جلسة يوم الأحد الموافق ٢٠ / مايو / ٢٠١٨م
المشكلة برئاسة فضيلة القاضي / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة العليا وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي، صلاح الدين نعيم غندور
(٢٧)
الطعن رقم ٢٩١ / ٢٠١٧م
إثبات (العلم تقادم)
– الأصل عدم العلم بالتصرفات القانونية إذا وقعت في غيبة الشخص والسكوت لا يعتبر قرينة على العلم بها ومدعي العلم يقع عليه عبء الإثبات وفق الأوضاع المقرره قانونا.
– الحقوق تبقى ولا يرد عليها التقادم إلا وفق الأوضاع المقرره قانونا.
الوقائع
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبعد المداولة، تتحصل الوقائع في أن الطاعنة قد تقدمت بدعوى شرعية أمام المحكمة الابتدائية بصحم بتأريخ ٢ / ٨ / ٢٠١٥م ضد المدعى عليهم طلبت في ختام صحيفتها بعد التعديل الحكم لها بصفة مستعجلة بوقف أي تعديل أو تغيير في ملكية الأرض موضوع الدعوى وفرز وتجنيب نصيب المدعية من المزرعة بالإضافة إلى نصيبها من حصة أختها المتوفاة وبطلان كافة التصرفات التي صدرت من شقيقها المدعى عليه الأول بموضوع المزرعة وعدم نفاذها وإلزام الجهات المعنية الإسكان والبلديات بمحو التسجيلات والتأشيرات الواردة على صحيفة المزرعة موضوع الدعوى وتعديلها على ضوء ما يصدر في هذه الدعوى من أحكام وعدم الاعتداد بأية أحكام أخرى تخالفها على سند من القول: إن والدها توفي منذ ثلاثين سنة وترك المزرعة موضوع الدعوى إلا أن المدعى عليه أخاها استصدر لها سند ملكية وسجلها باسمه ثم قام بالتصرف فيها قبل أن يسلمها نصيبها منها ونصيبها من أختها التي ماتت قبل أن تتسلم نصيبها الأمر الذي دعاها لرفع هذه الدعوى وقد حضر المدعى عليهم وبعد اكتمال الردود وخاصة من المتدخلين هجوميا قضت المحكمة الابتدائية بجلسة ١٩ / ٩ / ١٤٣٨هـ الموافق ١٤ / ٦ / ٢٠١٧م في مادة شرعية برفض الدعوى الأصلية والفرعية وإلزام كل منهم بمصاريفه استنادا إلى أن المدعية لم تقدم بينة مقبولة عدم علمها بجميع الإجراءات والتصرفات والأحكام السابقة في موضوع النزاع وهي دعاوى البيع والهبة ولطول المدة على وفاة الهالك إلى غير ذلك، وحيث إن هذا الحكم لم يجد قبولا لدى المدعية فتقدمت بالاستئناف عليه أمام محكمة الاستئناف بصحار فقضت بجلسة ٩ / ربيع الأول / ١٤٣٩هـ الموافق ٢٧ / نوفمبر / ٢٠١٧م بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، ولم يجد هذا القضاء قبولا لدى الطاعنة فتقدمت بالطعن عليه أمام هذه المحكمة وتقدمت بصحيفة طعنها وأودعتها أمانة سر المحكمة وهي موقعة من محام مقبول أمامنا وقد تضمنت الصحيفة على أسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتمثل هذا الخطأ أن المحكمة المطعون في حكمها قد خالفت نص المادة (٥٥) من قانون الإثبات: «الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل آخر ينقض هذه الحجية ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتتعلق بذات الحق محلا وسببا وتقضي المحكمة بهذه الحجية، من تلقاء نفسها»، ولما كان الحكم قد رفض الدعوى لوجود أحكام صدرت سابقا فإن تلك الأحكام لم تكن الطاعنة طرفا فيها، ولا تعلم بها واعتماد تلك الأحكام حجة في مواجهة الطاعنة مخالف للواقع والقانون وكذلك الحال افتراض العلم عندها ومطالبتها بالبينة مخالف للقانون، وكذلك قدمت للمحكمة عددا من الشهود يشهدون لها بأن المزرعة هي ملك لوالدهم…. وبعدها تؤل لأولاده ومنهم الطاعنة ولم تصغ المحكمة وتقدر هذه الشهادات وتقضي بموجبها مما يعد إخلالا بحق الدفاع، وقد استغل أخوها المطعون ضده كونه وحيد أبيه عندما تم حصر الحيازات وقدم أوراقه على أنه لا أحد يمانعه في حصر المزرعة والشيخ واللجنة تعرفان أنه وحيد أبيه ومر الموضوع على أن المزرعة منحة من الدولة بقرار من اللجنة المحلية مجاملة لهذا الشقيق ولكن واقع الحال والشهود يؤكدان خلاف ذلك.
المحكمة
من حيث الشكل فإن الطعن مقبول لتقديمه خلال الأجل القانوني وصحيفته موقعة من محام مقبول أمامنا، وتم استيفاء كافة الإجراءات، ومنها إرفاق سند الوكالة وقد أعلنت الصحيفة للمطعون ضدهم فردوا عليها، ومن حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب سديد ذلك أنه ولئن كان من المقرر قضاء أن تحصيل الوقائع في الدعوى وتقدير الدليل فيها هما من اختصاص قضاء الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك، إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل يجب أن يكون التحصيل منسجما ومتفقا مع قواعد الشرع والقانون وكذلك البينات المقدمة ولما كان ذلك، وحيث إننا وبمطالعتنا لجميع الأوراق والأحكام الصادرة في هذا النزاع نؤكد بأننا لم نجد ردا من قبل المدعى عليه على الدعوى المقدمة من أخته، وهذا أصل يبنى عليه الحكم قبل المطالبة بالبينات فرد المدعى عليه على الدعوى أمر لا بد منه فلهذا نقول إن على محكمة الموضوع أن تطلب المدعى عليه وهنا في هذه الدعوى أخو المدعية وتستمع إلى رده سواء بالحضور أو بمذكرة يفيد برده على الدعوى فإن كان رده يفيد ويؤكد إقراره لأختيه بهذا الحق وأن الأرض هي ملك والداهم في الأصل حتى مات فإن عليه أن يعوضهما وباقي الورثة إن وجدوا حقهما ونصيبهما من قيمة المبيع للمزرعة نقدا المدونة بالحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة ٢٩ / جمادى الثاني / ١٤٣١هـ الموافق ١٣ / يونيو / ٢٠١٠م والذي قضى في منطوقه بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بصحة ونفاذ عقد بيع المزرعة وإلزام البائع بتسجيل سند الملكية باسم المشتري ورد الكفالة للطاعن، وقد دون في الحكم المبالغ التي تسلمها البائع فعليه أن يعوض باقي الورثة حقوقهم ونصيبهم الشرعي من تلك المبالغ التي تسلمها، وإذا كان رده خلاف ذلك فإن الأصل والقاعدة عدم العلم بجميع التصرفات في الأرض التي تدعيها المدعية أنها مما خلفها والدها ولم تدخل في القسمة فيطالب بالبينة العادلة على علم باقي الورثة ومنها المدعية بأنهم يعلمون بجميع التصرفات التي حصلت فإن أقام البينة على ذلك وإلا فله حق أخذ اليمين من أخته عدم علمها بذلك، هذه هي القاعدة الصحيحة في الدعوى الماثلة لا أن تطالب المدعية بعدم العلم فهذه بينة نافية ومتهاترة فلا تقبل في دعاوى الأحكام. ولما كانت المحكمة لم تقعد الدعوى على هذا الأصل وإنما قبلتها ولم تستمع لبينة المدعية لإثبات حقها في هذه المزرعة وأنها ميراث من والدها بل اعتمدت المحكمة في قضائها على التقادم وافتراض العلم والسكوت طيلة المدة الماضية وأنها لم تنكر شيئا مع أننا تتبعنا لجميع الأحكام والأوراق جميعها في الملفات السابقة لدعاوى البيع والهبة ولم نجد تمثيلا لها في النزاع، والقاعدة أن الحقوق تبقى ولا تسقط بالتقادم إلا بالنص عليها في حالات معينة، وعليه ولما كان الحكم لم يقعد التقعيد الصحيح للقضاء بموجبه فإننا نرى نقض الأحكام الصادرة في هذا النزاع وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة لاستيفاء المتطلبات المبينة أعلاه وبناء الحكم وفق القاعدة التي تتفق مع قواعد الشرع والقانون وفق ما بينا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للقضاء في موضوعها بهيئة مغايرة ورد الكفالة للطاعنة.