جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٦ / ١٢ / ٢٠١٦م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد عبد الرحمن شكيوه.
(١٢١)
الطعن رقم ٣١٠ / ٢٠١٦م
تأمينات (استحقاق – مكافأة)
– إذا انتهت خدمة المؤمن عليه ولم تتوافر فيه شروط استحقاق المعاش استحق مكافأة نهاية الخدمة شرط ألا تقل مدة اشتراكه في التأمينات عن السنة.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى أن المطعون ضده… أقام الدعوى المدنية رقم (٣١٧ / ٢٠١٥م) بموجب صحيفة مودعة أمانة سر المحكمة الابتدائية بمسقط طلب في ختامها الحكم بإلزام المستأنفة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بأن تؤدي له مبلغا وقدره (١٣,١٢٥,٠٥٧ ر.ع) ثلاثة عشر ألفا ومائة وخمسة وعشرون ريالا عمانيا وسبع وخمسون بيسة مستحقات نهاية الخدمة وإلزامها برسوم الدعوى وأتعاب المحاماة بمبلغ (٥٠٠ر.ع).
وذلك على سند من القول إن المستأنف ضده عمل في القطاع الخاص لشركات متعددة خلال الفترة من ١ / ١١ / ١٩٩٥م ولغاية ١٤ / ٦ / ٢٠٠٨م وخلال تلك الفترة وهو مستمر في دفع اشتراكاته لدى هيئة التأمينات الاجتماعية فبلغت مدة عمله بالقطاع الخاص (١١ سنة و٩ أشهر و١٣ يوما).
وحيث إنه كان آخر راتب أساسي للمدعي (٦٨٣ر.ع) وهو الراتب الخاضع للاشتراك وتقدم إلى المستأنفة بطلب صرف المكافأة المستحقة له وفقا لما نص عليه قانون التأمينات الاجتماعية إلا أن الهيئة رفضت ذلك بدعوى احتفاظها بمبلغ الاشتراك لحين بلوغه سن الستين أو توافر شروط استحقاق المعاش التقاعدي الأمر الذي حدا به للقيام بهذه الدعوى للحكم له بما سلف من طلبات.
وقدم سندا لها صورا من المستندات المرفقة بالصحيفة.
وحيث تدوول نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وبجلسة ٢٠ / ١٠ / ٢٠١٥م حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مكافأة نهاية الخدمة مبلغا وقدره (١٣,١٢٥,٠٥٧ر.ع) ثلاثة عشر ألفا ومائة وخمسة وعشرون ريالا عمانيا وسبع وخمسون بيسة وألزمتها المصاريف ومبلغ (١٠٠ر.ع) مائة ريال عماني أتعاب المحاماة.
وحيث إن الحكم السابق لم يلق قبولا لدى المدعى عليها فطعنت عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة مودعة أمانة سر هذه المحكمة بتأريخ ١٩ / ١١ / ٢٠١٥م طلبت في ختامها قبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المستأنف ضده بالمصاريف.
وأسست استئنافها على أسباب حاصلها:
١ – أخطأ الحكم المستأنف في تفسير القانون وفي تطبيقه ولم يراع ما نصت عليه المادة (٦٤) من قانون التأمينات الاجتماعية والتي منحت تفويضا تشريعيا للوزير بإصدار قرارات وزارية تبين حالات وشروط استحقاق مكافأة نهاية الخدمة والتي من بينها على الأخص انتهاء الخدمة بسبب بلوغ سن الستين أو بعدها وتنفيذا للتفويض التشريعي الذي منح للوزير فقد صدر القرار رقم (٢٣ / ٩٧) بتحديد حالات صرف مكافأة نهاية الخدمة والتي ليس من بين أحدها أي حالة تنطبق على المستأنف ضده.
٢ – لقد شاب الحكم المستأنف قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال فيما انتهى إليه من تبريرات ذلك أنه يتضح من المادة (٢٩) من قانون العمل أن المشرع قد ألغى العمل بنظام مكافأة نهاية الخدمة بالنسبة للعمال العمانيين العاملين في القطاع الخاص وأحل محلها نظام المعاشات المتمثل في نظام التأمينات الاجتماعية.
٣ – أخطأ الحكم المستأنف فيما أسند إليه من تفسير لنص المادة (٢٤) من قانون التأمينات والمادة (٣٤) من قانون العمل حيث تضمنت المادة (٢٤) المذكورة شقين أساسين وهما:
أ – إذا انتهت خدمة المؤمن عليه، ويقصد المشرع هنا بانتهاء الخدمة هو بلوغ المؤمن عليه سن الشيخوخة أو حدوث عجز مهني أو غير مهني أو الوفاة فهنا تنتهي الخدمة بصفة نهائية وإذا انتقل العامل المؤمن عليه من منشأة إلى منشأة أخرى فلا تعتبر ذلك انتهاء للخدمة وإنما استمرار فيها إلى حين بلوغه سن الشيخوخة فلو انتقل العامل المؤمن عليه للعمل في أكثر من منشأة فإن هذه الفترات تجمع وتحسب له في مدة خدمته المعاشية يعضد هذا القول ما جاء بنص المادة (٢١) من قانون التأمينات الاجتماعية.
حيث إن المشرع لو أراد جواز صرف المكافأة عند انتهاء العلاقة العمالية للمؤمن عليه لدى كل شركة لاستخدام عبارة: «إذا انتهت العلاقة العمالية المؤمن عليه…» فالعلاقة العمالية هي التي تنتهي للعامل لدى كل شركة وليست الخدمة فانتهاء الخدمة يكون لمرة واحدة فقط وشكل نهائي.
وما يؤكد صحة دفاع المستأنفة وهو أن نص المادة (٤٣) من قانون نصت على ما يلي: ينتهي عقد العمل في أي من الحالات الاتية:
١ – انتهاء مدته أو إنجاز العمل المتفق عليه.
٢ – وفاة العامل.
٣ – عجز العامل عن تأدية عمله.
٤ – الاستقالة أو الفصل أو ترك العمل طبقا لأحكام هذا القانون.
٥ – مرض العامل مرضا استوجب انقطاعه عن العمل مدة متصلة أو منفصلة لا تقل عن عشرة أسابيع خلال سنة واحدة.
وهي حالات تنتهي فيها العلاقة العمالية ولا تنتهي فيها الخدمة.
وحيث أصدرت المحكمة بتأريخ ٢٦ / ١ / ٢٠١٦م: « بقبول الاستئناف شكلا وبرفضه موضوعا وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت رافعته بالمصاريف».
مؤسسة حكمها بأن ما ينعاه المستأنفة بأسباب استئنافها على الحكم المستأنف بالخطأ في تفسير القانون وفي تطبيقه وعدم مراعاته لما نصت عليه المادة (٦٤) من قانون التأمينات الاجتماعية والتي منحت تفويضا تشريعيا للوزير بإصدار قرارات وزارته تبين حالات وشروط استحقاق مكافأة نهاية الخدمة فهو نعي غير سديد في مجمله؛ ذلك أن التفسير الذي انتهجته المستأنفة لم يكن في محله ولم يصادف صحيح القانون وأن كل ما أثارته المستأنفة نعيا على الحكم المستأنف كان مطروحا أمام محكمة أول درجة وقد تكفل الحكم المستأنف بالرد عليه وجاءت أسبابه صحيحه وسائغة ومتماشية مع نص وروح المواد ذات الصلة بالموضوع كما أنها جاءت مواكبة للأهداف التي رمى إليها المشرع ولا تثريب على هذه المحكمة أن تقرها وتجعلها أساسا لحكمها مع التأكيد أنه خلافا لما ذهبت إليه محكمة أول درجة فإن المادتين (٢٤، ٢٥) من قانون التأمينات الاجتماعية مقروءتان مع المادة (٢٠مكرر) تقتضي أنه لاستحقاق المؤمن عليه مكافأة نهاية الخدمة ثلاثة شروط وهي أن تكون خدمته قد انتهت وأن يكون قد مضى على اشتراكه في التأمين سنة كاملة على الأقل وإلا يتوافر فيه شروط استحقاق المعاش وهذه الشروط تتمثل في أن يكون المؤمن عليه قد أتم الستين سنة تكون مدة اشتراكه في التأمين (١٨٠ شهرا) على الأقل.
وأن حيث لما كان ذلك ثابتا من الأوراق أن المستأنف ضده عمل في القطاع الخاص لشركات متعددة خلال الفترة من ١ / ١١ / ١٩٩٥م ولغاية ٤ / ٦ / ٢٠٠٨م ودفع اشتراكاته في كامل الفترة المذكورة لدى الهيئة.
وحيث بلغت مدة عمله (١١ سنة و ٩ أشهر و ١٣ يوما) ومن ثم تكون اشتراكاته في التأمين تزيد على سنة مما تكون معه أن الشرط المنصوص عليه في المادة (٢٤) من قانون التأمينات الاجتماعية قد تحقق وبالتالي فهو يستحق مكافأة نهاية الخدمة عملا بالمادتين (٢٤، ٢٥) مقروءتين مع المادة (٢٠) مكرر من القانون ذاته وتعديلاته ولا تنطبق عليه الشروط المنصوص عليه في المادتين (٢١، ٢٢) من القانون المذكور لاستحقاق المعاش ولا يلزمه انتظار سن الستين من عمره أو فوقها أو العجز أو الوفاة إذ لا وجود لأي نص قانوني يشير إلى ذلك وأن ما ذهبت إليه المستأنفة من تفسير وتأويل للنصوص السالف الإشارة إليها قد حمل تلك النصوص ما لا تتحمله وفيه خطأ في الاستدلال ذلك أن المادة (٦٤) التي استندت إليها الهيئة المستأنفة تحقيقا لدفاعها ما لا تتحمله وفيه خطأ في الاستدلال ذلك أن المادة (٦٤) التي استندت إليها الهيئة المستأنفة تحقيقا لدفاعها لا يمكن أن تخول الوزير حق تعديل أو إضافة شروط على شروط المقررة بالمادة (٢٤) ولا بالمادة (٢١) ولا بأي مادة قانونية باعتبار أن السلطة المخولة للوزير في هذا المجال لا تعدو أن تكون سلطة ترتيبية لا تعدل قانونا أو تزيد أو تنقص في ما اقتضاه من شروط وهي سلطة تنظيمية تقتصر على تنفيذ الأحكام القانونية وتفصيل وتوضيح الشروط الواردة بها بما لا يمتس من جوهرها وهو ما اقتضته المادة (٦٤) المذكورة التي نصت على أنه « يحدد الوزير بقرار منه بناء على اقتراح مجلس الإدارة نظام ومواعيد وكيفية صرف مستندات الصرف اللازمة لذلك».
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية فطعنت عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ٢١ / ٢ / ٢٠١٦م بوساطة مفوضها القانوني وموقعة من مديرها العام فكانت أسباب طعنها الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك أن المشرع قد حرص مند إصدار نظام التأمينات الاجتماعية على أن يحل نظام المعاشات التأمينية محل نظام مكافأة نهاية الخدمة الذي كان معمولا به في ظل قانون العمل وهو ما أكده المشرع بنص المادة (٣٩) من قانون العمل العماني فيما نصت عليه من أنه: «يجب على صاحب العمل بالنسبة إلى العمال غير المنتفعين بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية إذا انتهت علاقة العمل أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته..».
فالمنتفعون بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية هم العمال العمانيون العاملون في القطاع الخاص بموجب عقود عمل دائمة وبالتالي فإن المشرع ألغى العمل بنظام مكافأة نهاية الخدمة بالنسبة للعمال العمانيين وأحل محلها نظام المعاشات للتمثيل في نظام التأمينات الاجتماعية.
فالمشرع بنظرته الفاحصة يهدف من كل تشريع يصدره إلى تحقيق أكبر مصلحة للمواطن فقد كان المواطن العماني العامل في القطاع الخاص لا يخضع لأي نظام تقاعدي يكفل له استقرار معيشته بعد سن التقاعد وقد أوجد المشرع نظام التأمينات الاجتماعية والذي يهدف لتأمين العيش المستقر والحياة الكريمة للعامل حيث إن هذا النظام يهدف إلى أن يكون لدى العامل وأسرته معاشا شهريا يتسم بالدورية والانتظام عوضا عن مكافأة نهاية الخدمة التي تصرف لمرة واحدة ثم يظل العامل وأسرته بدون دخل مدى الحياة.
حيث يعتمد نظام التأمينات الاجتماعية على تجميع مدد الاشتراك في التأمين والتي من خلالها يتمكن العامل المؤمن عليه من استحقاق المعاش في حالة توافر المدد التي يتطلبها القانون وهي (١٨٠ اشتراك شهري أو ٢٤٠ اشتراك سنوي).
فبقراءة نصوص قانون التأمينات الاجتماعية يتضح لعدالة المحكمة بأن صرف المعاش هو الأصل والاستثناء هو صرف المكافأة.
فالمعاشات التي نص عليها القانون هي معاش الشيخوخة ومعاش الشيخوخة المبكر ومعاش العجز غير المهني والمعاشات المستحقة عن حالات إصابات العمل إذا كانت نسبة العجز أكبر من (٣٠٪) ومعاش الوفاة.
أما بالنسبة للمكافأة فقد ورد تنظيمها في (٣) مواد ولا يتم تطبيق هذه المواد بمعزل عن بقية مواد القانون فالقانون وحدة واحدة يكمل بعضه بعضا ولا يجوز تجزأته.
قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتنظرها من جديد بهيئة مغايرة وتحكم فيها وفقا لطلبات الهيئة أو التصدي للموضوع والحكم برفض العوى الأصلية.
وحيث أعلن المطعون ضده فرد بوساطة محاميه المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته فكان رده الموعد المحدد، ليس صحيحا وفقا للقانون وما سارت عيه أحكام المحكمة العليا بأن قانون التأمينات الاجتماعية حرص على أن يحل نظام المعاشات التأمينية محل نظام مكافأة نهاية الخدمة حيث إن قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٧٢ / ١٩٩١م) وتعديلاته قد خصص الباب الرابع منه بعنوان (فرع تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لسبب غير مهني) وأدرج تحت هذا الباب جملة من الفصول منها (الفصل الثاني: استحقاق معاش الشيخوخة) وفيه اندرجت المادة (٢١) كما افرد (الفصل الخامس: استحقاق مكافأة نهاية الخدمة) وتحت هذا الفصل اندرجت المادتان (٢٤، ٢٥) ومن هذا تبين أن استحقاق معاش الشيخوخة له شروطه في المواد التي تحته ومنه المادة (٢١) وأن مكافأة الخدمة شروطه التي أدرجت تحته ومنها المادتان (٢٤، ٢٥) ولا يجوز بأي حال خلط الشروط الواردة في الفصل الثاني مع الشروط الواردة في الفصل الخامس أو التوسع فيما لم يقصده الشارع.
أما تفسير الطاعنة بارتباط المادة (٢٤) بالمادة (٢١) فإنه لا يستند إلى أي دليل من الواقع أو القانون لوضوح الشروط الواردة لكل حالة وحيث إنه من المقرر قانونا بأنه لا يجوز التعدي على قصد الشارع؛ لأنه متى كان النص صريحا وجليا فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى البحث عن قصد الشارع منه؛ لأن محل هذا البحث يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه وهو المر الذي لم يثبت بالنسبة للمادة (٢٤) من قانون التأمينات الاجتماعية حيث جاءت عباراتها واضحة وصريحة ودالة على المقصود منها وحيث إنه والحال كذلك فإن نعي الطاعنة على الحكم الطعين يكون غير ذي أساس، وطلب رفض الطعن.
المحكمة
بعد الاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة القانونية فإن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا.
من حيث الموضوع إن نعي الطاعنة على الحكم بالأسباب السالفة البيان غير سديد فوفقا لصحيح القانون يستحق المؤمن له مكافأة نهاية خدمة إذا انتهت مدة خدمته بأي سبب من أسباب الانتهاء المقررة بنص المادة (٤٣) من قانون العمل بما في ذلك الاستقالة من العمل وليس في قانون التأمينات الاجتماعية تعريف خاص يضبط معنى نهاية الخدمة يخرجها عما أفهمته المادة (٤٣) من قانون العمل كما أنه لا يوجد إلزام على المؤمن عليه أن يقوم بتجميع مدد الاشتراك لاستحقاق المعاش؛ لأن هذا ينطبق أو ينصرف على المؤمن عليه الذي يستوجب اشتراكه في التأمين وليس العكس وبناء عليه فإن المادتين (٢٤، ٢٥) من قانون التأمينات الاجتماعية ينص إذا انتهت خدمة المؤمن عليه ولم تتوافر فيه شروط استحقاق المعاش استحق مكافأة نهاية الخدمة شرط ألا تقل مدة اشتراكه في التأمينات عن السنة فتعين تبعا لذلك رفض الطعن لكونه أسس على صحيح القانون.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفصه.