١ – حكم قضائي – حجية الأحكام القضائية.
أعلى النظام الأساسي للدولة من شأن الأحكام القضائية، وأنزلها منزلة رفيعة، فجعلها تصدر وتنفذ باسم جلالة السلطان – حفظه الله ورعاه – واعتبر الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون – أثر ذلك – منح المشرع للأحكام القضائية القطعية حجة لا تقبل الدحض بأي دليل، ولا تتزحزح عما فصلت فيه من حقوق في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم، وبالنسبة إلى هذه الحقوق ذاتها محلا وسببا.
٢ – قرار إداري – الحكم بعدم صحة القرار الإداري – مؤداه – إعادة الحال على ما كان عليه.
المستقر عليه أن الحكم بعدم صحة القرار الإداري يؤدي إلى إعدام القرار بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره، وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه – أثر ذلك – أن يعاد الحال إلى ما كان عليه، وكأن القرار المقضي بعدم صحته لم يصدر أصلا، ويتعين على جهة الإدارة المحكوم ضدها عند تنفيذ هذا الحكم أن تزيل هذا القرار، وجميع ما يترتب عليه من آثار بأثر رجعي من تاريخ صدوره حتى تاريخ الحكم بعدم صحته – مؤدى ذلك – تطبيق.
٣ – موظف – استقالة – الحكم بعدم صحة قرار قبول الاستقالة – مدى أحقية الموظف في الرواتب والترقية المالية والعلاوة الدورية خلال الفترة التي كان فيها في حكم المقال من العمل.
الأصل المستقر عليه أن الحكم بعدم صحة قرار استقالة الموظف يؤدي إلى إعدام القرار بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره، وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه – مؤدى ذلك – اعتبار مدة خدمة الموظف الصادر لصالحه هذا الحكم متصلة لم يطرأ عليها أي انقطاع، وأن الرابطة الوظيفية قائمة ومنتجة لكافة آثارها القانونية – الرواتب التي حرم منها الموظف إبان فترة إبعاده من الوظيفة وقبل عودته إليها لا تستحق تلقائيا بمجرد صدور حكم بعدم صحة هذا القرار – أساس ذلك – تطبيق القاعدة الأصولية التي تقضي بأن الأجر مقابل العمل – تدخل الفترة التي يكون فيها الموظف في حكم المقال من العمل ضمن المدة اللازمة لاستحقاق العلاوة الدورية، والنظر في ترقيته المالية – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:……………. المؤرخ في…………… هـ، الموافق……………….م، في شأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى استحقاق الفاضلة / ………………………..، الترقية المالية، والرواتب، والعلاوة الدورية خلال الفترة التي كانت فيها في حكم المقالة من العمل.
وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أن المعروضة حالتها كانت تشغل وظيفة…………….. في وزارة…………….. بالدرجة المالية الثانية عشرة من جدول الدرجات والرواتب الموحد للموظفين العمانيين المدنيين بالدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧٨ / ٢٠١٣، وبتاريخ ٢٩ من مارس ٢٠١٨م تقدمت بطلب استقالتها من العمل في هذه الوزارة اعتبارا من ١ / ٨ / ٢٠١٨م، والتي تمت الموافقة عليها بتاريخ ١٧ / ٤ / ٢٠١٨م، وبناء على هذه الموافقة صدر القرار رقم (٣٤١) بتاريخ ١٧ / ٥ / ٢٠١٨م بقبول استقالة المعروضة حالتها اعتبارا من ١ / ٨ / ٢٠١٨م.
وبتاريخ ١٤ من أغسطس ٢٠١٨م، أقامت المعروضة حالتها الدعوى رقم ……… أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة……………….. بطلب وقف تنفيذ القرار رقم (٣٤١) المشار إليه بصفة مستعجلة، وفي الموضوع: القضاء بعدم صحة هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتعويضها عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابتها، على سند من القول بأنها عدلت عن طلب الاستقالة بتاريخ ٢٣ / ٤ / ٢٠١٨م وقبل صدور القرار بقبول استقالتها، وبجلسة ٢٨ / ١٠ / ٢٠١٨م صدر حكم برفض الدعوى، وتم استئناف هذا الحكم بموجب الاستئناف رقم ……………….، وبجلسة ٢٢ / ١ / ٢٠١٩م صدر الحكم بتعديل الحكم المستأنف إلى عدم قبول الطلب الأول، لانتفاء القرار الإداري، وبتأييده فيما قضى به في شأن الطلب الثاني، وحيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى المعروضة حالتها، فطعنت فيه بطريق التماس إعادة النظر قيد برقم ……….. لسنة …..، والذي صدر فيه حكم بجلسة ١٢ / ١ / ٢٠٢١م بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا بعدم صحة القرار المطعون فيه؛ استنادا إلى ما قرره الحاضر عن وزارة………….. بأن هذه الوزارة قد أخطأت في استخدام سلطتها التقديرية التي منحها لها القانون حينما لم توافق على الطلب المقدم من المعروضة حالتها بالعدول عن الاستقالة، وتمسكت برأيها بناء على وقائع تبين لاحقا أنها ليست صحيحة.
وتنفيذا للحكم المشار إليه، صدر القرار الوزاري رقم (……………..) بتاريخ ٨ / ١٢ / ٢٠٢١م بسحب قرار قبول استقالة المعروضة حالتها، وإعادتها للعمل، واعتباره كأن لم يكن، وعدم استحقاقها الرواتب والبدلات عن الفترة من ١ / ٨ / ٢٠١٨م حتى صدور هذا القرار، مع استرداد كافة المبالغ المصروفة لها، وإعادتها إلى الوزارة.
وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني – وفقا للتكييف القانوني السليم – حول مدى استحقاق المعروضة حالتها رواتبها في أثناء فترة إنهاء خدمتها للاستقالة من ١ / ٨ / ٢٠١٨م حتى عودتها للعمل، ومدى جواز حساب هذه الفترة ضمن المدة اللازمة لاستحقاق العلاوة الدورية، والنظر في ترقيتها المالية.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٨١) من النظام الأساسي للدولة تنص على أنه: “تصدر الأحكام وتنفذ باسم السلطان، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة”.
وتنص المادة (٥٥) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨ على أنه: “الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.
ومفاد ما تقدم، أن النظام الأساسي للدولة قد أعلى من شأن الأحكام القضائية، وأنزلها منزلة رفيعة؛ باعتبارها عنوانا للحقيقة، ولسيادة القانون، فجعلها تصدر وتنفذ باسم جلالة السلطان – حفظه الله ورعاه – واعتبر الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، واتساقا مع ذلك، فقد منح المشرع للأحكام القضائية القطعية حجة لا تقبل الدحض بأي دليل، ولا تتزحزح عما فصلت فيه من حقوق في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم، وبالنسبة إلى هذه الحقوق ذاتها محلا وسببا.
ولما كان ما تقدم، وكان الأصل المستقر عليه أن الحكم بعدم صحة القرار الإداري يؤدي إلى إعدام القرار بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره، وإلغاء جميع الآثار المترتبة عليه؛ ومن ثم فإن النتيجة الطبيعية التي تترتب على صدور الحكم بعدم صحة القرار أن يعاد الحال إلى ما كان عليه، وكأن القرار المقضي بعدم صحته لم يصدر أصلا، ويتعين على جهة الإدارة المحكوم ضدها عند تنفيذ هذا الحكم أن تزيل هذا القرار، وجميع ما يترتب عليه من آثار بأثر رجعي من تاريخ صدوره حتى تاريخ الحكم بعدم صحته، بما يؤدي إلى اعتبار مدة خدمة الموظف الصادر لصالحه هذا الحكم متصلة لم يطرأ عليها أي انقطاع، وأن الرابطة الوظيفية قائمة ومنتجة لكافة آثارها القانونية.
ولما كان من المقرر أن الرواتب التي حرم منها الموظف إبان فترة إبعاده من الوظيفة – تنفيذا للقرار الصادر بذلك – وقبل عودته إليها لا تستحق تلقائيا بمجرد صدور حكم بعدم صحة هذا القرار؛ باعتبار أن الموظف المبعد لم يؤد عملا يستحق عنه أجرا، وذلك تطبيقا للقاعدة الأصولية التي تقضي بأن الأجر مقابل العمل، وأن قصارى ما يمكن المطالبة به هو التعويض عن هذا القرار وفقا للقواعد المقررة في هذا الشأن، وهو ما يختص به القضاء.
وتطبيقا لما تقدم، ولما كانت الثابت من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قد قضت في التماس إعادة النظر رقم ……… لسنة ….. بعدم صحة قرار قبول استقالة المعروضة حالتها، وتنفيذا لهذا الحكم صدر القرار الوزاري رقم (وت أ / ٩٥٦) المشار إليه بسحب هذا القرار، وإعادتها إلى العمل، واعتباره كأن لم يكن، وهو ما من شأنه اعتبار مدة خدمة المعروضة حالتها متصلة، وتدخل – تبعا لذلك – في حساب المدة اللازمة للنظر في ترقيتها واستحقاقها العلاوة الدورية، ولما كان الأصل السالف بيانه أن الرواتب التي حرم منها الموظف خلال فترة إبعاده عن العمل، وقبل عودته إليه لا تستحق تلقائيا بمجرد الحكم بعدم صحة القرار الصادر بإنهاء خدمته أو بقبول استقالته، تطبيقا لقاعدة: “الأجر مقابل العمل”، وأن قصارى ما يمكن المطالبة به التعويض عن هذا القرار وفقا للقواعد المقررة في هذا الشأن؛ ومن ثم فلا تستحق المعروضة حالتها رواتبها في أثناء فترة إنهاء خدمتها للاستقالة من ١ / ٨ / ٢٠١٨م حتى عودتها للعمل؛ لعدم تأديتها عملا خلال هذه الفترة.
لذلك؛ انتهى الرأي إلى عدم استحقاق المعروضة حالتها رواتبها في أثناء فترة إنهاء خدمتها للاستقالة من ١ / ٨ / ٢٠١٨م حتى عودتها للعمل، وحساب هذه الفترة ضمن المدة اللازمة لاستحقاق العلاوة الدورية، والنظر في ترقيتها المالية، وذلك على النحو المبين بالأسباب.