معاش – حظر صرف أكثر من معاش – الفرق بين استحقاق المعاش وصرفه.
حظر المشرع الجمع بين الراتب والمعاش التقاعدي أو صرف أكثر من معاش من الخزانة العامة، وإذا استحق أكثر من معاش طبقا لأحكام أي قانون آخر صرف الأكبر – أن المحظور وفقا لقوانين التقاعد المختلفة هو صرف وليس استحقاق معاشين – مؤدى ذلك – إن استحقاق المعاشين لا يمنح الحق في صرفهما جميعا، وإنما يقتصر على صرف المعاش الأكبر وهو ما يحقق الحكمة التي بني عليها نظام المعاشات من وجوب الحفاظ على مورد ثابت للموظف الذي انتهت خدمته أو ورثته متى توافر مناط الاستحقاق بشأنه – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:…………. المؤرخ في…………….ه، الموافق……………..م، بشأن الإفادة بالرأي القانوني حول مدى التزام صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية بصرف المعاش التقاعدي لورثة المرحوم بإذن الله / …………………..، عن مدة خدمته في وزارة……………… بالجمع مع المعاش الذي يصرف من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أن مورث المعروضة حالاتهم كان يتقاضى معاشا تقاعديا عن عجزه غير المهني مقداره (٢٠٢,٥٠٠ ر.ع) مائتان وريالان عمانيان اثنان وخمسمائة بيسة عن مدة خدمته في القطاع الخاص خلال الفترة من ١٠ / ١٢ / ٢٠٠٦م حتى تاريخ ٢٨ / ٧ / ٢٠١٠م، علما بأن الهيئة استمرت في صرف معاشه كاملا لأرملته، ولم يبلغ هذا المعاش الحد الأقصى (٨٠٪) من الأجر الخاضع للاشتراك. وبتاريخ ١ / ٤ / ٢٠١٤م تم تعيينه في وزارة …….، ولم يتقدم بطلب ضم خدمته السابقة في القطاع الخاص، وانتهت خدمته بوفاته بتاريخ ١٠ / ١ / ٢٠٢٢م، مما أثار التساؤل لدى الصندوق عن مدى أحقية ورثة المرحوم – بإذن الله – في صرف معاش تقاعدي عن مدة خدمة المذكور في وزارة……………. بالجمع مع المعاش الذي يصرف لهم من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وإزاء ذلك، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع.
وردا على ذلك، نفيد بأنه من مستلزمات إنزال صحيح حكم القانون على الوقائع المعروضة إسباغ الوصف القانوني السليم عليها؛ ومن ثم تكييف طلب الرأي في ضوء ذلك، وهو ما تملكه وزارة العدل والشؤون القانونية في إطار ممارستها اختصاصها الإفتائي، وبناء على ذلك، فإن حقيقة طلب الرأي وفقا للتكييف القانوني السليم للوقائع تدور حول مدى جواز صرف أكثر من معاش في الوقت ذاته للمعروضة حالاتهم.
وردا على ذلك، نفيد بأن المادة (٣٠) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٧٢ / ٩١ تنص على أنه: “في حالة تعيين أحد الأشخاص العاملين بقانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الحكومة العمانيين بالقطاع الخاص، وخضوعه لأحكام هذا القانون أو العكس يلتزم كل من صندوق المعاشات والمكافآت والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بتحويل حصيلة الاشتراك التي اقتطعت من مرتبه وحصة الحكومة التي أديت لحسابه أو حصيلة حصة العامل في اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة وحصة صاحب العمل وحصة الخزانة العامة التي أديت لحساب المؤمن عليه إلى الجهة التي يعامل بقانونها، وتطبق في هذه الحالة أحكام قانون الجهة المحولة إليها الحصيلة مع ضم المدتين السابقة واللاحقة إذا لم يكن قد صرف مستحقاته وفقا للنظام الذي كان يخضع له، ويبدأ باستقطاع نسبة الاشتراك من تاريخ تعيينه. أما إذا كان قد تم صرف مستحقاته فإنه يشترط لضم مدة خدمته السابقة أن يقدم طلبا بذلك خلال ستة أشهر من تاريخ تعيينه وأن يقوم برد مكافأة نهاية الخدمة التي صرفت له. وإذا كان الشخص قد بلغ معاشه عند التعيين الحد الأقصى المنصوص عليه في القانون الذي كان معاملا به فلا تحول الحصيلة، ويستحق عن المدة الجديدة مكافأة نهاية الخدمة متى استوفى الشروط اللازمة لذلك”.
وتنص المادة (٥٤) من القانون ذاته على أنه: “لا يجوز صرف أكثر من معاش واحد من الهيئة طبقا لأحكام هذا القانون وإذا استحق أكثر من معاش صرف الأكبر قيمة. واستثناء من حكم الفقرة السابقة يجمع الأولاد والبنات بين المعاشين المستحقين عن والديهم. كما تجمع الأرملة بين معاشها عن زوجها وبين معاشها بصفتها مستفيدة بأحكام هذا القانون، كما تجمع بين معاشها عن زوجها وبين دخلها الناتج عن عملها”.
وتنص المادة (٤) من قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الحكومة العمانيين الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٦ / ٨٦ على أنه: “لا يجوز الجمع بين الراتب والمعاش، كما لا يجوز صرف أكثر من معاش واحد من الخزانة العامة، سواء كان المعاش مستحقا طبقا لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر، وإذا استحق أكثر من معاش صرف الأكبر”.
ومفاد ما تقدم، أن المشرع نظم قواعد ضم مدة خدمة العامل في القطاع الخاص أو العكس، حيث اشترط لضم مدة خدمة العامل بالقطاع الخاص ضمن مدة خدمته بالحكومة عند حساب المعاش أو المكافأة، تقديم طلب بذلك خلال ستة أشهر إذا كان قد صرفت له مستحقاته وفقا للنظام الذي كان خاضعا له، وأن يقوم برد مكافأة نهاية الخدمة التي صرفت له، فإذا لم يتقدم العامل بطلب ضم مدة خدمته في الحكومة إلى مدة خدمته بالقطاع الخاص خلال الأجل المشار إليه، فإن حقه في طلب ضم تلك المدة والتي قضاها في القطاع الحكومي إلى مدة خدمته في القطاع الخاص يكون قد سقط ولو أعيد تعيينه بعد ذلك في إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة.
كما حظر المشرع الجمع بين الراتب والمعاش التقاعدي أو صرف أكثر من معاش من الخزانة العامة، وإذا استحق أكثر من معاش طبقا لأحكام قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الحكومة العمانيين أو أي قانون آخر صرف الأكبر، وأنه بموجب قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه حظر صرف أكثر من معاش واحد من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وإذا استحق أكثر من معاش صرف الأكبر قيمة، واستثناء من ذلك أجاز للأولاد أو البنات الجمع بين المعاشين المستحقين عن والديهم، وأجاز للأرملة الجمع بين المعاش المستحق عن زوجها والمعاش المستحق لها بصفتها مستفيدة بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، كما تجمع بين معاشها عن زوجها وبين دخلها الناتج عن عملها.
وحيث إن المستقر عليه أن الموظف أو العامل تظله مظلة تأمينية واحدة طوال حياته الوظيفية أو المهنية، وأن تلك المظلة قد تتجسد في نظام قانوني تأميني واحد يطبق على العامل أو الموظف عند انتهاء خدمته، أو في عدة أنظمة قانونية تأمينية يمر عليها بالتتابع طوال مدة حياته الوظيفية؛ ويكون ذلك بتغيير العامل جهة العمل وما قد يستتبعه ذلك – في بعض الأحيان – من تغيير في النظام التأميني الخاضع له؛ وفي تلك الحالة الأخيرة قد يثور التساؤل عن
النظام التأميني الواجب التطبيق عند انتهاء خدمته، وتختلف الإجابة عن هذا التساؤل باختلاف الفروض الواقعية على النحو التالي، فالأصل هو تطبيق النظام التأميني الأخير على كامل مدة الاشتراك متى ضمت مدد الاشتراك المتعاقبة في النظم التأمينية إلى المدة الأخيرة، وحولت الاشتراكات والمساهمات الخاصة بها للصندوق المعني بتطبيق النظام الأخير، ومن ثم تسوى المستحقات التقاعدية للعامل على هذا الأساس، أما في حال ما إذا كانت للعامل مدد اشتراك متعددة ومتتابعة تخضع كل منها لنظام تأميني مختلف لم يتم ضمها إلى بعضها البعض على النحو المبين في قوانين التأمينات الاجتماعية أو معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة ؛ فيطبق على كل منها – على استقلال – النظام التأميني الخاص بها، وتسوى مستحقاته التقاعدية عن كل فترة وفقا للنظام القانوني الخاضعة له.
وجدير بالذكر أن المحظور وفقا لقوانين التقاعد المختلفة هو صرف – وليس استحقاق – معاشين، ومن ثم فإنه من المتصور استحقاق شخص معاشين وفق نظامين تأمينيين مختلفين، والحالة الأبرز لذلك وفقا لقوانين التقاعد المختلفة، هي حالة الزوج المستحق لمعاش عن نفسه بالإضافة إلى معاش عن زوجه، واستحقاق الأبناء معاشين على الوالدين، وقد بين القانون حكم هذه الحالة، وهو صرف المعاش الأكبر فقط.
وحيث إنه بناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن مورث المعروضة حالاتهم قد عمل في القطاع الخاص خلال الفترة من ١٠ / ١٢ / ٢٠٠٦ م إلى ٢٨ / ٧ / ٢٠١٠م وانتهت خدمته بسبب العجز غير المهني، واستحق على أساسه معاشا تقاعديا مقداره (٢٠٢,٥٠٠ ر.ع) مائتان وريالان عمانيان اثنان وخمسمائة بيسة وهو الحد الأدنى المقرر قانونا، وتم تعيينه بعد ذلك في وزارة…………….. من تاريخ ١ / ٤ / ٢٠١٤م حتى تاريخ انتهاء خدمته بالوفاة بتاريخ ١٠ / ١ / ٢٠٢٢م، وتحقق بشأن ورثته مناط استحقاق المعاش التقاعدي، وحيث إن الأوراق قد خلت مما يفيد تقدم مورث المعروضة حالاتهم بطلب ضم مدة خدمته السابقة في القطاع الخاص عند تعيينه في وزارة………………، ومن ثم فقد تحقق مناط الاستحقاق للمعاش التقاعدي بموجب قانون التأمينات الاجتماعية، وقانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي الحكومة العمانيين المشار إليهما، غير أن استحقاق المعاشين لا يمنح المعروضة حالاتهم الحق في صرفهما جميعا، وإنما يقتصر حقهم على صرف المعاش الأكبر بالتنسيق بين الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وصندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية؛ وهو ما يحقق الحكمة التي بني عليها نظام المعاشات من وجوب الحفاظ على مورد ثابت للموظف الذي انتهت خدمته أو ورثته متى توفر مناط الاستحقاق بشأنه، وفي حال ثبوت تساوي المعاشين المستحقين للمعروضة حالاتهم عن مورثهم المرحوم بإذن الله / ………………..، مساواة تامة، فإنه انطلاقا من المصلحة المعتبرة تشريعيا للمذكورين في تحديد المعاش الواجب صرفه لهم، يكون للمذكورين حق الاختيار بين المعاشين المستحقين لصرف أحدهما بطلب يقدم إلى الهيئة أو الصندوق الملتزم قانونا بالصرف، وعلى أي من هاتين الجهتين الالتزام بصرف المعاش من تاريخ استحقاقه – دون الإخلال بأحكام التقادم – مع إخطار الجهة الأخرى بالالتزام بعدم صرف المعاش الثاني إعمالا لقاعدة حظر صرف معاشين معا.
لذلك؛ انتهى الرأي إلى أحقية المعروضة حالاتهم في صرف المعاش الأكبر المستحق لهم عن مورثهم المرحوم بإذن الله / ………………..، دون غيره، والتزام الصندوق أو الهيئة المختصة بصرفه لهم من تاريخ استحقاقه، وفي حال تساوي المعاشين المستحقين لهم مساواة تامة، فإنه يحق لهم الاختيار بينهما لصرف أحدهما بطلب يقدم إلى الهيئة أو الصندوق الملتزم قانونا بالصرف، والذي يلتزم بصرفه لهم من تاريخ الاستحقاق، وإخطار الجهة الأخرى بعدم صرف المعاش الآخر من التاريخ ذاته، وذلك على النحو المبين بالأسباب.