المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور / إسحاق بن أحمد بن ناصر البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كلّ من أصحب الفضيلة القضاة:
الشيخ. د. عبد اللهّ بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا
الشيخ. د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا
ماجد بن عبد الله بن مبارك العلوي رئيس محكمة القضاء الإداري
د. خليفة بن محمد بن عبدالله الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا
مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا
سالم بن محمد بن سالم البراشدي قاضي المحكمة العليا
سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري
ناصر بن محمد بن ناصر الرواحي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
عبد اللهّ بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
أحمد بن محمّد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
(٢٣)
طلب التنازع رقم (١٩) السنة القضائية الثامنة
عقد (إداري- مدني- شروط – شركتين – اختصاص- قضاء عادي)
– العقد الموحد للأعمال المدنية من العقود الإدارية المصوغة لجميع الجهات الإدارية، وهي مشتملة على بنود استثنائية تخرجها عن عقود الإنشاءات والمقاولات المدنية التي تقوم بها الإدارة بصفتها شخص عادي وليست ذات سلطة، كما اتبع في إسنادها الإجراءات المتبعة للعقود الإدارية مما تضحى الخصومة متعلقة بعقد إداري.
– تكون الخصومة إدارية إذا توفر فيها عنصران، أولهما اتصال الخصومة بسلطة إدارية، بمعنى أن تكون إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أحد الخصوم في الدّعوى سواء كانت مدّعية أم مدّعى عليها، وثانيهما اتصال الدّعوى بنشاط مرفق عام تباشره السلطة الإدارية مستخدمة وسائل وامتيازات القانون العام.
– شركة…… هي شركة مساهمة عمانية مقفلة ومسجلة بالسجل التجاري لدى وزارة التجارة والصناعة بالرقم (………) منذ ٨ / ٦ / ١٩٩٩م، مما تكون معه الشركة المدّعية والشركة المدّعى عليها أحد أفراد القانون الخاص، الأمر الذي ينحسر الاختصاص عن محكمة القضاء الإداري بنظر هذه الدّعوى بناء على أنّ الخصومة ليست من الخصومات الإدارية نظراً لعدم وجود أي جهة إدارية بين أطرافه.
– لا يكفي العقد المبرم بين طرفي الدّعوى وفق أحكام العقد الموحد لإضفاء صفة الخصومة الإدارية على الدّعوى ما لم تكن الإدارة طرفا بها، مما يتعين معه الحكم بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًّا بنظر الدّعوى.
– لا تعد الدعوى الماثلة من قبيل دعاوى الخصومات الإدارية، وإنما هي منازعة مدنية بين طرفين من أشخاص القانون الخاص، فتخرج بالتالي عن الاختصاص الولائي لمحاكم القضاء الإداري وينعقد الاختصاص بنظرها إلى محاكم القضاء العادي المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩).
– إن كون الشركة المستأنف ضدها مملوكة لوزارة المالية وتعد شركة مساهمة عمانية مقفلة وهو ما يجعلها شخصا من أشخاص القانون الخاص، وليست وحدة إدارية من وحدات الجهاز الإداري للدولة.
– الشركة المدعية والشركة المدعى عليهما هما شركتان تجاريتان وشخصان من أشخاص القانون الخاص، وبالتالي يكون العقد المبرم بينهما عقدا مدنيا وليس إداريا، لأنه جاء مفتقرا لشرط أساسي من شروط العقد الإداري، وهو أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً، كما أن أعمال هذا العقد المتنازع عليها تتعلق بنشاط الشركة المعتادة وليس في إطار الجانب التنظيمي للمرفق الذي تتولاه نيابة عن الدولة، وعليه لا تُعد الدعوى القائمة بين الشركتين المذكورتين من قبيل دعاوى الخصومات الإدارية، وإنما هي منازعة مدنية بين طرفين من أشخاص القانون الخاص، فتخرج بالتالي عن الاختصاص الولائي لمحكمة القضاء الإداري، وينعقد الاختصاص بنظرها إلى المحكمة المختصة بالقضاء العادي المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية السالف الذكر.
أولاً- في الإجراءات
بتاريخ ٢١ / ١١ / ٢٠١٦م أودع المحامي / ….. من مكتب….. للمحأماة والاستشارات القانونية – المقيد لدى المحكمة العليا – أمانة سر الهيئة، الطلب الماثل بصفته وكيلاً عن الشركة مقدمة الطلب، طالباً في ختامه تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى القائمة بين شركة….. العالمية وشركة…..، وذلك تأسيسا على أن الشركة مقدمة الطلب أقامت بداية الدعوى الابتدائية رقم (٦٥٦ / ٢٠١٥م) تجاري صلالة أمام المحكمة الابتدائية بصلالة، طالبةً في ختامها الحكم أولا:
وقبل الفصل في الموضوع بتعيين خبير هندسي مختص لاحتساب مستحقات المدعية لدى المدعى عليها، ثانياً: إلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغاً مالياً مقداره (٠٣٠،٣٠٣،٥٨٣،١) مليون وخمسمائة وثلاثة وثمانون ألفاً وثلاثمائة وثلاثة ريالات وثلاثون بيسة، وإلزام المدعى عليها المصاريف ومبلغ (٢٥٠٠٠) خمسة وعشرين ألف ريال عماني مقابل أتعاب المحاماة، فقضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، حيث انتهى الأمر في هذه المحكمة الأخيرة إلى صدور الحكم ابتدائيا ثم في الاستئناف رقم (٨٩٥ / ٢٠١٦) بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وبالتالي لم يتم الفصل في دعوى الشركة موضوعاً بسبب تضارب الأحكام القاضية بعدم الاختصاص، مما يتعين معه تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر تلك الدعوى.
وقد أُرفق بالطلب صوراً من الأحكام الآتية:
حكم المحكمة الابتدائية بصلالة (الدائرة الثلاثية) الصادر في الدعوى التجارية رقم (٦٥٦ / ٢٠١٥) بجلسة ٧ / ٣ / ٢٠١٦م، والقاضي: «بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بصلالة لنظرها بإحدى جلساتها بشهر أبريل ٢٠١٦م».
حكم الدائرة الابتدائية بصلالة بمحكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم (١٢٨٦) لسنة (١٦) قضائية بجلسة ١٠ / ٥ / ٢٠١٦م القاضي: «بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى على النحو المبين بالأسباب».
حكم الدائرة الاستئنافية الثانية بمحكمة القضاء الإداري الصادر في الاستئناف رقم (٨٩٥) لسنة (١٦) قضائية بجلسة ١١ / ١٠ / ٢٠١٦م، القاضي: «بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف على النحو المبين بالأسباب».
وبتاريخ١٤ / ١١ / ٢٠١٦م تم إعلان الشركة المقدم ضدها الطلب بصورة من الطلب ومرفقاته، إلا أنها لم تودع ردها عليه، وعليه قرر فضيلة الشيخ الدكتور رئيس الهيئة إحالة ملف الطلب إلى الأمانة الفنية لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني، حيث قامت الأمانة بتحضير الطّلب وأعدّت تقريرا تضمن رأيها بشأنه قدّمته إلى رئيس الهيئة، بعد ذلك نظرت هذه الهيئة الطّلب الماثل على النحو المبينّ بمحضر الجلسة، وقرّرت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم ١٢ / ٤ / ٢٠١٧م،وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
ثانياً- الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق، وإتمام المداولة قانوناً.
وحيث إن الطلب الماثل قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فيكون مقبولا شكلا.
وحيث إنّه عن وقائع هذا الطّلب فتتحصّ لفي أنّ الشركة مقدمة الطلب كانت قد أقامت بتاريخ ٤ / ١٠ / ٢٠١٥م دعواها التجارية أمام محكمة صلالة الابتدائية، قيدت برقم ٦٥٦ لسنة ٢٠١٥م، طالبةً في ختامها الحكم أولا: وقبل الفصل في الموضوع، بتعيين خبير هندسي مختص لاحتساب مستحقات المدعية لدى المدعي عليها، ثانيا:
إلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغاً مالياً مقداره (٠٣٠،٣٠٣،٥٨٣،١) مليون وخمسمائة وثلاثة وثمانون ألفاً وثلاثمائة وثلاثة ريالات وثلاثون بيسة، وإلزام المدعى عليها المصاريف ومبلغ (٢٥٠٠٠) خمسة وعشرين ألف ريال عماني مقابل أتعاب المحاماة.
وذكر وكيل الشركة المدعية شرحا للدعوى، بأن الشركة المدعى عليها قامت بالإعلان عن المناقصة رقم (٢٨٤ / ٢٠١١) لمشروع الصرف الصحي في مسقط، والمعروف باسم إنشاء واستبدال خطوط ضخ مياه الصرف الصحي بمحطة الضخ الرئيسية، وذلك من خلال مجلس المناقصات، وأنه قد تم إسناد المناقصة للشركة المدعية، كما تم إسناد أعمال التصميم والإشراف على المشروع لشركة…..، وتم الاتفاق بين المدعية والمدعى عليها بإنجاز المشروع على مرحلتين: الأولى وهي إنجاز المحطة الأولى لضخ مياه الصرف الصحي والتي يشار إليها باسم خطوط ضخ مياه الصرف الصحي الجديد رقم (١)، والمرحلة الثانية وهي استبدال خطوط مياه الصرف الصحي القائمة والتي يشار إليها باسم محطة الضخ الرئيسية رقم (٢).
وأضاف وكيل الشركة بأنه كان من المقرر إنجاز أعمال إنشاء واستبدال خطوط مياه ضخ مياه الصرف الصحي بمحطة الضخ الرئيسية على ثلاث مراحل، وكان من بين الإلتزامات الملقاة على المدعى عليها (ممثلة في مهندس المشروع) تزويد المدعية بتصميمات كاملة وتفصيلية حتى تقوم بالتزاماتها دون معوقات، مع ضرورة اتباع المهندس معايير أصول المهنة والقوانين والالتزام بواجباته، مع مسؤولية المدعى عليها عن تطبيق الاتفاقية وتنفيذ التزاماتها والتي تتمثل في تنفيذ التصاميم الأساسية والتفصيلية، وقد تم الاتفاق على أن تقوم المدعى عليها باستخراج كافة التراخيص المطلوبة، إلا أنه ولعدم اكتمال التصاميم وعدم دقتها وعدم قيام المهندس بتنفيذ واجباته وزيادة أعمال إضافية على المدعية أدى إلى تحميلها مصاريف إضافية ، كما نتج عنه هنا تأخر المدعية في تنفيذ الأعمال الواجبة عليها، وعدم التزام المدعى عليها بدفع المستحقات عن الأعمال المنجزة، وبالتالي تكون المدعية مستحقة للتعويض عن تلك المخالفات والفائدة المطلوبة عن التأخير.وقد تدوولت الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبتاريخ ٧ / ٣ / ٢٠١٦م أصدرت حكمها القاضي « بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها لمحكمة القضاء الإداري بصلالة لنظرها بإحدى جلسات شهر أبريل ٢٠١٦م، وعلى أمانة سر المحكمة إعلان الخصوم بذلك، وأبقت الفصل في المصاريف.» وأسست المحكمة قضاءها على أنّ سند الدّعوى هو العقد الموحد للأعمال المدنية وهو من العقود الإدارية المصوغة في شكل عقود موحدة لجميع الجهات الإدارية، وهي مشتملة على بنود استثنائية تخرجها عن عقود الإنشاءات والمقاولات المدنية التي تقوم بها الإدارة بصفتها شخصاً عاديًّا وليست ذات سلطة، كما اتبع في إسنادها الإجراءات المتبعة لإسناد العقود الإدارية مما تضحى الخصومة متعلقة بعقد إداري وتنفيذا لذلك الحكم أحيلت الدعوى إلى الدائرة الابتدائية لمحكمة القضاء الإداري بصلالة وقيدت برقم (١٢٨٦) لسنة ٢٠١٦م، حيث حددت الدائرة لنظرها جلسة ١٢ / ٤ / ٢٠١٦م، وبعد تداول الدعوى أصدرت بتاريخ ١٠ / ٥ / ٢٠١٦م حكمها الذي قضى « بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعية المصاريف»، وأسست الدائرة قضاءها بأنَّ المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنّ مناط اختصاصها بنظر النزاع المعروض عليها هو وجود خصومة إدارية بشأنه، فإن ثبتت هذه الخصومة انعقد اختصاص المحكمة بنظر الدّعوى المتعلقة بها، أما إذا انتفت هذه الخصومة فتخرج الدّعوى عن اختصاصها، كما أنّ المستقر عليه أن الخصومة تكون إدارية إذا توفر فيها عنصران، أولهما اتصال الخصومة بسلطة إدارية، بمعنى أن تكون إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أحد الخصوم في الدّعوى سواء كانت مدّعية أم مدّعى عليها، وثانيهما اتصال الدّعوى بنشاط مرفق عام تباشره السلطة الإدارية مستخدمة وسائل وامتيازات القانون العام. وحيث إنّه بتطبيق ذلك على النزاع الماثل، فإنّ البينّ من المستندات المودعة ملف الدّعوى بأنّه تمّ الاتفاق بين طرفي الدّعوى على قيام الشركة المدّعية باستبدال خطوط ضخ مياه الصرف الصحي قطر (٦٠٠ ملم) لمحطة الضخ الرئيسية رقم (١)، وإنشاء خطوط احتياطية موازية الحزمة رقم (٢)، وتمّ الاتفاق بينهما وفق أحكام العقد الموحد، كما أنّ البينّ أنّ الشركة المدّعية شركة محدودة المسؤولية، ومسجلة بالسجل التجاري لدى وزارة التجارة والصناعة بالرقم (……) منذ ٤ / ٨ / ٢٠٠٤م، كما أنّ شركة…….. شركة مساهمة عمانية مقفلة ومسجلة بالسجل التجاري لدى وزارة التجارة والصناعة بالرقم (……) منذ ٨ / ٦ / ١٩٩٩م، مما تكون معه الشركة المدّعية والشركة المدّعى عليها أحد أفراد القانون الخاص، الأمر الذي ينحسر الاختصاص عن محكمة القضاء الإداري بنظر هذه الدّعوى بناء على أنّ الخصومة الماثلة ليست من الخصومات الإدارية نظراً لعدم وجود أي جهة إدارية بين أطرافها، ولا يغير من ذلك أنّ العقد المبرم بين طرفي الدّعوى تمّ وفق أحكام العقد الموحد، إذ إنّ الأطراف لهما حرية الاتفاق، كما أنّ ذلك لا يكفي لإضفاء صفة الخصومة الإدارية على الدّعوى ما لم تكن الإدارة طرفا بها، مما يتعين معه الحكم بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدّعوى.
ولم يلق الحكم قبولاً لدى الشركة المدعية فطعنت عليه بتاريخ ٢ / ٦ / ٢٠١٦م بالاستئناف رقم ٨٩٥ لسنة ١٦ق.س، وذلك على أسباب حاصلها مخالفة القانون والخطأ في تفسيره وتأويله، وبعد تداول الدعوى أمام الدائرة الاستئنافية الثانية، أصدرت حكمها بتاريخ ١١ / ١٠ / ٢٠١٦م « بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الشركة المستأنفة المصاريف. « وقد شيدت الدائرة الاستئنافية قضاءها على أن الثابت من الأوراق، أن الشركة المستأنفة قد وقَعت مع الشركة المستأنف ضدها على اتفاقية لاستبدال خطوط ضخ مياه الصرف الصحي، قطر (٦٠٠ ملم) لمحطة الضخ الرئيسية رقم (١) وإنشاء خطوط احتياطية موازية الحزمة رقم (٢)، وذلك وفقا لشروط العقد الموحد، وحيث إن شركة….. (المستأنف ضدها) هي شركة مساهمة عمانية مقفلة مملوكة لوزارة المالية، ويقع مركزها الرئيسي بمحافظة ظفار / صلالة، ومسجلة لدى السجل التجاري بتاريخ ٨ / ٦ / ١٩٩٩م تحت رقم…..، ووفقا لأحكام قانون السجل التجاري رقم (٣ / ٧٣) وتعديلاته، وأحكام قانون تنظيم وتشجيع الصناعة رقم (١ / ٧٩م) الصادر بتاريخ ٤ / ١ / ١٩٧٩م، في حين أن الشركة المستأنفة هي شركة ذات مسؤولية محدودة ومسجلة لدى السجل التجاري بوزارة التجارة والصناعة تحت رقم (……) بتاريخ ٤ / ٨ / ٢٠٠٤م، وعليه تكون الشركة المستأنفة والشركة المستأنف ضدها هما شخصين من أشخاص القانون الخاص، ومن ثم لا تعد الدعوى الماثلة من قبيل دعاوى الخصومات الإدارية، وإنما هي منازعة مدنية بين طرفين من أشخاص القانون الخاص، فتخرج بالتالي عن الاختصاص الولائي لمحاكم القضاء الإداري وينعقد الاختصاص بنظرها إلى محاكم القضاء العادي المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩)، ولا ينال من ذلك ما ساقته الشركة المستأنفة من أن العقد الموقع بين الشركتين هو عقد إداري كون أن الشركة المستأنف ضدها هي شركة حكومية ومملوكة للدولة، فهذا القول مردود عليه بأن الشركة المستأنف ضدها وإن كانت مملوكة لوزارة المالية فإنها تعد شركة مساهمة عمانية مقفلة وهو ما يجعلها شخصا من أشخاص القانون الخاص، وليست وحدة إدارية من وحدات الجهاز الإداري للدولة، كما لا ينال من ذلك القول بأن رئيس وأعضاء مجلس إدارتها هم موظفون عموميون، حيث إن رئاسة وعضوية مجلس إدارة الشركة ينفصل كليا عن كونهم موظفين عموميين، كما أن الشركتين مسجلتان وفقا لقانون الشركات بالسلطنة ومن ثم فإنهما يُعدان من أشخاص القانون الخاص ولا ينطبق على التصرفات الصادرة عنهما وصف العقود أو الخصومات الإدارية، أما ما قيل بشأن أن صيغة العطاء مقدمة إلى رئيس مجلس المناقصات ووفقا لأحكام العقد الموحد، فإن هذا القول مردود عليه بأنه ليس هناك ما يمنع الأطراف من الاتفاق على اختيار وتطبيق أحكام العقد الموحد دونما اعتباره عقدا إداريا، لاسيما وأن الثابت أن العقد موضوع الدعوى موقعة من قبل رئيس مجلس إدارة الشركة المستأنف ضدها، وعليه وفي ضوء ما تقدم فإنه ينحسر الاختصاص الولائي عن محكمة القضاء الإداري.
وبتاريخ ٢١ / ١١ / ٢٠١٦م أودع وكيل الشركة مقدمة الطلب، الطلب الماثل أمام هيئة تنازع الاختصاص والأحكام بالطلبات المذكورة آنفا، وذلك تأسيسا على أن قضاء المحكمة الابتدائية بصلالة – الدائرة التجارية – انتهى إلى عدم اختصاصها بنظر الدعوى، وكذلك انتهى قضاء الدائرة الاستئنافية الثانية بمحكمة القضاء الإداري إلى عدم اختصاصها بنظر الدعوى، فعليه يوجد تنازع سلبي في الاختصاص بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي، مما يتعين معه قيام هيئة تنازع الاختصاص والأحكام بالفصل في هذا التنازع، وذلك بتعيين الجهة القضائية المختصة بنظر تلك الدعوى.
وحيث إنّ مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقا للفقرة (أ) من المادّة (٢) من قانون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام الصّادر بالمرسوم السلطاني رقم (٨٨ / ٢٠٠٨)، هو أن تكون الدعوى قد رفعت عن موضوع واحد أمام محكمتين من المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية ومحكمة القضاء الإداري وأية محكمة أخرى، ولم تتخلّ إحداهما عنها أو تخلّت كلتاهما عنها، وإذ ثبت أنّ كلا من محكمة القضاء الإداري والمحكمة الابتدائية بصلالة قد تخلّت عن نظر النزاع المعروض عليها، تأسيسا على أنّها غير مختصّة ولائيا بنظره، فإنّ ذلك يعدّ تنازعا سلبيّا في الاختصاص ممّا يتوفر معه قبول طلب تعيين الجهة القضائيّة المختصّة بنظر الدعوى.
وحيث إنّ تعيين المحكمة المختصة بنظر أيّ دعوى إنمّا يتمّ في ضوء الاختصاص الولائي المنوط بها المحدد بالقانون الذي ينظّمها، والذي يُعد توزيع هذا الاختصاص الولائي بين جهات القضاء من المسائل المتعلقة بالنظام العام التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، ويجوز للخصوم الدفع بعدم الاختصاص في أي مرحلة تكون عليها الدعوى، بل ويجوز للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها ولو لم يثره الخصوم.
فوفقا لأحكام المادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩١ / ٩٩ المعدلة بالمرسوم السلطاني رقم ٣ / ٢٠٠٩، تختص المحكمة بالفصل في الخصومات الإدارية، ومن بينها الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات الإدارية النهائية، ودعاوى التعويض المتعلقة بالخصومات الإدارية، والدعاوى المتعلقة بالعقود الإدارية، وطبقا لأحكام المادة (٨) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩٠ / ٩٩ فإنه – فيما عدا الخصومات الإدارية – تختص المحاكم المنصوص عليها في هذا القانون بالحكم في الدعاوى المدنية والتجارية وطلبات التحكيم ودعاوى الأحوال الشخصية والدعاوى العمومية والعمالية والضريبية والإيجارية وغيرها التي ترفع إليها طبقاً للقانون إلا ما استثنى بنص خاص».
وحيث إن المستقر عليه قضاءً أن مناط اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر النزاع المعروض عليها هو وجود خصومة إدارية بشأنه، فإذا ثبتت هذه الخصومة انعقد اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المتعلقة بها، أما إذا انتفت هذه الخصومة فتخرج الدعوى عن اختصاصها، وتكون الخصومة إدارية إذا توفر فيها عنصران:
أولهما اتصال الخصومة بسلطة إدارية، بمعنى أن تكون إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أحد الخصوم في الدعوى سواء كانت مدعية أو مدعى عليها، وثانيهما اتصال الدعوى بنشاط مرفق عام تباشره السلطة الإدارية مستخدمة وسائل وامتيازات القانون العام.
وحيث إنه استقر قضاء هيئة تنازع الاختصاص والأحكام على أن العقد الإداري هو العقد الذي تكون الإدارة طرفا فيه ويتصل بنشاط مرفق عام من حيث تنظيمه وتسييره، بهدف خدمة أغراضه وتحقيق احتياجاته، بما تضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، بما مفاده أنه يشترط لاعتبار العقد إداريا توفر ثلاثة شروط وهي: أولا: أن يكون أحد أطراف العقد شخصا معنويا عأما، ثانيا: أن يتصل العقد بمرفق عام من حيث تنظيمه وتسييره، ثالثا: أن يتضمن العقد شروطا غير مألوفة في نطاق القانون الخاص.
كما استقر قضاء هذه الهيئة على أنه تنحسر صفة العقد الإداري عن العقد الذي يبرم بين أشخاص القانون الخاص وإن اتصل العقد بتسيير مرفق عام، ذلك أن الدولة إذا أسندت إلى شركة من أشخاص القانون الخاص لتتولى تسيير المرفق تحت إشرافها ورقابتها، فإن ما تقوم به هذه الشركة من تنظيم لهذا المرفق إنما تقوم بذلك نائبة عن الدولة، أما عن أعمالها المعتادة التي لا ترقى إلى الجانب التنظيمي فإنها تخضع للقانون الخاص، وبالتالي تخضع لرقابة القاضي العادي وإن تضمنت العقود التي تبرمها شروطا استثنائية.
في موضوع الطلب الماثل، ينحصر في تحديد أي من جهتي القضاء العادي أو الإداري تختص بنظر النزاع المعروض عليهما، ولما كان المعيار في تحديد الاختصاص بين القضاء الإداري والقضاء العادي وفقا لأحكام المادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري والمادة (٨) من قانون السلطة القضائية المشار إليهما يحكمه طبيعة النزاع المثار بشأنه الدعوى، فإذا كان هذا النزاع متعلقا بخصومة إدارية انعقد الاختصاص بشأنه لمحكمة القضاء الإداري، أما إذا انتفت عن النزاع صفة الخصومة الإدارية فينعقد الاختصاص في هذه الحالة للمحكمة المختصة بجهة القضاء العادي.
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم على حالة طلب التنازع الماثل يتبينّ أن الشركة مقدمة الطلب تخاصم……، طالبة الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها تعويضا بمبلغ مقداره (٠٣٠،٣٠٣،٥٨٣،١) مليون وخمسمائة وثلاثة وثمانون ألفاً وثلاثمائة وثلاثة ريالات وثلاثون بيسة، مقابل ما تكبدته من مصاريف ونفقات نتيجة تأخر الشركة المدعى عليها في تنفيذ الأعمال الواجبة عليها، وعدم التزامها بدفع المستحقات للمدعية عن الأعمال التي أنجزتها بموجب الاتفاقية المبرمة بينهما بشأن مشروع استبدال خطوط ضخ مياه الصرف الصحي لمحطة الضخ الرئيسية رقم (١)، وإنشاء خطوط احتياطية موازية الحزمة رقم (٢) بمحافظة مسقط.
وحيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية (مقدمة الطلب الماثل) هي شركة محدودة المسؤولية، ومسجلة بالسجل التجاري لدى وزارة التجارة والصناعة بالرقم (…..) منذ ٤ / ٨ / ٢٠٠٤م، كما أن شركة…… المدعى عليها (المقدم ضدها الطلب) هي شركة مساهمة عمانية مقفلة ومسجلة بالسجل التجاري لدى وزارة التجارة والصناعة بالرقم….. منذ ٨ / ٦ / ١٩٩٩م، وذلك وفقا لأحكام قانون السجل التجاري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٣ / ٧٣)، وأحكام قانون تنظيم وتشجيع الصناعة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (١ / ٧٩)، وعليه تكون الشركة المدعية والشركة المدعى عليهما هما شركتان تجاريتان وشخصان من أشخاص القانون الخاص، وبالتالي يكون العقد المبرم بينهما عقدا مدنيا وليس إداريا، لأنه جاء مفتقرا لشرط أساسي من شروط العقد الإداري، وهو أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عأما، كما أن أعمال هذا العقد المتنازع عليها تتعلق بنشاط الشركة المعتادة وليس في إطار الجانب التنظيمي للمرفق الذي تتولاه نيابة عن الدولة، وعليه لا تُعد الدعوى القائمة بين الشركتين المذكورتين من قبيل دعاوى الخصومات الإدارية، وإنما هي منازعة مدنية بين طرفين من أشخاص القانون الخاص، فتخرج بالتالي عن الاختصاص الولائي لمحكمة القضاء الإداري، وينعقد الاختصاص بنظرها إلى المحكمة المختصة بالقضاء العادي المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية السالف الذكر؛ ولا ينال من ذلك قيام طرفي النزاع بتطبيق أحكام العقد الموحد للأعمال المدنية الذي تطبقه الجهات الإدارية، إذ ليس هناك ما يمنع أي من الأطراف من الاتفاق بينهما على اختيار وتطبيق أي من صيغ العقود النموذجية المعمول بها بالدولة، حتى لو كانوا من أشخاص القانون الخاص، دونما اعتبار ذلك العقد عقدا إداريا، إذا لم تتحقق الشروط المقررة لذلك سالفة الذكر، ومن بينها أن يكون أحد طرفيه شخصا من أشخاص القانون العام، وهو ما لا يتحقق في الحالة الماثلة بعد ثبوت أن كلا طرفي العقد من أشخاص القانون الخاص، الأمر الذي يتعين معه القضاء بتعيين المحكمة الابتدائية بصلالة بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.
وحيث إنّ من مقتضى الحكم الصّادر عن هيئة تنازع الاختصاص والأحكام بتعيين المحكمة المختصّة بنظر الدعوى هو أن تلتزم هذه المحكمة المعينة بنظرها.
فلهذه الأسباب
«حكمت الهيئة باختصاص المحكمة الابتدائية بصلالة (الدائرة الثلاثية) بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.»