(١٢)
٦ / ٥ / ٢٠٢٠م
إصابة عمل – وجوب توافر العلاقة السببية بين الإصابة والوظيفة.
حدد المشرع المقصود بإصابة العمل، واعتبر الإصابة التي يعوض عنها الموظف هي التي تكون نتيجة حادث وقع له في أثناء قيامه بعمل من أعمال وظيفته، أو نتيجة حادث وقع له، وهو لا يؤدي أعمال وظيفته، ولكن الوظيفة تكون هي السبب بحيث تتوفر علاقة السببية بين الحادث، والوظيفة، أي أن الإصابة نتيجة حادث لا تعتبر – كقاعدة عامة – إصابة عمل إلا إذا وقع الحادث أثناء تأدية العمل، أو بسببه، ويعتبر في حكم ذلك الإصابة الناتجة عن الحادث الذي يقع للموظف خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله، أو عودته منه – انتفاء العلاقة السببية بين الحادث، وبين مقتضيات الوظيفة، لا تعد إصابة عمل – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:…………… هـ، الموافق………….م بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى اعتبار إصابة الموظفة / ………… إصابة عمل، ومدى أحقيتها للتعويض في حال اعتبارها كذلك.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أن المعروضة حالتها تشغل وظيفة معلمة في مدرسة…………. للتعليم الأساسي في المديرية العامة للتربية والتعليم في محافظة…………..، وأنها، وبمعية (٧) سبع من المعلمات والإداريات، وبعد حصولهن على الإذن من مديرة المدرسة، قمن بتاريخ………….م بزيارة لأحد الطلاب لمساندته نفسيا بسبب تدني مستواه التحصيلي بعد مرض والده، وأنه في أثناء وجودهن خارج المدرسة وقع لهن حادث تصادم مروري تسببت فيه المعروضة حالتها لقيامها بالتجاوز أمام إحدى المركبات القادمة من الاتجاه المعاكس، وقد نتج عن الحادث إصابات تتراوح بين الخفيفة، والمتوسطة، ومنها إصابة المعروضة حالتها في يدها، وقد قدرت نسبة العجز لديها ب (٤٠٪) أربعين بالمائة وفقا لتقرير اللجنة الطبية في مستشفى…………….المرجعي الصادر بتاريخ………… م.
وتذكرون أن الدائرة القانونية في وزارتكم الموقرة انتهت بتاريخ………م إلى عدم اعتبار إصابة المعروضة حالتها إصابة عمل، وعدم أحقيتها في التعويض، باعتبار أنه، ولئن كان الهدف من الزيارة التي قامت بها المعروضة حالتها مع زميلاتها هو مساندة أحد الطلاب بسبب تدني مستواه إلا أن سبب الزيارة يبقى شخصيا، ولا صلة له بالعمل، ولاسيما أن مديرة المدرسة أكدت أن هذه الزيارة كانت بناء على طلب منهن للخروج، هذا إلى جانب أن نصوص لائحة شؤون الطلبة وردت خلوا من نص يسمح بهذه الزيارات عند انقطاع الطالب عن الدراسة، حيث إن المعمول به أن لجنة شؤون الطلاب في المدرسة تقوم بتكليف أحد أعضاء مجلس الآباء / الأمهات لزيارة الطالب، وولي أمره لحثه على عودته إلى الانتظام في الدراسة، فضلا عن أن الثابت من تقرير شرطة عمان السلطانية أن سبب الحادث الذي وقع للمعروضة حالتها يعزى إلى مخالفتها للقواعد المرورية، وذلك بالتجاوز دون الانتباه إلى السيارات القادمة من الاتجاه المعاكس.
وتشيرون إلى أن المعروضة حالتها قد تظلمت من قرار عدم اعتبار إصابتها في يدها إصابة عمل، لما كان لهذه الإصابة من أثر نفسي عليها، علاوة على ما تكبدته من مصاريف للعلاج داخل سلطنة عمان، وخارجها، بيد أن الدائرة القانونية في وزارتكم الموقرة أبدت رأيها مجددا بعدم استحقاق المعروضة حالتها للتعويض.
وتذكرون أن المعروضة حالتها سبق لها أن تقدمت بطلب إلى وزارة الخدمة المدنية لتعويضها عن إصابة العمل، والتي أفادت بأن ما حدث للمعروضة حالتها يعتبر في حكم إصابة عمل وفقا للمادة (٩٠ / أ) من قانون الخدمة المدنية، وأنها تستحق التعويض عن هذه الإصابة بناء على حكم المادة (١٢١ / ب) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، مستندة في ذلك إلى أن كل حادث يقع للموظف خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله، أو عودته منه يعتبر في حكم إصابة العمل، ومن ثم فإن خروج الموظف من مقر العمل قبل نهاية العمل الرسمي وفقا لاستئذان – أي وفقا لما هو معمول به من أنظمة داخلية خاصة بالوحدة تتعلق بتنظيم خروج الموظف، وهو على رأس عمله -، لا يعتبر خروجا عن مقتضى حكم المادة (٩٠) المشار إليها، كما أنه لا يتعارض مع حكم البند (أ) من المادة ذاتها، مما ينشأ علاقة سببية مرتبطة بذهابه وعودته إلى العمل بالمفهوم الواسع، بما مؤداه أن المشرع قد قصد بالذهاب إلى العمل والعودة منه بالمفهوم الواسع، وليس بالمفهوم الضيق.
وإزاء هذا التباين فإنكم تستطلعون الرأي القانوني حول مدى اعتبار إصابة المعروضة حالتها إصابة عمل، ومدى أحقيتها في التعويض في حال اعتبارها كذلك.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٩٠) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ والمعدلة بالمرسوم السلطاني رقم ١٠٦ / ٢٠١٠ تنص على أنه: “في تطبيق أحكام إصابات العمل يقصد بـ:
١ – إصابة العمل:
الإصابة بأحد الأمراض المهنية التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس بالاتفاق مع وزارة الصحة أو بأحد الأمراض المزمنة والمستعصية في الحالات التي تقررها الجهة الطبية المختصة متى كانت بسبب العمل، أو الإصابة نتيجة حادث يقع للموظف أثناء تأديته لعمله، أو بسببه.
ويعتبر في حكم إصابة العمل:
أ – كل حادث يقع للموظف خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله، أو عودته منه.
….”.
وتنص المادة (١) من لائحة شؤون الطلبة بالمدارس العامة الصادرة بالقرار الوزاري رقم ١٠٥ / ٢٠١٢ – والتي تحكم الواقعة محل طلب الرأي باعتبارها قد تمت في ظل العمل بها – على أنه: “في تطبيق أحكام هذه اللائحة يكون للكلمات والعبارات التالية المعنى الموضح قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:
…
٥ – مجلس الإدارة: مجلس إدارة المدرسة العامة المشكل برئاسة مدير المدرسة، وعضوية عدد من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من شاغلي الوظائف الأخرى بالمدرسة، وفقا للقرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن.
…
١٦ – الانتظام الدراسي: استمرار الطالب في الدراسة من بداية اليوم الدراسي حتى نهايته خلال العام الدراسي.
…
٢١ – دراسة الحالة: أسلوب إرشادي يقوم على أسس وضوابط علمية يتبعه الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة العامة حيال الطلاب متكرري التأخر أو الغياب وأصحاب المشكلات السلوكية وغيرهم ممن تستدعي حالاتهم تلك الدراسة.
…”.
وتنص المادة (٢) من اللائحة ذاتها على أنه: “يختص مجلس الإدارة في مجال الانتظام والانضباط الطلابي بالآتي:
…
هـ – متابعة حالات تأخر الطلبة، وغيابهم، واتخاذ اللازم لمعالجتها.
و – …
ز – متابعة حالات الطلبة المنقطعين عن الدراسة، واتخاذ اللازم لمعالجتها.
ح – مناقشة تقارير دراسة الحالة، واتخاذ القرار المناسب بشأنها.
…”.
والمستفاد مما تقدم، أن المشرع قد حدد المقصود بإصابة العمل، واعتبر الإصابة الناتجة عن حادث يقع للموظف في أثناء تأديته لعمله، أو بسببه إصابة عمل يستحق الموظف عندها التعويض، فإصابة العمل التي يعوض عنها الموظف قد تكون نتيجة حادث وقع له في أثناء قيامه بعمل من أعمال وظيفته، وقد تكون نتيجة حادث وقع له، وهو لا يؤدي أعمال وظيفته، ولكن الوظيفة تكون هي السبب بحيث تتوفر علاقة السببية بين الحادث، والوظيفة، أي أن الإصابة نتيجة حادث لا تعتبر – كقاعدة عامة – إصابة عمل إلا إذا وقع الحادث أثناء تأدية العمل، أو بسببه، ويعتبر في حكم ذلك الإصابة الناتجة عن الحادث الذي يقع للموظف خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله، أو عودته منه.
وحيث إن لائحة شؤون الطلبة بالمدارس العامة قد رسمت الطريق الواجب اتباعه في حال ثبوت تأخر أو غياب الطالب، أو مروره بأي مشكلة تقتضي التدخل في سبيل معالجتها، ومن ذلك ما عهدته من اختصاص إلى مجلس إدارة المدرسة المشكل برئاسة مدير المدرسة، وعضوية عدد من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من شاغلي الوظائف الأخرى في المدرسة بمتابعة حالات تأخر أو غياب أو انقطاع الطالب، إلى جانب دراسة الحالات الأخرى التي تقتضي تدخل إدارة المدرسة لاتخاذ اللازم في شأنها.
وبتطبيق ما تقدم على الحالة الماثلة، ولما كان الثابت من الأوراق أن المعروضة حالتها، وعند خروجها من المدرسة لزيارة أحد الطلاب لمساندته نفسيا بسبب تدني مستواه التحصيلي بعد مرض والده، وقع لها حادث نتج عنه إصابة في يدها، وكان الثابت أن سبب هذه الزيارة لا يعزى إلى تكليف مجلس إدارة المدرسة لها هي وزميلاتها على النحو الذي بينته لائحة شؤون الطلبة في المدارس العامة المشار إليها، وإنما تم بناء على طلب شخصي منهن، وعليه، فتنتفي العلاقة السببية بين الحادث، وبين مقتضيات الوظيفة، ومن ثم فإن الإصابة الناتجة عن الحادث الذي وقع للمعروضة حالتها لا تعد إصابة عمل، لأن الحادث لم يقع في أثناء تأدية العمل، أو بسببه.
لذلك انتهى الرأي، إلى عدم اعتبار إصابة الموظفة / ………..، إصابة عمل، ولا تستحق التعويض عنها، حسبما هو مبين بالأسباب.