جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٧ / ٣ / ٢٠١٧م
برئاسة فضيلة القاضي / د. خليفة بن محمد الحضرمي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. عبد الإله البرجاني، وأشرف أحمد كمال الكشكي، ومحمود بن خليفة طاهر، و توفيق بن محمد الضاوي.
(١٧٧)
الطعن رقم ٢٩٣ / ٢٠١٦م
عقد (إذعان- خصائص) – عقد (بنك- خصائص- تعسف)
– خصائص عقود الإذعان هي أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضرورات بالنسبة إلى المستهلكين أو المنتفعين، ويكون فيها احتكار الموجب لهذه السلع والمرافق احتكارًا قانونيًا أو فعليًا وتكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة. والسلع الضرورية هي التي لا غنى عنها للناس والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائرة وشديدة.
– لا تتوافر خصائص عقد الإذعان في التعاقد الذي يتم مع البنك والعميل وإن الذي يرد في العقد النموذجي شروط وتعليمات اشترطها البنك المركزي يجب استيفائها عن طريق التزام العملاء لدى البنوك من تقديم المستندات المطلوبة حتى يتثنى للبنوك التقصي والتدقيق في حسابات العملاء للتأكد من الالتزام بالقوانين والمعايير المصرفية ومراقبة عمليات غسل أو تبييض الأموال وأن توقيع العملاء على استمارة فتح الحساب لدى البنوك فيكونوا موافقون على تلك التعليمات والتي يترتب جزاء مخالفتها غلق حسابات العملاء الغير ملتزمين بتلك الشروط والتي ارتضوها فتكون تلك الشروط تنحسر عنها شبهة التعسف.
الوقائع
تتحصل الوقائع (على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق) في أن الطاعنة (الشركة…….) أقامت على المطعون ضده (بنك……) الدعوى رقم (٤٧٢ / ٢٠١٢م) تجاري مسقط الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بتعويضها مبلغ (٠٠٠ .٣٠٠ ر.ع) ثلاثمائة ألف ريال عماني عن ضرر القرار الصادر بغلق حسابها لديه وبمبلغ (٠٠٠.٢٥٠ ر.ع) كتعويض معنوي عن تشويه سمعتها و(١٥٠٠ ر.ع) تعويض مالي يوميًا و(١٠٠٠ ر.ع) مصاريف، وأتعاب محاماة. وقالت بيانًا لها إنها عميل لدى المدعى عليه منذ أكثر من عشر سنوات تحت الحساب رقم (٢٨٤٠١١٢٠٢٠٠١) والمسجل باسم الشركة العمانية للاتصالات وذلك قبل دمج بنك عمان الدولي في البنك المطعون ضده وفي سنة ٢٠١٢م طلب المطعون ضده من الطاعنة تحديث بياناتها فقدمت له الأوراق والمستندات اللازمة إلا أنها فوجئت في ١١ / ٢ / ٢٠١٤م بقرار المطعون ضده بغلق حسابها لديه بلا مبرر أو مكاتبات أو إنذار لها بذلك ودون علمها وبالاستفسار عن سبب ذلك برر لها أسباب غلق الحساب بأن لديها مبالغ مجهولة لا يعلم المطعون ضده مصادرها كما وإن نشاطها في تجارة بيع وتوزيع بطاقات الهاتف نشاط ممنوع لعملاء المطعون ضده الأمر الذي يعد معه ما أقدم عليه البنك المطعون ضده انتهاك للقوانين والعلاقة العقدية بينهما كما أن لحق بها أضرارا من جراء ذلك تمثلت في توقف العمليات المصرفية في فروعها وما سبب لها ذلك من ضرر نفسي وما حاق برواتب موظفيها والحجز على أموالها المودعة لدى المطعون ضده من خسائر كبيرة فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان.
وبتاريخ ٤ / ١٢ / ٢٠١٤م قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم (٧ / ٢٠١٥م) استئناف مسقط وبعد أن ندبت خبير أودع تقريره الأصلي والتكميلي حكمت في ٦ / ٣ / ٢٠١٦م بالتأييد.
طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض بموجب صحيفة أودعت أمانة سر المحكمة العليا موقعة من محام مقبول أمامها مشفوعة بسند الوكالة وما يفيد سداد الرسم والكفالة المقررين قانونًا. أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن فاستعمل حقه في الرد بمذكرة طلب فيها رفض الطعن، وقدمت الطاعنة مذكرة تعقيب على رد المطعون ضده طلبت فيها القضاء بطلباتها بصحيفة الطعن، كما قدم المطعون ضده مذكرة بالرد على تعقيب الطاعنة اختتمها بطلب رفض الطعن.
المحكمة
أقيم الطعن على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال إذ قضى برفض الدعوى تأسيسا على انتفاء ثمة خطأ في جانب المطعون ضده رتب ضررًا يستوجب التعويض عنه استنادًا للبند العاشر من استمارة فتح الحساب الجاري رغم تضمن تلك الاستمارة شروط تعسفية ترقى إلى مرتبة عقود الإذعان وأن البند السالف الذي أسس عليه الحكم قضاءه يعتبر من الشروط التعسفية التي يجب على القاضي التدخل لتعديلها أو إلغائها إلا أن أن الحكم المطعون فيه عزف عن ذلك وأقام قضاءه على البند السالف ذكره فيكون فضلا مخالفته للقانون قد جاء فاسدًا في استدلاله وهو ما يعيبه ويوجب نقضه، النعي غير سديد ذلك أن المقرر قانونًا أن من خصائص عقود الإذعان أنها تتعلق بسلع أو مرافق تعتبر من الضرورات بالنسبة إلى المستهلكين أو المنتفعين، ويكون فيها احتكار الموجب لهذه السلع والمرافق احتكارًا قانونيًا أو فعليًا وتكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة وبشروط واحدة ولمدة غير محدودة. والسلع الضرورية هي التي لا غنى عنها للناس والتي لا تستقيم مصالحهم بدونها بحيث يكونون في وضع يضطرهم إلى التعاقد بشأنها ولا يمكنهم رفض الشروط التي يضعها الموجب ولو كانت جائزة وشديدة.
لما كان ذلك وكانت هذه الخصائص لا تتوافر في التعاقد الذي تم بين الطاعنة والبنك المطعون ضده وما هي إلا شروط وتعليمات اشترطها البنك المركزي يجب إستيفائها عن طريق التزام العملاء لدى البنوك من تقديم المستندات المطلوبة حتى يتثنى للبنوك التقصي والتدقيق في حسابات العملاء للتأكد من الالتزام بالقوانين والمعايير المصرفية ومراقبة عمليات غسل أو تبييض الأموال وأن توقيع العملاء على استمارة فتح الحساب لدى البنوك فيكونوا موافقون على تلك التعليمات والتي يترتب جزاء مخالفتها غلق حسابات العملاء الغير ملتزمين بتلك الشروط والتي ارتضوها فتكون تلك الشروط تنحسر عنها شبهة التعسف ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في غير محله ولا على الحكم المطعون فيه أن التفتت عن هذا الدفاع لقيامه على غير أساس سليم بما يتعين عدم قبوله. ولا يغير من ذلك عدم اخطاره من قبل البنك قبل غلق الحساب عملاً للمادة (٤٠٩) من قانون التجارة إذا أن قبوله قفل الحساب دون اخطارهم من البنك يعد من الطاعن تنازلاً فيه عن هذا الحق.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة بالسبب الثالث الاخلال بحق الدفاع أن الحكم المطعون فيه بعد أن ندب خبير في الدعوى انتهى بتقريره إلى تعمد المطعون ضده غلق حسابات الطاعنة لديه مما أضر بها إلا أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بتقرير الخبير وأقام قضاءه على أسباب أخرى خلت من اعتماده فيها على هذا التقرير وهو ما يعيبه ويوجب نقضه.
النعي مردود، ذلك أن المقرر قانونًا أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها وفيها آراء الخبراء فلها أن تأخذ به أو بجزء منه باعتباره عنصر من عناصر الإثبات في الدعوى.
كما أن لها طرحة وحسبها إقامة قضائها على أسباب سائغة. لما كان ذلك وكانت المحكمة بما لها من سلطة تقدير أدلة الدعوى والمستندات المطروحة فيها والموازنة بينها قد خلصت من الأوراق والمستندات المقدمة في الدعوى إلى انتفاء ثمة خطأ في جانب المطعون ضده رتب ضررًا يستوجب التعويض عنه ورتبت قضائها برفض الدعوى بأسباب سائغة كافية لحمله فلا عليها أن لم تأخذ برأي الخبير الذي انتدبته ما دام ذلك من اطلاقتها ويكون النعي بهذا السبب لا يعدو وأن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير فهم الواقع في الدعوى والأدلة المطروحة فيها بما لا يجوز إثارة ما ورد بسبب النعي أمام المحكمة العليا ومن ثم عدم قبوله بما يتعين معه رفض الطعن.
وحيث إن عن المصروفات فالمحكمة تلتزم بها الطاعنة مع مصادرة الكفالة.
ولهذه الأسباب
الطاعنة « حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت المصروفات مع مصادرة الكفالة «.