جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٣١ / ١ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة القاضي / منصور بن علي الفارسي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. محمد صالح علي سيد أحمد، وأحمد بن عياش الجندوبي، ونور الدين بن المكي خليفي، و عاطف المأمون عبد السلام.
(٢٠٠)
الطعن رقم ٥٨٦ / ٢٠١٦م
محكمة عليا (مجادلة – أدلة – كفاية)
– ليس للخصوم أن يجادلوا أمام المحكمة العليا أو يناقشوا كفاية الأبحاث التي قام بها الخبير متى كانت المحكمة قد اقتنعت بهذا التقرير واستقر وجدانها على صحته وأوردت دليلها على ذلك؛ الأمر الذي يتعينّ معه القضاء برفض الطعن.
الوقائع
تتحصل الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى ابتداءً للحكم لها: ١- بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إليها مبلغًا قدره (٨٠٠ / ٩٣٧ .١٦٠ ر.ع) مائة وستون ألفًا وتسعمائة وسبعة وثلاثون ريالاً عُمانية وثمانمائة بيسة والفوائد بواقع (٨٪) من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد.
٢- إلزام الطاعنة بأن تؤدي لها مبلغاُ قدره (٣٠٨ / ٥٣٥ .٣٢ ر.ع) اثنان وثلاثون ألفًا وخمسمائة وخمسة وثلاثون ريالاً عمانيًّا وثلاثمائة وثمانية بيسة.
٣- إلزام الطاعنة بالرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة (٠٠٠.١٠ ر.ع) تأسيسًا على أنّ الطاعنة كمقاول رئيسي تعاقدت مع اللجنة العليا لتخطيط المدن لتصميم وإنشاء الطرقات الداخلية في مدن طاقة وصلالة وصحلنوت.
وأنه بتاريخ ١٩ / ٤ / ٢٠٠٨م عهدت الطاعنة للمطعون ضدها أعمال الكهرباء الخاصة بإنارة الطرقات بقيمة إجمالية قدرها (٠٠٠. ٦٠٥ ر.ع) ستمائة وخمسة آلاف ريال.
وقد شرعت المدعية في تنفيذ الأعمال الموكلة إليها وتفاجأت بقيام المدعى عليها بإسناد أعمال إلى شركات أخرى وسحب بعض ما تم إسناده إليها في عقد المقاولة من الباطن إلى شركات أخرى دون مبرر حتى انخفضت قيمة عقد المقاولة من الباطن إلى مبلغ قدره (٩٢٠ / ٦٤٧. ٢٧٩ ر.ع) مائتين وتسعة وسبعون ألف وستمائة وسبعة وأربعون ريالاً و ٩٢٠ بيسة، وقد قامت المدعية بتنفيذ كافة الأعمال الموكلة إليها من توريد ومد الكابلات لإنارة الشوارع وتوريد وإنشاء أساسات سابقة التجهيز وأدوات الإنارة وساريات وأعمدة الإنارة وتوريد وتركيب أنبوب كلوريد متعدد وكذلك توريد وتركيب محول بقدرة (١٠٠ كيلوفولت) ومفاتيح التغذية لإنارة الشوارع وتوريد وتركيب محول غرفة الكابلات، وذلك بالإضافة إلى أعمال أخرى، إذ بلغت قيمة ما تم إنجازه من أعمال مبلغًا وقدره (٩٢٠ / ٦٤٧ .٢٧٩ ر.ع) مائتين وتسعة وسبعون ألف وستمائة وسبعة وأربعون ريالاً و ٩٢٠ بيسة، وذلك حسب جدول كميات الأعمال التي قامت المدعية بتنفيذها وتسليمها للمدعى عليها التي قامت بسداد مبلغ إجمالي وقدره (١٢٠ / ٧٣٧ .١١٨ ر.ع) مائة وثمانية عشر ألفًا وسبعمائة وسبعة وثلاثون ريالاً و ١٢٠ بيسة على دفعات وترصد في ذمتها من إجمالي المستحق للمدعية مبلغًا وقدره (٨٠٠ / ٩٣٧ .١٦٠ ر.ع) مائة وستون ألفًا وتسعمائة وسبعة وثلاثون ريالاً و ٨٠٠ بيسة، وقد قامت المدعية مرارًا وتكرارًا بمخاطبة المدعى عليها بسرعة سداد المبالغ المستحقة لها وفق الثابت بالأوراق إلا أنّها لم تحرّك ساكنًا وامتنعت عن السداد دون وجه حق وهو ما ألحق بها ضررًا الأمر الذي حدى بها إلى إقامة دعواها بقية القضاء لها بطلباتها.
وبتداول الدعوى أمام محكمة أول درجة تقدّمت الطاعنة بدفع مؤداه أنّ هناك شرط تحكيم وردّت المطعون ضدها بالنفي وقضت المحكمة برفض الطلب، ثم قامت الطاعنة برفع دعوى فرعية للحكم لها بمبلغ (٠٠٠.٢٠ ر.ع) كتعويض عما لحقها من أضرار وحيث تم ندب خبير هندسي متخصص قام بإيداع تقريره وتم التعقيب عليه بوساطة طرفي الدعوى كما تم ندب خبير حسابي وقام بإيداع تقريره وتم التعقيب عليه بوساطة طرفي الدعوى ومن ثمّ قضت محكمة أول درجة بتاريخ ٢٥ / ١ / ٢٠١٦م بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمدعية أصليًّا (المطعون ضدها) مبلغًا قدره (٠٨٥ / ٥٠٦.١٥٤ ر.ع) مائة وأربعة وخمسون ألف وخمسمائة وستة ريال عُماني وخمسة وثمانون بيسة ومبلغ (٥٠٠ ريال) أتعاب محاماة.
تأسيسًا على أنّ المطعون ضدها كانت قد عدلت دعواها برفع المبلغ المطالب به اعتمادًا على ما ذهب إليه الخبير من احتساب فائدة حسب العرف الجاري في عقود المقاولة الهندسية في حين أنّ اتفاقية عقد المقاولة من الباطن بين الطرفين لم تنص على أي نسبة للتأخير وبالتالي فإنّ تقرير الخبير المحاسبي جاء معيبًا لا يستند إلى أي بند من بنود الاتفاقية مما دعا المحكمة لاستبعاده نهائيًّا من مستندات الدعوى والالتفات عنه والأخذ بتقرير الخبير الهندسي.
وحيث لم يرض الطرفان بذلك الحكم فطعنا عليه بالاستئنافين رقمي ٦٠ / ت / ٢٠١٦م المقام من الطاعنة و ٦٨ / ت / ٢٠١٦م المقام من المطعون ضدها والذين قضت فيهما محكمة استئناف صلالة بتاريخ ٩ / ٥ / ٢٠١٦م بقبولهما شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف تأسيسًا على ما بنت عليه محكمة أول درجة حكمها وأخذها بما ذهب إليه الخبير الهندسي الذي بينّ الأعمال المنجزة وحدد قيمتها والمتسبب في التأخير بالإضافة إلى فحصه للمستندات.
وحيث لم ترض الطاعنة بذلك الحكم فطعنت عليه بالنقض بالطعن الماثل الذي أعلنت المطعون ضدها بصحيفته وتقدّم وكيلها القانوني بمذكرة طلب في محصلتها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصاريف.
وحيث يقوم الطعن على سبب وحيد حاصله مخالفة الحكم المطعون فيه لصحيح القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك من ثمانية أوجه تتمثل:- ١ . ١ اعتماد الحكم المطعون فيه على التقرير الهندسي على علاته وجعله أساسًا لحكمها والذي ذهب إلى أنّ ذمّة الطاعنة مشغولة بمبلغ (٠٨٥ / ٥٠٦.١٥٤ ر.ع) دون بيان أسباب قبوله والذي شاب تقريره القصور من الناحية الفنية مما حدا بالمحكمة إلى ندب خبير هندسي الذي قدّم تقريره وأخفق هو الآخر في المأمورية المسندة إليه وكان يتعينّ ندب خبير آخر ليقوم بالمأمورية.
٢ . أغفل الحكم البحث في جوهر النزاع المتمثل في مقدار العمل الذي قامت المطعون ضدها بتنفيذه والمتبقي منه والذي تم سحبه وتنفيذه بوساطة مقاولين آخرين ولم يبت التقرير في بيان الأعمال التي قامت المطعون ضدها بتنفيذها من جملة العمل الذي كلّفت به وحساب نسبة ما تبقى والذي تم تكليف مقاولين آخرين به من الباطن.
٣ . لقد جاء الحكم قاصرًا عندما لم يعر الدعوى الفرعية وجهًا واختصر طلبات الطاعنة في طلب وحيد وهو التعويض عن الضرر رغم أنّ الطاعنة قدّمت المستندات الكافية الدالة على حقوقها الناشئة وفق موافقة المطعون ضدها الكتابية بخصم مبالغ معلومة ترصدت نتيجة تأخير المطعون ضدها في تنفيذ العمل.
٤ . لقد تأخرت المطعون ضدها في إنجاز العمل وذلك بإقرارها في الاجتماع الذي عقد معها بتاريخ ٢ / ٢ / ٢٠٠٩م الذي أقرّت فيه بالتأخير بمقتضى المستند رقم (٦) المرفق مع صحيفة الطعن والذي تعهدت فيه بتلافي التأخير وذلك بزيادة عدد الأيدي العاملة لتنفيذ العمل في التواريخ المحددة في ذلك الاجتماع.
٥ . لقد أخذت المحكمة بقول مرسل من الخبير بأن هناك تأخيرا من قبل الطاعنة في سداد المتأخرات وهذا القول يناهضه الواقع لأن سداد المستحقات عن كل مرحلة يحكمه جدول دفعيات ويبين الاستشاري ذلك بتقرير يثبت فيه انتهاء كل مرحلة ويبين من ذلك عدم تأخير الطاعنة في السداد وتباطيء العمل وامتداده لأكثر من سنة وعشرة أشهر.
٦ . لقد أغفلت المحكمة طلب الطاعنة ندب خبير هندسي آخر.
المحكمة
حيث إنّ الطعن بمجمل أسبابه لا يغيرّ من وجه الحكم المطعون فيه في شيء ذلك أن البينّ على وجه جلي أنّ الخبير الهندسي قد تناول في تقريره كل الجوانب الخاصة بما تم الاتفاق عليه بين الطاعنة والمطعون ضدها، وكما هو معلوم فإن ندب الخبير الهندسي في النزاع الذي يدور حول ما أنجزه المقاول وما لم ينجزه وقيمة ما تم إنجازه وما تبقى منه أمر فني لا يستقيم تركه للخبير المحاسبي إذ أنّ مراقبة البناء تتسم بالنظرة الفنية بالإضافة إلى تقدير تكلفته وهذا ما دعى الخبير الهندسي أن ينظر للبناء من الناحية الفنية أيضًا وذلك عندما وصف الأعمال المنجزة بوساطة الطعون ضدها بأنها تمت حسب المواصفات الفنية حيث كانت جميع الأعمال الكهربائية تعمل بكفاءة إذ مر على أعمال التنفيذ والتشغيل أكثر من سنة وهي فترة الصيانة للمشروع والضمان وعليه، وحيث إنّ تقرير الخبير الهندسي شاملاً للأعمال التي تم إنجازها والتي لم يتم إنجازها وأسباب التأخير في الإنجاز والتي حصرها في ثلاثة أسباب ليس من بينها ما يعود إلى المطعون ضدها.
وحيث أنّ ما بحثه الخبير المحاسبي كان لبيان ذات ما بحثه الخبير الهندسي بشأن المبالغ التي تسلمتها المطعون ضدها والفوائد وقد جاء تقرير الخبير الهندسي أكثر تدقيقًا من التقرير المحاسبي وبالتالي فلا تثريب على المحكمة إن أخذت بتقرير خبير دون آخر طالما اقتنعت بسلامة وكفاية أبحاثه التي أجراها وسلامة الأسس التي بني عليها ورأت فيه ما يقنعها ويتفق مع ما ارتأت أنّه وجه الحق في الدعوى، وللمحكمة في حالة ندب أكثر من خبير أن تأخذ برأي أي منهم وتطرح ما عداه.
هذا وقد استقرت أحكام هذه المحكمة على انّه ليس للخصوم أن يجادلوا أمام المحكمة العليا أو يناقشوا كفاية الأبحاث التي قام بها الخبير متى كانت المحكمة قد اقتنعت بهذا التقرير واستقر وجدانها على صحته وأوردت دليلها على ذلك، الأمر الذي يتعينّ معه القضاء برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصاريف ومصادرة الكفالة عملاً بالمادة (٢٦١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنة بالمصاريف ومصادرة الكفالة.