جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٧ / ٢ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد بن عبد الرحمن شكيوه.
(١٣٦)
الطعن رقم ١٣٠٢ / ٢٠١٦م
أرض (تملك – مواطن خليجي)
– لا يجوز تملك مواطني دول الخليج وغيرهم للأراضي التجارية وأما الدفع المبدى من الطاعن أن القانون حدد أربع سنوات للبناء والإعمار فذلك إذا كانت الملكية صادرة باسم الطاعن أما إذا لم ينقل البيع بسند الملكية في السجل العقاري فإنه لا ينطبق عليه ذلك القانون.
الوقائع
تتلخص وقائع الدعوى أن الطاعن أقام الدعوى الابتدائية (٧٧٦ / ٢٠١٥م) أمام المحكمة الابتدائية بصحار ضد المطعون ضده طالبا الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع في الأرض التجارية المسجلة وإلزام المدعى عليه بتسليم سند الملكية.
حيث تدوولت الدعوى أمام محكمة أول درجة وبجلسة ١١ / ١ / ٢٠١٦م قضت ببطلان عقد البيع العرفي لقطعة الأرض التجارية وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد وإلزام المدعى عليه برد الثمن، وحيث إن القضاء السالف البيان لم يلق قبولا لدى المستأنف فأقام عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة أودعت ٩ / ٢ / ٢٠١٦م طلب في ختامها الحكم قبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته أمام أول درجة واحتياطيا بتعديل الحكم بسداد قيمة الأرض بسعرها الحالي مبلغ وقدره خمس وعشرون ألف ريال.
تأسيسا على أسباب حاصلها مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حيث لا يوجد في القانون ما يفيد منع التصرف في الأرض لدول مجلس التعاون وأن العقد سند الدعوى توافرت له أركان انعقاده وشرائط صحته.
وحيث أصدرت المحكمة حكمها تحت رقم (١٦١ / ٢٠١٦م) بتأريخ ٥ / ٦ / ٢٠١٦م بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
مؤسسة حكمها أن الحكم المستأنف جاء صحيحا للأسباب التي بنى عليها حيث لا يجوز تملك الأجانب الأرض المخصصة لغرض تجاري وعن طلب المستأنف تقدير الأرض بسعرها الحالي ولما كان الحكم أعاد المتعاقدين للحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ومن ثم لا يجوز القضاء بقيمة أكثر من المدونة بالعقد، وللمستأنف اللجوء لطلب التعويض إذا كان هناك خطأ وضرر وعلاقة سببية طبقا للمسؤولية التعاقدية، ومن ثم يكون الحكم المستأنف على سند، والمحكمة تؤيده لأسباب وتقضي برفض الاستئناف وتلزم المستأنف بالمصروفات.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعن فطعن عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بتأريخ ١٢ / ٧ / ٢٠١٦م بوساطة محاميه….. المقبول للترافع أمام المحكمة العليا وأودع سند وكالته ودفع الرسم المقرر وسدد الكفالة فكانت أسباب طعنه كالتالي:
الأول: الخطأ في تطبيق القانون:
قولا بأن محكمة الاستئناف شيدت قضاءها باعتناق حكم أول درجة بمقولة حيث إن الحكم المستأنف جاء صحيحا للأسباب التي بنى عليها حيث لا يجوز تملك الأجانب الأرض المخصصة لغرض تجاري، وانتهجت ما أشارت له محكمة أول درجة في حيثيات حكمها المكمل للمنطوق بمقولة إن التعميم الصادر من وزير الإسكان (٢١ / ٢٠٠٤م) في شأن تنظيم تملك الأجانب، وما توالى من قرارات تدور في فلك التعميم بحظر الذي استلزم بالأصل بإمهال تسجيل الأرض المالك للأرض من دول الخليج مهلة ٤ سنوات لبناء الأرض دون الحظر، وهذا الاستنتاج المغلوط لصحيح القانون أسهم باختلال فكرة الحكم عندما أشارت المحكمة بحظر تملك الأجانب بخلاف ما هو ثابت بمحاضر الجلسات وما جاء على لسان ممثل المطعون ضدها الثانية لدى مثوله أمام محكمة الاستئناف أثناء نظر الدعوى أشار أن الطاعن قام باستكمال النواقص بالحصول على الموافقة الأمنية التي اطلعت عليها المحكمة وبقراءة مفردات الموافقة الأمنية فإن وزارة الإسكان سطرت موافقتها الصريحة ولا مانع لدى أمانة السجل العقاري بتسجيل العقار باسم الطاعن بموجب استمارة طلب تملك عقار لمواطني دول مجلس التعاون بتأريخ ١٩ / ١ / ٢٠١٦م والتي تم الإشارة للطاعن… بصفته مشتريا وللمطعون ضده بصفته بائعا وإلى تأشيرة الأمانة العامة للتسجيل العقاري ٢٤ / ٢ / ٢٠١٦م توافق على استكمال تسجيل الإجراءات ونقل ملكية المبيع باسم المشتري وهو محرر رسمي وفقا لأحكام قانون الإثبات بدلالة المواد (١٠ / ١١) إلا أن المحكمة اطرحت هذا المستند المؤثر بأدلة الدعوى ودون الرد عليه بسبب مقبول، والقانون كفل لوزارة الإسكان باعتبارها الجهة المختصة بتسجيل العقارات بالصحيفة العقارية والتي أعلنت موافقتها فلا يجوز للمحكمة التصدي لواقعة مسموح التعامل بها بدعوى البطلان ولما كان مفردات نتائج قمة أصحاب الجلالة والسمو الصادرة في ٢٠٠٢م أشارت بالمادة الأولى بالسماح لمواطني دول مجلس التعاون من الأشخاص الطبيعيين باستئجار أو تملك العقارات أو الاستثمار في إحدى الدول بالطرائق المقررة قانونا وبقراءة مفردات التعميم الصادر من وزير الإسكان تحت رقم ٢١ / ٢٠٠٤م أشار بأحقية مواطني دول المجلس بالتملك للسكن أو الاستثمار، والقرار أشار أن العقار إذا كان أرضا فيشترط على الشخص الذي تم تسجيل العقار باسمه بالصحيفة العقارية أن يقوم ببنائه خلال ٤ سنوات وإلا جاز للوزارة سحب الأرض وإجراء مزايدة ورد قيمة العقار له حسب قيمته السوقية.
ثانيا: القصور في التسبيب:
وحيث إن المقرر أن قواعد التسبيب سرد الوقائع واستخلاص الصحيح منها وتقديره وتكييف الوقائع الصحيحة وإرساء القاعدة القانونية مع آثارها عليها واتساق منطوق الحكم مع اسبابه أمر يستلزم بناء الحكم عليه.
والمقرر أن من واجبات المحكمة تمحيص وبحث دفاع الخصوم وفهم المراد منه وإنزال حكم القانون عليه وعملا لما هو مقرر بالمادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية أنه يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد مواد خاطئة للمراسيم والقرارات الصادرة بشأن تملك مواطني دول مجلس التعاون للعقارات في الدول الاعضاء وأخطأ استخلاص الصحيح منها إذ إنها بخصوص التملك تشير إلى نظام المنح الحكومي، ولا تمنع التملك بأي طريق آخر وحيث إن ما قدمته المحكمة وأوردته من قرارات ومراسيم قد تم تعديلها وإلغاء الحظر حسب مفردات التعميم ٢١ / ٢٠٠٤م المشار إليه وكان يتعين على المحكمة قراءة محاضر الجلسات وما أقره ممثل الإسكان بعدم الممانعة من إعادة تسجيل العقار من اسم المطعون ضده لاسم الطاعن.
ثالثا: الفساد في الاستدلال:
أن الفساد يتحقق في الحكم إذ استند الحكم إلى أدلة غير صالحة من حيث الناحية الموضوعية أو أدى إلى عدم فهم العناصر والتناقض بين تلك العناصر وحيث إن محكمة أول درجة وقد شيدت قضاءها بمقولة: «حظر تملك الأراضي التجارية لأعضاء دول مجلس التعاون الخليجي وفق ما قدمت من قرارات ومراسيم وحيث إن واقعة التداعي لا تشير إلى التملك في الجهات الإدارية المختصة بالمنح الحكومي لأراضي الدولة أو التخصيص للاستثمار بموجب إبرام عقد انتفاع وإنما هي إثبات صحة ونفاذ بيع المطعون ضده لما يملك وليس من بين القرارات ما يشير إلى المنع من التصرف أو الحظر على ملكية المواطنين وعليه فإن ما أشارت إليه المحكمة لا ينطبق على واقعة التداعي إضافة إلى أن ما قدمته المحكمة من قرارات متعددة ومتعاقبة ومتباينة تتصادم مع الموافقة التي أبرزها الطاعن وقدمها من ضمن حوافظ المستندات وإقرار ممثل الإسكان بالموافقة على تسجيل العقار باسمه، وعليه فإن القضاء بتلك الشاكلة خالف القانون تطبيقا وتأويلا وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال علة ذلك أن المحكمة لا تملك تفسير المفسر بل يجب أن تأخذ بما تقيده النصوص الواردة بأحكام القانون جنوح المحكمة عن الفصل بالدعوى موضوعا والتصدي بالبطلان جاء بخلاف ماديات النزاع؛ علة ذلك أن الأرض محل النزاع بالأصل بها سند ملكية ومسجلة باسم المطعون ضده، ولا يوجد أي حظر يمنع التصرف فإن إعادة بيعها وتسجيلها باسم الطاعن أو أي شخص أخر يحمل الجنسية العمانية أو الخليجية غير محظور والطاعن يحمل جنسية دولة الكويت من رعايا مجلس التعاون فإن أحكام قانون السجل العقاري بدلالة المواد ٤٤ / ٤٥ لا تحظر التسجيل علة ذلك أن قانون الأراضي ٥ / ٨٠ وقانون استحقاق الأراضي وضع قيود في تقديم الطلبات للحصول على أرض منحة من الدولة أم الأراضي التي بها سند ملكية فيجوز التصرف وإعادة تسجيلها والمشرع وضع قواعد للمستثمر الخليجي الذي يمتلك عقارا أو مبنى تجاريا خلال ٤ سنوات وفي حالة عدم البناء فإن المشرع أجاز لوزارة الإسكان سحب الأرض لاحقا وتعويضه عن قيمة الأرض التي قام بشرائها حسب سعر السوق وعليه فإن القانون كفل للطاعن تملك الأرض بخلاف ما حصلته المحكمة من وقائع فإن تعليل المحكمة بتفسير النصوص القانونية والتي بالأصل تفسيرها بأضيق الحدود مؤداه تحصيل المحكمة لمقتضيات القانون بمفهوم المخالفة وعليه يكون الحكم حريا بالإلغاء والتصدي والقضاء مجددا بكامل الطلبات.
إلغاء الحكم والقضاء مجددا بالتصدي والقضاء بصحة ونفاذ عقد البيع الواقع بين الطاعن والمطعون ضده لقطعة الأرض التجارية المسجلة بسند الملكية رقم ١٢٨ امتداد غيل الشبول.
إلزام المطعون ضده الأول بتسليم أصل سند الملكية للطاعن.
الحكم بمنع إدارة الإسكان من إصدار بدل فاقد لصالح المطعون ضده الأول ومنعه من أي تصرف على قطعة الأرض محل التداعي.
نقض الحكم والإحالة لهيئة مغايرة.
إلزام المطعون ضدهم المصاريف ومقالب أتعاب المحاماة مبلغ وقدره (٥٠٠ر.ع).
وحيث أعلنت المطعون ضدها إدارة الإسكان بصحار والمطعون ضده…. ولم يشاء الرد، وحيث أعلن المطعون ضدهما ولم يشاء الرد.
المحكمة
بعد الاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة القانونية فإن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية والقانونية فهو مقبول شكلا.
من حيث الموضوع إن نعي الطاعن على الحكم بالأسباب السالفة البيان غير سديد وذلك؛ لأنه لا يجوز تملك مواطني دول الخليج وغيرهم للأراضي التجارية وأما الدفع المبدى من الطاعن أن القانون حدد أربع سنوات للبناء والإعمار ذلك إذا كانت الملكية صادرة باسم الطاعن، أما إذا لم ينقل البيع بسند الملكية في السجل العقاري فإنه لا ينطبق عليه ذلك القانون وطلبه تسوية قيمة البيع حسب السوق الآن فلا يمكن ذلك إلا بالثمن الذي اتفقا عند إنشاء العقد عليه فلما كان الأمر كذلك فإن الحكم أسس واقعا وقانونا فتعين رفضه وإلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وإلزام رافعه المصاريف ومصادرة الكفالة.
ملاحظة:
الهيئة المشكلة أعلاه نطقت الحكم أما الهيئة التي تداولت فهي برئاسة فضيلة الشيخ القاضي / سعيد بن سالم الحديدي وعضوية كل من: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبدالله الهاشمي، ومحمد بن حمد النبهاني، وسالم بن منصور الهاشمي