التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢٢٢٧٧٢١٣٩

تحميل

(٣٣)
٣٠ / ١٠ / ٢٠٢٢

١ – اختصاص – المنازعات المتعلقة بالوقف – الجهة المختصة في منازعات الوقف.

انطلاقا من اعتبارات المصلحة العامة وإدراكا لما يقتضيه حسن التنظيم الإداري للدولة، من البعد بالمنازعات التي تثور بين وحدات الجهاز الإداري للدولة عن نطاق ولاية القضاء، وعقد الاختصاص بشأنها لجهات أخرى للفصل فيها برأي ملزم؛ باعتبار أن تلك الوحدات تقوم على رعاية مصالح مهمة جديرة بالحماية، والتي قد تتأثر سلبا بطول إجراءات التقاضي، فضلا عن الرغبة في عدم ثقل كاهل القضاء بمنازعات تنشأ بين فرعين يجمعهما أصل واحد وهو الدولة – قرر المشرع استبعاد الدعوى كوسيلة للمطالبة بالحق بين تلك الوحدات، واستبدل بها عرض ما ينشأ بينها من منازعات على وزارة العدل والشؤون القانونية للفصل فيها برأي معتمد، عدا ما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالوقف – مقتضى ذلك – اختصاص مجلس الوزراء في الفصل في المنازعات المتعلقة بالوقف، بحيث لا يكون من الجائز بعد ذلك إعادة طرح ذات النزاع مرة أخرى – تطبيق.

٢ – تفسير – قواعد تفسير النصوص القانونية.

الأصل المقرر في تفسير النصوص القانونية المتعلقة بالولاية والاختصاص أنه يجب التحرز في تفسيرها، والتزام جانب الدقة في ذلك، وأنه متى جاءت عبارة النص واضحة جلية المعنى على حقيقة المراد منها، فلا يكون ثمة محل للبحث عن حكمة التشريع ودواعيه؛ باعتبار ذلك لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه، مما يكون معه المفسر مضطرا في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه، والقصد الذي أملاه – تطبيق.

فبالإشارة إلى الكتاب رقم:………….. المؤرخ في ………….ه، الموافق …………..م، في شأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول تفسيرالمادة (٥) من قانون الأوقاف، والمادة (١٠) من قانون الأراضي اللتين عقدتاالاختصاص لمجلس الوزراء الموقر بحسم أي خلاف ينشأ بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وبين الجهات الحكومية الأخرى فيما يتعلق بالوقف، وعما إذا كان يشمل الخلافات المثارة حول ملكية أراضي الوقف، وتسجيلها، والتي تكون وزارة الإسكان والتخطيط العمراني طرفا فيها أم يقتصر على الخلافات المتصلة بالتشريع والرؤية المنظمة للأوقاف.

وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أنه سبق أن ورد إلى وزارة العدل والشؤون القانونية كتاب وزارة الإسكان – آنذاك – رقم:…………..بتاريخ………….. م، متضمنا طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى جواز تسجيل الأراضي والعقارات الموقوفة باسم المؤسسات الوقفية في ضوء الخلاف المثار بينها وبين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بشأن هذا الموضوع، وردا على ذلك أفادت وزارة العدل والشؤون القانونية بموجب كتابها رقم: ………….بتاريخ………………م بتعذر إبداء الرأي القانوني في الموضوع؛ تأسيسا على ما ورد في المادة (٥) من قانون الأوقاف من إسناد الاختصاص لمجلس الوزراء الموقر بحسم أي خلاف ينشأ بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وأي جهة حكومية أخرى في كل ما يتعلق بالوقف.

وفي ضوء كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر رقم:…………..بتاريخ…………..م المتضمن طلب مرئيات وزارة العدل والشؤون القانونية حول مدى جواز تسجيل الأراضي والعقارات الموقوفة باسم المؤسسات الوقفية، فقد أبانت هذه الوزارة عن رأيها بشأن هذا الموضوع بموجب مذكرتها المرفقة بكتابها رقم:………المؤرخ في………….الموجه إلى معالي الشيخ الأمين العام لمجلس الوزراء الموقر، والذي انتهت فيه إلى ما يأتي: أولا: عدم جواز تغيير البيانات الخاصة بملكية الوقف والمثبتة في السجل العقاري إلا في الأحوال المنصوص عليها في المادة (٥٣) من نظام السجل العقاري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢ / ٩٨، والتي تتمثل في تقديم مستندات موثقة صادرة عمن يملك التصرف في الحقوق الثابتة في السجل، أو صدور حكم أو قرار نهائي من سلطة إدارية ذات اختصاص قضائي. ثانيا: عدم جواز تسجيل الأراضي والعقارات الموقفة باسم المؤسسات الوقفية؛ لانتفاء السبب الموجب للتسجيل، والمتمثل في اكتساب ملكية هذه الأراضي والعقارات بإحدى الطرق المقررة قانونا، وبناء على ذلك قامت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر بمخاطبة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بموجب كتابها رقم: ……………… بتاريخ …………….م، متضمنا إفادتها برأي وزارة العدل والشؤون القانونية، وطلب اتخاذ ما تراه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مناسبا في ضوء ذلك، أو موافاة الأمانة العامة بما تود هذه الوزارة عرضه على مجلس الوزراء الموقر.

وبناء على ذلك، قامت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بعرض موضوع تسجيل الأراضي والعقارات الموقفة باسم المؤسسات الوقفية على القضاء، والذي سبق أن أبدت فيه وزارة العدل والشؤون القانونية رأيها القانوني في شأنه على النحو سالف البيان، حيث قامت برفع دعاوى أمام القضاء ضد وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بطلب تسليم أصل سند ملكية أرض الوقف، وتسجيلها باسم المؤسسة الوقفية، والتي صدرت في شأنها أحكام إما بعدم قبول الدعوى وإما بعدم الاختصاص؛ تأسيسا على ما قررته المادة (١٠) من قانون الأراضي، والمادة (٥) من قانون الأوقاف، من عقد الاختصاص لمجلس الوزراء الموقر بحسم أي خلاف يثار بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني حول ملكية أراضي الوقف، وتسجيلها.

وعلى إثر ذلك، ورد إلى وزارة العدل والشؤون القانونية كتاب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المشار إليه متضمنا أن لدى هذه الوزارة الأخيرة وقف أرض سكنية بمساحة (٢٠٦١) مترا مربعا بمسمى “وقف بني محمد عبيد” في ولاية خصب في محافظة مسندم، وأنه في أثناء تحديث الرسم المساحي لقطعة الأرض المشار إليها تبين قيام المختصين في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني باستقطاع جزء من مساحة الأرض الإجمالية يقدر ب (٣٦٥) مترا مربعا، وبقيام المختصين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمراجعة نظرائهم في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في شأن الاستقطاع المشار إليه؛ أفادوا بأن هذا الاستقطاع قد تم للمصلحة العامة، والتي تتمثل في إنشاء طريق للمنازل المجاورة لوقف بني محمد عبيد، وأنه لسبق النظر في دعاوى مماثلة يكون الوقف طرفا فيها، فقد صدرت الأحكام القضائية بعدم قبول الدعوى، أو بعدم الاختصاص، استنادا إلى المادتين (٥) من قانون الأوقاف و (١٠) من قانون الأراضي.

وفي ضوء ما تقدم، فقد أشكل على المختصين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تفسير المادة (٥) من قانون الأوقاف، والمادة (١٠) من قانون الأراضي، من حيث مدى شمول اختصاص مجلس الوزراء الموقر المنصوص عليه في هاتين المادتين بإثبات وقفية أي أرض، أو الفصل في أي نزاع – مهما كان نوعه – تكون وزارة الأوقاف والشؤون الدينية طرفا فيه، أم أن هذا الاختصاص يقتصر على الخلاف الجذري المتصل بالتشريع والرؤية المنظمة للأوقاف، وليس إلى قضايا التملك التي يكون الفصل فيها لوزارة الإسكان والتخطيط العمراني أو للقضاء وفقا لقانون الأراضي، ويرون أن فهم نصي المادتين المشار إليهما على منحى أن إثبات تملك الأوقاف واستحقاقه لموجباته يكون عبر مجلس الوزراء الموقر تعترضه إشكالات نظرية وعملية؛ فالنظرية في أن إثبات التملك منظم بقانون خاص، وهو قانون الأراضي بما لا يصح معه الاستثناء إلا بقانون أخص منه مفصل لكيفية إثبات المستثنى من قانون الأراضي، وهذا لم يحصل لأراضي الأوقاف، ومن جهة عملية، فإشكاله فيما يمثله من عبء على المجلس الموقر، وهو معني برسم السياسات والرؤى العامة، كما يترتب عليه التأخير في البت في هذه الطلبات.

وإزاء ما تقدم، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.

وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٥١) من النظام الأساسي للدولة تنص على أن: “مجلس الوزراء هو الهيئة المنوط بها تنفيذ السياسات العامة للدولة، ويتولى بوجه خاص الآتي:………… أي اختصاصات أخرى يخوله إياها السلطان، أو تخول له بموجب أحكام القانون”.

وتنص المادة (٨٧) من النظام الأساسي ذاته على أنه: “يحدد القانون اختصاصات الجهة التي تتولى إبداء الرأي القانوني لوحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، وتقوم بصياغة مشروعات القوانين واللوائح والقرارات ومراجعتها (…..)”.

وتنص المادة (١٠) من قانون الأراضي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٥ / ٨٠ على أن: “أي خلاف ينشأ بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة شؤون الأراضي والبلديات حول صحة الوقف أو تسجيله يرفع أمره إلى مجلس الوزراء للفصل فيه بقرار نهائي غير قابل للطعن”.

وتنص المادة (٥) من قانون الأوقاف الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦٥ / ٢٠٠٠ على أنه: “إذا نشأ خلاف بين الوزارة وغيرها من الجهات الحكومية فيما يتعلق بالوقف يحال الأمر إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن”.

وينص البند (٧) من اختصاصات وزارة العدل والشؤون القانونية الواردة في الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٨٨ / ٢٠٢٠ بدمج وزارة العدل ووزارة الشؤون القانونية في وزارة واحدة تسمى وزارة العدل والشؤون القانونية وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي على أن: “الفصل بقرار معتمد في المنازعات التي تنشأ بين وحدات الجهاز الإداري للدولة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، أو بينها وبين الشركات المملوكة بالكامل للحكومة”.

وحيث إن مفاد ما تقدم من نصوص قانونية، أنه انطلاقا من اعتبارات المصلحة العامة التي تعلو على ما عداها، وإدراكا لما يقتضيه حسن التنظيم الإداري للدولة، من البعد بالمنازعات التي تثور بين وحدات الجهاز الإداري للدولة عن نطاق ولاية القضاء، وعقد الاختصاص بشأنها لجهات أخرى للفصل فيها برأي ملزم؛ تنزيها لهذه الوحدات من الانخراط في لدد الخصومة الذي غالبا ما يكون مصاحبا للمنازعات التي تنشب بين الأفراد أمام المحاكم، ومنع استطالة أمدها؛ باعتبار أن تلك الوحدات تقوم على رعاية مصالح مهمة جديرة بالحماية، والتي قد تتأثر سلبا بطول إجراءات التقاضي، فضلا عن الرغبة في عدم ثقل كاهل القضاء بمنازعات تنشأ بين فرعين يجمعهما أصل واحد وهو الدولة، ومن غير المتصور أن يقاضي الشخص القانوني الواحد نفسه من خلال فرعين له، مما لا ينسجم معه لجوء وحدات الجهاز الإداري للدولة إلى التقاضي فيما بينها، وإنما يكون لزاما حسم خلافاتها بعيدا عن ساحات المحاكم، فقد قرر المشرع استبعاد الدعوى كوسيلة للمطالبة بالحق بين تلك الوحدات، واستبدل بها عرض ما ينشأ بينها من منازعات على وزارة العدل والشؤون القانونية للفصل فيها برأي معتمد، عدا ما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالوقف، فيختص بها مجلس الوزراء الموقر ليفصل فيها بقرار ملزم، بحيث لا يكون من الجائز بعد ذلك إعادة طرح ذات النزاع مرة أخرى؛ حتى يتجدد إلى ما لا نهاية، وتتعطل المصالح العامة.

وحيث إنه لما كان الأصل المقرر في تفسير النصوص القانونية المتعلقة بالولاية والاختصاص أنه يجب التحرز في تفسيرها، والتزام جانب الدقة في ذلك، وأنه متى جاءت عبارة النص واضحة جلية المعنى على حقيقة المراد منها، فلا يكون ثمة محل للبحث عن حكمة التشريع ودواعيه؛ باعتبار ذلك لا يكون إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه، مما يكون معه المفسر مضطرا في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه، والقصد الذي أملاه.

وحيث إنه لما كان المشرع قد اختص مجلس الوزراء الموقر دون غيره – بعبارات واضحة جلية المعنى قاطعة في دلالتها على مرادها – بحسم الخلافات التي تنشأ بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وغيرها من الجهات الحكومية فيما يتعلق بالوقف دون مشاركة من القضاء، بما في ذلك الخلافات التي تنشأ بين هذه الوزارة ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني حول ملكية أراضي الوقف وتسجيلها، وهي خلافات ذات طبيعة خاصة مقدرة بخصوصية الطبيعة القانونية لأطرافها التي تتمثل في وحدة الشخص القانوني للمتنازعين المنسوب انتهاء إلى الشخصية القانونية للدولة، وبخصوصية طبيعة منازعات الوقف في حد ذاتها المثارة بين الجهات الحكومية، ومحصلة الفصل فيها التي تؤول في نهاية المطاف إلى الدولة، مما يستعصي معه قبول فكرة عرض تلك المنازعات على ساحات القضاء؛ ومن ثم فلا يسوغ الالتفاف على قواعد الاختصاص المقررة بمقتضى نصي المادة (٥) من قانون الأوقاف، والمادة (١٠) من قانون الأراضي المشار إليهما، أو الحد من مداها، أو إفراغها من مضمونها، أو إهدار الفلسفة التي تغياها المشرع منها بإسناد الاختصاص الحصري والمانع لمجلس الوزراء الموقر في حسم الخلافات التي تنشأ بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وغيرها من الجهات الحكومية فيما يتعلق بالوقف أيا ما كانت وجاهة الأسانيد التي تحدو إلى ذلك، كما أنه لا سبيل مع وضوح نصي المادتين المشار إليهما إلى الخوض في افتراض إشكاليات نظرية لا تصادف محلا في الواقع، وتخالف ما هو مقرر بنصوص صريحة جلية، وهو ما جرى عليه إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية الذي انتهى بمناسبة الخلاف الذي نشب بين وزارة الإسكان – آنذاك – ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية بشأن تسجيل الأراضي والعقارات الموقوفة باسم المؤسسات الوقفية، إلى تعذر إبداء الرأي في هذا الموضوع؛ تأسيسا على الولاية المقررة لمجلس الوزراء الموقر بحسم هذا الخلاف، وذلك على النحو السالف بيانه.

لذلك؛ انتهى الرأي إلى أن اختصاص مجلس الوزراء الموقر المنصوص عليه في المادة (٥) من قانون الأوقاف، والمادة (١٠) من قانون الأراضي المشار إليهما، هو اختصاص حصري ومانع وشامل لكل ما يتعلق بمنازعات الوقف، بما في ذلك الخلافات التي تنشأ بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني حول ملكية أراضي الوقف وتسجيلها، ولا يجوز – تبعا لذلك – عرض هذه الخلافات على ساحات المحاكم.