقد القرض وعقد الرهن) بين الطرفين نجد أن القانون التجاري هو الذي يحكم النزاع حالة أن بنك التنمية ليس مؤسسة عامة بل هو شركة تجارية (مساهمة عامة) تخضع لقواعد القانون الخاص وقراراته لا تعتبر قرارات إدارية لعدم تحقق شروطها بل يبرم عقوداً خاصة كالقرض محل النزاع وهو من اختصاص القضاء العادي سيما وأن النزاع يقتضي بحثاً وخبرة فنية لبيان صحة المبالغ المطالب بها وتلك المسددة على النحو الذي أثاره الفندق في رده.
وحيث لا ينال من ذلك اشتمال عقد القرض على أطراف تمثل الحكومة كوزارة المالية بحجة أن أموال البنك ممولة منها بل لا يغير ذلك من طبيعته حالة أن عقد القرض المبرم فضلاً عن عقد الرهن لا يتضمن أية شروط استثنائية تنقل اختصاص القضاء العادي تجاهه إلى القضاء الإداري على النحو الذي تبنته محكمة القضاء الإداري في حكمها مما يعني والحال ما قرر انعقاد الاختصاص للقضاء العادي ممثلا في المحكمة الابتدائية بصلالة.
فلهذه الأسباب
«حكمت الهيئة باختصاص القضاء العادي (المحكمة الابتدائية بصلالة بنظر النزاع محل الطلب الماثل).»