جلسة يوم الثلاثاء الموافق٢٠ / ٢ / ٢٠١٨م
برئاسة فضيلة القاضي / د. خليفة بن محمد الحضرمي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د.عبدالإله البرجاني، وأشرف أحمد كمال الكشكي، ومحمود بن خليفة طاهر، و توفيق بن محمد الضاوي.
(٢٣٤)
الطعن رقم ٧٠٩ / ٢٠١٧م
دفاع (اغفال- قصور- بطلان) – عيب خفي(شروط)
– إغفال محكمة الموضوع بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان حكمها إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها ومتى قدم الخصم إليها أوجه دفاع تمسك بها بصحيفة الاستئناف والتفتت عنها المحكمة أو طرحت دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون بيان سبب طرحها فإن حكمها يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
– ليس بالضرورة أن العيوب الخفية هي عيوب في التصنيع أو العكس غير أنها لم تبحث في ذلك وفي مدى تطبيق قانون حماية المستهلك كقانون خاص على الواقعة ودون أن تتابع تقريري الخبير وتراقبهما بل أنها سايرتهما على قصورهما مما يجعل حكمها المطعون فيه قاصرًا في التسبيب ومخلاً بحق الدفاع الأمر الذي يتعين معه نقضه.
الوقائع
تتحصل الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق التي انبنى عليها في أن المطعون ضده (….) أقام الدعوى التجارية رقم(١٠٦٦ / ٢٠١٧م) بتاريخ ٢٨ / ٧ / ٢٠١٧م أمام المحكمة الابتدائية بمسقط ضد الطاعنين الأول (شركة ….. وشركاه ش.م.م) والثاني (……..) في طلب أصليًّا إلزام الأولى باستبدال المركبة بأخرى من ذات النوع والمصاريف واحتياطيًّا بإلزامها بإرجاع قيمة المركبة وقدرها(١٣٧٥٠ ر.ع) ثلاثة عشر ألف وسبعمائة وخمسين ريال عماني والمصاريف عارضًا ضمنها أنه بتاريخ ٢٧ / ٥ / ٢٠١٥م اشترى المدعي مركبة نوع(جي ام سي ٢٠١٥م) بقيمة(١٣٧٥٠ ر.ع) ثلاثة عشر ألف وسبعمائة وخمسين ريال عماني سددها المدعى عليها دفعة واحدة وأثناء استعمالها إلى حد(١١٥٨٨) كيلومتر تبين وجود صوت قوي أسفل المركبة وإهتزاز قوي بمستوى المقود عند سرعة مائة وعشرة كلم في الساعة وإنحرافها يمينًا أثناء القيادة فأحضرها إلى ورشة المدعى عليها في ١٧ / ٨ / ٢٠١٥م فقامت بفحصها وتشحيم (الإسبرنجات) وبتاريخ ٧ / ١٠ / ٢٠١٥م أحضرها لها من جديد بعد قطع مسافة(١٩٨٥٢) كلم لأن الصوت والإهتزاز لا زالا موجودين فقامت المدعى عليها بتشحيم السفايف وإجراء ميزان الويلات. وبتاريخ ٣ / ١٢ / ٢٠١٥م أدخلها الورشة مرة أخرى لوجود الصوت والإهتزاز والإنحراف إلى اليمين إضافة إلى صوت قوي عند استخدام الفرامل فأجرت الشركة ميزان الويلات، وبتاريخ ٨ / ٢ / ٢٠١٦م أحضرها لها مرة أخرى بعد قطع مسافة(٣٦١٨٩) كلم بسبب وجود الصوت والإهتزاز فتم تشحيم النوابض الصفيحية الخلفية ممتص الصدمات وهو ما يؤكد أن العيب في التصنيع لا زال مستمرًا وقد طالبها بإستبدالها بأخرى أو إسترجاع قيمتها فرفضت ذلك مما جعله يتقدم بشكوى لدى الهيئة العامة لحماية المستهلك التي ندبت خبيرًا ميكانيكيًا اثبت وجود عيب في الصنع وصدر حكم جزائي رقم(١٣١٥ / ٢٠١٦م) بإدانة المدعى عليه الثاني لمخالفته قانون هيئة حماية المستهلك وبإحالة الطلبات المدنية للمحكمة المختصة.
وحيث وردًا على الدعوى دفع وكيل المدعى عليهما بمذكرته شكلاً بوقف الدعوى تعليقًا لحين الفصل في المعارضة للحكم الجنائي تحت رقم(٨٧ / ٢٠١٦م) بإعتبار القاعدة الأصولية (الجزائي يوقف المدني) وفي الموضوع فإنه تمت معالجة جميع المشاكل الفنية بقسم الصيانة لكون المركبة لا زالت تحت الضمان لذا فإنه يطالب رفض الدعوى وقبل الفصل في الموضوع وقف الدعوى لحين الفصل في الدعوى الجزائية بصفة نهائية.
وحيث وبناءً على ذلك حكمت المحكمة الابتدائية بتاريخ ٢٧ / ٩ / ٢٠١٦م بوقف الدعوى تعلقيًا لحين صدور حكم في دعوى المعارضة رقم(٨٧ / ٢٠١٦م) على الحكم رقم(١٣١٥ / ٢٠١٦م) تأسيسًا على المادة(١٢٨) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ولتفادي تضارب الأحكام وللارتباط بين الدعويين. وبتاريخ ١٣ / ٢ / ٢٠١٧م تقدم المدعي بطلب في استئناف السير في الدعوى لصدور حكم في المعارضة بتاريخ ١٥ / ١٢ / ٢٠١٦م قضى بإعلان براءة المتهم…….. وعدم الإختصاص بنظر المطالبة المدنية. وحيث وبجلسة ١٤ / ٣ / ٢٠١٧م حكمت المحكمة الابتدائية بمسقط «.. بفسخ عقد بيع المركبة محل التداعي وألزمت المدعي بتسليم المركبة للمدعى عليها والزمت الأخيرة بأن تؤدي للمدعي مبلغ(١١٥٠٠ ر.ع) أحد عشر ألف وخمسمائة ريال عماني وتعويضًا مقداره(٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال عماني والمصاريف» تأسيسًا على المادة الأولى من قانون الإثبات وقاعدة العقد شريعة المتعاقدين وتكييف الطلبات إلى فسخ وإعادة الثمن والمواد(١٧١، ١٧٣، ١٤٩، ١٥٠، ١٥١، ١٧٦) من قانون المعاملات المدنية وعلى تقرير الخبير لصحة أسبابه ولعدم الطعن فيه من الطرفين والذي أثبت وجود صوت قوي بأسفل المركبة وإهتزاز عند السرعة (١١٠ كلم في الساعة) مما يعد معه عيبًا غير ظاهر لم يقع إصلاحه في عدة مرات واكتشف بعد استخدام المركبة.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المدعى عليهما(شركة…….. وشركاه و…………) فاستأنفاه أمام محكمة الاستئناف بمسقط حيث قيد تحت رقم(٣٧١ / ٢٠١٧م) في طلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد برفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات وبأتعاب المحاماة عن الدرجتين استنادًا إلى سببين أولهما الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله عندما طبقت المحكمة قانون المعاملات المدنية رغم عدم إنطباقه لأنه لا يوجد محل لطلب فسخ العقد خاصة أن مسؤولية الشركة انتفت بموجب الحكم الجزائي رقم(٨٧ / ٢٠١٦م) بتاريخ ١٥ / ١٢ / ٢٠١٦م القاضي ببراءة المستأنف الأول الذي يعمل بالشركة التي لم تخل بإلتزاماتها وإنما أبدت استعدادها لإصلاح المركبة طالما أنها تحت الضمان إلا أن المستأنف ضده رفض ذلك.
كما تبين من تقرير الخبير أن المركبة تحمل زوائد قام بها المستأنف ضده مثل الصادم ومشتقاته وغيرها مما أثر على أدائها ويتمثل السبب الثاني في القصور في التسبيب عندما قضت المحكمة لصالح الدعوى رغم عدم تحقق شروط المادة(١٦) من قانون حماية المستهلك خاصة أن المركبة أحضرت للورشة بعد مدة تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ شرائها واستلامها في ٢٧ / ٥ / ٢٠١٥م ولم يقع إدخالها إلا في ١٧ / ٨ / ٢٠١٥م ليكون من حقه إصلاحها وهي لا زالت تحت الضمان فلم تمانع الشركة في ذلك لكن المستأنف ضده رفض ذلك.
وحيث وردًا على صحيفة الاستئناف تقدم المستأنف ضده في شخصه بمذكرة خلص فيها إلى المطالبة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به وإلزام المستأنفين بالمصاريف عن درجتي التقاضي.
وحيث وبجلسة ٢١ / ٥ / ٢٠١٧م حكمت محكمة الاستئناف بمسقط».. بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصاريف» تأسيسًا على المواد(١٤٩، ١٥٠، ١٥١) من قانون المعاملات المدنية وعلى أن الشركة المستأنفة قامت بعدة محاولات لإصلاح الأعطاب الموجودة بالمركبة دون نتيجة وهي أعطاب لا يمكن كشفها إلا من المختصين والخبراء وهو ما توصل إليه الخبير المنتدب لدى هيئة حماية المستهلك لتعد عيوبًا خفية على معنى المواد(١٤٩) وما يليها من قانون المعاملات المدنية ولا ينال من ذلك أن المركبة تحت الضمان بإعتبار أن مجال الضمان هو تغطية المخاطر والحوادث.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المستأنفين المذكورين فطعنا عليه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل بصحفية أودعت أمانة سر هذه المحكمة بتاريخ ٢٠ / ٦ / ٢٠١٧م موقعة من المحامي….. المقبول أمام هذه المحكمة بوصفه وكيلا عن الطاعنين وقدم سند وكالة يجيز له ذلك مع ما يفيد سداد الرسم والكفالة وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فرد عليها بمذكرة قدمها بنفسه دون أن تكون موقعة من محام بالمخالفة للمادة(٢٥٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي توجب على المطعون ضده عند تقديمه لمذكرة بدفاعه أن تكون مشفوعة بسند توكيل المحامي الموكل عنه بما يتعين الالتفات عنها.
وحيث وبتاريخ ٢٨ / ١١ / ٢٠١٧م قررت المحكمة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتًا لحين الفصل في الطعن.
وحيث اقيم الطعن على سبب وحيد تمثل في القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع عندما قضت المحكمة لصالح الدعوى رغم تمسك الطاعنة بصحيفة استئنافها بأوجه دفاع حاصلها أن حكم أول درجة جاء مخالفًا للثابت في الأوراق إذ أن أساس الدعوى وجود عيب تصنيعي بالمركبة من الخلف والحال أن الخبير أكد أن سبب الصوت هو نظام التعليق حيث يوجد ضعف في (الاسبرنجات الصفائيحية الخلفية من الجانبين) والتي يجب أن تكون لها القدرة على امتصاص الصدمات ومقاومة أثارها وهو سبب حدوث الإهتزازات في جسم المركبة دون أن يؤكد الخبير أن العيب تصنيعي ولاحظ الخبير عند الاجتماع بالطرفين يوم ٦ / ١١ / ٢٠١٦م بأن قطعة ماص الصدمات قابلة للتغيير والإصلاح وتعهدت الشركة القيام بجميع الإصلاحات المطلوبة طالما أن المركبة تحت الضمان كما تبين بعد فحصها من قبل الورشة بمعية الخبير أنها تحمل زوائد (الصادم ومشتقاته وغيرها) قام بها المطعون ضده مما يؤثر على أدائها بما يؤثر على ضمانها غير أن المحكمة أهملت هذه الوقائع ولم تتعرض إلى النقاط الفنية التي يوضحها الخبير ورسالة الشركة المصنعة المؤرخة في ١٤ / ١٢ / ٢٠١٥م، لذا فإن الطاعنين يطالبان أصليًّا نقض الحكم المطعون فيه كليًا والتصدي بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى واحتياطيًّا نقضه وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتفصل فيه من جديد بهيئة مغايرة وفي جميع الأحوال بإلزام المطعون ضده بالمصاريف.
المحكمة
من حيث الشكل:
حيث استوفى الطعن كافة أوضاعه القانونية فكان بذلك مقبول شكلا.
– من حيث الموضوع:
حيث أن النعي على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن الوحيد السالف إيراده تفصيلا سديد؛ ذلك أن إغفال محكمة الموضوع بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان حكمها إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها ومتى قدم الخصم إليها أوجه دفاع تمسك بها بصحيفة الاستئناف والتفتت عنها المحكمة أو طرحت دلالتها المؤثرة في حقوق الخصوم دون بيان سبب طرحها فإن حكمها يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وبالتالي مخالفًا للمادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
وحيث ولما كان ذلك فإن الطاعنين تمسكا بصحيفة الاستئناف بأوجه الدفاع حاصلها عدم إخلالها بالتزاماتها أمام إبداء استعدادها لإصلاح إعطاب المركبة طالما كانت تحت الضمان وأن الخبير لم يؤكد أن العيب هو عيب تصنيعي وبالتالي فهو قابل للإصلاح وهو ما تعهدت به إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يتناوله بالبحث والتمحيص رغم أنه دفاع جوهري من شأنه إن صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ذلك أنه بالرجوع إلى تقريري الخبير الأصلي(٢٧ / ٣ / ٢٠١٦م) والتكميلي(٧ / ١١ / ٢٠١٦م) المجريين لدى هيئة حماية المستهلك يتضح أن الخبير ولئن بينّ العيوب التي تحملها المركبة فهو لم يوضح إن كانت عيوب تصنيع أو انها قابلة للإصلاح واكتفت المحكمة بإعتبار أن تلك العيوب هي عيوب خفية وانتهت إلى حكمها ملتجئة إلى قانون المعاملات المدنية والحال أنه ليس بالضرورة أن العيوب الخفية هي عيوب في التصنيع أو العكس غير أنها لم تبحث في ذلك وفي مدى تطبيق قانون حماية المستهلك كقانون خاص على الواقعة ودون أن تتابع تقريري الخبير وتراقبهما بل أنها سايرتهما على قصورهما مما يجعل حكمها المطعون فيه قاصرًا في التسبيب ومخلاً بحق الدفاع الأمر الذي يتعين معه نقضه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنين طبق المواد(١٨٣، ٢٤٧، ٢٥٩، ٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
« حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بمسقط لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنين».