(٨)
٢٢ / ٤ / ٢٠٢٠م
عقد – العقد شريعة المتعاقدين – تفسير العقد.
من المقرر قانونا أنه بتلاقي إرادتي طرفي العقد يصبح مضمونه ملزما لكل منهما، وهو ما يعبر عنه بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه، ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذ العقد طبقا لما اشتملت عليه نصوصه، وتضمنته أحكامه، وبطريقة تتفق مع حسن النية أصل عام من أصول القانون، وهذا الأصل يطبق في العقود الإدارية والعقود المدنية سواء بسواء – إذا كانت عبارات العقد واضحة في دلالتها على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين، فلا يعدل عنها بحجة تفسيرها للتعرف على هذه الإرادة – أما إذا كان في عبارة العقد غموض فيجب تفسيرها للبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، ويستهدى في ذلك بطبيعة التعامل، وبالعرف الجاري، وبما ينبغي أن يسود من أمانة، وثقة بين المتعاقدين – تطبيق.
فبالإشارة إلى كتاب معاليكم رقم:………… بتاريخ……………. هـ، الموافق…………..م بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول الجهة المسؤولة عن القيام بالصيانة اللازمة للمعدات والأجهزة بمطبخ مستشفى……….. التابع لوزارة………….، وتوفير البدائل عنها، والإجراءات اللازم اتباعها في حال امتناع شركة……………. عن القيام بأعمال الصيانة اللازمة عليها.
وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أنه قد تم إسناد مشروع العقد الخاص بتوفير خدمات التموين والتغذية للمستشفيات التابعة لوزارة………..إلى شركة……………، وذلك اعتبارا من………….م، وحتى………..م، بمبلغ وقدره…………. ريال عماني، وبتاريخ…………….م تلقى مستشفى…………. خطابا من الشركة تشير فيه إلى أن غسالة الأواني، والغلاية المزدوجة الخاصة بالمرضى، والغلاية المزدوجة الخاصة بالمقصف، وصانعة التشباتي، وموقد الغاز في حاجة إلى الصيانة، وأن قسم الهندسة والصيانة في المستشفى قد رفض إجراء الصيانة اللازمة لتلك المعدات، والأجهزة، إلا إذا قامت الشركة بتوفير القطع البديلة اللازمة لإجراء الصيانة، وبتاريخ…………م تلقى مستشفى……….. خطابا آخر من الشركة يخطرها بأنها تخلي مسؤوليتها عن أي حالة تسمم قد تنتج عن خدمات التغذية المقدمة من قبلها إلى المرضى، أو في مقاهي المستشفى، وعن أي حادثة مرتبطة بالصحة، والسلامة بسبب رفض قسم الهندسة والصيانة في مستشفى………… إجراء الصيانة اللازمة للمعدات، والأجهزة المشار إليها.
وتذكرون أن المختصين في مستشفى………. يرون أن الخلاف بين المستشفى، وشركة…………. يدور حول تفسير بنود العقد المبرم بينها، وبين وزارة……….، من حيث تحديد الطرف المسؤول عن صيانة، وتوفير بدائل المعدات، والأجهزة الخاصة بمطبخ المستشفى.
وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني – وفقا للتكييف القانوني السليم لحقيقة المسألة المستطلع الرأي بشأنها – عن مدى التزام شركة…………… بإجراء الصيانة اللازمة لغسالة الأواني، والغلاية المزدوجة الخاصة بالمرضى، والغلاية المزدوجة الخاصة بالمقصف، وصانعة التشباتي الخاصة بمطبخ مستشفى………. التابع لوزارة………..، وتوفير البدائل عنها.
وردا على ذلك، نفيد بأن البند (١) من العقد الخاص بتوفير خدمات التموين والتغذية للمستشفيات التابعة لوزارة الصحة – المعنون ب (تعاريف) – ينص على أنه: “…. ٢٣.١.١ – (معدات الوزارة): تعني المعدات التي توفرها الوزارة في الموقع لاستخدام المقاول في تنفيذ الخدمات، كما هو موضح في المواصفات”.
وأن البند (١٨) من العقد ذاته – المعنون ب (نطاق خدمات المقاول) – ينص على أنه:
“١.١٨ – على المقاول… د – توفير المعدات الخفيفة، وتنظيف، وصيانة معدات التموين الغذائي المنصوص عليها في الملحق (١٠) – الجزء (٤)، وعلى المقاول توفير المعدات الخفيفة اللازمة للتنفيذ السليم للأعمال المنصوص عليها في الملحق (٩) – الجزء (٤)، فيما عدا المعدات المقدمة من قبل الوزارة”.
وأن البند (ح) من المادة (١.١٩) من العقد ذاته – المعنون ب (التزامات المقاول العامة) – ينص على أنه: “… في تنفيذ الخدمات، على المقاول اتخاذ جميع التدابير المناسبة والمعقولة لحماية جميع الأشخاص، وممتلكات الوزارة، وكذلك اتخاذ تدابير لتجنب، أو تقليل أي إزعاج للمرضى، والموظفين العموميين، يتحمل المقاول مسؤولية اتخاذ تدابير السلامة المناسبة كاملة، ويجب عليه التشاور مع الوزارة بشأن أي مشاكل تتعلق بالسلامة”.
وأن البند (١.٢٨.أ) من العقد ذاته ينص على أنه: “توفر الوزارة مطبخا مجهزا بالكامل وفقا للملحق (١٥) – الجزء (٤)، وموازين وزن الطعام، وأكوابا لقياس الطعام المنصوص عليها في الملحق (١١) – الجزء (٤)”.
وأن البند (٢.٢٨) (معدات الوزارة) من العقد ذاته ينص على أنه: “… قبل البدء في العقد، سيتم فحص جميع المعدات، وأجهزة قياس الوزن، وأكواب قياس الطعام من قبل مهندس المستشفى، وسيتم إعداد قائمة بجميع المعدات بوصف حالها، مع إرفاق الصور الفوتوغرافية عند الحاجة، ويقوم قسم الهندسة في المستشفى بإجراء الصيانة اللازمة للمعدات قبل تسليمها للمقاول، على أن يتم إصلاح أي تلف في المستقبل – يتعدى التلف الناجم عن الاستهلاك المعقول – على نفقة المقاول، وفي غضون فترة زمنية لا تقل عن (١) شهر واحد من الإشعار بالضرر”.
وأن البند (٣.٢٨) من العقد ذاته ينص على أنه: “يجب على المقاول التأكد من أن معدات الوزارة الواقعة تحت رعايته يتم الحفاظ عليها في حالة عمل جيدة، وذلك بالامتثال لتعليمات الشركة الصانعة، والتشريعات السارية، وإتاحتها للتفتيش من قبل الوزارة”.
وأن البند (٤.٢٨) من العقد ذاته ينص على أنه: “يكون المقاول مسؤولا عن التنظيف اليومي للمعدات، ويكون مسؤولا عن دفع تكلفة أي بديل ضروري للوزارة نتيجة فقدان أو ضرر ناجم عن عمد أو إهمال من قبل موظفي المقاول”.
وأن البند (٦.٢٨) من العقد ذاته ينص على أنه: “يجب إصلاح أي عيوب في المعدات اكتشفها مهندس المستشفى، ولم يتم الإبلاغ عنها، وتسجيلها، على نفقة المقاول، يكون المقاول مسؤولا عن الدفع إلى الوزارة التكاليف المترتبة عن أي بديل ضروري نتيجة لفقد أو تلف ناجم عن عمد أو إهمال من قبل موظفي المقاول”.
ومفاد ما تقدم أنه انطلاقا من كون العقد محل الواقعة المعروضة هو عقد تبادلي ينشئ بين طرفيه التزامات متقابلة حسبما يتم الاتفاق عليه، فقد اتجهت إرادة الأطراف إلى إلزام الشركة المعروضة حالتها بتوفير المعدات الخفيفة اللازمة لتقديم الغذاء المدرجة في الملحق (١٠) – الجزء (٤) من العقد المشار إليها، فضلا عن تنظيفها، وصيانتها، وفي المقابل تقوم وزارة……….. بتجهيز مطبخ – متكامل من خلال المعدات المنصوص عليها في الملحق (١٥) – الجزء (٤)، وإعداد قائمة بهذه المعدات تتضمن وصف حالتها، مع إرفاق صور فوتوغرافية لها إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك، وإجراء الصيانة اللازمة لها قبل تسليمها للشركة، على أن تلتزم الشركة بعد تسلمها هذه المعدات بتنظيفها، والمحافظة عليها في حالة عمل جيدة، واستخدامها في حدود الاستهلاك المعقول، بحيث إذا لحق بهذه المعدات أي ضرر، أو تلف نتيجة الاستخدام غير المعقول للشركة، أو بسبب إهمال، أو تعمد من قبل موظفيها، تكون الشركة مسؤولة عن إصلاح هذا التلف، أو الضرر.
وحيث إنه، ولما كان ما تقدم، وكان من المقرر قانونا أنه بتلاقي إرادتي طرفي العقد يصبح مضمونه ملزما لكل منهما، وهو ما يعبر عنه بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه، ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذ العقد طبقا لما اشتملت عليه نصوصه، وتضمنته أحكامه، وبطريقة تتفق مع حسن النية أصل عام من أصول القانون، وهذا الأصل يطبق في العقود الإدارية والعقود المدنية سواء بسواء، وأنه إذا كانت عبارات العقد واضحة في دلالتها على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين، فلا يعدل عنها بحجة تفسيرها للتعرف على هذه الإرادة، أما إذا كان في عبارة العقد غموض فيجب تفسيرها للبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، ويستهدى في ذلك بطبيعة التعامل، وبالعرف الجاري، وبما ينبغي أن يسود من أمانة، وثقة بين المتعاقدين.
وحيث إنه، ولما كان ثم اختلاف بين مصطلح “الصيانة” “maintenance”، ومصطلح “الإصلاح” “repair”، حيث إن الصيانة هي عبارة عن مجموعة من العمليات، والإجراءات التي يتم اتخاذها للمحافظة على أداء المعدات، وضمان استمرارها في حالة تشغيل، وتنقسم إلى صيانة وقائية: وتهدف إلى المحافظة على المعدات في ظروف جيدة للتشغيل، وتجنب الأعطال، والخلل المفاجئ من خلال معالجة أي قصور قبل أن يبلغ حد التعطل، وصيانة تصحيحية: وتهدف إلى معالجة الخطأ وإصلاح العطل، أو التلف الذي أصاب المعدات، أما الإصلاح فهو إجراء يتم اتخاذ بعد حدوث العطل، أو التلف الذي أصاب المعدات، ويهدف إلى إصلاحه بما يضمن إعادة تشغيل المعدات بصورة جيدة، ومؤدى ذلك أن “الصيانة” قد تشمل “الإصلاح”، والعكس غير صحيح، فليس كل إصلاح صيانة، باعتبار أن “الصيانة الوقائية” لا تحمل معنى “الإصلاح”.
وحيث إنه، ولما كان البين أن المعدات محل طلب الرأي التي تتمثل في غسالة الأواني، والغلاية المزدوجة الخاصة بالمرضى، والغلاية المزدوجة الخاصة بالمقصف، وصانعة التشباتي تقع ضمن المعدات المنصوص عليها في الملحق (١٥) الجزء (٤) من العقد المشار إليه، والتي تلتزم وزارة………. بتوفيرها عملا بحكم البند (١.٢٨) من العقد، ولما كان الثابت في بنود العقد المشار إليه أن ثمة مغايرة في المصطلحات المستخدمة لتحديد التزام الشركة إزاء المعدات التي تلتزم بتوفيرها تطبيقا لحكم البند (١.١٨) من العقد، وتلك التي توفرها وزارة……….. عملا بحكم البند (١.٢٨) من العقد، حيث تم استخدام مصطلح “الصيانة” في الالتزام الأول، في حين تم استخدام مصطلح “الإصلاح” في الالتزام الثاني، والقاعدة أن “المغايرة في اللفظ تتبعه المغايرة في المعنى والحكم”، بما مؤداه أن الالتزام الواقع على الشركة بالنسبة للمعدات التي تلتزم وزارة……… بتوفيرها يقتصر على “الإصلاح”فقط دون “الصيانة” بمعناها الشامل.
وحيث إنه، ومتى كان ما تقدم، وكان البين أن إرادة طرفي العقد المشار إليه قد اتجهت صراحة، وبعبارات واضحة لا لبس فيها أو غموض إلى تحديد الالتزامات المتبادلة بينهما في شأن المعدات التي تلتزم وزارة………. بتوفيرها عملا بحكم البند (١.٢٨) من العقد، إذ تضمن هذا العقد التزام الوزارة بتوفير هذه المعدات، وتسليمها إلى الشركة بحالة جيدة، وفي المقابل تلتزم الشركة بعد تسلمها هذه المعدات بالمحافظة عليها، وتنظيفها، وإتاحتها للتفتيش من قبل الوزارة، كما تلتزم بإصلاح أي تلف يلحق بها، وتوفير البدائل عنها في حالتين فقط، وهما: التلف الذي تعدى الاستهلاك المعقول، والضرر الناجم عن عمد، أو إهمال من قبل موظفي الشركة، ومؤدى ما تقدم، أنه بخلاف هاتين الحالتين فلا تكون الشركة ملزمة بإجراء الإصلاح اللازم للمعدات، أو صيانتها، بحيث يقع هذا الالتزام على وزارة الصحة، باعتبار أنها المالكة للمعدات محل طلب الرأي، وملتزمة بتوفيرها، وصيانتها، وإصلاحها، وتوفير البدائل عنها، ما لم يكن العيب، أو الخلل ناتجا عن الاستخدام السيء للشركة، أو بسبب إهمال، أو تعمد من قبل موظفيها.
لذلك، انتهى الرأي إلى عدم التزام شركة…………… بإجراء الصيانة اللازمة للمعدات المشار إليها، وتوفير البدائل عنها، ما لم يكن العيب، أو الخلل ناتجا عن الاستخدام السيء للشركة، أو بسبب إهمال، أو تعمد من قبل موظفيها، الأمر الذي على وزارة…………. التثبت منه تثبتا يقينيا، لإلزام الشركة المذكورة بتوفير البدائل عن هذه المعدات، وذلك على النحو المبين في الأسباب.