التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢٣٢٧٨٩٦٤٠

تحميل

(٢٤)
بتاريخ ١أغسطس ٢٠٢٣م

 ١ – الوظيفة العامة – طرق شغلها.

حدد المشرع طرق شغل الوظيفة العامة بأن حصرها في التعيين والترقية والنقل والندب، قضى المشرع بأن يكون الندب مؤقتا بغرض قيام الموظف بعمل وظيفة أخرى من نفس درجة وظيفته أو وظيفة تعلوها مباشرة في ذات الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى، وبشرط أن تكون حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، وكأصل عام، حظر المشرع على الموظف الجمع بين وظيفته وأي وظيفة أخرى في الجهاز الإداري للدولة، واستثناء من هذا الأصل، أجاز للموظف الجمع بين وظيفته ووظيفة أخرى في ذات الوحدة التي يعمل فيها سواء في أوقات العمل الرسمية أو في غير أوقات العمل الرسمية أو في وحدة أخرى في غير أوقات العمل الرسمية، وذلك إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، على أن يكون التكليف بصفة مؤقتة، وألا يترتب عليه الإخلال بواجبات ومسؤوليات الوظيفة الأصلية، ومنح الموظف مكافأة لا تزيد على (٥٠٪) من راتبه الأساسي.

٢ – موظف – تكليف الباحثين أو الأخصائيين أو رؤساء الأقسام بالقيام بواجبات وظيفة مدير دائرة في ظل وجود مدير مساعد – أثر مخالفة القانون.

أخذ المشرع العماني في تنظيمه للوظيفة العامة بالنظام الموضوعي في ترتيب وتصنيف الوظائف الذي محوره الأساسي الوظيفة العامة وليس الموظف العام – وضع المشرع أصلا عاما مفاده حظر جمع الموظف بين وظيفتين في آن واحد – قرر بعض الآليات القانونية التي تحول دون شغور الوظيفة العامة لفترة ولو قصيرة، وذلك بشغلها بصفة مؤقتة، حرصا منه على ضمان انتظام سير المرفق العام بانتظام واضطراد، وتتمثل تلك الآليات في الحلول، والندب، والتكليف بأعباء وظيفة أخرى إلى جانب أعباء الوظيفة الأصلية، وفي الوقت الذي جعل فيه الحلول أمرا وجوبيا على جهة الإدارة، جعل الندب أمرا جوازيا، وفي الوقت ذاته طريقا أصيلا لشغل الوظيفة العامة، وجعل التكليف أمرا جوازيا لجهة الإدارة وطريقا استثنائيا لشغل الوظيفة العامة، والقاسم المشترك بين تلك الآليات: التأقيت في شغل الوظيفة العامة، واللجوء إليها إذا اقتضت الضرورة ذلك، وتوفر الشروط التي تطلبها المشرع في كل منها – حكم تلك الآليات من حيث الوجوب أو الجواز، و طبيعة كل منها من حيث الأصالة أو الاستثناء، يتعين عند اللجوء إليها مراعاة الترتيب فيما بينها بحيث يتم البدء بالواجب ثم الجائز وفي نطاق الجائز يتم البدء بالأصيل ثم الاستثناء – يأتي الحلول أولا باعتباره وجوبيا، ثم يليه الندب باعتباره جوازيا وطريقا أصيلا لشغل الوظيفة العامة، ثم يأتي التكليف أخيرا في الترتيب باعتباره جوازيا وطريقا استثنائيا لشغل الوظيفة العامة – أثره – تجاوز آلية قانونية وجوبية لشغل الوظيفة العامة بصفة مؤقتة إلى آلية قانونية أخرى جوازية واستثنائية، بالإضافة إلى الاصطدام بأحكام النظام الموضوعي لتصنيف وترتيب الوظائف، يمثلان مخالفة لأحكام القانون – مؤدى ذلك – عدم قانونية تكليف أحد شاغلي وظيفة باحث / أخصائي أو رئيس قسم بواجبات وظيفة مدير دائرة حال وجود شاغل وظيفة مدير مساعد على رأس العمل.

فبالإشارة إلى الكتاب رقم: …………، المؤرخ في ………………… ه، الموافق ……………………..م، في شأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى جواز تكليف الباحثين أو الأخصائيين أو رؤساء الأقسام بالقيام بواجبات وظيفة مدير دائرة في ظل وجود مدير مساعد، تأسيسا على الرأي القائل بأن مناط شغل وظيفة مدير دائرة من قبل المدير المساعد هو أن تكون الوظيفة شاغرة، وأنه إذا تم تكليف موظف آخر بخلاف المدير المساعد للقيام بواجباتها فإنها لم تعد شاغرة، ومن ثم ينتفي مناط شغلها من قبل المدير المساعد. وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من كتاب طلب الرأي – في قيام وزارة ………… بمخاطبة وزارة العمل بموجب الكتاب رقم…………………، المؤرخ في…………………..ه، الموافق ………………………م، للوقوف على مرئياتهم في شأن تكليف موظف بأعمال مدير الدائرة في ظل وجود المدير المساعد.

وتشيرون إلى أن وزارة العمل أفادت بأنه في حالة وجود المدير المساعد في الدائرة يحل محل مدير الدائرة في حالة غيابه أو وجود مانع يحول دون تمكنه من القيام بأعباء وظيفته أو لأي سبب آخر، بحسبان أن طبيعة المهام والاختصاصات الواردة ببطاقة الوصف الوظيفي لوظيفة المدير المساعد هي القيام بإدارة وتسيير أعمال وظيفة مدير الدائرة، وذلك من حيث الإشراف أو المراجعة أو المتابعة أو التوجيه واتخاذ ما يلزم من إجراء في هذا الشأن، وبالتالي فإن تكليف موظفين آخرين في ظل وجود المدير المساعد يتعارض مع التطبيق الصحيح للقانون وفقا لما تم توضيحه، وأضافت وزارة العمل أنه لا يوجد ثمة مانع قانوني من التكليف على وظيفة المديرين المساعدين للدوائر في حالة وجود مدير للدائرة.

وتذكرون أن وزارة العمل لم تقدم الرأي الواضح حول أن منصب المدير تم شغله بأداة التكليف من طرف آخر وبالتالي أصبح المنصب غير شاغر، بيد أن المختصين في دائرة ……………….. في وزارة ……………………

يرون أن المدير المساعد يمكنه ممارسة اختصاصات المدير في حالة شغر المنصب فقط، أما في حالة القيام بالتكليف على المنصب فقد انتهت صفة شغر المنصب، وبالتالي يمكن أن يشغل المنصب أي طرف آخر بأداة التكليف وفقا لنصي المادتين (٩٢،٩١) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية. وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.

وردا على ذلك؛ يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٢) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٢٠ / ٢٠٠٤ تنص على أنه: ” في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالكلمات والعبارات التالية المعاني المبينة قرين كل منها ما لم يقتض سياق النص معنى آخر:

………….الوظيفة: مجموعة الواجبات والمسؤوليات التي تحددها السلطة المختصة وتتطلب فيمن يقوم بها مؤهلات واشتراطات معينة.

…………………………….

وتنص المادة (٦) من القانون ذاته على أنه: ” يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة توافر الشروط الواردة في بطاقات وصف الوظائف”.

وتنص المادة (٤٨) من القانون ذاته على أنه: ” يجوز ندب الموظف للقيام مؤقتا بعمل وظيفة أخرى من نفس درجة وظيفته أو وظيفة تعلوها مباشرة في ذات الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، …………………………”.

وتنص المادة (١٠٤) من القانون ذاته على أنه: ” يحظر على الموظف الآتي:

– الجمع بين وظيفته وأية وظيفة أخرى بالجهاز الإداري للدولة إلا إذا اقتضت المصلحة العامة تكليفه بأعباء وظيفة أخرى بصفة مؤقتة بمقابل، وذلك وفقا للقواعد والشروط التي تحددها اللائحة. ب – ……………….”.

وتنص المادة (١) من قانون التفويض والحلول في الاختصاصات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ١٧ / ٢٠١٠ على أنه: ” تسري أحكام هذا القانون على الوزارات والوحدات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة إلا ما استثنى منها بنص خاص”. وتنص المادة (٣) من القانون ذاته على أنه: ” للوزراء ومن في حكمهم ورؤساء الوحدات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، كل في نطاق اختصاصه، أن يفوضوا بعض الاختصاصات المخولة لهم بموجب القوانين والمراسيم السلطانية إلى الأمناء العامين ووكلاء الوزارات ومديري العموم ومن في حكمهم…………………………….” .

وتنص المادة (١٠) من القانون ذاته على أنه: “تصدر الجهات المشار إليها في المادة (١) القرارات المنظمة لحلول الموظفين محل بعضهم في حالة الغياب أو وجود مانع يحول دون ممارسة الاختصاصات، ويراعى في ذلك التقارب في المستوى الوظيفي، وفي طبيعة الاختصاصات”.

وتنص المادة (٩١) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادرة بقرار رئيس مجلس الخدمة المدنية رقم ٩ / ٢٠١٠ على أنه: ” يكون تكليف الموظف بأعباء وظيفة أخرى بموجب قرار من رئيس الوحدة، على أن يكون التكليف بأعباء وظيفة أخرى لدى وحدة أخرى بناء على طلب رئيس هذه الوحدة.

ويكون التكليف داخل أو خارج الوحدة في الحالات الآتية:

– القيام بأعباء وظيفة أخرى بالإضافة إلى أعباء الوظيفة الأصلية بذات الوحدة التي يعمل بها الموظف في أوقات العمل الرسمية.

– القيام بأعباء وظيفة أخرى بذات الوحدة التي يعمل بها الموظف في غير أوقات العمل الرسمية بالإضافة إلى أعباء وظيفته الأصلية.

– القيام بأعباء وظيفة أخرى لدى وحدة أخرى في أوقات العمل الرسمية بالإضافة إلى أعباء وظيفته الأصلية.

وتنص المادة (٩٢) من اللائحة ذاتها على أنه:” لا يجوز التكليف بأعباء وظيفة أخرى إلا إذا توافرت الشروط الآتية: · أن تقتضي المصلحة العامة قيام الموظف بأعباء الوظيفتين.

– أن يكون التكليف لدى إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة إذا كان للقيام بأعباء وظيفة خارج الوحدة.

– أن يكون التكليف بصفة مؤقتة وللفترة التي يتطلبها تحقيق المصلحة العامة.

– ألا يترتب على التكليف إخلال بواجبات ومسؤوليات الوظيفة الأصلية.

– مكررا – ألا يكون من الواجبات الوظيفية للموظف القيام بتصريف الشؤون الوظيفية للوظيفة المراد تكليفه بها.

– أن يمنح الموظف مكافأة شهرية لا تزيد على (٥٠٪)من راتبه الأساسي، على أن تتحمل الوحدة المكلف لديها هذه المكافأة”.

وتنص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الخدمة المدنية رقم١٠ / ٢٠١٠ بإصدار نظام تصنيف وترتيب الوظائف على أنه: ” يعمل بأحكام نظام تصنيف وترتيب الوظائف المرافق”.

وحيث إن مفاد النصوص المتقدمة، أن المشرع بموجب قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية ونظام تصنيف وترتيب الوظائف عرف الوظيفة العامة بأنها مجموعة الواجبات والمسؤوليات التي تحددها السلطة المختصة وتتطلب فيمن يقوم بها مؤهلات واشتراطات معينة، وعرف المشرع الوظائف الإشرافية في نظام تصنيف وترتيب الوظائف بأنها الوظائف التي يمارس شاغلوها مهام الإشراف ووضع السياسات والخطط العامة للوحدة وتوجيه الموظفين الخاضعين لإشرافهم والرقابة على التنفيذ والمتابعة والتقييم والمراجعة والتوجيه في المجالات التخصصية والمساعدة مثال (مدير عام – مدير دائرة – رئيس قسم)، وعرف النظام ذاته الوظائف التنفيذية بأنها الوظائف التي يمارس شاغلوها مهام البحث والدراسة والتحليل والأعمال المساعدة الفنية والكتابية المرتبطة بها مثال (باحث – محاسب – مهندس فني كاتب)، وعرف وصف الوظيفة بأنه البيان الذي يعرف الوظيفة ويظهر عوامل تقييمها من خلال الواجبات والمسؤوليات والحد الأدنى من الشروط اللازمة لشغل الوظيفة، ويسمى(بطاقة الوصف) ويتضمن بصفة أساسية (مسمى الوظيفة ووصفها العام الذي يبين موقع الوظيفة في الهيكل التنظيمي واختصاصها العام، وواجباتها ومسؤولياتها، وشروط شغلها لا سيما التأهيل العلمي ومدة الخبرة العملية الكلية والبينية)، كما عرف المجموعة النوعية بأنها التقسيم الذي ينتظم كافة الوظائف المتشابهة في نوع العمل وطبيعته وإن اختلفت في مستوى الواجبات والمسؤوليات، ويمكن أن يتفرع عنها تقسيمات أخرى فرعية باسم (فئات الوظائف) وتضم كل منها الوظائف التي تتفق في نوع العمل.

ووفقا لجدول المستويات النمطية للوظائف، المدرج ضمن نظام تصنيف وترتيب الوظائف، حدد المشرع المسميات الوظيفية النمطية للوظائف ومستوياتها والدرجات المالية الخاصة بتقييمها والمجموعات النوعية التي تضمها، ويبين جليا من هذا الجدول أن المجموعة النوعية للوظائف التخصصية تتكون من فئتين أولهما: فئة الوظائف الإشرافية، وترتيب الوظائف التي تضمها من الأدنى للأعلى كالآتي: (رئيس قسم “ب” – رئيس قسم “أ” وتعادلها مدير مساعد “ب” – مدير دائرة “ج” وتعادلها رئيس قسم “أ” – مدير دائرة “ب” – مدير دائرة “أ”)، وثانيهما: فئة الوظائف التنفيذية، وترتيب الوظائف التي تضمها من الأدنى للأعلى كالآتي: (باحث / أخصائي رابع – باحث أخصائي ثالث – باحث / أخصائي ثان – باحث / أخصائي أول).

وبموجب أحكام القانون ذاته، حدد المشرع طرق شغل الوظيفة العامة بأن حصرها في التعيين والترقية والنقل والندب، وفيما يتعلق بالندب فقد قضى بأن يكون مؤقتا بغرض قيام الموظف بعمل وظيفة أخرى من نفس درجة وظيفته أو وظيفة تعلوها مباشرة في ذات الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى، وبشرط أن تكون حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، وكأصل عام، حظر المشرع على الموظف الجمع بين وظيفته وأي وظيفة أخرى في الجهاز الإداري للدولة، واستثناء من هذا الأصل، أجاز المشرع للموظف الجمع بين وظيفته ووظيفة أخرى في ذات الوحدة التي يعمل فيها سواء في أوقات العمل الرسمية أو في غير أوقات العمل الرسمية أو في وحدة أخرى في غير أوقات العمل الرسمية، وذلك إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، على أن يكون التكليف بصفة مؤقتة، وألا يترتب عليه الإخلال بواجبات ومسؤوليات الوظيفة الأصلية، ومنح الموظف مكافأة لا تزيد على(٥٠٪) من راتبه الأساسي.

وبموجب أحكام قانون التفويض والحلول في الاختصاصات، غاير المشرع بين التفويض والحلول في الاختصاصات، حيث جعل التفويض أمرا جوازيا لرئيس الوحدة، في حين جعل الحلول أمرا وجوبيا، حيث أوجب على وحدات الجهاز الإداري للدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة إصدار القرارات المنظمة لحلول الموظفين محل بعضهم البعض في حالة الغياب أو وجود مانع يحول دون ممارسة أحدهم اختصاصاته، وقيد سلطتها في هذا الخصوص بأن أوجب عليها مراعاة التقارب في المستوى الوظيفي وفي طبيعة الاختصاصات بين الموظفين المقرر حلولهم مكان بعضهم البعض.

ويبين مما تقدم، أن المشرع العماني في تنظيمه للوظيفة العامة قد أخذ بالنظام الموضوعي في ترتيب وتصنيف الوظائف الذي محوره الأساسي الوظيفة العامة وليس الموظف العام، واتساقا مع أحكام هذا النظام ومتطلباته وضع المشرع أصلا عاما مفاده حظر جمع الموظف بين وظيفتين في آن واحد، ولكن حرصا منه على ضمان انتظام سير المرفق العام بانتظام واضطراد، قرر بعض الآليات القانونية التي تحول دون شغور الوظيفة العامة لفترة ولو قصيرة، وذلك بشغلها بصفة مؤقتة، من خلال تلك الآليات والتي تتمثل في الحلول، والندب، والتكليف بأعباء وظيفة أخرى إلى جانب أعباء الوظيفة الأصلية، وفي الوقت الذي جعل فيه الحلول أمرا وجوبيا على جهة الإدارة، جعل الندب أمرا جوازيا، وفي الوقت ذاته طريقا أصيلا لشغل الوظيفة العامة، كما جعل التكليف أمرا جوازيا لجهة الإدارة وطريقا استثنائيا لشغل الوظيفة العامة، والقاسم المشترك بين تلك الآليات جميعها أمران هما: التأقيت في شغل الوظيفة العامة، وعدم جواز اللجوء إلى أي منها إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك وتوفرت الشروط التي تطلبها المشرع في كل منها، وبالنظر إلى حكم تلك الآليات من حيث الوجوب أو الجواز، وكذلك طبيعة كل منها من حيث الأصالة أو الاستثناء، فإنه يتعين عند اللجوء إليها مراعاة الترتيب فيما بينها بحيث يتم البدء بالواجب ثم الجائز وفي نطاق الجائز يتم البدء بالأصيل ثم الاستثناء، وبناء عليه، يأتي الحلول أولا باعتباره وجوبيا، ثم يليه الندب باعتباره جوازيا وطريقا أصيلا لشغل الوظيفة العامة، ثم يأتي التكليف أخيرا في الترتيب باعتباره جوازيا وطريقا استثنائيا لشغل الوظيفة العامة، ولا يسوغ قانونا تجاوز هذا الترتيب واستعمال آلية قانونية على خلافه إلا إذا انتفى مناط اللجوء إلى الآلية التي تسبقها.

هذا فضلا عن أن من شأن تجاوز آلية الحلول إلى آلية التكليف، وصولا إلى إسناد واجبات ومسؤوليات وظيفة مدير دائرة إلى أحد شاغلي وظيفة باحث / أخصائي أو رئيس قسم، في ظل وجود مدير مساعد الدائرة على رأس العمل، تولي أحد شاغلي الوظائف التنفيذية مهام الإشراف على أعمال شاغلي الوظائف الإشرافية، أو تولي أحد شاغلي الوظائف الإشرافية الأدنى مستوى مهام الإشراف على أعمال شاغلي الوظائف الإشرافية الأعلى مستوى، وهو ما يصطدم بمتطلبات النظام الموضوعي لترتيب وتصنيف الوظائف، وتقويض الأساس الذي بني عليه هذا النظام، والحؤول دون تطبيقه تطبيقا صحيحا، ومن ثم مخالفة أحكام قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية ونظام تصنيف وترتيب الوظائف. ومن حيث إنه، لما كانت وظيفتا مدير دائرة ومدير مساعد دائرة من الوظائف الإشرافية تنتميان إلى فئة واحدة في المجموعة النوعية ذاتها، ما يعني أنهما تتفقان في الطبيعة، كما أنهما تتقاربان في المستوى الوظيفي بالنظر إلى الدرجة المالية المقررة لكل منهما، وبالتالي فإنه يصح قانونا تقرير الحلول بين شاغلي كل منهما، في حين أن كلا من وظيفة أخصائي / باحث تعدان من الوظائف التنفيذية، كما أنهما تنتميان إلى فئة وظيفية ثانية داخل المجموعة النوعية ذاتها، ما يعني أنهما تختلفان في الطبيعة عن الوظائف الإشرافية، وبالتالي فلا يصح قانونا تقرير الحلول بين شاغلي كل منهما وشاغل وظيفة مدير دائرة في ظل وجود آخرين من شاغلي الوظائف الإشرافية على رأس العمل.

وبناء على ما تقدم، فإن القول بتكليف أخصائي / باحث، أو رئيس قسم بواجبات وظيفة مدير الدائرة إلى جانب وظيفته الأصلية، في ظل وجود المدير المساعد على رأس العمل، من شأنه الحؤول دون حلول المدير المساعد محل مدير الدائرة، مؤداه تجاوز آلية قانونية وجوبية لشغل الوظيفة العامة بصفة مؤقتة إلى آلية قانونية أخرى جوازية واستثنائية، بالإضافة إلى الاصطدام بأحكام النظام الموضوعي لتصنيف وترتيب الوظائف، وكلا الأمرين يمثلان مخالفة لأحكام القانون على نحو ما سلف بيانه.

لذلك؛ انتهى الرأي إلى عدم قانونية تكليف أحد شاغلي وظيفة باحث / أخصائي أو رئيس قسم بواجبات وظيفة مدير دائرة حال وجود شاغل وظيفة مدير مساعد على رأس العمل، وبناء عليه يجب أن يحل المدير المساعد محل مدير الدائرة حال غيابه أو وجود مانع يحول دون قيامه بواجبات وظيفته في إطار القرار المنظم للحلول الذي يجب قانونا على جهة الإدارة إصداره، وذلك على النحو المبين بالأسباب.