جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٨ / ١١ / ٢٠١٦م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد عبد الرحمن شكيوه.
(١٢٠)
الطعن رقم ٣٩٣ / ٢٠١٦م
بئر (مساحة – عرف)
– قضى العرف بأن المساحة لكل بئر زراعية مستجرة لا تقل في مساحتها عن فدانين.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى في أن المدعي اختصم المدعي عليها بموجب صحيفة طلب في ختامها بإلزام المدعى عليها باستخراج سند ملكية للأرض محل النزاع والمحددة الأوصاف والمعالم وإلزامها بالمصاريف، على سند من القول بأنه يحوز أرضا زراعية بمنطقة الرميس بمساحة قدرها أربعة وأربعون ألفا وأربعمائة وسبعة عشر مترا مربعا (٤٤٤١٧) وقام بمسح الأرض لدى المدعى عليها بغية تمليكها إلا أنها رفضت وقد تظلم من قرار الرفض إلا أنه تم تأييده مما جعله الحال يقيم هذه الدعوى.
نظرت محكمة بركاء الابتدائية الدعوى على حسب الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة ١١ / ٣ / ٢٠١٢م قضت بعدم اختصاصها قيميا وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية المشكلة من ثلاثة قضاة بالرستاق للاختصاص.
ولدى نظر الدعوى أمام الدائرة الثلاثية تحت رقم (٩٨ / ٢٠١٢م) قدم المدعي بوساطة وكيله صحيفة معدلة وتم إدخال كل من وزارة السياحة….. خصمين في الدعوى لتداخل مساحة الأرض موضوع النزاع بملكيتي الخصمين المدخلين ثم عدل عن طلبه في إدخال الخصم الثاني….. فقررت المحكمة استبعاده.
تداول نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة على حسب الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة ٢٤ / ٦ / ٢٠١٣م قضت المحكمة:
بثبوت ملكية المدعي للأرض المبينة الحدود والمعالم بمساحة إجمالية قدرها (٤١٦٢٢م٢) واحد وأربعون ألفا وستمائة واثنان وعشرون مترا مربعا بالإحداثيات المبينة بالتقرير التكميلي للخبير المنتدب.
٢ – باستقطاع المساحة المبينة بالبند الأول من سند الملكية الخاصة بالخصم المدخل الأول وزارة السياحة.
٣ – إلزام المدعى عليها بالمصاريف.
لم يصادف ذلك القضاء قبولا لدى المدعى عليها الأولى والخصم المدخل وزارة السياحة فطعنت عليه الأولى بالاستئناف رقم (٣٥٢ / ٢٠١٣م) بموجب صحيفة معتمدة من ممثلها القانوني وفق القيد الزمني طلب في ختامها قبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المستأنف ضده بالمصاريف واحتياطيا معاينة موقع النزاع للتحقق من وجود الآثار الدالة على قدم الحيازة من عدمها.
وقد نعت على الحكم المستأنف بالبطلان لاستناده إلى تقرير الخبير الذي لم يؤكد وجود آثار ظاهرة وأن الأرض فضاء وتعتبر من أملاك الدولة بينما طعنت عليه الخصم المدخل وزارة السياحة بالاستئناف رقم (٣٧٢ / ٢٠١٣م) وفق القيد الزمني بوساطة وكيلها القانوني بموجب صحيفة طلب في ختامها بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بعدم قبول الدعوى شكلا لعدم التظلم من قرار اللجنة المحلية أمام الوزير وعدم وجود أي ملك مسجل في الموقع ورفض الدعوى وقد نعت على الحكم بمخالفته للقانون إذ إن المرسوم السلطاني رقم (٣٢ / ٢٠٠٧م) نص في المادة الرابعة على أنه لا تنظر دعوى الحيازة إلا بعد التظلم إلى الوزير وأن ملكية المستأنفين صدرت للصالح العام فلا يجوز التنفيذ عليها.
تدوول الاستئنافان أمام المحكمة على حسب الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة ٢٦ / ٣ / ٢٠١٤م قضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وحملت كل مستأنف مصاريف استئنافه.
تأسيسا على أن الحكم جاء موافقا لصحيح القانون وقد ثبت من خلال معاينة المحكمة لموقع النزاع وأن حيازة المستأنف للأرض سابقة للأول من يناير عام (١٩٧٠م) وقد أكد الشهود ذلك واقتنعت المحكمة بما ثبت لها من أدلة في أحقية المستأنف ضده للأرض إلا أن المستأنفين لم يرتضيا الحكم فطعنا عليه أمام المحكمة العليا ناعيين على الحكم المطعون مخالفته لقانون الأراضي باعتبار أن الأرض أرض فضاء ولا يوجد بها آثار ظاهرة وأنها من أملاك الدولة وأن الحكم شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ إن المحكمة اعتمدت على المعاينة وأن الحيازة حديثة وقد جلبت على الموقع بقايا النخيل وهي ليست من أساس الأرض وأن حيازة الأرض لاحقة لعام (١٩٧٠م) وهي أرض بيضاء وفضاء.
هذا وقد خلصت المحكمة العليا إلى نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بالرستاق لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده بالمصاريف تأسيسا على أن المحكمة لم ترد على الدفوع المقدمة من المستأنفين باعتبار أن الحيازة لاحقة لعام (١٩٧٠م) وأنها غير مشروعة بدليل تسجيل مخالفات على الموقع وأن المستأنف ضده أقر في استمارة طلب التملك بأن الحيازة تعود إلى عام (١٩٧٧م).
ولدى نظر محكمة الاستئناف بهيئتها المغايرة الدعوى بجلستها المنعقدة بتأريخ ١٥ / ١١ / ٢٠١٥م حيث مثل الأطراف كل بوكيله فالتمس ممثل الإسكان بطلب الحكم بسحب الأرض محل النزاع باعتبارها من أملاك الدولة بينما تمسك وكيل المستأنف ضده بأن موكله يحوز الأرض حيازة قانونية قبل عام (١٩٧٠م) وأن بها آثارا وحيازته للأرض حيازة هادئة ومستقرة وأن بها بئرا قديمة.
كما افاد ممثل السياحة بأن المستأنف ضده قد أقر في طلب تمليكه بأن حيازته للأرض كانت في عام (١٩٧٧م) وقد اعتمدها ببصمة إبهامه وأنه لا يجوز تمليكهم بعد عام (١٩٧٠م) وأن الآثار التي بالموقع آثار مصطنعة ولا تصلح الأرض للغرض الزراعي لوجود الملوحة بها.
هذا وقد طلب ممثل المستأنف ضده معاينة الموقع وعندها قررت المحكمة معاينة موقع النزاع بجلسة ٢١ / ١٢ / ٢٠١٥م لينظر بجلسة ٢٧ / ١٢ / ٢٠١٥م. وبجلسة ٢١ / ١٢ / ٢٠١٥م وقفت المحكمة على موقع النزاع بحضور أطرافها وعاينت الآبار وما حواه الموقع من أشغال واستمعت للشهود وأعدت تقريرا حول المعاينة، وحيث قيد الاستئناف تحت رقم (٢١٣ / ج / ٢٠١٥م) فأصدرت بتأريخ ٣١ / ١ / ٢٠١٦م بتعديل الحكم المستأنف فيما قضت به ويجعل المساحة المقضي بها لصالح المستأنف ضده فقط وتأييد الحكم فيما عدا ذلك مع إلزام المستأنف بالمصاريف، وأسست قضاءها.
حيث إن المحكمة وببحثها لوقائع الدعوى ومعاينتها لموقع النزاع اتضح لها بأن الأرض تقع على جانب البحر وبها تلال منخفضة ومرتفعة وبها أشجار مختلفة من الأشجار الصحراوية كالسمر والغاف والموقع العام غير محرز وقد لاحظت المحكمة وجود بئرين بالموقع الأول مبني بالحصى والآخر مبني بالصاروج عمقهما متران إلى متر ونصف وتتراوح المسافة بينهما بمعدل (٤٠م٢) وأنهما غير مسجلين وعلى الموقع عرشان من سعف النخيل وبسماع المحكمة لشهادة كل من خ…وس… تحت القسم شهدا شهادة متفقة لفظا ومعنى بأنهما حفظا المستأنف ضده في الموقع قبل عام (١٩٧٠م) حيث أبوه كان ساكنا فيه.
ونظرا لما رأته المحكمة من آثار القدم على البئرين وأنهما يعودان إلى ما قبل الأول من يناير عام (١٩٧٠م) بشهادة الشهود وما أفاد به من أن المستأنف ضده كان يجلب الماء لسقي المزروعات بوساطة النزف عليه فإن المحكمة وصلت إلى قناعة تامة بأحقية المستأنف ضده في الموقع الذي شغله وما استعمل عليه من بئرين قديمين وما حواه من إشغالات بأن تقضي له بموجب العرف المتعلق بالبئرين بمساحة قدرها فدان فقط وبالتالي يكون الحكم المستأنف جانب الصواب في قضائه وتقضي عندها المحكمة بتعديله والنزول إلى تمليك المستأنف ضده فدان ورفض باقي المساحة مع إلزام المستأنفتين بالمصاريف.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعن… فطعن عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ٨ / ٣ / ٢٠١٦م بوساطة محاميه… المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته ووقع الرسم المقرر وسدد الكفالة فكانت أسباب طعنه:
أولا: الخطأ في تطبيق القانون:
قولا بمطالعة الحكم الطعين فقد خلا من الأسباب في سابقة له بتمليك مساحة فدان بالرغم من قناعة المحكمة التامة أن الحيازة سابقة على (١٩٧٠م) وأن البئرين من الآثار الدالة على ذلك:
– يحدد الحكم الأرض المستحقة للبئرين بفدان بزعم أنه حسب العرف ولم يذكر إحرامات الحظائر والمباني والغرف.
– وقد خالف الحكم الطعين العرف والسوابق القضائية لوجود سوابق قضائية اكتفت بوجود الآثار للتملك ولم تشترط إحرامات للأثر ما دامت الحدود قائمة للأرض المطالب بتملكها.
٢ – مخالفة الحكم الطعين للمادة (أ) من القرار السلطاني (٥ / ٨٣) والتي تنص: «الأراضي البيضاء التي يوجد عليها أثر ظاهر قديم يعود إلى ما قبل (١٩٧٠م) تختص وزارة الأراضي والبلديات بالفصل في الادعاءات المتعلقة بها……..إلخ».
وكذلك ما أكدته المادة (٢) من ذات القرار والتي نصت: «يقصد بالأثر الظاهر القديم المشار إليه في المادة السابقة البناء أو الساقية أو البئر أو النخيل القائمة «.
وأن ما استند إليه الطاعنان تطبيقا لذلك وجود الآثار القديمة التي تؤكد الحيازة السابقة على (١٩٧٠م) وكذلك توافر حالات المثل الثابتة بأحكام قضائية وبمستندات وزارة الإسكان ونوضح ذلك في الآتي:
أولا: أن الأرض محل الطعن يوجد عليها أثر ظاهر قديم يعود إلى ما قبل (١٩٧٠م) وذلك وفقا للثابت على الطبيعة وما أقره الحكم الطعين في الآتي:
١ – أن هناك بئرين ظاهرة وقديمة بالأرض محل الدعوى سابقة على (١٩٧٠م).
٢ – وجود السواقي القديمة.
٣ – وجود آثار الزراعات القديمة.
٤ – أن الثابت على الطبيعة أن الأرض محاطة من جميع الجهات بمزارع قائمة بها ملكيات ولا يوجد تعد عليها لمعرفة الجيران جميعهم.
٥ – شهاد الشهود أكدوا على ملكية الطاعن للأرض محل الطعن وحيازتهم السابقة على (١٩٧٠م) بحدودها الموجودة على الطبيعة وإحاطتها بمزارع من جميع الجهات وعدم تعدي أحد عليها لمعرفتهم بها وبمالكها.
ثانيا: ولم يحدد القرار السلطاني أو القانون تخصيص عدد معين من الآبار والآثار القديمة لكل مساحة من الأرض ولكنه فقط اكتفى بوجود الآثار القديمة الدالة على الملك.
ثبوت ملكية الطاعن للأرض محل الطعن: إن دعوى ثبوت الملكية هي دعوى كاشفة للملكية وليست منشئة لها وأن ملكية الطاعن ثابتة وتؤكد ملكية الآبار والأرض التي حولها بحدها وحدودها.
وضع اليد على الأرض محل الدعوى وحيازتها السابقة على (١٩٧٠م): الطاعن هو الحائز للأرض محل الدعوى وهو ما يسمى بالحيازة المادية وحيازتهم لها حيازة هادئة ومستقرة وظاهرة تعود إلى ما قبل (١٩٧٠م) ولا منازع لهم في هذه الحيازة وبنية التملك والدليل على ذلك أنها محاطة من جميع الجهات بمزارع قائمة وبها ملكيات لعلمهم بأن هذه الأرض مملوكة للطاعنين وهم الحائزون لها ولا يمكن التشكيك في ذلك من المطعون ضدها ومظاهر الحيازة المادية للأرض والسابق على (١٩٧٠م) الآتي:
أ – وجود الآبار القديمة بئرين ظاهر تعود إلى قبل (١٩٧٠م).
ب – وجود الأحواض والسواقي القديمة.
ج – وجود آثار المنازل القديمة.
أن وضع اليد وحيازة دلالة على ثبوت الملكية وذلك طبقا لما أقرته المحكمة العليا بالقرار رقم (١٨) في الطعن رقم (٢٦ / ٢٠٠٢م) بأن وضع اليد على العقار دلالة على ثبوت الملكية عملا بما جاء في الأثر «ذو اليد أحق بما في يده» فشهادة الشهود طبق للثابت بأوراق الدعوى وأثناء وقوف فضيلة القضاة على أرض النزاع تم سماع شهادة الشهود عدة مرات وهم شيوخ المنطقة وهم على علم ودراية بالأرض محل الدعوى ومالكيها وقد جاءت شهادتهم متفقة في اللفظ والمعنى في ملكية الطاعن للأرض محل الدعوى وحيازته لها الحيازة الهادئة والمستقرة التي تعود إلى ما قبل (١٩٧٠م) وحددوا الأرض مع وجود الآثار القديمة التي تؤكد وضع اليد والحيازة.
السبب الثاني: القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع:
– تنص المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدينة والتجارية على أن: « يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري ورأي الادعاء العام أن كان ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه والقصور في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه بطلان الحكم.
– قضت المحكمة العليا إلى أن القصور المبطل يتصرف إلى تخلي المحكمة عن أهم واجباتها وهو تمحيص دفاع الخصم وفيه المراد منه وإنزال حكم القانون عليه سواء جاء هذا الدفاع بالمرافقة المكتوبة أو الشفوية أو بمستند دلل الخصم على ما تضمنه من دفاع ولا يكفي أن تتصدى المحكمة لدفاع الخصم بل يجب أن تحقق حقيقة مرماه حتى يكون الدفاع الذي أغفلت المحكمة الرد عليه أو ردت عليه دون أن تمحصه للوقوف على حقيقة مرماه مما قد يتغير وجه الرأي في الدعوى.
– ونظرا؛ لأن الحكم الطعين لم يمحص أوراق الدعوى بعد تداولها في المحاكم وأمام جميع مراحل التقاضي وحكم فيها سابقا بثبوت ملكية الطاعن لكامل المساحة فضلا.
من عدم تحقيق الدعوى والإخلال بحق الدفاع: أن الاكتفاء بذكر المنطوق وصدور منطوق الحكم بشكل مبهم وغير واضح أو قاطع وعدم تحديد المساحة المملوكة للطاعن من أي جانب بالرغم من ثبوتها في أحاكم سابقة وفقا للأحكام والصكوك وشهادة الشهود بحدود الأرض والرسم المساحي ولم يحدد الأرض المستحقة للآبار الثلاث وإحرامات الحظائر والمباني والغرف بالرغم من وجود سوابق قضائية وحالات مماثلة اكتفت بوجود الآثار للتملك ولم تشترط إحرامات للأثر ما دامت الحدود قائمة للأرض ولم تندب خبيرا زراعيا مختصا لتحقيق الدعوى أو الوقوف على الموقع ومعاينته وسماع الشهود مرة أخرى مما كان قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وعدم تحقيق ذلك هو إخلال بحق الدفاع يبطل الحكم المطعون عليه.
وطلب في الختام نقض الحكم والتصدي وذلك بالحكم بالطلبات الواردة في صدر الدعوى وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى وزارة الإسكان فطعنت عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ١٣ / ٣ / ٢٠١٦م بوساطة مفوضها القانوني وشرح سبب طعنه بقوله.
من خلال معاينة الموقع سابقا ومن خلال عدالة المحكمة بالهيئة المغايرة كذلك بتأريخ ٢١ / ١٢ / ٢٠١٥م تلاحظ بأن الأرض جميعها فضاء وتقع بالقرب من شاطئ البحر وأن جميع الآثار التي يتحدث عنها المستأنف حديثة ولا يوجد أثر من الآثار القديمة التي تعود إلى ما قبل الأول من يناير عام (١٩٧٠م) فضلا عن ذلك لا يتصور عقلا مساحة أرض رملية وشديدة الملوحة تستغل كأرض زراعية كما أن جميع الأرض فضاء وبها عرشان فقط..
كما أن الآبار التي يتحدث عنها والتي قدرها عدد اثنين واضحة للعيان ليست قديمة إطلاقا وأن الحصى والصاروج التي يدعي بها المستأنف ضده هي من صنعه بنفسه كما يتضح أيضا بأن إحدى تلك الآبار لا تعدو إلا أن تكون حفرة واسعة لا تثبت بوجود بئر وبالتالي لا نجد أي مظهر الحيازة القديمة وبالتالي فإن طلب المستأنف جدير بالرفض.
أما عن شهادة الشهود فإنها لا تقبل في الأراضي البيضاء كما أنها جاءت متناقضة من حيث تحديد عدد الآبار.
عليه فالمطعون ضده حيازته للموقع وما يؤكد ذلك اعترافه بنفسه بأن الموقع منذ عام (١٩٧٧م) وهذا دليل أيضا على حداثة الموقع وأكد تقرير اللجنة المحلية التي عاينت الموقع في تلك الفترة وطلب في الختام:
قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ضده والقضاء مجددا برفض الدعوى وإبقاء الأرض ملكا للدولة.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى وزارة السياحة فطعنت عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ١٥ / ٣ / ٢٠١٦م بوساطة محاميها… المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته فكانت أسباب طعنه مخالفة الحكم للقانون.
– المخالفة الأولى: مخالفة القانون والقضاء من خارج الأوراق:
– الإقرار القضائي ملزم للقاضي والمقر عملا لأحكام المادة (٦٠) من قانون الإثبات.
– بصم المطعون ضده الأول على استمارة طلب التملك واعتمادها من الجهات الرسمية أن حيازته بعد عام (١٩٧٧م) هو إقرار بأن لا حيازة له حتى يملك ومن الخطأ أن يقرر الحكم أن الحيازة كانت قبل عام (١٩٧٠م) مخالفا إقرار المطعون ضده الأول الذي هو أدرى بتأريخ حيازته:
١ – لا خلاف أن الإقرار في المعاملات المدنية إذا ثبت لا يجوز الرجوع منه وهو ملزم عند إصداره خاصة إن كان بصم المقر عليه وقدمه إلى لجنة الأراضي لأنها لجنة شبه قضائية ولم ينكر بصمته بموجب المادة (٢٥) من قانون الإثبات.
٢ – بعد الاطلاع على استمارة طلب تملك أرض النزاع المقدمة من المطعون ضده الأول والتي بصم عليها قرر أن حيازته منذ عام (١٩٧٧م) وبالتالي صدق دفاع الطاعنة في تأريخ بداية الحيازة ولا أبلغ من أن يقر الشخص بذلك.
٣ – وحيث إن الحيازة بإقرار المطعون ضده لاحقة لعام (١٩٧٧م) فلا يملك الحكم الطعين أن يقتضي بأن الحيازة منذ عام (١٩٧٠م) مخالفا لما هو ثابت بإقرار المذكور وكذلك كونها مخالفة لما هو ثابت بالأوراق وهي مخالفة أخرى وقع فيها الحكم لذا نفردها مخالفة تالية.
٤ – لذا خالف الحكم الطعين إقرارا صادرا من المطعون ضده الأول الذي بصم أن حيازته في عام (١٩٧٧م) وهذا يؤكد أن أشجار النخيل بالأرض كان بعد عام (١٩٧٧م) وجلوب وهذه مخالفة توجب النقض.
الوجه الأخر للمخالفة: القضاء من خارج الأوراق:
– بصم المطعون ضده الأول على طلب استمارة طلب التملك أنه لا يحوز الأرض منذ عام (١٩٧٧م) كإقرار منه وعدم إنكاره البصمة فلا يجوز القضاء أن الحيازة سابقة لعام (١٩٧٠م) في أن يخالف الحكم الإقرار الكتابي والمبصوم عليه.
١ – أن القضاء من خارج الأوراق يوجب بطلان الحكم وهذا حال الطعن حيث إن الحكم الطعين جاء مخالفا لما خطه المطعون ضده الأول في أن حيازته منذ عام (١٩٧٧م) كما هو واضح في استمارة طلب إثبات التملك والبصمة عليها ومن غير المنطقي أن يقر شخص ويبصم أن حيازة عام (١٩٧٧م) ثم يأتي الحكم ليخالفه بأن حيازته سابقة لعام (١٩٧٠م) كحال الحكم الطعين الأمر الذي يوجب نقضه.
الوجه الأخر: مخالفة قانون الأراضي والمرسوم (٣٢ / ٢٠٠٧م):
تختص المحاكم واللجان بإثبات الحيازات السابقة على عام ((١٩٧٠م)) لخمس سنوات سابقة أما اللاحقة فلا تختص بها اللجان ولا المحاكم.
الحيازات اللاحقة لعام (١٩٧٠م) غير معتبرة وتعتبر الأرض حكومية وتنطبق عليها المادة (١٤، ١٥، ٢٠) من قانون الأراضي فلا حيازة والأمر للوزارة لا معقب عليها ومخالفة ذلك هي مخالفة قانون:
١ – أن قانون الأراضي (٥ / ٨٠) عامل الأراضي الزراعية في المادة (٢٠) منه بأن ينطبق عليها أحكام الأراضي الأخرى الواردة في المواد (من ١٢ إلى ١٦ منه).
٢ – بالتالي نجد أن الحيازة المعتبرة لإثباتها هي الحيازات السابقة لعام (١٩٧٠م) بخمس أعوام في المواد (١٢، ١٣، ١٤) تحكمها المادتان (١٥) إذ كان لديه صك شرعي أو المادة (١٦) وهنا يحال الحائز إلى الوزارة فإما أن تملكه الأرض أو جزءا منها أو تلزمه بالإخلاء أي ليس له حق مكتسب طالما كانت الحيازة لاحقة لعام (١٩٧٠م) أو تقل عن (٥ سنوات) من يناير(١٩٧٠م).
٣ – ولما كان المطعون ضده الأول قرر وبصم أن حيازته عام (١٩٧٧م) فلا حيازة له وبالتالي فإن الأرض حكومية بقوة القانون ولا تملك الأرض له وقد تم رفض طلب تملك المطعون ضده الأول وفقا لقرار اللجنة المحلية للأراضي عند المعاينة لذا تمليك المطعون ضده مساحة فدان هو قضاء يخالف مواد قانون الأراضي أعلاه بل ويخالف ما أقر به قضائيا ونلتمس تدخل المحكمة العليا.
الوجه الأخر للمخالفة:
– عدم اختصاص المحاكم واللجان في نظر دعاوى الحيازة اللاحقة لعام (١٩٧٠م) ولا يجوز إثباتها قضائيا والأمر يعود لوزارة الإسكان بموجب المادتين (١٥، ١٦) ولا معقب على وزارة الإسكان لهذه الحيازة.
١ – أن قانون الأراضي اعتد بالحيازة السابقة على عام (١٩٧٠م) بخمس سنوات وارد ذلك في المواد (١٢، ١٣، ١٤) منه وجاء ذلك صراحة على أن تكون الحيازة بسابقة لعام (١٩٧٠م) بخمس سنوات وهو نص واضح حتى يملك وتثبت حيازته.
٢ – أن لجان الأراضي شكلت لإثبات الحيازات السابقة لعام (١٩٧٠م) بخمس سنوات بموجب المواد في الفقرة أعلاه وعند رفض لجان الأراضي التمليك يلجأ المواطن إلى المحاكم.
٣ – أما الحيازات اللاحقة لها (١٩٧٠م) فقد عالجتها المادتان (١٥، ١٦) من قانون الأراضي في أن الأمر يعود إلى الوزارة وليس إلى اللجان أو المحاكم لأنها حيازات لم يعتد بها القانون وجعل أمرها إلى الوزارة إما أن تملك الشخص كامل الأرض أو جزء منها أو أن تأمره بإخلاء الأرض دون معقب من اللجان أو المحاكم.
٤ – بالتالي حيازة المطعون ضده الأول بموجب إقراره القضائي أنها عام (١٩٧٧م) كما هو واضح في المرفق أعلاه وبالتالي لا تختص لجان الأراضي لإثبات هذه الحيازات.
الوجه الأخر:
– مخالفة الحكم الناقض مخالفة قانون:
١ – أيضا تحيل المحكمة العليا أن الحكم الطعين أيضا خالف الحكم الناقض حينما لم بأن الأرض حكومية وتجاهل دفاع الطاعنة في أن الأرض حيازتها غير معتد يقض بها بإقرار المطعون ضده الأول بصم أن حيازته بعد عام (١٩٧٧م) وليست سابقة لعام (١٩٧٠م) إلا أن الحكم ضرب بإقرار المطعون ضده الأول عرض الحائط في أن الحيازة تعود لعام (١٩٧٠م).
٢ – كذلك فات على الحكم أن الأرض هي أرض حكومية غير قابلة للتنفيذ كمال عام؛ لأن الحيازة لعام (١٩٧٧م) لا تملك الأرض وتعتبر الأرض أرضا حكومية بقول القانون وفقا لإقرار المطعون ضده الأول الذي لم يتنصل عنه ولا يجوز له ذلك في معاملات مدنية وبالتالي مرد الحيازة اللاحقة لعام (١٩٧٠م) للوزارة ولا معقب عليها من اللجان أو جهتي القضاء ما لم تكن الحيازة سابقة بخمس سنوات لعام (١٩٧٠م).
وطلب في الختام بنقض الحكم المطعون فيه والتصدي للموضوع برفض الدعوى الابتدائية للإقرار بالحيازة عام (١٩٧٧م) وتكون المدعى وقعت على أرض حكومية بقوة القانون وليست حيازة سابقة بخمس سنوات عام (١٩٧٠م) ولعدم اختصاص المحاكم لنظر الحيازات اللاحقة لعام (١٩٧٠م) بموجب المواد (١٥، ١٦) من قانون الأراضي ولا معقب للوزارة على هذه الحيازات من جهتي القضاء.
وحيث أعلن كل طاعن بالرد فكان ردهم وتعقبهم جميعا لم يخرج عما جاء في صحيفة طعنهم وتمسك كل طرف بصحيفة طعنه.
المحكمة
بعد الاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة القانونية فإن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا.
من حيث الموضوع ففي الطعن رقم (٣٩٣ / ٢٠١٦م) فبعد الاطلاع على الحكم المستأنف الذي قرر في حكمه بأن للأرض بئرين بين كل بئر (٤٠م٢) وأنه يوجد في الأرض أثار وشهد الشهود على وجود آباء الطاعن على الأرض قبل عام (١٩٧٠م) فيكون طعنه سديدا وذلك ؛ لأن كل بئر لها فدانان من المساحة وإذ العرف قضى بأن المساحة لكل بئر زراعية مستجرة لا تقل في مساحتها عن فدانين ومن المعلوم إن آبار الباطنة من الآبار المستجرة وأن موطن البئرين تتخللها آثار وشهد الشهود تحت القسم بأن آباء الطاعن كانوا يسكنون هذه الأرض والمحكمة ارتضتهم لقضائها ولما كان الشهود لم يحددوا المساحة فإن المحكمة تتصدى لموضوع المساحة حسب ما اقتضاه العرف وأحكام هذه المحكمة برفعها إلى أربعة أفدنة لما سبق من تعليل.
وبناء على ذلك فإن طعن وزارة الإسكان (٤١٥ / ٢٠١٦م) وطعن وزارة السياحة (٤٣٣ / ٢٠١٦م) ينحل إلى جدل موضوعي بعدما ثبت للطاعن في الطعن (٣٩٣ / ٢٠١٦م) بحيازته للأرض ومن قبله آباؤه للأرض وانطباق قانون الأراضي الصادر (١٩٨٥م) في تحديد الأرض المستثناة من عموم الأراضي البيضاء بوجود الأثر الظاهر وشهادة الشهود تحت القسم ومن خلال العرف القاضي في أقل ما يمكن للبئر المستجرة من الأرض فدانان مجموع ذلك أربعة أفدنة فلما كان الأمر كذلك فإن المحكمة تقضي برفعها مع إبقاء المصاريف محمولة على الطاعن في الطعن (٣٩٣ / ٢٠١٦م) ورد الكفالة له عملا بنص المادة (٢٦١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بتعديل المساحة المحكوم بها وذلك بترفيع المساحة المحكوم بها في الطعن (٣٩٣ / ٢٠١٦م) إلى أربعة أفدنة وبرفض الطعنين رقم (٤١٥ / ٢٠١٦م) و (٤٣٣ / ٢٠١٦م) ورد الكفالة للطاعن رقم (٣٩٣ / ٢٠١٦م) مع إبقاء المصاريف محمولة عليه.