جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢١ / مارس / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٣٦)
الطعن رقم ٩ / ٢٠١٧م
– اختصاص « المحاكم العمانية». استشكال « في حكم أجنبي». قانون « تطبيق المادة ٤١ من اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي».
– الاستشكال في التنفيذ هو عارض قانوني يعترض التنفيذ ويتضمن ادعاءات يبديها المحكوم عليه أمام القضاء باعتباره وسيلة تكفل درء كل خطأ في التنفيذ أو عسف فيه، وهو ليس نعياً على الحكم بل هو نعي على التنفيذ وأن طبيعته القانونية هو أنه دعوى جزائية تكميلية لها ذاتيتها المستقلة، ومفاد المادة (١٤) المشار إليها أنها لا تحول بين المحاكم العمانية وبين حقها في نظر ذلك الاستشكال.
تفصيل ذلك.
– استشكال» تدخل الادعاء العام». قانون « تطبيق المادة ٣١٢ إجراءات جزائية».
– المادة (٣١٢) بينت ضوابط الإشكال التنفيذي الواجب مراعاتها سواءً ما يتعلق منها برافعه أو بإجراءات رفعه أو بالمحكمة المختصة بنظره، أثر ذلك أنها تعد قاعدة إجرائية إلزامية يجب مراعاتها من لدن من شرعت لمصلحته والجهة القضائية التي عقد لها اختصاص نظر ذلك الحق. مخالفة ذلك برفع الاستشكال عن طريق المحكمة مباشرة دون الادعاء الاعام مؤداها نقض الحكم.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن
المطعون ضده………..اقترف خارج الأراضي العمانية جريمة السحر والشعوذة وحوكم عنها نهائياً بتاريخ (٢ / ٤ / ١٤٣٥هـ) في المملكة العربية السعودية بتعزيره بسجنه خمس عشرة سنة من تاريخ إيقافه وجلده ألفاً وخمسمائة جلدة مفرقة على ثلاثين فترة ومصادرة السيارة والهاتفين والمبلغ الذي وجد في حوزته وقدره خمسة آلاف وخمسمائة وعشرة ريالات وقضى المطعون ضده محكوميته في المملكة العربية السعودية حتى صدر الأمر الملكي رقم (٢٥٠٠٤٣) بتاريخ (٨ / ٦ / ١٤٣٦هـ) متضمناً العفو عن المستشكل من نصف المحكومية والموافقة على نقله إلى السلطنة لإكمال محكوميته بها بعد انتهاء الحق الخاص وذلك بتاريخ (٢٤ / ٦ / ١٤٣٦هـ) الموافق (١٣ / ٤ / ٢٠١٥م).
وبتاريخ (١١ / ٨ / ٢٠١٦م) تقدم المحكوم عليه باستشكال لدى محكمة الاستئناف بصحار (دائرة الجنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢٥ / ١٠ / ٢٠١٦م) بقبول الاستشكال شكلاً وفي الموضوع بالإفراج عن المستشكل تحت شرط حسن السير والسلوك وعدم ارتكابه لأي فعل مخالف للقانون خلال باقي المدة المحكوم بها.
لم يرتض الطاعن (الادعاء العام) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٩ / ١١ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من رئيس ادعاء عام وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فرد عليها بواسطة وكيله القانوني بمذكرة التمس فيها رفض الطعن.
وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغائه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعده وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن (الادعاء العام) على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حينما قضى بقبول استشكال المطعون ضده شكلاً بالمخالفة للمادة (٣١٢) من قانون الاجراءات الجزائية التي تنص على أنه: «… كل استشكال من المحكوم عليه في التنفيذ يرفع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ويقدم النزاع إلى المحكمة بواسطة الادعاء العام على وجه السرعة ويكلف الادعاء العام ذوي الشأن الحضور للجلسة التي تحدد لنظره…» وأن مؤدى تطبيق هذا النص يقتضي أن تكون المحكمة التي تنظر الاستشكال في التنفيذ هي نفسها التي أصدرت الحكم موضوع الاستشكال ولا يجوز أن تنظر المحكمة استشكالاً في قضية منظورة من محكمة أخرى وكان البينّ أن المستشكل (المطعون ضده) قد اقترف جريمة السحر والشعوذة خارج الأراضي العمانية وحوكم عنها نهائياً في المملكة العربية السعودية بتاريخ (٢ / ٤ / ١٤٣٥ ه) حيث قضى الحكم بسجنه خمس عشرة سنة وجلده ألفاً وخمسمائة جلدة مفرقة على ثلاثين فترة وبتاريخ (٨ / ٦ / ١٤٣٦ ه) صدر الأمر الملكي رقم (٢٥٠٠٤٣) القاضي بالعفو عنه من نصف محكوميته ونقله إلى السلطنة لإكمال تنفيذ باقي العقوبة بعد انتهاء الحق الخاص ومن ثم فإن قبول المحكمة النظر في طلب استشكال المطعون ضده يعد مخالفاً لأحكام المادة السالفة البيان لأنها لم تكن هي من أصدرت الحكم المستشكل فيه بل صدر الحكم في المملكة العربية السعودية كما أن الحكم المطعون فيه قد وقع في خطأ في تطبيق القانون حينما عول على المادة (٣٠٩) من قانون الإجراءات الجزائية في الحكم بالإفراج عن المستشكل تحت شرط حسن السير والسلوك وعدم ارتكابه لأي فعل مخالف للقانون خلال باقي المدة المحكوم بها ذلك أن هذه المادة قد منحت حصرياً حق الاختصاص في الإفراج عن كل محكوم عليه نهائياً إلى مدير عام السجون بعد موافقة لجنة يصدر قرار بتشكيلها من المفتش العام للشرطة والجمارك كما أن المادة (١٤) من اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين دول مجلس التعاون المحرّرة بتاريخ (٢٢ / ٥ / ٢٠٠٦م) والمصادق عليها من لدن السلطنة قضت بعدم جواز سريان تطبيق الإفراج تحت شرط على محكوم عليه مدان من لدن دولة أخرى إلا بعد موافقة دولة الإدانة على الاستفادة من هذا الإفراج وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه قد أقحم نفسه في اختصاص لا يملكه وإنما يملكه غيره وهو ما يعيب الحكم المطعون بما يستوجب نقضه والحكم بإلغائه.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بشأن عدم اختصاص محكمة الحكم المطعون فيه بنظر الاستشكال تنفيذاً للمادة (١٤) من اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والتي جردتها من ذلك الاختصاص فهو دفع غير سديد ومردود عليه بما هو مقرر في قضاء المحكمة العليا من أن الاستشكال في التنفيذ هو عارض قانوني يعترض التنفيذ ويتضمن ادعاءات يبديها المحكوم عليه أمام القضاء باعتباره وسيلة تكفل درء كل خطأ في التنفيذ أو عسف فيه ويستمد وجوده من مبدأ شرعية التنفيذ وفكرة العدالة واحترام حقوق الفرد وهو ليس نعياً على الحكم بل هو نعي على التنفيذ وأن طبيعته القانونية هو أنه دعوى جزائية تكميلية لها ذاتيتها المستقلة وتهدف إلى تجنب التنفيذ الجزائي وتأسيساً على ذلك وطالما ثبت أن الأمر يتعلق باستشكال أبداه رافعه في خصوص تنفيذه باقي العقوبة السجنية المحكوم بها عليه وذلك نظراً لتدهور وضعه الصحي وتقدمه في السن وقضائه أكثر من ثلثي محكوميته بعد أن تم نقله من دولة الإدانة (المملكة العربية السعودية) وكان البينّ من مطالعة المادة (١٤) المشار إليها على النحو الذي صيغت به أنها لا تحول بين المحاكم العمانية وبين حقها في نظر ذلك الاستشكال إذ تضمنت تلك المادة أن العفو الخاص أو الإفراج تحت شرط أو أي عفو آخر صادر من دولة التنفيذ لا يسري إلا بموافقة دولة الإدانة أي أن هذه المادة لم تنزع من دولة التنفيذ سيادتها في التشريع وتطبيق قوانينها ومحاكمة الأشخاص والأفعال داخل إقليمها الوطني بما في ذلك سيادتها في إصدار العفو الخاص أو أي عفو آخر أو الإفراج تحت شرط إلا أنها قيدته في شأن سريانه على موافقة دولة الإدانة وتأسيساً على ذلك يكون دفع الطاعن في هذا الصدد غير وجيه ويتعينّ رده.
أما نعيه على الحكم المطعون فيه بشأن مخالفته المادة (٣١٢) من قانون الإجراءات الجزائية فهو سديد إذ إن هذه المادة تنص على أنه: «… كل استشكال من المحكوم عليه في التنفيذ يرفع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ويقدم النزاع إلى المحكمة بواسطة الادعاء العام على وجه السرعة ويكلف الادعاء العام ذوي الشأن الحضور للجلسة التي تحدد لنظره…» أي أن هذه المادة سطرت قاعدة إجرائية بينت بموجبها ضوابط الإشكال التنفيذي الواجب مراعاتها سواءً ما يتعلق منها برافعه أو بإجراءات رفعه أو بالمحكمة المختصة بنظره وتأسيساً على ذلك فهي تعد قاعدة إجرائية إلزامية يجب مراعاتها من لدن من شرعت لمصلحته من أجل حماية حقه الموضوعي وكذلك من لدن الجهة القضائية التي عقد لها اختصاص نظر ذلك الحق والبت فيه بالإيجاب أو بالسلب.
لما كان ذلك وكان البينّ من أوراق الدعوى أن الاستشكال الذي نظرته محكمة الحكم المطعون فيه وإن كان رافعه محكوماً عليه بحكم نهائي صادر في المملكة العربية السعودية بتاريخ (٢ / ٤ / ١٤٣٥ ه) وقد نقل إلى السلطنة لقضاء باقي محكوميته إلا أنه لم يقدم إليها من لدن الادعاء العام كما أوجبت ذلك المادة (٣١٢) المشار إليها كما أن المحكمة لم تسبّب سند اختصاصها بنظر ذلك الاستشكال والبت فيه خاصة أنها ليست المحكمة التي أصدرت الحكم المستشكل فيه حسبما اقتضت ذلك المادة (٣١٢) المشار إليها كما لا ينعقد لها الاختصاص بذلك استناداً إلى أحكام المادة (١٤١) من قانون الإجراءات الجزائية كل ذلك يُعجز المحكمة العليا عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها والرد على المطاعن المثارة في شأنها. لما كان ذلك وكان الذي سلف بسطه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد علقت به شائبة القصور المبطل في التسبيب الأمر الذي يتعينّ معه القضاء بنقضه وإعادة أوراق الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.