جلسة يوم الاثنين الموافق ٣٠ / ١ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، ومحمد بن حمد النبهاني، وصلاح الدين نعيم غندور.
(١٣٣)
الطعن رقم ١٥٠٩ / ٢٠١٦م
بيع (صحة – غبن)
– إذا قبض البائع الثمن في عقد البيع يصبح البيع بيعا باتا فلا مجال لسماع دعوى الغبن في ذلك، لا سيما أنه لم يكن هناك ثمة تغرير على البائع فهو بنفسه حدد الثمن، وقبله المشتري، وأما تقلب أسعار العقار فلا مجال لسماع الدعوى فيه.
الوقائع
تخلص واقعة الدعوى في أن المدعي بوساطة وكيله أقام دعواه بصحيفة أودعت أمانة سر المحكمة الابتدائية بالرستاق بتأريخ ٢ / ٦ / ٢٠١٥م أعلنت قانونا التمس في ختامها الحكم أصليا ببطلان عقد البيع المؤرخ في ١٥ / ٢ / ٢٠١٢م للغبن الفاحش واحتياطيا ندب خبير عقاري مثمن لمعاينة قطعة الأرض محل عقد البيع والدعوى، وتحديد القيمة السوقية الحقيقية لها وقت إبرام العقد مع إلزام المدعى عليه بتكملة ثمن قطعة الأرض محل العقد للغبن الفاحش وذلك للقيمة المحتسبة وفقا لتقرير الخبير المنتدب من قبل المحكمة وإلزام المدعى عليه المصروفات وأتعاب المحاماة.
تأسيسا على أنه يمتلك الأرض الزراعية الكائنة بولاية بركاء منطقة الجنيبة والبالغ مساحتها (٩٤,٢٤١,٧٥م٢) أربعة وتسعين ألفا ومائتين وواحدا وأربعين مترا وخمسة وسبعين سنتيمتر بموجب صك الملكية المرفق وبتأريخ ٢ / ١٢ / ١٩٨٢م قام المدعي بتحرير وكالة لشقيقه….. لدى الكاتب بالعدل آنذاك فقام الأخير بتأريخ ١٥ / ٢ / ٢٠١٢م وبموجب هذه الوكالة الممنوحة له ببيع قطعة الأرض للمدعى عليه بمبلغ (٢٠٠,٠٠٠ ر.ع) مائتي ألف ريال وقد فوجئ بالمدعى عليه يقيم الدعوى رقم (١١٧ / م ث / ٢٠١٢م) أمام المحكمة الابتدائية بالرستاق يطلب في ختامها بصحة ونفاذ عقد البيع كما استجوبت أيضا الكاتب بالعدل في ذلك الوقت وأقر بأن صلاحية الوكالات في ذلك الوقت تكون لخمس سنوات من تأريخ إصدارها وبتأريخ ٤ / ٢ / ٢٠١٣م أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى برفضها وإلزام رافعها المصروفات لم يصادف هذا القضاء قبولا من المدعي فطعن عليه بالاستئناف وقيد برقم الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ في ١٥ / ٢ / ٢٠١٢م وإلزام المستأنف ضدهما بنقل ملكية الأرض موضوع النزاع للمستأنف ولما كان هذا القضاء قد جاء مجحفا بحقه؛ ذلك أن البيع تم دون علمه وبثمن بخس وقد طعن عليه بالطعن أمام المحكمة العليا فقيد بالرقم (٥٠ / ٢٠١٤م) وبتأريخ ٢٦ / ١ / ٢٠١٤م أصدرت المحكمة العليا حكمها في الطعن بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه ورغم أن هذا القضاء لم يلق قبولا لديه إلا أنه قضاء نهائي لا يجوز الطعن عليه كما أنه بالرغم من تمسكه بملكه إلا أنه لا مناص لديه من احترام أحكام القضاء ولما كان الثمن المذكور في عقد البيع المقضي بصحة ونفاذة مقدر بـ (٢٠٠,٠٠٠ ر.ع) مائتي ألف ريال هو ثمن بخس بحيث لو تمت قسمته على مساحة الأرض لاتضح بأن قيمة المتر الواحد تساوي ريال وثمانمائة بيسة وأن هذا الثمن لا يساوي ربع قيمة الأرض الفعلية وقت إبرام العقد ذلك أن ثمنها وقت إبرام العقد (٩٥٠,٠٠٠ ر.ع) تسعمائة وخمسون ألف ريال ولما كان ما أصابه (أي المدعي) هو غبن فاحش فإذا تحقق الغبن الفاحش فإنه يحق للمتعاقد المغبون الخيار بين إمضاء العقد أو فسخه وفقا لرأي جمهور الفقهاء ذلك أن الغبن ظلم والظلم محرم شرعا وأن الشريعة الإسلامية حرصت على تحريم الغبن الفاحش وإزالة الضرر، ولما كان الغبن هو عدم التعادل بين ما يطيعه العاقد وما يأخذه وقد جاءت أحكام قانون المعاملات المدنية متوافقة مع ما جاءت به الشريعة الإسلامية وإزاء هذه وتلك فقد أقام دعواه الماثلة بغية الحكم له بالطلبات آنفة البيان وقدم سندا لدعواه صورا ضوئية للمستندات التالية:
١ – سند وكالة.
٢ – ملكية الأرض موضوع الدعوى.
٣ – سند الوكالة الذي حرره المدعي لأخيه.
٤ – الحكم الابتدائي رقم (١١٧ / م ث / ٢٠١٢م) الصادر بتأريخ ٤ / ٢ / ٢٠١٣م.
٥ – الحكم الاستئنافي رقم (١١٣ / م / ٢٠١٢م) الدائرة المدنية الصادر في ١١ / ١٢ / ٢٠١٣م.
٦ – الحكم الصادر من المحكمة العليا الدائر المدنية (ج) والصادر في ٢٦ / ١ / ٢٠١٤م.
وحيث نظرت محكمة أول درجة الدعوى الماثلة وفق الثابت بالأوراق وبجلسة ٢٢ / ٦ / ٢٠١٦م رفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف وقد استندت المحكمة في حكمها إلى أنه:
وعن موضوع الدعوى وكان وكيل المدعي تتمحور دعواه حول طلب فسخ عقد البيع الصادر للمدعى عليه وكان الثابت للمحكمة أن هذا هو عقد صحيح بموجب الأحكام السابقة، والمحكمة لا تبحث هذه الصحة مرة أخرى، وأما من حيث الغبن الفاحش الذي يدعي به وكيل المدعي فإن البين أنه لم يثبت للمحكمة هذا الغبن من حيث سعر الأرض، والمحكمة في سبيل تقصي الحقيقة والعدالة انتدبت خبيرا في الدعوى ولم يقطع بوجود هذا الغبن في سبيل تقصي الحقيقة، والعدالة انتدبت خبرا في الدعوى، ولم يقطع بوجود هذا الغبن في البيع وما توصل إليه من سعر الأرض محل الدعوى وإن كان مغايرا لما تم البيع به إلا أن هذا لا يعد غبنا في البيع طالما أن وكيل المدعي قدد حدد لها سعرا في دعواه يفوق كثيرا عما توصل إليه الخبير وما توصل إليه الخبير من نتيجة لا يعدو إلا عنصرا من عناصر صحة العقد وكذلك من المقرر من المادة (١٠٧) من قانون المعاملات المدنية أن العقد لا ينفسخ بالغبن الفاحش المجرد بلا تغرير وهو ما لم يثبته وكيل المدعي من وجود تغرير في العقد لو سلمنا جدلا بوجود الغبن الأمر الذي يكون معه والحال كذلك أن الحقوق بعد البيع كانت متعادلة ولا يوجد أي غبن فيه.
عليه فإن هذه الدعوى تكون قائمة على غير أساس قانوني متعينا رفضها وإلزام المدعي فيها بالمصاريف استنادا للمادة (١٨٣) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية باعتباره الخاسر في الدعوى.
وأما طلبات المدعى عليه فإن المحكمة قد ردت عليها بالحكم التمهيدي وتحيل إليه منعا للتكرار.
وحيث إن القضاء السالف لم يصادف قبولا لدى المدعي فطعن عليه بالاستئناف الماثل وذلك بموجب صحيفة الاستئناف المودعة أمانة سر هذه المحكمة بتأريخ ١٧ / ٣ / ٢٠١٦م ومعلنة قانونا طلب في ختامها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى الابتدائية وقد أسس المستأنف استئنافه إلى أسباب حاصلها:
الأول: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: حيث قضى الحكم المستأنف برفض الدعوى بالرغم من ثبوت الغبن في عقد البيع للأرض محل الدعوى من خلال تقدير الخبير الذي أثبت أن الغبن يزيد بأكثر من نصف السعر المبيعة به الأرض محل الدعوى.
الثاني: الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب:
حيث ورد بالحكم المستأنف في الصفحة (٨) أنه وإن كان سعر الأرض مغايرا لما تم البيع به إلا أن هذا لا يعد غبنا في البيع طالما أن وكيل المدعي قد حدد لها سعرا في دعواه يفوق كثيرا لما توصل إليه الخبير، وعليه تكون الدعوى غير قائمة من أساس قانوني. فإن محكمة أول درجة لم توفق في الاستدلال حيث إن المستأنف قد حدد قيمة
أرضه بمبلغ (٩٥٠,٠٠٠ ر.ع) وقد بيعت بمبلغ (٢٠٠,٠٠٠ ر.ع).
الثالث: الإخلال بحق الدفاع حيث إن المستأنف طلب انتداب خبير آخر وعدم الاعتداد بتقدير خبير المنتدب في الدعوى لعدم قيامه بالمأمورية على أكمل وجه إلا أن محكمة أول درجة لم تستجب للطلب.
وحيث باشرت المحكمة نظر الاستئناف الماثل وفق المقرر قانونا وحسب الثابت بمحاضر الجلسات المنعقدة لبحث أسباب الاستئناف وفيها تبادل الحضور المذكرات وبالجلسة الأخيرة المنعقدة بتأريخ ٨ / ٦ / ٢٠١٦م طلب الحاضران عن الطرفين حجز الاستئناف للحكم فقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم لجلسة ٢٢ / ٦ / ٢٠١٦م حيث صدر الحكم:» بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وإلزام رافعه المصاريف «.
تأسيسا على حمل حكم الاستئناف على أسباب حكم أول درجة، ولما لم يحز الحكم قبولا لدى… طعن عليه أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل والذي يجري الفصل فيه وحيث أودع محاميه المقبول أمام هذه المحكمة صحيفة طعنه أمانة سرها بتأريخ ٢٧ / ٧ / ٢٠١٦م طلب في ختامها:
١ – قبول الطعن شكلا.
٢ – نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة.
٣ – إلزام المطعون ضده بالمصروفات على أسباب حاصلها:
١ – مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
٢ – الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وقال في بيان ذلك: لقد أخطأ الحكم القانون عندما قضى برفض الدعوى بالرغم من ثبوت في عقد البيع مع أن دين الدولة هو الإسلام والشرعية الإسلامية هي أساس التشريع ونص الفقهاء على نقض البيع بالغبن الفاحش وأي غبن أشد من هذا فالأرض بيعت بمبلغ مائتي ألف ريال عماني، وقيمتها السوقية تزيد على مبلغ تسعمائة وخمسين ألف ريال عماني.
كما أن الحكم شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع عندما طلب الطاعن انتداب خبيرا آخر لتثمين الأرض بدل الخبير الأول وخلص إلى المطالبة بما ذكر أعلاه، أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن فلم يرد عليها.
المحكمة
بعد تلاوة تقرير القاضي المقرر وبعد المداولة وحيث حاز الطعن أسبابه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وحيث عن الموضوع فما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بما ذكر من أسباب في مجمله غير سديد إذ البيع وقع في شهر ٢ / ٢٠١٢م بوساطة وكيل الطاعن وقد قبض ثمنه وأصبح بيعا باتا فلا مجال لسماع دعوى الغبن في ذلك لا سيما أنه لم يكن هناك ثمة تغرير على البائع فهو بنفسه حدد الثمن وقبله المشتري، وأما تقلب أسعار العقار فلا مجال لسماع الدعوى فيه، فهناك عقار يباع اليوم بألف ويكون سعره بعد غد بعشرة آلاف وربما نقص الثمن فلا يدخل هذا في باب الغبن لذا فإن المحكمة تقضي والحال كذلك برفض الطعن موضوعا بعد قبوله شكلا وإلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وإلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة.