جلسة يوم الأحد الموافق ٢١ / يناير / ٢٠١٨م
المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، عامر بن سليمان المحرزي، صلاح الدين نعيم غندور
(١٨)
الطعن رقم ١٥٠ / ٢٠١٧م
أحوال شخصية (تطليق للمرض)
– يجب إعطاء الزوج مهلة سنة للعلاج من المرض إذا ثبت مرضه وفي حالة عدم الشفاء فإن المحكمة تقضي بفسخ النكاح بناء على طلب الزوجة.
– إخبار الزوج لزوجته قبل الزواج أنه مريض وقبولها به زوجا على الرغم من مرضه أثره عدم سماع دعواها فسخ عقد النكاح بسبب ذات المرض وتتحمل تبعات موافقتها على الارتباط به.
الوقائع
بعد الاطلاع على سائر الأوراق وبعد المداولة تتلخص وقائع الدعوى على ما يظهر من ملف القضية أن المطعون ضدها تقدمت بدعوى أمام محكمة صلالة الابتدائية (الدائرة الشرعية) ضد الطاعن زوجها طلبت فيها القضاء لها بتطليقها منه.
على سند من القول إنها زوجة للطاعن منذ ١١ / ١١ / ٢٠١٤م وقد دخل بها منذ عام سابق على رفع الدعوى إلا أن المدعية فوجئت بحالة المدعى عليه الصحية وتعاطيه الأدوية مما أثر فيها بموجب المادة الرابعة من قانون الأحوال الشخصية كما أن المرض يؤثر على حقوقها بموجب المادة (٣٧) من ذات القانون حضر المدعى عليه وأجاب بأن صحته جيدة وأن الطبيب صرح له بالزواج كما تقدم المدعى عليه بدعوى فرعية طلب في ختامها إلزام المدعى عليها بإرجاع مبلغ (١١٨٤٠ر.ع) قيمة المهر وتكاليف الزواج.
وأحضر المدعى عليه الطاعن تقريرا طبيا عن حالته المرضية وأنه مصاب بفيروس الكبد الوبائي وأن انتقال المرض ممكن ولكن بصفة ضئيلة جدا وأنه يوجد له علاج كما أن المريض سليم عقليا ونفسيا وعقبت المدعية بأن المدعى عليه مصاب بهذا المرض منذ سنوات وأنها تخاف على نفسها وعلى أولادها أن لو ولدت منه وأنها ترفض دعواه وبتأريخ ٨ / ١٢ / ٢٠١٦م قضت المحكمة أولا في الدعوى الأصلية بتطليق المدعية من المدعى عليه طلقة بائنة للضرر وعليها استقبال عدتها فور صيرورة الحكم نهايئا وفي الدعوى الفرعية برفضها.
لم يحز هذا الحكم قبولا لدى المستأنف فتقدم بطلب الاستئناف أمام محكمة الاستئناف بصلالة وبتأريخ ١١ / ٤ / ٢٠١٧م قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
فلم يقتنع الطاعن بهذا الحكم فتقدم بالطعن الماثل أمام المحكمة العليا بتأريخ ١٨ / ٥ / ٢٠١٧م وبذات التأريخ أودع صحيفة طعنه معتمدة من محام مقبول أمام هذه المحكمة وهو……من مكتب / ……… باعتبارهما وكيلين عن الطاعن وقدم ما يؤكد وكالته وقد استكمل الطعن جميع الإجراءات الشكلية فهو مقبول شكلا.
أسباب الطعن:
ومن حيث الموضوع فإن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وقال بيانا لذلك بوساطة محاميه أن المطعون ضدها استندت في صحيفة دعواها إلى نص المادتين (٣٧ ١٠١) من قانون الأحوال الشخصية وبالرجوع إلى المادة (٣٧) لا نجدها تنطبق على واقع الدعوى حيث إن الطاعن لم يغرر المطعون ضدها معنويا ولا ماديا ولم تثبت الضرر الذي أصابها بل على العكس أقرت إقرارا واضحا بعد الفحوصات الطبية أنها لم يصبها أي مرض من جراء المعاشرة.
وأما المادة (١٠١) فقد اشترطت شروطا لم تتوفر في هذه القضية منها الضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة وهنا لم يثبت ضرر يتعذر معه دوام العشرة فالطاعن عمل فحوصات بالمستشفى السلطاني بصلالة وقد جاءت النتيجة بأنه شفي تماما ولذلك زالت العلة التي تتمسك بها المطعون ضدها في طلب الطلاق.
إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون عندما اعتمد على المادة (٩٨) من قانون الأحوال الشخصية مع أن المادة تنص (على أن لكل من الزوجين طلب التطليق لعلة في الآخر يتعذر معهما استمرار الحياة الزوجية ولا يرجى منها برء أو يرجى بعد مضي أكثر من سنة، عقلية كانت العلة أو عضوية أصيب بها قبل العقد أو بعده وإذا كان العلة يرجى منها برء قبل مضي سنة تعطي المحكمة المعتل أجل سنة قبل التطليق وبإنزال الحكم المطعون فيه على وقائع الدعوى نجده لم يطبق المادة (٩٨) تطبيقا صحيحا حيث يؤجل المريض لمدة سنة حتى تتأكد المحكمة من شفائه وبرئه مع أن الفحوصات السابقة المقدمة أمام محكمة أول درجة وثاني درجة دالة على إمكانية صحته وبرئه ثم جاء قرار المستشفى السلطاني يؤكد شفاء المريض من هذه العلة تماما (إن المحكمة لم تأخذ بدفاع الطاعن كما أن القصور واضح في التسبيب حيث إن الحكم المطعون فيه أيد حكم أول درجة دون تحقيق في القضية.
المحكمة
إن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب سديد ذلك ولئن كان من المقرر في قضاء المحكمة العليا من حيث استخلاص الواقعة والنظر في الأدلة وموازنتها مما تستقل به محكمة الموضوع غير أن ذلك مشروط بأن يكون حمل قضائها على أدلة صحيحة وأسباب سائغة، والثابت من الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة أنه لم يطبق ما ترمي إليه المادة (٩٨) من قانون الأحوال الشخصية بل أخذ بطرف منها مع أن المادة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، ومقتضاها أن المرض إذا كان مما يمكن علاجه والبرء منه فالمحكمة تعطي المريض أجلا لمدة سنة، فإن شفي وإلا فللمحكمة أن تحكم بالتفريق بين الزوجين والأصل في ذلك فسخ النكاح لا الطلاق الذي قرره الحكم المطعون فيه، لأن المطعون ضدها تدعي عدم العلم بالمرض وهو لا يخلو من غش وتدليس فلو أخبرها قبل الزواج لما احتاجت القضية إلى حكم لأنها إما أن ترفض الارتباط به فلا إشكال فهي حرة في اختيارها وإما أن تقبله على الحال الذي هو عليه فتكون المسؤولة عن ذلك؛ لأنها أقحمت نفسها بنفسها في أمر كان بإمكانها التحرز منه أما وكون الزوج اعترف أنه لم يخبرها قبل الزواج فمن هذا المنطلق صار من حقها طلب فسخ النكاح ولكن لا بد من النظر في المرض هل هو من الأمراض المعدية أو من الأمراض المقزرة المنغصة لاستمرار الحياة الزوجية أو غير ذلك وكذلك بالنسبة إلى إمكان البرء والشفاء وعدم ذلك فهذه أمور اعتبارية لا بد من التحقق منها بموجب القواعد الشرعية الناصه على ذلك وكذلك المواد القانونية لا سيما وأن الطاعن قدم تقريرا طبيا ينص على شفائه من هذه العلة أمام محكمة الموضوع فكان الأجدر بها أن تتحقق من ذلك بالإضافة إلى المطعون ضدها لم تتضرر من مرض زوجها وأن أمر العدوى لهذا المرض ضئيل حسب التقارير الطبية فالقصور في التسبيب واضح في الحكم المطعون فيه مؤثر في بطلانه.
فلهذه الأسباب
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيه بهيئة مغايرة ورد الكفالة للطاعن.»