التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢٢٢٧٧٣٦٧٤

تحميل

وزارة العدل والشؤون القانونية – مناط إعادة النظر في رأي أبدته.

استقر إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية على عدم جواز إعادة النظر في رأي سبق لها إبداؤه إلا إذا كانت ثمة وقائع استجدت أو استبانت لها فيما بعد، ولم تكن تحت نظرها عند إبداء الرأي، وأن يكون من شأن تلك الوقائع فيما لو عرضت عليها أن تغير وجه الرأي في المسألة المعروضة – تطبيق.

فبالإشارة إلى الكتاب رقم:…………. بتاريخ……………..هـ، الموافق……………….م، في شأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى أحقية صندوق تقاعد موظفي الديوان في استرداد منحة التقاعد التي قام بصرفها للفاضل / ………….. وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أنه سبق أن ورد لوزارة العدل والشؤون القانونية كتاب صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية رقم: ………………….. المؤرخ في ………..هـ، الموافق…………….م، متضمنا طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى التزام صندوق تقاعد موظفي الديوان بتحويل حصيلة الاشتراكات المسددة عن مدة الخدمة التي قضاها الفاضل / ……………………. لدى شؤون البلاط السلطاني إلى صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية، وآلية تقدير المعاش المستحق له عند انتهاء خدمته، وردا على ذلك أفادت وزارة العدل والشؤون القانونية بموجب فتواها رقم: ٢٢٢٧٥٩٣٤٩ المؤرخة في ٣ من رمضان ١٤٤٣هـ، الموافق ٥ من أبريل ٢٠٢٢م، بوجوب ضم مدة خدمة المذكور وتحويل حصيلة اشتراكاته إلى صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية دون إلزامه برد منحة التقاعد التي صرفت له، وتقدير معاشه عند انتهاء خدمته على أساس مدة خدمته السابقة والجديدة دون إجراء مقارنة ما بين معاشه السابق الموقوف صرفه والمعاش الذي سيستحقه من صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية عند انتهاء خدمته.

وأعقب ذلك ورود كتاب ديوان البلاط السلطاني المشار إليه متضمنا أن صندوق تقاعد موظفي الديوان سيشرع في تحويل حصيلة اشتراكات المعروضة حالته؛ عملا بإفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية المشار إليه، إلا أن الديوان يود الوقوف على وجهة نظر هذه الوزارة فيما إذا كان الموضوع المعروض سينتهي على نحو ما خلص إليها إفتاؤها المشار إليه بشأن أحقية صندوق تقاعد موظفي الديوان في استرداد منحة التقاعد التي قام بصرفها في ضوء أحكام المادة (١٤) من قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين التي أوجبت على الموظف المعاد للخدمة أن يرد منحة التقاعد التي صرفت له عن مدة خدمته السابقة، على اعتبار أن المادة الآنفة الذكر هي الواجبة التطبيق على حالة المذكور بحسبان أنه أعيد للخدمة في ظل سريانها والعمل بأحكامها، وكذلك في ضوء صدور حكم قضائي من الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري “سابقا” في موضوع مماثل انتهى إلى إلزام المعاد للخدمة برد المنحة التي صرفت له.

وإزاء ما تقدم، تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.

وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم – بداية – بأن من المستقر عليه في إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية أن طلب إعادة النظر فيما انتهت إليه لا يكون جائزا، ولا مقبولا إلا إذا كان مستندا إلى وقائع مغايرة جدت، أو استبانت، ولم تكن تحت بصرها عند إبداء الرأي، ويكون من شأنها لو أنها عرضت عليها أن تغير من وجه الرأي الذي انتهت إليه، والواضح من كتاب ديوان البلاط السلطاني المشار إليه أنه ليس ثمة وقائع جديدة توجب عدول الوزارة عن إفتائها السابق الذي خلص إلى وجوب ضم مدة خدمة المعروضة حالته وتحويل حصيلة اشتراكاته إلى صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية دون إلزامه برد منحة التقاعد التي صرفت له، وتقدير معاشه عند انتهاء خدمته على أساس مدة خدمته السابقة والجديدة دون إجراء مقارنة ما بين معاشه السابق الموقوف صرفه والمعاش الذي سيستحقه من صندوق تقاعد موظفي الخدمة المدنية عند انتهاء خدمته.

وبالنسبة لما ورد في كتاب معاليكم المشار إليه، فإن وزارة العدل والشؤون القانونية تود إيضاح الآتي:

أولا: فيما يتعلق بما تضمنه الكتاب المنوه عنه آنفا من الإشارة إلى نص المادة (١٤) من قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٦ / ٩٦ قبل تعديلها بموجب المرسوم السلطاني رقم ٥٦ / ٢٠١٩ بإجراء بعض التعديلات على قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين، والمطالبة بتطبيقها على المعروضة حالته؛ باعتبار أنه أعيد إلى الخدمة في ظل سريانها والعمل بأحكامها، فإنه بالاطلاع على هذه المادة تبين أنها تنص على أنه: “إذا أعيد إلى الخدمة موظف متقاعد كان يعمل بالديوان ولم يكن قد بلغ سن التقاعد تضم له مدة خدمته السابقة إلى خدمته الجديدة ويعامل عند انتهائها على أساس المدتين معا بشرط أن يرد أية منحة تقاعد تكون قد صرفت له عن مدة خدمته السابقة، ويجوز تقسيط هذه المنحة في حدود ربع الراتب، وإذا انتهت خدمة الموظف قبل سداد كامل الأقساط يستقطع الباقي دفعة واحدة من جملة منحة التقاعد المستحقة له وما زاد على ذلك يستقطع من المعاش بما لا يجاوز الربع، وفي حالة الوفاة يعفى المستحقون للمعاش من الأقساط المتبقية”.

وحيث إنه، ولئن كانت المادة (١٤) المشار إليها – قبل تعديلها – قد أوجبت على الموظف المتقاعد الذي تتم إعادته إلى الخدمة رد أي منحة تقاعد تكون قد صرفت له عن مدة خدمته السابقة، إلا أنه يتعين ابتداء الوقوف على تحديد هذا الموظف في نطاق تطبيق حكم المادة (١٤) المشار إليها، وعما إذا كان المعروضة حالته يندرج ضمن هذا التحديد؛ حتى يمكن اعتباره من المخاطبين بأحكام هذه المادة؛ ومن ثم تطبيقها عليه، باعتبار أنه أعيد للخدمة في ظل سريانها والعمل بأحكامها. ومن هذا المنطلق، فلما كان البين أن المادة (١) من قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين المشار إليه قبل تعديلها بموجب المرسوم السلطاني رقم ٥٩ / ٢٠١٩ المشار إليه تنص على أنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون، تكون للكلمات والعبارات الآتية المعنى المبين قرين كل منها، ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:….. الموظف: كل شخص عماني يشغل وظيفة دائمة بدرجة مالية في الديوان أو في الوحدات الخاضعة لأحكام هذا القانون…. الموظف المتقاعد: الموظف الذي انتهت خدمته لأي سبب من الأسباب….”.

ولما كان البين من استقراء المادة (١٤) المشار إليها أنها استهلت نصها بتحديد الأشخاص المخاطبين بأحكامها بإيرادها عبارة “الموظف المتقاعد”، والذي حددت مفهومه نص المادة (١) سالفة الذكر في أنه كل شخص عماني يشغل وظيفة دائمة بدرجة مالية في الديوان أو في الوحدات الخاضعة لأحكام قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان البلاط السلطاني العمانيين، وانتهت خدمته لأي سبب من الأسباب، وأن نطاق تطبيق حكم تلك المادة يتعلق بإعادة هؤلاء الأشخاص إلى الخدمة مرة أخرى في الديوان أو في الوحدات الخاضعة لأحكام هذا القانون، وليس في جهات أخرى تطبق أنظمة تقاعدية تنظم مسألة إعادة أصحاب المعاشات الذين كانوا يعملون في الديوان إلى الخدمة في تلك الجهات، بما مؤداه انحسار تطبيق نص المادة (١٤) على المعروضة حالته بما تضمنته من التزام برد منحة نهاية الخدمة، واقتصار نطاق تطبيقه على حالة الموظف المتقاعد من الديوان أو إحدى الوحدات الخاضعة لأحكام ذلك القانون، والذي تعاد خدمته إليهما دون غيرها من الجهات التي تطبق أنظمة تقاعدية أخرى.

ثانيا: فيما يتعلق بصدور حكم قضائي من الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري “سابقا ” في موضوع مماثل انتهى إلى إلزام المعاد للخدمة برد المنحة التي صرفت له، فيسرني الإفادة بأن المادة (٧٧) من النظام الأساسي للدولة تنص على أن: “السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون.

ويرتب القانون المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ويبين وظائفها واختصاصاتها”.

وتنص المادة (٧٨) من النظام ذاته على أنه: “لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون… ولا يجوز لأي جهة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة، ويعتبر هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون…”.

ومفاد النصوص المتقدمة أن السلطة القضائية سلطة مستقلة، تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها، ودرجاتها، ولا يجوز لأي جهة أخرى التدخل في القضايا، أو في شؤون العدالة، وأن مثل هذا التدخل يعد جريمة يعاقب عليها القانون، كونه يمس استقلال القضاء، وينال من سلطان القضاة في قضائهم.

وحيث إنه لما كان البين في الحكم القضائي المشار إليه أنه صادر عن محكمة ابتدائية في واقعة تختلف عن تلك الصادر في شأنها إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية المشار إليه، ولما كان المستقر عليه في إفتاء هذه الوزارة عدم ملاءمة إبداء الرأي القانوني في مسألة معروضة على القضاء، أو سبق الفصل فيها بأمر، أو قرار، أو حكم قضائي؛ باعتبار أن إبداء هذا الرأي في مثل تلك الحالات يعد تدخلا في القضايا، أو في شؤون العدالة، ومن ثم يغدو من غير الملائم – والحال كذلك – إبداء الرأي فيما تضمنه الحكم القضائي المشار إليه، كما أنه مما يجدر التنويه إليه أن الحكم الابتدائي المذكور له حجية نسبية في الدعوى التي صدر في شأنها تطبيقا لنص المادة (٥٥) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٦٨ / ٢٠٠٨، والتي تنص على أن: “الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.

لذلك؛ فإن وزارة العدل والشؤون القانونية لا تزال عند رأيها الذي سبق أن أبانت عنه في فتواها المشار إليها.