التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢١٢٧٣٩٨٥١

212739851

تحميل

(٥)
١ / ٢ / ٢٠٢١م

١ – تفسير – التفسير التشريعي – تفسير النصوص المتعلقة بأهلية الأشخاص الاعتبارية ذات الطابع الاستثنائي.

الأصل المقرر في مجال التفسير التشريعي، أن النصوص المتعلقة بأهلية الأشخاص الاعتبارية ذات طابع استثنائي، لا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها، بل يجب أن تفسر في أضيق الحدود، بما مؤداه أن أهلية الشخص الاعتباري لا تفترض، ولا يستدل عليها بأدوات استنتاج لا تعبر عنها صراحة، ولا تؤدي إليها يقينا، وذلك لأن الأهلية هي صفات يحددها المشرع في الشخص تجعل منه صالحا لأن تثبت له الحقوق، أو تثبت عليه الالتزامات، وتصح منه التصرفات، والأصل فيها هو الحظر ما لم ينص القانون على الإباحة – مؤدى ذلك – يتعين أن يكون التعبير عنها صريحا لا شبهة فيه، ولا مظنة، وأن يكون استظهارها مباشرة من مسنده – تطبيق.

٢ – جامعة السلطان قابوس – مدى جواز تأسيس شركات تجارية أو المساهمة في رؤوس أموالها بغرض استثمار أموال وإيرادات الجامعة.

حدد قانون جامعة السلطان قابوس أهداف الجامعة والتي تتركز جميعها في مجالات التعليم العالي، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع وتنميته – خلو أحكام القانون من نص صريح يخول الجامعة القيام بتأسيس شركات تجارية أو المساهمة فيها – أثره – عدم جواز تأسيس شركات أو المساهمة فيها، للقيام بأعمال تجارية وتحقيق ربح، بما يتعارض مع الأغراض الرئيسية من إنشاء الجامعة والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها – تطبيق.


فبالإشارة إلى الكتب المتبادلة والمنتهية بالكتاب رقم:……………. بتاريخ…………………هـ، الموافق………………..م، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى صحة قيام جامعة السلطان قابوس بتأسيس شركات تجارية أو المساهمة في رؤوس أموالها، بغرض استثمار أموال وإيرادات الجامعة، وإلى التنسيق الذي تم بين المختصين في وزارة العدل والشؤون القانونية ونظرائهم في جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة للاستيضاح عن بعض الجوانب المتعلقة بالموضوع.

وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أنه لدى فحص جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بعض الأعمال المالية والإدارية الخاصة بجامعة السلطان قابوس لوحظ لديه قيام الجامعة بتأسيس شركات تجارية بغرض استثمار أموالها، وإزاء ذلك قام الجهاز بمخاطبة الجامعة بموجب الكتاب رقم:……………. المؤرخ في………………..م، بشأن ملاحظة الجهاز حول عدم قيام الجامعة بأخذ موافقة الجهات المختصة على تأسيس شركات تجارية لغرض استثمار أموالها.

وتذكرون أن جامعة السلطان قابوس أفادت في معرض ردها على ملاحظة الجهاز المشار إليها، أن إنشاء الشركات التجارية قد تم بناء على مباركة مجلس الجامعة، وتعليمات سعادة الدكتور رئيس الجامعة، ونائب الرئيس للشؤون الإدارية والمالية، وأن المادة (٣) من اللائحة المالية للجامعة خولت رئيس الجامعة صلاحية إنشاء صناديق لاستثمار أموال الجامعة بما لا يتعارض مع أهدافها.

وتبدون أن الأصل في مهمة الأشخاص الاعتبارية العامة أنها مؤسسات غير ربحية، مناط بها تنفيذ أهدافها العامة التي رسمها المشرع، وأن تخويلها استثمار أموالها ومواردها في بعض الحالات الخاصة يعد استثناء من الأصل العام، ولا يعمل به إلا في أضيق الحدود دون توسع، وأن الجامعة وفقا للمادة (١) من قانونها الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧١ / ٢٠٠٦ تعد مؤسسة علمية للتعليم العالي والبحث العلمي وتعمل في إطار سياسة الدولة للتعليم العالي، وأنه ولئن كان القانون قد أجاز لها استثمار أموالها، إلا أن ذلك يجد حده ومداه فيما ورد من نصوص في اللائحة المالية للجامعة والتي أجازت في المادة (٣) منها إنشاء صناديق للاستثمار بعد التنسيق مع الجهات المختصة في الدولة وبموافقة مجلس الجامعة وبما لا يتعارض مع أهدافها.

وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في هذا الموضوع.

وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٤٨) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم رقم ٢٩ / ٢٠١٣ تنص على أنه: “الأشخاص الاعتبارية هي: ١ -……٢ – الهيئات والمؤسسات العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية.

٣ -…… ٤ – الشركات التجارية والمدنية وفقا لما يقرره القانون…”.

وتنص المادة (٤٩) من القانون ذاته على أنه: “١ – يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي يقررها القانون، فيكون له: أ -… ب – أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يعينها القانون…….”.

وتنص المادة (١) من قانون جامعة السلطان قابوس الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧١ / ٢٠٠٦ على أنه: “جامعة السلطان قابوس مؤسسة علمية للتعليم العالي والبحث العلمي ذات شخصية اعتبارية ولها استقلالها المالي والإداري تعمل في إطار سياسة الدولة للتعليم العالي”.

وتنص المادة (٤) من القانون ذاته على أنه: “تهدف الجامعة إلى تحقيق ما يأتي:

أولا: في مجال التعليم العالي.

أ‌ – إعداد أجيال جامعية تعي تراثها الحضاري والإسلامي وتحرص على ترسيخ إيمانها بالله وولائها للوطن والسلطان.

ب – إعداد الشباب العماني المتمتع بالخلق القويم والحريص على الالتزام بالنهج العلمي وتأهيله أكاديميا وفنيا وتعويده الاعتماد على النفس والاستعداد المستمر لخدمة الوطن.

ج – إعداد الشباب العماني القادر على الإبداع والابتكار والتعلم الذاتي مدى الحياة.

د – تزويد المجتمع العماني بالاختصاصيين والخبراء في مختلف المجالات مع مراعاة الاحتياجات المتطورة لسوق العمل وذلك في إطار سياسة الدولة لتنمية الموارد البشرية.

هـ – التجديد المستمر للعملية التعليمية على مستوى الدرجة الجامعية الأولى والدراسات العليا.

ثانيا: في مجال البحث العلمي.

أ – إجراء البحوث والدراسات النظرية والتطبيقية لخدمة المجتمع والمشاركة في إيجاد الحلول العلمية لمشاكله الاجتماعية والاقتصادية.

ب – ربط البحوث والدراسات المختلفة بخطط التنمية الشاملة وبالرؤية المستقبلية للمجتمع في شتى مجالات العلوم والآداب والفنون والتقنية.

ج – إعداد أجيال من العلماء والباحثين والخبراء العمانيين القادرين على العمل المنظم المبدع في شتى مجالات العلوم والآداب والفنون والتقنية.

ثالثا: في مجال خدمة المجتمع وتنميته.

أ – المشاركة في خدمة المجتمع وتنميته من خلال الاحتكاك المباشر والمستمر مع مؤسساته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتقديم المشورة العلمية والفنية لهذه المؤسسات، بما يؤدي إلى استفادة المجتمع من طاقات الجامعة وإمكانياتها.

ب – تنمية الموارد البشرية العمانية وزيادة كفاءتها من خلال توفير برامج التعليم والتدريب المستمر لجميع مؤسسات المجتمع ونشر الثقافة العلمية والإنسانية بين أبناء المجتمع العماني.

رابعا: في مجال التعاون مع المؤسسات العلمية الأخرى.

أ – تدعيم الصلات والروابط العلمية وتبادل الخبرات مع الجامعات والمؤسسات العلمية في جميع الدول وخاصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

ب‌ – التفاعل مع التجارب والخبرات العلمية العالمية في مجالات الفكر والعلم والثقافة.

خامسا: في مجال تقييم مستوى الأداء.

الاستفادة من نتائج دراسات التقييم التي تقوم بها فرق العمل الاستشارية وعلى الأخص في المجالات الآتية:

أ – تنظيم العلاقة بين مجلس الجامعة ومؤسساتها في الجوانب الأكاديمية والإدارية بما يسهم في تبسيط الإجراءات.

ب – تطوير برامج التدريس ومعايير الجودة وتشجيع الأنشطة الطلابية.

ج – وضع البرامج الكفيلة بتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس في الجامعة للارتقاء بمستوى أدائهم وتقييم حوافزهم.

د – تطوير خطط وبرامج البحوث العلمية والتدريب البحثي.

هـ – التعاون بين الجامعة والهيئات الدولية المتخصصة.

وتنص المادة (٢٥) من القانون ذاته على أنه: “تتكون موارد الجامعة من:

– الاعتماد المخصص لها في موازنة الدولة.

– ريع استثمار مواردها.

– الهبات والإعانات والتبرعات والمنح الأخرى التي يقبلها مجلس الجامعة.

– أية موارد أخرى”.

وتنص المادة (٣) من اللائحة المالية لجامعة السلطان قابوس الصادرة بالقرار الوزاري رقم ١٤٢ / ٢٠٠٧ على أنه: “يجوز للرئيس إنشاء صناديق للاستثمار بعد التنسيق مع الجهات المختصة بالدولة وبموافقة المجلس وذلك بما لا يتعارض مع أهداف الجامعة”.

وتنص المادة (٩١) من اللائحة ذاتها على أنه: “تقوم الجامعة باستثمار أموالها وإمكاناتها العلمية والفنية وفقا للقواعد التي يصدر بها قرار من الرئيس بعد موافقة المجلس”.

وتنص المادة (٩٢) من اللائحة ذاتها على أنه: “يضاف عائد الاستثمار إلى موارد الجامعة”.

وتنص المادة (٩٣) من اللائحة ذاتها على أنه: “في حالة استثمار الجامعة لأموالها، تراعى أحكام القوانين المنظمة لذلك”.

ومفاد ما تقدم من نصوص، أنه انطلاقا من حرص السلطنة على تعزيز مكانتها العلمية والبحثية على المستوى العالمي، فقد عمد المشرع إلى إنشاء جامعة السلطان قابوس، وحدد بموجب المرسوم السلطاني رقم ٧١ / ٢٠٠٦ ماهيتها في كونها مؤسسة علمية للتعليم العالي والبحث العلمي، وتعمل في إطار سياسة الدولة للتعليم العالي، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، كما رسم نطاق أغراضها وأهدافها، وحصرها – بصفة عامة – في مجالات التعليم العالي، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع وتنميته، فضلا عن تحديده مواردها المالية، ومنها ريع استثمار أموالها، والتي جاءت اللائحة المالية للجامعة بشأنها بنصوص أجازت من خلالها لرئيس مجلس إدارتها إنشاء صناديق للاستثمار بعد التنسيق مع الجهات المختصة، وبموافقة مجلس الجامعة، وأوجبت بأن يكون استثمار الجامعة لأموالها وفق القواعد التي يصدر بها قرار من رئيس الجامعة بعد موافقة مجلس الجامعة، على أن تضاف عوائد الاستثمار إلى موارد الجامعة، وأن تراعي الجامعة أحكام القوانين المنظمة لاستثمار أموالها.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، ولما كان من المسلم به أن الأشخاص الاعتبارية العامة ينشئها القانون، محددا لها اختصاصاتها، ومقررا لها نطاق سلطاتها، ومكناتها، وذلك على هدى أهدافها ووظائفها، فلا يجوز لها مجاوزة هذه الأهداف، ولا أن تباشر ما لم يؤذن لها به في نص صريح، ذلك أن الأهلية التي تتمتع بها تلك الأشخاص هي بالضرورة أهلية منضبطة نصا بالقانون، لارتباطها الحتمي بالطبيعة القانونية للشخص الاعتباري، والقانون في ذلك لا يمنحها من الأهلية إلا القدر الذي يمكنها من ممارسة أنشطتها وأهدافها، وترتيبا على ذلك يغدو الأصل المحتكم إليه في شأن الأشخاص الاعتبارية هو الحظر ما لم ينص قانونا على الإباحة، فنص القانون هو الذي يمنح قدر القوامة وحد الأهلية الذي يتمتع به الشخص الاعتباري، وفي إطار ما يقرره القانون في هذا الخصوص تدور مكنات الشخص الاعتباري وسلطاته.

وحيث إن الأصل المقرر في مجال التفسير التشريعي، أن النصوص المتعلقة بأهلية الأشخاص الاعتبارية ذات طابع استثنائي، فلا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها، بل يجب أن تفسر في أضيق الحدود، بما مؤداه أن أهلية الشخص الاعتباري لا تفترض، ولا يستدل عليها بأدوات استنتاج لا تعبر عنها صراحة، ولا تؤدي إليها يقينا، وذلك لأن الأهلية هي صفات يحددها المشرع في الشخص تجعل منه صالحا لأن تثبت له الحقوق، أو تثبت عليه الالتزامات، وتصح منه التصرفات، والأصل فيها هو الحظر، ما لم ينص القانون على الإباحة، ومن ثم يتعين أن يكون التعبير عنها صريحا لا شبهة فيه، ولا مظنة، وأن يكون استظهارها مباشرة من مسنده.

وبتطبيق ما تقدم، فإنه لما كان قانون جامعة السلطان قابوس المشار إليه – الذي يعد سند اختصاص الجامعة – قد حدد على سبيل الحصر أهداف الجامعة، والتي اتصلت جميعها – وبصفة مباشرة – بمجالات التعليم العالي، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع وتنميته، وبذلك يكون هذا القانون قد حدد نطاق ما تتمتع به الجامعة من صلاحيات ومكنات، وقد خلت أحكام ذلك القانون من نص صريح يعطي الجامعة مكنة القيام بتأسيس شركات تجارية أو المساهمة فيها، ومن ثم تنحسر الأهلية القانونية لها عن ذلك انحسارا مرده تحديد القانون الحاكم لنطاق أهليتها، من غير اشتمال على مكنة تأسيس شركات تجارية أو المساهمة فيها، ومن هذا المنطلق يتعين تفسير ما ورد بالمادة (٢٥) من قانون جامعة السلطان قابوس المشار إليه، والذي منح الجامعة أهلية استثمار مواردها، وكذلك ما ورد بالمادة (٣) من اللائحة المالية للجامعة، والتي خولت رئيس الجامعة صلاحية إنشاء صناديق لاستثمار أموال الجامعة، بأنه يقتصر على القيام باستثمار موارد الجامعة، وإنشاء صناديق للاستثمار وفقا للأحكام القانونية المنظمة لها، وذلك بغرض تنمية هذه الموارد، دون أن ينصرف ذلك إلى نشوء الحق في تأسيس شركات أو المساهمة فيها، للقيام بأعمال تجارية، وتحقيق ربح، بما يتعارض مع الأغراض الرئيسية من إنشاء الجامعة، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، ويأتي على غير مراد المشرع الذي لم يمنح الجامعة صلاحية تأسيس شركات تجارية أو المساهمة فيها، إذ لو أراد ذلك لما أعوزه النص على ذلك صراحة.

ولا ينال من ذلك ما ورد في لائحة الاستثمار بالجامعة الصادرة بقرار من رئيس الجامعة رقم ٤٢٠ / ٢٠١٧ من نصوص تخول الجامعة إنشاء أو الدخول في شراكة مع مؤسسات تجارية، باعتبار أن هذه اللائحة لم تتم مراجعتها من وزارة العدل والشؤون القانونية، لبيان مدى توافقها مع أحكام التشريع الصادرة تنفيذا له، ثم نشرها في الجريدة الرسمية، ولا يمكن بالتالي الاعتداد بها في طلب الرأي الماثل.

لذلك، انتهى الرأي إلى عدم جواز قيام جامعة السلطان قابوس بتأسيس شركات تجارية أو المساهمة فيها لغرض استثمار أموال وإيرادات الجامعة، وذلك على النحو المبين بالأسباب.