جلسة يوم الثلاثاء ٢١الموافق ٩ / يناير / ٢٠١٨م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٦٢)
الطعن رقم ٦١٩ / ٢٠١٧م
– أمر التفتيش « تجاوزه لغير الغرض منه».
– اقتصار التفتيش على حدود الغرض منه هو مبدأ قانوني هام مقرر لحماية حق الخصوصية، فيجب أن يستهدف الأشياء المتعلقة بالجريمة. لأنه إذا كان التفتيش هو في حقيقته انتهاكاً لخصوصية شخص اقتضته ظروف قانونية معينة فإنه يجب أن يبقى في الحدود التي اقتضت إجراءه. مؤدى ذلك بطلان ما يتم ضبطه خارج نطاق أمر التفتيش ما دام لم تتعلق به شبهة معقولة. تفصيل ذلك.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (المطعون ضده) إلى المحكمة الابتدائية بالخابورة (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ سابق على (٤ / ٩ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص إدارة تحريات شمال الباطنة:
أولاً: باعتباره مديراً لأمانة سر المحكمة الابتدائية ب…. استغل منصبه لتحقيق منفعة له وذلك بأن تعامل مع مؤسسة…. للتجارة المملوكة له لشراء أدوات كهربائية ومواد صحية للمحكمة رغم حظره قانوناً، وفق الثابت باعترافه.
ثانياً: استغل منصبه ونفوذه لتحقيق منفعة لنفسه ولغيره ولتسهيل حصول غيره على معاملة متميزة وذلك بمعاملة الدعاوى التي يكون هو أو أحد أفراد قبيلته طرفاً بها معاملة خاصة تمثلت في سرعة إنهاء إجراءاتها واعتراضه على تنفيذ أوامر قضائية بالضبط والإحضار في حق أشخاص على معرفة بهم وإعطائه صورة تنفيذية ثانية دون مراعاة الإجراءات المنصوص عليها قانوناً وتوريده مبلغاً من حساب المحكمة إلى حساب الورثة من دون الرجوع إلى القاضي، وفق الثابت بالأوراق.
ثالثاً: أساء استعمال وظيفته لتحقيق منفعة لنفسه ولغيره حال مقارفته للجرم الثاني وذلك بأن تدخل في أعمال توزيع الدعاوى لا سيما التي يكون هو أوأحد أفراد قبيلته طرفاً بها وتحديد مواعيدها وتوزيعها على القضاة ودعوة الخصوم لاطلاعهم على آخر المستجدات بملفات الدعوى وحثه على سرعة تخليص وتجاوز الإجراءات الخاصة بالتنفيذ، وفق الثابت بشهادة الشهود.
رابعاً: أساء استغلال وظيفته لارتكاب جريمة شخصية لا دخل لها في واجبات وظيفته وذلك بأن أجرى أعمالاً قضائية ليست من اختصاصه حال اعتماده أمر توريد نصيب إرث المتوفى…. وفتح ملف للتركة وتعديله لأمر الإعلام الشرعي باسم ورثة…. من دون الرجوع إلى القاضي المختص وإلغاء وإضافة مخولين بالتوقيع لدى البنوك المقيدة بها حسابات مصرفية للمحكمة رغم عدم اختصاصه قانوناً، وفق الثابت بالأوراق.
خامساً: اقتنى صوراً ومقاطع خلاعية وذلك بأن عثر في هاتفه (٤) مواد فلمية و (٢١) صورة تحوي مقاطع خلاعية ومحتويات جنسية، وفق الثابت باعترافه.
سادساً: استخدم الشبكة المعلوماتية لحيازة كل ما من شأنه المساس بالآداب العامة حال ارتكابه للجرم الخامس، وفق الثابت باعترافه.
وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالجنحة المؤثمة بالمادة (١٦) بدلالة المادة (٧) من قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح والجنحة المؤثمة بالمادة (١٥) بدلالة المادتين (٥) و (٦) من ذات القانون والجنحة المؤثمة بالمادة (١٦٠) من قانون الجزاء والجنحة المؤثمة بالمادة (١٦١) من ذات القانون والجنحة المؤثمة بالمادة (٢٢٤) من ذات القانون والجنحة المؤثمة بالمادة (١٧) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وبجلسة (١٥ / ٧ / ٢٠١٥م) حكمت المحكمة: أولاً: برفض الدفع الشكلي، ثانياً: ببراءة المتهم (المطعون ضده) من الجرم المنسوب إليه لعدم كفاية الدليل.
لم يحز هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن (الادعاء العام) فاستأنفه أمام محكمة الاستئناف بصحار (دائرة الجنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢٧ / ١٢ / ٢٠١٥م) حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
لم يرتض الطاعن (الادعاء العام) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٢ / ٢ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من مساعد المدعي العام وأعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد.
وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وذلك حينما قضى ببراءة المتهم (المطعون ضده) من التهم المنسوبة إليه رغم وجود جملة من الأدلة القولية والفنية والمستندية التي تقطع بثبوت مقارفته للجرم المنسوب إليه وأن تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة أثبت قيامه باعتماد كشوفات الفواتير المصروفة من السلفة المستديمة لمؤسسة…. للتجارة والمقاولات العائدة بالملك له كما ثبت من خلال الفواتير المرفقة بالتقرير استئثار المتهم بجميع معاملات شراء المواد الصحية والأدوات الكهربائية وصيانتها وتقديم الأعمال المتعلقة بها كما ثبت من خلال ذات التقرير قيامه بإلغاء وإضافة أسماء مخولين بالتوقيع لدى البنوك الموجودة بها حسابات المحكمة بالمخالفة لأحكام اللائحة التنفيذية لقانون المال الصادر بالقرار الوزاري رقم (١١٨ / ٢٠٠٨) وقد شهد ممثلو جهاز الرقابة قيامه بأعمال ليست من اختصاصه كما أن المنفعة متحققة من شراء الأدوات الصحية من مؤسسته التي يملكها حتى وإن لم يكن هناك فارق كبير في المواد المشتراة ذلك أن المادتين (١٦٠) و (١٦١) من قانون الجزاء لم تتطلبا توافر قصد خاص وإنما يكفي ثبوت القصد الجنائي العام كما خالف الحكم المطعون فيه المواد (٧٦) و (٧٧) و (٨٥) من قانون الإجراءات الجزائية ذلك أن تفتيش هاتفه اقتضته ضرورة وجود شبهة اختلاس مبالغ مرتبطة بجريمة مخالفة قانون حماية المال العام أما بالنسبة لجرم مخالفة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات فقد ثبت من خلال تقرير قسم الأدلة الرقمية ومحضر تفريغ الهاتف احتواؤه على عدد من المواد الفلمية وعدد من الصور التي تحتوي مقاطع خلاعية ومحتويات جنسية كما أورد الحكم المطعون فيه أن الادعاء العام لم يقدم الإعلام الشرعي الذي جرى عليه التعديل وقد أكد الادعاء العام وجود ذلك المستند في حوزة المحكمة إلا أن هذه الأخيرة لم تحقق ذلك فضلاً عن أن المتهم (المطعون ضده) قام بكتابة صحائف الدعوى للمراجعين الذين تربطه بهم صلة وأكد الشهود ذلك، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه غير سديد لما هو مقرر في قضاء المحكمة العليا من أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إلا أن شرط صحة حكمها أن يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات.
لما كان ذلك وكان يبينْ ُ من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه والمكمل له أن المحكمة التي أصدرته وبعد أن أوردت أقوال شهود الإدانة وشهود النفي واستعرضت أدلة الدعوى وأحاطت بعناصرها عن بصر وبصيرة أسَّست قضاءها بتبرئة المتهم (المطعون ضده) من التهم الواردة في قرار الإحالة من أولاً إلى رابعاً على تشككها في صحة الاتهام لما استظهرته من شهادتي موظفي جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة…. و…. اللذين قاما بإعداد التقرير المتضمن فحص بعض الأعمال المالية والإدارية بالمحكمة الابتدائية بالخابورة فتبينَّللشاهد الأول أن المتهم يعتمد سندات الصرف من السلفة المستديمة حيث يقوم بشراء بعض السلع من مؤسسته التجارية والمسماة ب…. وأن ذلك مخالف لقانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح إلا أنه أكد أنه ومن خلال فحص المشتريات لم يتبينَّ إن كانت هناك منفعة شخصية للمتهم من عدمه سوى أن المؤسسة التي يشتري منها تلك المواد مؤسسته كما أكد عدم وجود فارق بين السلع المشتراة وقيمتها السوقية أما الشاهد الثاني فقد أفاد بأن المتهم يقوم بشراء بعض الأدوات من شركة…. للمحكمة وفي ذلك مخالفة للقانون وأن تاريخ الصرف يتوافق مع تاريخ الشراء كما قام ببعض التغييرات تمثلت في قيامه بإلغاء التفويض عن الموظف…. وقام بمخاطبة البنك بنفسه كما أنه لاحظ وجود تسريع في إجراءات بعض الدعاوى وخاصة الدعاوى التي يكون المتهم طرفاً فيها وأنه قام بتنفيذ حكم صادر في حقه مرتين وإيداع المبلغ في حسابه دون توريده في حساب المحكمة كما استمعت المحكمة إلى شهادة…. رئيس قسم الشؤون الإدارية والمالية بالمحكمة الذي أكد أنه هو المسؤول عن شراء المواد للمحكمة وليس المتهم ولم يكن هناك تمييز بين المؤسسات في عملية الشراء وأفاد الشاهد الموظف بالمحكمة…. أنه كان يشتري بعض المواد للمحكمة تارة من مؤسسة …. وتارة من مكان آخر وأن الموظف…. هو الذي كان يأمرهم بالشراء وأنه لم يلاحظ وجود فرق بين الفواتير وسعر السوق كما شهد…. باكستاني بأنه مستثمر وليست لديه علاقة بالمتهم ولا يعرف الأشخاص الذين يأتون من المحكمة ليشتروا من عنده وأن المتهم كان يتصل به أحياناً ويطلب منه شراء بعض المواد الصحية بالتصبير أي بتأجيل السداد ويعطيهم الفواتير كما نفى الشاهد الموظف بالمحكمة …. ما ذكرته الشاهدة…. من أن المتهم قام بتمزيق خطاب صادر بضبط وإحضار المدعى عليه في الدعوى رقم (٣٨٦ / ٢٠١٣) وأكد أن المتهم غير معني بإرسال تلك الوثيقة بل هناك قسم خاص بذلك للإرسال والمتابعة ونفى الشاهد…. رئيس قسم التنفيذ بالمحكمة أن تكون الصيغة التنفيذية قد وُضعت مرتين على الحكم الشرعي رقم (٤٤٢ / ٢٠١٣) وإنما وُضعت مرة واحدة وتعززت شهادته تلك بشهادة الموظف…. بأن الصيغة التنفيذية في حوزته وأنه لم يضعها مرتين على الحكم الشرعي المشار إليه وقد أورد الحكم المطعون فيه على ذلك التسبيب التالي: «…
وتضيف المحكمة وفيما بتعلق بنعي المستأنف بأن الأدلة كافية بما فيها الشهادة بشأن الاتهامات الواردة في قرار الإحالة من أولاً إلى رابعاً أي تلك الجنح المتعلقة بإساءة واستغلال المتهم لوظيفته كمدير لأمانة سر المحكمة الابتدائية ب…. فذلك النعي غير سديد إذ إن الثابت بالأوراق أن كل شهود الإثبات وكل شهود النفي أكدوا أن المتهم لم يجنح إلى إساءة استعمال الوظيفة ولا استغلال سلطات الوظيفة إذ أكد الشهود المشار إليهم أن المتهم لا يتدخل في تسجيل الدعاوى ولم يقم بإعطاء صورة تنفيذية دون مراعاة الإجراءات المنصوص عليها قانوناً وبشأن شراء أدوات كهربائية ومواد صحية أكد الشهود خاصة الشاهد…. وهو المسؤول عن قسم الشؤون المالية والإدارية بالمحكمة أنه هو الذي يتعامل مع المؤسسات…» وهو تسبيب سائغ فيه تدليل على أن المحكمة التي أصدرته استعرضت أدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطَّرحت كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وتأسيساً على ذلك تكون مناعي الطاعن في هذا الخصوص في غير محلها ومردوداً عليها بما يوجب رفضها. وحيث إنه وبشأن جنحة اقتناء صور ومقاطع خلاعية واستخدام الشبكة المعلوماتية لحيازة كل ما من شأنه المساس بالآداب العامة فالمقرر في قضاء المحكمة العليا أن اقتصار التفتيش على حدود الغرض منه هو مبدأ قانوني هام مقرر لحماية حق الخصوصية لأنه إذا كان التفتيش هو في حقيقته انتهاكاً لخصوصية شخص اقتضته ظروف قانونية معينة فإنه يجب أن يبقى في الحدود التي اقتضت إجراءه.
لما كان ذلك وكان البينِّ من أوراق الدعوى أن تفتيش هاتف المتهم (المطعون ضده) يتطلب قيام شبهة معقولة بوجود أمر مطلوب ضبطه به ذلك أن مجرد وجود هاتف في حوزة شخص يخضع لتفتيش شخصي أو في مكان يخضع للتفتيش وفق إجراءات صحيحة لا يخول أفراد الضبط تفتيش محتويات ذلك الهاتف ما لم يكن الشيء المراد ضبطه يحتمل وجوده فيه لأن التفتيش الواقع لسبب صحيح لا يسقط عنه خصوصية الشخص الذي يُفتش إلا في الحدود التي تحقق الغرض من ذلك التفتيش وكان البينِّ أن الادعاء العام علل تفتيش هاتف المتهم وتفريغه بوجود تهمة الاختلاس وقد ردت محكمة الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بقولها: «… إلا أن الثابت بالأوراق وبالتحقيقات السابقة على المحاكمة أنه لا وجود لأي شبهة اختلاس ومن ثم كان تفتيش هاتف المتهم والعثور في داخله على مواد مخلة بالآداب العامة باطلاً وأنه من المقرر قانوناً أنه يجب أن يستهدف التفتيش ضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة…» وهو تسبيب سائغ قانوناً وله أصل بأوراق الدعوى بما يتجه معه القضاء إلى رفض المنعى المثار في شأنه كما ردت المحكمة على رفضها طلبات الادعاء العام بإعادة سماع الشاهدين القائمين بإعداد تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة وسماع بقية الشهود بالتسبيب التالي: «… وعن طلب الادعاء العام سماع الشاهدين….
و…. القائمين بإعداد تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة فذلك الطلب مردود عليه وتقضي المحكمة برفضه وذلك لسبق سماع الشاهدين أمام محكمة أول درجة أما الطلب المتعلق بسماع الشهود…. و….و….و…. فأولئك الشهود ليسوا من ضمن قائمة أدلة الثبوت ولم تسمع شهادتهم بمرحلة التحقيقات السابقة على المحاكمة ومن ثم تقضي المحكمة برفض الطلب…».
لما كان ذلك وكان من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن ما يعتمده القاضي من أدلة يجب أن يؤدي بشكل طبيعي إلى النتيجة التي توصَّل إليها ذلك أن استقلال القاضي الجزائي في تقدير الأدلة مقيَّد بسلامة التقدير والاستدلال وكان البينِّ ُ مما أورده الحكم المطعون فيه وبشأن المناعي السالف بسطها أنه أورد في شأنها واقعة الدَّعوى وعرض لجميع عناصرها بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بكل ظروفها وجاء مسبَّباً التسبيب الكافي الذي يحمل منطوقه وأن ما انتهى إليه يرفع عنه النيل من سلامته ويجعل أسباب الطعن مجرَّد جدل موضوعي حول السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في استخلاص واقعة الدَّعوى وتكوين عقيدتها وهو ما لا يجوز إثارته والخوض فيه أمام المحكمة العليا فيتعينَّ تبعاً لذلك رفض تلك المناعي في شأنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.