(٢٠)
بتاريخ ١٩ يونيو ٢٠٢٣م
١ – عقد – العقد شريعة المتعاقدين.
إن القاعدة المستقر عليها فقها وقضاء بشأن الالتزامات التعاقدية تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه وفسخه ولا تعديله إلا بموافقة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، – مقتضى ذلك – وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق ومبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية.
٢ – إتاوة – عقد تسوية فروق الإتاوة المستحقة للشركة – اختصاص وزير المالية في إبرامه.
طبقا لأحكام القانون المالي ولائحته التنفيذية لا يجوز الإعفاء من أي ضريبة، أو رسم، أو دين أو غيرها من المبالغ المستحقة لوحدات الجهاز الإداري للدولة إلا في الحالات التي تنص فيها القوانين والمراسيم السلطانية واللوائح الصادرة على ذلك ويصدر الإعفاء بقرار من الوزير المشرف على وزارة المالية بناء على طلب الوزير المختص متقيدا بالشروط لا يجوز إسقاط الديون إلا في الحالات المحددة على سبيل الحصر في البند (٩) من المادة (٨) من القانون المالي، شريطة أن يقدم المدين المستندات الرسمية التي تثبت أيا من هذه الحالات – مؤدى ذلك – عدم اختصاص وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في عقد تسوية فروق الإتاوة المستحقة للشركة.
فبالإشارة إلى الكتب المتبادلة، والمنتهية بالكتاب رقم: ………………..، المؤرخ في ………….ه، الموافق ………….م، في شأن طلب إبداء الرأي القانوني الاستشاري بشأن إمكانية التفاوض والتسوية ورد الإتاوة مع مقاول مشروع توسعة ميناء ………………….(المرحلة ……………….) شركة ………………..، عن أعمال استخراج الصخور المستخدمة للردم بمشروع توسيع كاسر الأمواج في الميناء. وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أنه قد تم إسناد المناقصة رقم (…………….) الخاصة بمشروع توسعة ميناء ………….. (المرحلة……………) إلى شركة …………….، كما تم إصدار التعميم رقم …………… بتاريخ ………………م من قبل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ومجلس المناقصات إلى كافة المتناقصين، وكان مفاده إتاحة الردميات وإعفاء المتناقصين من رسوم الإتاوة على هذه الردميات، وتفيدون بأن المتناقصين قد تقدموا بأسعارهم في ضوء ذلك التعميم باعتبار أنه بات جزءا لا يتجزأ من العقد.
وتشيرون إلى أن الهيئة العامة للتعدين – آنذاك – قد قامت بمطالبة شركة …………….. برسوم الإتاوة، إلا أن الشركة رفضت سداد تلك الرسوم على سند من الإعفاء المنصوص عليه في التعميم الصادر عن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وقد تصدت الهيئة العامة للتعدين لذلك بمطالبة الشركة قضائيا، ونجحت في الحصول على حكم نهائي لصالحها يقضي بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع إلزام الشركتين المدعى عليهما على سبيل التضامن بسداد مبلغ وقدره………….(……………) فقط، وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف على النحو المبين بالأسباب، فضلا عن أن حكم الاستئناف قد نص على أن القضاء لا ينال بحال من الأحوال من حق الشركتين في الرجوع بالمبلغ المحكوم به أو التعويض إلى مجلس المناقصات أو وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، إن رأت وجها قانونيا لذلك.
وتذكرون بأن الشركة بعد أن نفذت الحكم قد قامت بالرجوع إلى وزارتكم، وتقدمت بالمطالبة بالمبالغ التي تم سدادها مضافا إليها الفائدة السنوية بنسبة (٧٪) ومجموعها مبلغ وقدره (………………….) ………….. ريالات عمانية وثلاثمائة وثمان وأربعون بيسة، وتوضحون بأن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات قد قامت بمخاطبة وزارة المالية بموجب كتابها رقم: …………، المؤرخ في …………م؛ للإفادة برأيها بشأن إمكانية التفاوض مع المقاول للتوصل إلى تسوية ودية تتضمن تنازله عن جزء من مبلغ المطالبة، مبينين فيه أن عدم التوصل إلى تسوية ودية سيحدو بالمقاول للجوء إلى التحكيم وفقا لعقد المقاولة للمطالبة بكامل المبلغ مضافا إليه تكاليف التحكيم الباهظة.
وتفيدون بأن وزارة المالية قد ردت بموجب كتابها رقم: ……………..، المؤرخ في ………………..م، بأنها ترى عرض الموضوع على وزارة العدل والشؤون القانونية للإفادة بالرأي القانوني في شأن إمكانية التفاوض مع المقاول.
وإزاء ذلك، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني الاستشاري في إمكانية التفاوض والتسوية ورد الإتاوة مع مقاول مشروع توسعة ميناء ……………. (المرحلة الثانية) شركة …………………، عن أعمال استخراج الصخور المستخدمة للردم بمشروع توسيع كاسر الأمواج في الميناء.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن القاعدة المستقر عليها فقها وقضاء بشأن الالتزامات التعاقدية تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بموافقة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، تلك القاعدة التي من مقتضاها وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق ومبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية، وهو ما أكدت عليه المادة (١٥٦) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣، والتي نصت على أنه: ” يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف”. وينص البند (٩) من المادة (٨) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٤٧ / ٩٨ على أن: ” المسؤوليات والصلاحيات الخاصة:
…يباشر الوزير ما يأتي:
٩ – إصدار اللوائح المنظمة لإسقاط أي مبلغ مستحق السداد من الضرائب أو الرسوم أو الديون أو غيرها من المبالغ المستحقة لوحدات الجهاز الإداري للدولة، وذلك في حالات إشهار إفلاس المدين أو الحكم بإعساره، أو وفاته من غير تركة، أو عن تركة مستغرقة بالديون، أو مغادرته السلطنة نهائيا دون أن يترك بها أموالا، أو عدم وجود أموال للمدين يمكن التنفيذ عليها، أو إنهاء نشاطه أو مهنته أو عمله بدون وجود أموال يمكن التنفيذ عليها، وبشرط تقديم المستندات الرسمية التي تثبت تحقق أي من هذه الحالات، وذلك دون إخلال بأية أحكام خاصة يكون قد ورد النص عليها في قانون آخر “.
وتنص المادة (١٥) من القانون ذاته على أنه:” لا يجوز الإعفاء من أية ضريبة أو رسم أو دين أو غيرها من المبالغ المستحقة لوحدات الجهاز الإداري للدولة إلا في الحالات التي تنص فيها القوانين والمراسيم السلطانية واللوائح الصادرة تنفيذا لها على جواز الإعفاء، وفي الحدود وبالقيود والشروط المنصوص عليها في تلك القوانين والمراسيم السلطانية واللوائح.
وفي جميع الأحوال يصدر بالإعفاء قرار من الوزير بناء على طلب الوزير المختص ومع التقيد بالضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون “.
وينص البند (٤١) من التعديل رقم (١) المرفق بمستندات المناقصة رقم ١٢ / ٢٠٠٥م الصادر في فبراير ٢٠٠٥م على أنه: “لا تدفع أي إتاوات مقابل استخراج الصخور بشرط حصول المقاول على كافة الموافقات والتراخيص على نفقته الخاصة”. وتنص المادة (١٦) من قانون الثروة المعدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٩ / ٢٠١٩ على أنه: ” يلتزم المرخص له بأن يؤدي سنويا للوزارة عن المساحة محل الترخيص قيمة إيجارية وإتاوة، وتؤول حصيلتهما إلى الوزارة، وتورد إلى الخزانة العامة للدولة، وتحدد اللائحة القيمة الإيجارية المستحقة سنويا، على أن يقوم المرخص له بسدادها مقدما، ولا يجوز أن تقل قيمة الإتاوة عن(٥٪) خمسة بالمائة من إجمالي الإنتاج السنوي للخام الذي يستغله، وطبقا لما تحدده اللائحة بالنسبة لكل خام، كما يؤدي المرخص له للجهة التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء نسبة لا تقل عن (١٪) واحد بالمائة من إجمالي الإنتاج السنوي للخام الذي يستغله تخصص للمساهمة في تنمية المجتمع المحلي في الولاية الواقعة بها مساحة الاستغلال، وذلك طبقا للضوابط التي تحددها اللائحة”.
ومفاد النصوص سالفة الذكر، أنه لا يجوز الإعفاء من أي ضريبة، أو رسم، أو دين أو غيرها من المبالغ المستحقة لوحدات الجهاز الإداري للدولة إلا في الحالات التي تنص فيها القوانين والمراسيم السلطانية واللوائح الصادرة على ذلك، وأن الإعفاء يصدر بقرار من وزير المالية بناء على طلب الوزير المختص متقيدا بالشروط، وأنه لا يجوز إسقاط الديون إلا في الحالات المحددة على سبيل الحصر في البند (٩) من المادة (٨) من القانون المالي، وبشرط أن يقدم المدين المستندات الرسمية التي تثبت أيا من هذه الحالات.
وحيث إنه على هدي ما تقدم، وكان البين من كتاب طلب الرأي أن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ترغب في الدخول في تسوية مع الشركة بشأن الإتاوة التي قامت بسدادها للوزارة، بالإضافة إلى الفوائد المفروضة كجزاءات نتيجة التأخير في سدادها، وكان وزير المالية هو المختص قانونا بالإعفاء من هذه الإتاوة وفقا لأحكام القانون المالي، بناء على طلب الوزير المختص وفقا للشروط المحددة في القانون، لما كان ذلك، وكان الترخيص الممنوح للشركة المشار إليها قد نص على التزام المرخص له بدفع إتاوة لحكومة سلطنة عمان سنويا مقدارها (١٢٪) اثنا عشر بالمائة، وقد جاءت الأوراق خلوا من أي دليل على توفر أيٍ من شروط إسقاط الدين المستحق عليها، والمنصوص عليها حصرا في البند (٩) من المادة (٨) من القانون المالي المشار إليه، ومن ثم، فإن اعتزام الوزارة إبرام عقد تسوية عن الإتاوة المدفوعة إلى وزارة الطاقة والمعادن يكون – والحال كذلك – مخالفا لأحكام القانون المالي، باعتبار أن نصوص القانون المالي قد نصت صراحة على اختصاص وزير المالية بالإعفاء من الإتاوة، ولا اجتهاد مع صراحة النص، والجهل بالقانون لا يحول دون تطبيقه على من يجهله، فضلا عن أن المادة (٤) من الترخيص قد نصت على التزام المرخص له بدفع الإتاوة، دون التقيد بشرط وجود خلاف حول الإجمالي من الإيرادات السنوية.
لذلك؛ انتهى الرأي إلى عدم اختصاص وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في عقد تسوية فروق الإتاوة المستحقة لشركة ……………………..