(٣٣)
بتاريخ ٣١ / ٧ / ٢٠١٨م
١ – موظف – الإيفاد في بعثة دراسية – الحكمة من الابتعاث ومدى اعتبار الراتب من النفقات الواجب استردادها من الموظف نتيجة إخلاله بالتزاماته.
نصت اللائحة التنفيذية لقانون البعثات والمنح الدراسية على استحقاق المبعوث خارج السلطنة مخصصات مالية تمنح له اعتبارا من اليوم الذي يتقرر فيه سفره إلى مقر الدراسة في الخارج، فضلا عن أحقيته للراتب والبدلات إذا كان المبعوث موظفا – الحكمة من الابتعاث – ابتعاث الموظف في بعثة دراسية للحصول على مؤهل علمي معين يعد إحدى الوسائل التي تؤدي إلى رفع كفاءته، وفتح المجال للوصول إلى أفضل مستوى علمي، وفق ما تقتضيه مصلحة العمل، وبما يعود بالنفع على الأعمال التي يؤديها، سعيا للإسهام في تطوير الأداء في هذه الجهة التي يعمل بها، ولا يتصور تحقق هذا النفع إلا إذا قام الموظف بخدمة الجهة التي يعمل بها فعليا بعد عودته من الدراسة – مقتضى ذلك – الرواتب جزء لا يتجزأ من عموم ما ينفق على المبعوث خلال مدة بعثته الدراسية جنبا إلى جنب مع المخصصات الشهرية للبعثة الدراسية والبدلات المقررة للمبعوثين وفقا لما يتم تحديده – أساس ذلك – العام يحمل على عمومه ما لم يوجد ما يخصصه، وأن المطلق يؤخذ على إطلاقه ما لم يوجد ما يقيده، فضلا عن التزام الجهة بصرف الرواتب الشهرية للموفد يقابله التزام الموفد بالعمل لدى الجهاز مدة لا تقل عن سنة مقابل كل سنة من سنوات بعثته الدراسية. القاعدة الأصولية الغنم بالغرم – تطبيق.
٢ – تفسير – تفسير النصوص التشريعية – قواعد استظهار مقاصدها.
القاعدة الأصولية تقضي بأن الحكم القانوني مرتبط بعلته وجودا وعدما – أثر ذلك – أن الحكم يوجد حيث توجد العلة، وينتفي حيث تنتفي العلة، وأن النصوص التشريعية تحمل على مقاصدها التي توخاها المشرع حقا حين صاغها، وألا تفسر عباراتها على وجه يحيدها عن معناها أو بما يؤول إلى النكول عن حقيقة مراميها أو ينتزعها من واقعها الذي تحدد لها مما يدفع بها إلى الوجهة التي ابتغاها المشرع من وراء تقريرها وما عناه منها بما يكشف عن إرادته الحقيقية التي لا يسوغ الالتواء عنها، ويفترض في تلك النصوص دائما أن تكون كاشفة عنها ومبلورة لها ومتلائمة معها – المسلم به في تفسير النصوص القانونية أنه يجب تفسير النصوص القانونية وفق ما جاء فيها ما دامت واضحة الدلالة على معانيها ومراميها وفي حالة غموضها، يجب تفسير المحمل التشريعي بمقتضى نيات الشارع ومقاصده بحسب ما تمليه الحكمة التي هدف إليها من وراء النص – العام يحمل على عمومه ما لم يوجد ما يخصصه، وأن المطلق يؤخذ على إطلاقه ما لم يوجد ما يقيده – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:………، المؤرخ في………..، الموافق………. حول مدى شمول عبارة ” جميع ما أنفق عليه ” الواردة في المادة (٢٧) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢ للرواتب المصروفة للفاضل /……… عن مدة بعثته إلى المملكة………..، لدراسة الماجستير على نفقة وزارة التعليم العالي ضمن مشروع الألف بعثة.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في الآتي:
– تم إيفاد الفاضل /………… في بعثة دراسية إلى المملكة……. على نفقة وزارة التعليم العالي، لدراسة الماجستير ضمن مشروع الألف بعثة، وذلك بموجب القرار رقم (…….) خلال الفترة من (……) وحتى تاريخ (………..).
– بعد عودة المذكور من البعثة الدراسية تقدم بطلب استقالته من جهاز…، وذلك اعتبارا من (……)، والتي تم قبولها بموجب القرار رقم (…..) المؤرخ في (…….).
– وإعمالا لحكم المادة (٢٧) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢ طالب جهاز……….. المذكور برد جميع رواتبه التي أنفقت عليه خلال مدة تفريغه من العمل، والتحاقه بالبعثة والبالغة قيمتها (………..).
– وتذكرون أن المعروضة حالته قام بمخاطبة وزارة……….. في شأن تفسير المادة (٢٧) المشار إليها، وحول مدى انطباق أحكامها عليه، فجاء رد وزارة………. بموجب كتابها المؤرخ في (……….) بأن “المشرع قيد الإرجاع بما أنفق في مدة البعثة الدراسية، وهذا لا يتضمن الرواتب الشهرية، إذ إن المشرع لو اتجه قصده لذلك لنص عليه صراحة”.
– كما تضيفون أن المختصين في الجهاز يرون أن المذكور ملتزم بصراحة نص المادة (٢٧) المشار إليه برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية، طالما أن المشرع قد أورد النفقات على وجه العموم، وذلك إعمالا للقاعدتين الأصوليتين أن: “العام يحمل على عمومه ما لم يوجد ما يخصصه”، وأن “المطلق يؤخذ على إطلاقه ما لم يوجد ما يقيده”، حيث إن التزام الجهاز بصرف الرواتب الشهرية للمذكور يقابله الالتزام بالعمل لدى الجهاز مدة لا تقل عن سنة مقابل كل سنة من سنوات بعثته الدراسية، وأن إخلاله بهذا الالتزام يجعل الجهاز في حل من ذلك.
وعليه، فإن معاليكم تستطلعون الرأي القانوني في المسألة المعروضة.
وردا على ذلك نفيد بأن المادة (١) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢ نصت على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون يكون للكلمات والعبارات التالية، المعنى المحدد قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:……………
البعثة الدراسية: الدراسة داخل أو خارج السلطنة على نفقة الحكومة للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو درجة علمية في الدراسات العليا.
……….
المبعوث: من توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل أو خارج السلطنة.
الموفد: من يوفد في بعثة أو منحة أو إجازة دراسية طبقا لأحكام هذا القانون.
………..”.
كما تنص المادة (٢٧) من القانون ذاته على أنه: “يلتزم الموظف المبعوث الحاصل على الدراسات العليا بخدمة الجهة التي يعمل بها مدة لا تقل عن سنة مقابل كل سنة من سنوات بعثته للدراسات العليا والالتزام برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية.
ولمجلس الخدمة المدنية الإعفاء من الالتزام المشار إليه بعد موافقة جهة عمل الموظف، ووزارة المالية”.
وتنص المادة (١٥) من القانون ذاته على أنه: “تحدد اللائحة التنفيذية للقانون مقدار المخصصات الشهرية للمبعوثين والبدلات المقررة لهم حسب بلدان دراستهم وتنظم قواعد وإجراءات صرف هذه المخصصات”.
كما تنص المادة (١٨) من اللائحة التنفيذية لقانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادرة بالقرار الوزاري رقم ٨ / ٢٠٠٣ على أنه: “يستحق المبعوث خارج السلطنة مخصصات مالية تمنح له اعتبارا من يوم سفره إلى مقر الدراسة كما يستحق راتبه وبدلاته إن كان موظفا،……..”.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة، أن المشرع من خلال قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية المشار إليه حدد المقصود بكل من البعثة الدراسية والمبعوث والموفد، حيث عرف البعثة الدراسية بأنها الدراسة داخل أو خارج السلطنة على نفقة الحكومة للحصول على مؤهل في التعليم دون الجامعي أو الجامعي أو درجة علمية في الدراسات العليا، في حين عرف المبعوث بمن توفده الحكومة على نفقتها في بعثة دراسية داخل أو خارج السلطنة، أما بالنسبة للموفد فهو من يتم إيفاده في بعثة أو منحة أو إجازة دراسية طبقا لأحكام القانون المشار إليه، فضلا عن أن المشرع من خلال القانون ذاته أورد التزاما على عاتق المبعوث فور عودته من البعثة الدراسية وإتمامه لها بنجاح، وحصوله على المؤهل العلمي المبتعث لأجله، وذلك بأن يعمل بالجهة التي ينتسب إليها مدة لا تقل عن سنة مقابل كل سنة من سنوات بعثته للدراسات العليا وإلا التزم برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية، بيد أن هذا الالتزام يمكن لمجلس الخدمة المدنية الإعفاء منه بعد موافقة جهة عمل الموظف، ووزارة المالية.
كما أحال القانون إلى اللائحة التنفيذية له في تحديد مقدار المخصصات الشهرية للمبعوثين والبدلات المقررة لهم حسب بلدان دراستهم، وتتولى اللائحة المشار إليها تنظيم هذا الأمر، كما تناولت اللائحة إلى استحقاق المبعوث خارج السلطنة مخصصات مالية تمنح له اعتبارا من اليوم الذي يتقرر فيه سفره للخارج إلى مقر الدراسة، فضلا عن أحقيته للراتب والبدلات إذا كان المبعوث موظفا.
ومن حيث إن جوهر المسألة المستطلع الرأي بشأنها تتمثل حول مدى شمول عبارة “جميع ما أنفق عليه” الواردة في المادة (٢٧) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢ للرواتب المصروفة للفاضل /…………عن مدة بعثته إلى المملكة………….، لدراسة الماجستير على نفقة وزارة التعليم العالي ضمن مشروع الألف بعثة، وهي المسألة التي تباين فيها الرأي بين كل من وزارة….. وجهاز…….. على النحو المبين بالوقائع.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الحالة المعروضة، ولما كان المذكور قد أوفد في بعثة دراسية ضمن برنامج (الألف بعثة)، لدراسة الماجستير، وذلك بموجب القرار رقم (……..) خلال الفترة من (……….) وحتى تاريخ (……….)، بما مؤداه التزامه بموجب نص المادة (٢٧) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية بخدمة الجهاز مدة سنة عن مدة بعثته الدراسية، وقد تقدم بطلب استقالته من جهاز……….. بعد شهر من عودته، وذلك اعتبارا من (…………)، والتي تم قبولها بموجب القرار رقم (…………..) المؤرخ في (………)، وبذلك يكون المذكور قد أخل بالتزامه المشار إليه، الأمر الذي يترتب عليه الالتزام برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية بما في ذلك مخصصات البعثة الدراسية والبدلات والرواتب التي صرفت له خلال مدة البعثة الدراسية، وأن إخلاله بهذا الالتزام يجعل الجهاز في حل من ذلك، ذلك أن قيام الوحدة الحكومية بإيفاد موظفيها في بعثات دراسية للحصول على مؤهل علمي معين يعد إحدى الوسائل التي تؤدي إلى رفع كفاءته، وفتح المجال للوصول إلى أفضل مستوى علمي، وفق ما تقتضيه مصلحة العمل، وبما يعود بالنفع على الأعمال التي يؤديها، سعيا للإسهام في تطوير الأداء في هذه الجهة التي يعمل بها، ولا يتصور تحقق هذا النفع إلا إذا قام الموظف بخدمة الجهة التي يعمل بها فعليا بعد عودته من الدراسة، حيث إن التزامه برد جميع ما أنفق عليه خلال مدة البعثة الدراسية إنما هو إعمالا للقاعدتين الأصوليتين بأن: “العام يحمل على عمومه ما لم يوجد ما يخصصه”، وأن ” المطلق يؤخذ على إطلاقه ما لم يوجد ما يقيده “، فضلا عن أن التزام الجهاز بصرف الرواتب الشهرية للمذكور يقابله التزام المذكور بالعمل لدى الجهاز مدة لا تقل عن سنة مقابل كل سنة من سنوات بعثته الدراسية.
فضلا عن أن القاعدة الأصولية تقضي بأن الحكم القانوني مرتبط بعلته وجودا وعدما، وأن الحكم يوجد حيث توجد العلة، وينتفي حيث تنتفي العلة، وأن النصوص التشريعية تحمل على مقاصدها التي توخاها المشرع حقا حين صاغها، وألا تفسر عباراتها على وجه يحيدها عن معناها، أو بما يؤول إلى النكول عن حقيقة مراميها، أو ينتزعها من واقعها الذي تحدد لها، مما يدفع بها إلى الوجهة التي ابتغاها المشرع من وراء تقريرها، وما عناه منها، بما يكشف عن إرادته الحقيقية التي لا يسوغ الالتواء عنها، ويفترض في تلك النصوص دائما أن تكون كاشفة عنها، ومبلورة لها، ومتلائمة معها.
كما أن المسلم به في تفسير النصوص القانونية أنه يجب تفسير النصوص القانونية وفق ما جاء فيها ما دامت واضحة الدلالة على معانيها ومراميها، وفي حالة غموضها يجب تفسير المحمل التشريعي بمقتضى نوايا الشارع ومقاصده بحسب ما تمليه الحكمة التي هدف إليها من وراء النص، والأمر الذي لا مرية فيه أنه بإعمال القواعد الأصولية المتقدمة في تفسير التشريعات والنصوص المتقدمة، أنه لا يتصور عقلا أو منطقا أن تقوم أي جهة عمل بإيفاد أحد موظفيها أو تبتعثه في بعثة دراسية للحصول على شهادة أو مؤهل إلا أملا منها أن ينعكس ذلك إيجابا على المرفق العام الذي يعمل فيه بعد عودته، حيث تتكبد جهة العمل في سبيل ذلك نفقات كثيرة، أخصها صرف راتبه كاملا خلال فترة ابتعاثه أو إيفاده، ثم يكون المردود لها بعد عودته هو عدم خدمتها وتقديم الموظف استقالته، وهو وإن كان حقا دستوريا للموظف بحيث لا يجوز دستورا إجبار أحد على العمل، إلا أن أبسط قواعد المنطق والعدالة تقتضي بأن يرد جميع ما تكبدته الخزانة العامة في سبيل حصوله على المؤهل أو الشهادة الموفد أو المبتعث من أجل الحصول عليها، باعتبار أن الإيفاد أو الابتعاث لم ينعكس إيجابا على جهة عمله، وإنما انحصرت الفائدة المتحققة من ذلك عليه بمفرده، فهو بذلك يكون قد غنم بمفرده، وجزاء لذلك عليه أن يغرم بمفرده، وذلك عملا بالقاعدة الأصولية: الغنم بالغرم.
ولا ينال مما تقدم ما ورد في المادة (١٥) من القانون المشار إليه، وذلك حين قصر المشرع الأمر على مصطلح المخصصات الشهرية والبدلات دون الرواتب، حيث إن نص المادة (١٨) من اللائحة التنفيذية للقانون ذاته حدد ما يستحقه المبعوث خارج السلطنة من مخصصات مالية، وذلك اعتبارا من اليوم المقرر لسفره إلى مقر دراسته، بما في ذلك أحقيته في الرواتب والبدلات إذا كان المبعوث موظفا وفقا لصراحة النص، والقول بذلك يجعل الرواتب جزءا لا يتجزأ من عموم ما ينفق على المبعوث خلال مدة بعثته الدراسية جنبا إلى جنب مع المخصصات الشهرية للبعثة الدراسية والبدلات المقررة للمبعوثين وفقا لما يتم تحديده.
وحيث إنه، وإعمالا لقاعدة أن الأصل في النصوص القانونية أنها تتكامل ولا تتعارض، بما مؤداه تكامل نص المادة (١٥) من القانون المشار إليه، مع المادة (١٨) من اللائحة التنفيذية للقانون، بحيث تشكل المادتان المشار إليهما وحدة واحدة في هذا الصدد، الأمر الذي يفهم منه إلى أن ما ينفق على المبعوث خارج السلطنة يشمل المخصصات الشهرية والبدلات والرواتب، الأمر الذي يترتب عليه أحقية جهة العمل في مطالبة المذكور باسترداد جميع ما أنفق عليه من مخصصات شهرية وبدلات ورواتب خلال مدة البعثة الدراسية، وذلك نظرا لإخلاله بالتزامه المقرر وفقا لصراحة النص.
وعليه، انتهى الرأي إلى شمول عبارة “جميع ما أنفق عليه” الواردة في المادة (٢٧) من قانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٣ / ٢٠٠٢ للرواتب المصروفة للفاضل /…………. عن مدة بعثته إلى المملكة……..، لدراسة الماجستير على نفقة وزارة التعليم العالي ضمن مشروع الألف بعثة، وذلك على النحو المبين في الأسباب.