١ – حكم قضائي – أثر نقضه كليا.
إن المستقر عليه قضاء أن نقض الحكم المطعون فيه نقضا كليا يترتب عليه اعتبار الحكم كأن لم يكن، فيزول وتزول معه جميع الآثار التي ترتبت عليه، ويسقط ما أمر به أو رتبه من الحقوق، ويصبح غير قابل للتنفيذ وغير صالح لأن يبنى عليه حكم آخر، وتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض – كما تعتبر كافة إجراءات وأعمال التنفيذ التي تمت بناء على الحكم المنقوض ملغاة ولو عادت محكمة الإحالة وقضت بنفس ما كان ذلك الحكم قد قضى به – تطبيق.
٢ – موظف – إنهاء خدمة – الحكم بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة – أثر وقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة على إنهاء خدمة الموظف.
المستقر عليه في إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية أن الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة هي تلك الجرائم التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها، ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة، وأن المشرع لم يحددها على سبيل الحصر، وإنما ترك مدى اعتبار الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة من عدمه لتقدير جهة الإدارة تحت رقابة القضاء في ضوء طبيعة المرفق وظروف الواقعة ومدى تأثيرها على المرفق العام، وعلى قيام الموظف المحكوم عليه بالأعمال الوظيفية الموكلة إليه، وغير ذلك من الاعتبارات التي تنبئ عن سوء سلوك واضح لم يستهدف سوى تحقيق مآرب خاصة بعيدا عن الطريق المستقيم الذي يجب أن يسلكه الشخص السوي، المشرع لم يحدد معيارا جامعا مانعا للجرائم المخلة بالشرف، والأمانة، وإنما ترك تحديد ذلك لجهة الإدارة – صدور حكم من هيئة مغايرة بوقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة – أثر ذلك – اعتبار قرار إنهاء الخدمة كأن لم يكن – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:………… المؤرخ في……………هـ، الموافق………………م، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى جواز إعادة الفاضل / …………….. إلى العمل، بعد إنهاء خدمته لصدور حكم قضائي ضده والذي تم إيقاف تنفيذه لاحقا. وإلى التنسيقات التي تمت بين المختصين في وزارة العدل والشؤون القانونية، ونظرائهم في…………….، والتي كان آخرها بتاريخ ……………..م.
وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أن المعروضة حالته قد تمت إحالته إلى المحاكمة الجزائية إبان عمله في…………… لاتهامه، أولا: امتلاك حصة في شركة تتصل بجهة عمله بطريقة مباشرة، وذلك لكونه يمتلك حصة بنسبة (٩٩٪) تسعة وتسعين بالمائة في شركة……………..، والمسجلة ضمن الشركات العاملة في…………. في……………….المنتسب إليها وظيفيا، ثانيا: قيامه بدور الوسيط لشركة يتصل نشاطها بجهة عمله، وذلك لقيامه باسم شركته (………………….) بدور الوسيط بين شركة……………..ومراجعي قسم…………. في……………بالـ………… في تسليم…………….. بمقابل مادي، ثالثا: استغل عمله لتحقيق منفعة له بارتكابه الجرم المبين في البند أولا، وقيامه بتسجيل شركته في جهة عمله ضمن الشركات العاملة في مجال……………….، وقيامه بدور وسيط بين شركة………………. ومراجعي جهة عمله، رابعا: استعمال وظيفته لجلب منفعة له حال ارتكابه الجرم المبين في البندين أولا وثانيا. وبتاريخ ١٦ / ١٢ / ٢٠٢٠م حكمت محكمة أول درجة بإدانة المعروضة حالته في جنحة القيام بدور الوسيط لشركة يتصل نشاطها بجهة عمله، المنصوص عليها في المادة (١٥) من قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح بدلالة المادة (٨) من القانون ذاته، وجنحة استعمال الوظيفة العامة لجلب منفعة، المنصوص عليها في المادة (١٩٤) من قانون الجزاء، وقضت بمعاقبته عن الأولى بالسجن سنة وبالعزل من الوظيفة، وعن الثانية بالسجن سنة ونصف وبالغرامة (٤٠٠) أربعمائة ريال عماني، وبالحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة (٥٨) من قانون الجزاء لمدة (٥) خمس سنوات، والتصريح بنشر الحكم مع جمع العقوبات في مواجهته، وألزمته المصروفات القضائية، على أن ينفذ من العقوبة المقيدة للحرية (٦) ستة أشهر، ومن الغرامة النصف، وأمرت في حال الاستئناف لغرض وقف العقوبة المقيدة للحرية مؤقتا بتحديد كفالة شخصية معتبرة بالإضافة إلى كفالة مالية مقدارها (٣٠٠) ثلاثمائة ريال عماني، كما قضت ببراءته من جنحة امتلاك حصة في شركة تتصل بجهة عمله بطريقة مباشرة المنسوبة إليه.
ولما لم يلق هذا الحكم قبولا لدى كل من المعروضة حالته والادعاء العام، فتقدما بطلب استئنافه، وبتاريخ ١٤ / ٤ / ٢٠٢١م حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما، وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المعروضة حالته المصاريف، وعلى إثر ذلك، قامت………. بإصدار القرار رقم (٣٠٠ / ٢٠٢١) بتاريخ ٢٩ من يونيو ٢٠٢١م، والذي نص في مادته الأولى على أن تنتهي خدمة المعروضة حالته اعتبارا من ١٤ / ٤ / ٢٠٢١م، وذلك بالفصل من الخدمة.
ولما كان المعروضة حالته لم يرتض حكم محكمة الاستئناف، فطعن فيه أمام المحكمة العليا، والتي قضت بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة أوراق الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتفصل فيها بهيئة مغايرة، وقد حكمت هذه الأخيرة بتاريخ ٢١ / ٣ / ٢٠٢٢م بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما، وتأييد الحكم المستأنف مع الأمر بوقف تنفيذ العقوبات المقضي بها عدا عقوبة الغرامة، وألزمت المستأنف بالمصاريف، وعلى إثر ذلك تقدم المعروضة حالته بتاريخ ٢٦ / ٦ / ٢٠٢٢م بالتماس يطلب فيه العودة إلى العمل استنادا إلى أن الحكم قد حاز حجية تستدعي القضاء بها.
وتذكرون أنه بدراسة طلب المعروضة حالته المشار إليه من الناحية القانونية، فقد استبان أنه بالبحث عن التكييف القانوني لجنحة إساءة استعمال الوظيفة المدان بها المعروضة حالته، ومدى اعتبارها من الجرائم الماسة بالشرف والأمانة، تبين أن الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لم تحدد في أي قانون تحديدا مانعا لتعذر وضع معيار ثابت في هذا الشأن، وأنه باستقراء الوقائع وبيان حقيقة الأفعال المخالفة المرتكبة من قبل المعروضة حالته، وبتمحيص ما جاء في أحكام المحكمة من تسبيب وتفنيد، يتضح أن ما ارتكبه المعروضة حالته قد يعد جريمة مخلة بالشرف والأمانة، والتي تستدعي ربطها بالبند (و) من المادة (١٤٠)من قانون الخدمة المدنية، والتي قضت بإنهاء خدمة الموظف في حال الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، إلا أنها أجازت – استثناء من هذا الأصل – إبقاء الموظف في الخدمة إذا كان الحكم عليه لأول مرة أو مع وقف تنفيذ العقوبة إذا رأت الجهة المختصة من ظروف الواقعة وأسباب الحكم أن ذلك لا يتعارض مع مقتضيات الوظيفة وطبيعتها.
وتبدون أن المادة (١٤٠ / و) المذكورة قد جاءت عامة، مما قد يفتح المجال لتأويلها وتفسيرها واستنباط بعض الأحكام منها، وذلك بحسب الحالة التي يكون معها منطوق الحكم، وأنه إزاء صدور حكم ضد المعروضة حالته بعقوبة جناية أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة مع معاقبته بالعزل من الوظيفة، على أن يتم وقف تنفيذ عقوبة العزل، فقد ثار الخلاف بين المختصين لديكم حول أثر وقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة على إنهاء خدمة المعروضة حالته في ضوء ارتكابه جريمة مخلة بالشرف والأمانة، حيث يذهب الرأي الأول إلى أن وقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة لا يمنع من إنهاء خدمة الموظف، باعتبار أن عقوبة العزل عقوبة تبعية أو تكميلية، وأن لفظ “وقف تنفيذ العقوبة” ورد مطلقا ليشمل كل أنواع العقوبات، وأن إنهاء الخدمة في هذه الحالة لا يتعارض مع حجية الحكم القضائي والذي تم وقف تنفيذه تطبيقا لحكم المادة (٧١) من قانون الجزاء، وهذا الأخير يعد نصا عاما فيما يتعلق بآثار وقف تنفيذ العقوبة، أما نص البند (و) من المادة (١٤٠)من قانون الخدمة المدنية فهو نص خاص في إعمال هذه الآثار، وبالتالي لا يعاد المذكور إلى عمله، في حين يتجه الرأي الثاني إلى القول بأنه لا يصح الاعتداد بمبدأ الخاص يقيد العام في هذه الحالة، وترتيبا على ذلك يجب وقف تنفيذ عقوبة العزل عن الوظيفة احتراما لحجية الحكم القضائي، وإعادة المعروضة حالته إلى العمل.
وفي ضوء ما تقدم، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيدكم بأن من مستلزمات إنزال صحيح حكم القانون على الوقائع المعروضة إسباغ الوصف القانوني السليم عليها، ومن ثم تكييف طلب الرأي في ضوء ذلك، وهو ما تملكه وزارة العدل والشؤون القانونية في إطار ممارستها اختصاصها الإفتائي، وبناء على ذلك فإن حقيقة طلب الرأي وفقا للتكييف القانوني السليم للوقائع تتمثل في الآتي: ١ – أثر الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بهيئة مغايرة بتاريخ ٢١ / ٣ / ٢٠٢٢م بوقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة على قرار إنهاء خدمة المعروضة حالته الصادر بتاريخ ١٤ / ٤ / ٢٠٢١م، وعلى أحقية……………….. في إنهاء خدمته تطبيقا لنص المادة (١٤٠ / و) من قانون الخدمة المدنية.
٢ – مدى اعتبار الجرائم التي أدين بها المعروضة حالته من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة، مما يستوجب معه إنهاء خدمته تطبيقا لنص المادة (١٤٠ / و) من قانون الخدمة المدنية.
ومن حيث إن المادة (٢٦٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠٠٢ تنص على أنه: “يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام أيا كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساسا لها. وإذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه بقي نافذا فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض”.
وتنص المادة (٧١) من قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧ / ٢٠١٨ على أنه: “للمحكمة عند الحكم بعقوبة الغرامة أو السجن مدة تقل عن (٣) ثلاث سنوات، أن تأمر في الحكم بوقف التنفيذ إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه، أو ماضيه أو سنه، أو الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى ارتكاب جريمة، متى كان له محل إقامة معلوم.
وللمحكمة أن تجعل وقف التنفيذ شاملا الآثار الجزائية المترتبة على الحكم، أو أي عقوبة تبعية أو تكميلية عدا المصادرة”.
وتنص المادة (١٤٠) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ على أنه: “تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب الآتية: أ – ….
ب – …. ج – ….. د – …. هـ – ….. و – الحكم نهائيا بعقوبة جناية أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة. ومع ذلك إذا كان الحكم لأول مرة أو مع وقف تنفيذ العقوبة كان لرئيس الوحدة إبقاء الموظف في الخدمة إذا رأى من ظروف الواقعة وأسباب الحكم أن ذلك لا يتعارض مع مقتضيات الوظيفة وطبيعتها بعد العرض على لجنة شؤون الموظفين………”.
وتنص المادة (١٤٩) من القانون ذاته على أنه: “مع عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من البند (و) من المادة (١٤٠) إذا صدر على موظف حكم نهائي بعقوبة جناية أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ صدور الحكم عليه ابتدائيا بالعقوبة”.
ومفاد النصوص القانونية سالفة الذكر، أن الأصل المقرر قانونا قوامه أن نقض الحكم المطعون فيه نقضا كليا يترتب عليه اعتبار الحكم كأن لم يكن، فيزول وتزول معه جميع الآثار التي ترتبت عليه، ويسقط ما أمر به أو رتبه من الحقوق، ويصبح غير قابل للتنفيذ وغير صالح لأن يبنى عليه حكم آخر، وتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض، وتعتبر كافة إجراءات وأعمال التنفيذ التي تمت بناء على الحكم المنقوض ملغاة ولو عادت محكمة الإحالة وقضت بنفس ما كان ذلك الحكم قد قضى به، كما أنه انطلاقا من السياسة الجزائية التي أودعها المشرع في قانون الجزاء المشار إليه، وحرصه على إيجاد بدائل العقاب التي تحول دون إيقاعه، ومنها نظام وقف تنفيذ العقوبة، فقد أجاز للقاضي الجزائي وبشروط معينة؛ يتعلق بعضها بالعقوبة المحكوم بها، وبعضها بحالة المحكوم عليه، والبعض الآخر بظروف الجريمة، أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة، وبحيث يجوز أن يشمل وقف التنفيذ جميع الآثار الجزائية المترتبة على الحكم، أو أي عقوبة تبعية أو تكميلية عدا المصادرة. كما أن المشرع قد رتب على واقعة الحكم في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أثرا على العلاقة الوظيفية، حيث تنتهي هذه العلاقة بقوة القانون إذا كان الحكم بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يكن الحكم قد صدر لأول مرة، أو مع وقف التنفيذ، وقدرت جهة الإدارة أن بقاء الموظف في الخدمة لا يتعارض مع مقتضيات الوظيفة، ولا يؤثر على حسن سير المرفق العام.
وإذا استبان ذلك، ولما كان من المقرر أن العزل من الوظيفة المترتب على الحكم الجزائي له طابعه الخاص، ويتميز عن غيره من أسباب إنهاء الخدمة الأخرى كالاستقالة أو الإحالة إلى التقاعد أو الفصل من الخدمة بقرار من مجلس المساءلة المختص، وأخص ذلك: أن خدمة الموظف تنتهي بالحكم عليه جزائيا بالعزل من الوظيفة بقوة القانون من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا، دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات المساءلة الإدارية أو استصدار قرار بالعزل، فإن صدر مثل هذا القرار اعتبر من قبيل الإجراءات التنفيذية اللازمة لتنفيذ حكم القانون، وإعمال مقتضى حجية الحكم الجزائي الصادر بالعزل، بما مؤداه أن الموظف الذي تنتهي خدمته بحكم جزائي صادر بعزله من الوظيفة، لا تتأتى له العودة إلى عمله مرة أخرى ما لم تزل آثار هذا الحكم، ويصبح غير قابل للتنفيذ.
ولما كان الثابت من الأوراق أن المعروضة حالته قد أدين بجنحتي القيام بدور الوسيط لشركة يتصل نشاطها بجهة عمله، واستعمال الوظيفة العامة لجلب منفعة، وصدر في شأنهما حكم بإدانته من محكمة أول درجة، مشتملا على عقوبة العزل من الوظيفة، وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا، مما دعا……………. إلى إصدار قرار بإنهاء خدمته اعتبارا من تاريخ صدور هذا الحكم الاستئنافي، إلا أن ذلك الحكم قد تم نقضه لاحقا من المحكمة العليا، وقررت إعادة الأوراق إلى المحكمة التي أصدرت الحكم لتفصل فيها بهيئة مغايرة، وهو الأمر الذي أدى إلى زوال كافة آثاره القانونية المترتبة على الحكم الصادر في ظله قرار إنهاء خدمة المعروضة حالته، واعتباره كأن لم يكن، ولما تصدت محكمة الإحالة للموضوع من جديد، قضت بحكمها الصادر بتاريخ ٣١ / ٣ / ٢٠٢٢م بتأييد الحكم المستأنف مع الأمر بوقف تنفيذ العقوبات المقضي بها – عدا الغرامة – ومنها عقوبة العزل من الوظيفة، جاعلة وقف التنفيذ شاملا للعقوبة التبعية، ولما كانت آثار الحكم الجزائي بوقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة تمتد إلى الميدان الإداري الذي صدر تحت ظلاله قرار بإنهاء خدمة الموظف تنفيذا لهذا الحكم، بما مؤداه انصراف آثار وقف تنفيذ عقوبة العزل إلى القرار الصادر بعزل المعروضة حالته، وهو ما يوجب حكما وقف تنفيذ آثار هذا القرار الذي صدر تبعا للعقوبة التبعية بعزله من الوظيفة المقضي بها من محكمة أول درجة، وذلك بإلغائه وتقرير عودة المعروضة حالته إلى العمل، واعتبار مدة خدمته متصلة، دون أن يقف ذلك حائلا بين………………. وبين حقها في إنهاء خدمته إذا ما ارتأت أن الجرائم المدان بها ماسة بالشرف أو الأمانة تطبيقا للمادة (١٤٠ / و) من قانون الخدمة المدنية المشار إليه؛ لعدم ترتيب الأمر بوقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة لأي آثار على إنهاء الخدمة تطبيقا لنص هذه المادة، باعتبار أن عقوبة الغرامة لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذها من ناحية، كما أن نص المادة (١٤٠ / و) المذكورة قد تطرق إلى عدم ترتيب أي آثار للأمر الصادر بوقف تنفيذ العقوبة، بل اعتبره سببا يجيز لجهة الإدارة إبقاء الموظف المدان في الخدمة.
ومتى كان ذلك، وكان من المستقر عليه في إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية أن الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة هي تلك الجرائم التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة، وأن المشرع لم يحددها على سبيل الحصر، وإنما ترك مدى اعتبار الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة من عدمه لتقدير جهة الإدارة تحت رقابة القضاء في ضوء طبيعة المرفق وظروف الواقعة ومدى تأثيرها على المرفق العام، وعلى قيام الموظف المحكوم عليه بالأعمال الوظيفية الموكلة إليه، وغير ذلك من الاعتبارات التي تنبئ عن سوء سلوك واضح لم يستهدف سوى تحقيق مآرب خاصة بعيدا عن الطريق المستقيم الذي يجب أن يسلكه الشخص السوي.
ولما كان المشرع لم يحدد معيارا جامعا مانعا للجرائم المخلة بالشرف، والأمانة، وإنما ترك تحديد ذلك لجهة الإدارة في ضوء الاعتبارات سالفة البيان، ولما كانت العقوبة التي صدر الحكم بها على المعروضة حالته هي عقوبة جنحة، وليست جناية، ومن ثم فإنه لا يترتب عليها أثر في إنهاء خدمته إلا إذا كانت من بين الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة، وتقدير مدى اعتبارها من الجرائم المخلة بالشرف، أو الأمانة أمر منوط بتقدير بلدية مسقط.
لذلك؛ انتهى الرأي إلى الآتي:
أولا: يترتب على الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بهيئة مغايرة بتاريخ ٢١ / ٣ / ٢٠٢٢م المتضمن وقف تنفيذ عقوبة العزل من الوظيفة، اعتبار قرار إنهاء خدمة المعروضة حالته الصادر بتاريخ ١٤ / ٤ / ٢٠٢١م كأن لم يكن، ويحق له – تبعا لذلك – العودة إلى العمل، واعتبار مدة خدمته متصلة، دون أن يحول ذلك بين…………….. وحقها في إنهاء خدمته وفقا لنص المادة (١٤٠ / و) من قانون الخدمة المدنية المشار إليه.
ثانيا: تقدير اعتبار الجرائم التي أدين بها المعروضة حالته من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة، مما يستوجب معه إنهاء خدمته تطبيقا لنص المادة (١٤٠ / و) من قانون الخدمة المدنية المشار إليه، مرجعه إلى تقدير………………. وفقا للضوابط المقررة قانونا، وذلك على النحو المبين في الأسباب.