جلسة يوم الأربعاء الموافق ٢١ / ٣ / ٢٠١٨ م
المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ القاضي / د. سالم بن حميد بن محمد الصوافي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة: راشد بن ناصر الحجري، وعبدالله بن محمد السيابي، وناصر بن سالم الجابري، وصلاح الدين محمد غندور.
(٢٦٦)
الطعن ١٥١ / ٢٠١٧م عقد إيجار (جهالة – بطلان)
– العقد على الإيجار وقع مجهولاً وذلك من عدة وجوه (١) إن العقد شفوي وغير مكتوب (٢) لم يحدد متى تاريخ انعقاد الإيجار ومتى نهايته والمدة المتفق عليها (٣) وقت دخول الكهرباء إلى المحلات غير معلوم أما تحديد الإيجار الشهري دون ما سواه.
– الاتفاق بين الطرفين جاء خاليًا مما سبق بيانه فإن عقد الإيجار وقع مجهولاً لأنه فقد اهم شروطه ومكوناته ولا يعتد به ويعود الأمر إلى ما كان عليه الحال قبل الاتفاق وذلك بنقض الحكم المطعون.
الوقائع
تتلخص الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المرفقة إن المستأنف ضده أقام دعواه ابتداء أمام محكمة أول درجة ببركاء برقم (١٤٨ / ٢٠١٦م) طلب من خلالها إلزام المدعى عليه (المستأنف)….بأن يؤدي له مبلغًا وقدره ألفان وستمائة ريال عماني (٢٦٠٠ر.ع) وقال شارحًا لدعواه بأنه سلم هذا المبلغ للمدعى عليه من أجل أن يؤجر له محلات تجارية ولم يلتزم بالإتفاق وطالب باسترجاع المبلغ إلا أنه ما زال يماطله وبتكرار حتى اضطر إلى إقامة هذه الدعوى.
ولتعذر معرفة عنوانه ولعدم معرفة مكان إقامته اعلنه بالنشر وتحدد موعد الجلسة ١٢ / ٥ / ٢٠١٦م ولكنه لم يحضر، وطلبت منه المحكمة تقديم المستندات على صحة ما يدعي وأدى اليمين المتممة بناء على طلب المحكمة ومن ثم قضت بإلزام المدعى عليه بإرجاع المبلغ المذكور أعلاه والمصاريف و(٢٠٠ر.ع) أتعاب المحاماة.
وحيث تم إعلان المدعى عليه بتاريخ ١١ / ١ / ٢٠١٧م بالحكم عن طريق النشر بجريدة الرؤية وتقدم المدعى عليه بالاستئناف بتاريخ ١٩ / ٣ / ٢٠١٧م بصحيفة طالب من خلالها قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء من جديد برفض الدعوى.
وتتحصل أسباب الاستئناف ان المستأنف ضده يعلم بعنوان المستأنف ولم يقدمه للمحكمة وبذلك يكون الإعلان بالنشر باطلاً مخالفًا للمواد (٩ – ١٠ – ١١ – ١٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.
ومن حيث الموضوع فإن المحلات محل الإيجار جاهزة بعد التشطيب وأن المستأنف رفض استلامها ونطالبه الآن بالاستلام وسداد متأخرات الأجرة ذلك لأن الحكم المستأنف خالف نص المادة (١٦٧) من قانون المعاملات المدنية حيث لا يجوز إلغاء أو تعديل العقد إلا بالتراضي أو التقاضي.
وقد تم تداول الاستئناف وبجلسة ٢٦ / ٤ / ٢٠١٧م حضر محامي المستأنف وصمم على طلباته وحضر ممثل المستأنف ضده وطلب حجز الاستئناف للحكم.
وأضاف المستأنف بأن المستأنف ضده دفع مقدم الإيجار (٢٠٩٠٠ر.ع) بتاريخ ٢٧ / ١ / ٢٠١٤م ولم يأت لاستلام المحلات ولم يوقع على العقد ودفع محامي المستأنف ضده من خلال مذكرة تقدم بها بتاريخ ٤ / ٥ / ٢٠١٧م طالب من خلالها رفض الاستئناف شكلاً لتقديمه خارج الميعاد.
هذا ولما كان المستأنف لم يحضر أمام محكمة أول درجة كما أن إعلانه بالحكم الصادر في الدعوى أيضًا كان عن طريق النشر فإن ذلك يكون مخالفًا للمواد (٩ – ١٠ – ١١ والمادة ٢٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ومن لازم الاستئناف اً.
القبول شكل ومن حيث الموضوع فإنه لما كان المستأنف يدفع بمخالفة الحكم لنص المادة (١٦٧) من قانون المعاملات المدنية (بأن لا يجوز لأحد المتعاقدين فسخ العقد أو تعديله إلا بالتراضي وبمطالعة أوراق الدعوى والمستندات المقدمة بعد إقرار الطرفين بالاتفاق مقدمًا على تحديد الأجرة وقدرها ألفان وستمائة ريال عماني(٢٦٠٠ر.ع) وقام المستأنف ضده بسدادها كما أقر المستأنف أمام هذه المحكمة باستلام مقدم الإيجار المذكور، هذا وقد خلت أوراق الدعوى والمستندات المقدمة من تاريخ يحدد استلام المحلات حسبما يدعي المستأنف ضده بأن الإستلام يكون بعد شهرين من تاريخ مقدم الأجرة فإن هذا الدفع جاء مرسلاً كما أن المستأنف ضده دفع في صحيفة دعواه أفاد من خلالها أن الاتفاق قد تم على أن يتم احتساب الإيجارات من تاريخ إدخال الكهرباء والتشطيب وكتابة عقود الإيجار.
هذا ولما كانت أوراق الدعوى خالية من تاريخ إدخال الكهرباء وتمام التشطيب وكتابة العقد فإن دعوى المستأنف ضده جاءت خالية من الدليل سيما وأن المستأنف على استعداد لتسليم المحلات وهي جاهزة الآن مما لازمه الفضاء بإلغاء الحكم المستأنف وإصدار حكمًا جديدًا يقضي بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف.
وحيث لم يرض المستأنف ضده بهذا الحكم فطعن عليه أمام المحكمة العليا بصحيفة أودعها أمانة سر المحكمة ووقع عليها المحامي / ….عن مكتب / ….، وقدم ما يفيد سند الوكالة وسداد الرسوم والكفالة.
نعى فيها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لمخالفته نص المادة رقم (٥٢٣) من قانون المعاملات المدنية والتي تنص على (على المؤجر تسليم العين المؤجرة وتوابعها في حالة يصلح معها استئفاء المنفعة الموصودة بالكامل ودون مانع يعوق التسليم والإنتفاع مع بقائه في يد المستأجر حتى ينقضي مدة الإيجار.
وحيث إن الاتفاق هو أن يقوم المطعون ضده (المؤجر) بتسليم العين بعد شهرين من تاريخ ٢٧ / ١ / ٢٠١٤م وهو تاريخ دفع مقدم الإيجار وعلى أن يتم احتساب الإيجار من تاريخ تسليم العين والموضوع هو عبارة عن عربون التأجير، وحيث ان المطعون ضده لم يلتزم بتسليم المحلات في الوقت المحدد أقام الطاعن دعواه أمام محكمة أول درجة طالبًا استرداد المبلغ المدفوع وقد حكمت المحكمة له بطلباته وحيث أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى فإنه قد خالف القانون وما نصت عليه المادة رقم (٥٢٣) من قانون المعاملات المدنية والتجارية والتي نصت على أن تستحق الأجرة باستيفاء المنفعة وحيث أن الطاعن لم ينتفع بالعين محل الدعوى كذلك لا يستحق المؤجر قيمة الإيجار، كما إن الحكم المطعون فيه خالف نص المادة رقم (١) من قانون الإثبات (على المدعي إثبات الالتزام وعلى المدعى عليه إثبات التخلص منه فالطعن اثبت الإلتزام إلا أن المطعون ضده لم يلتزم ومما يؤكد على عدم التزام المطعون ضده إنه اقر أمام المحكمة أن لم يسلم العين المؤجر ولم يسلم المفاتيح وأنها المحلات لا زالت في حوزته.
أيضًا جاء الحكم المطعون فيه فاسدًا في الاستدلال حينما قضت محكمة الاستئناف بعدم صواب قضاء محكمة أول درجة مسببة حكمها أن المطعون ضده حضر أمامها وأقر بصحيفة الاتفاق واستلم المبلغ موضوع الدعوى وأفاد بأن المستأنف ضده والمقصود به الطاعن رفض استلام المحلات وأنها جاهزة للتسليم كما جاء في حيثيات الحكم المطعون فيه بأن أوراق الدعوى خلت من تاريخ يحدد استلام المحلات حسبما يدعي المستأنف ضده أنها بعد إنتهاء شهرين من تاريخ دفع الأجرة وهذا استدلال فاسد بأنه لا يوجد ميعاد لتسليم العين لأن هذا قول المطعون ضده ولا دليل عليه كما جاء في حيثيات الحكم المطعون فيه بأن المستأنف ذكر في صحيفة استئنافه بأنه قد تم الاتفاق على أن يتم احتساب الإيجارات من تاريخ إدخال الكهرباء وتمام التشطيب وكتابة عقود الإيجار فإن الدعوى جاءت خالية من الدليل.
وختم الطاعن صحيفة طعنه بطلبه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادته إلى محكمة الرستاق الاستئنافية وبهيئة مغايرة لتنظر فيه من جديد.
ورد المطعون ضده على صحيفة الطعن (أولاً ينكر موكلنا كافة الوقائع والدفوع المقدمة من الطاعن لأنها جاءت بما يتماشى مع أقواله حيث ذكر بأن موكلنا لم يحضر محكمة أول درجة والصحيح أن موكلنا لم يعلن أصلا بالدعوى وقد تعمد الطاعن رفع الدعوى أمام محكمة بعيدة عن محل إقامته وقد فوجى الدعوى والحكم الصادر فيها عند تنفيذه ولم يتم إعلانه بالشكل القانوني الصحيح لذلك جاء استئنافه في وقته القانوني.
كما ذكر الطاعن في صحيفة أن ميعاد تسليم المحلات هو بعد شهرين وهذا الدفع صحيح فلم تقر بذلك ولم نذكر في صحيفة استئنافنا من قريب أو من بعيد، ونتساءل كيف يذكر الطاعن بأن تسليم المحلات بعد شهرين وسكت طوال هذه المدة حيث رفع دعواه بعد سنتين من تاريخ التعاقد أيضا نرد على دفاع الطاعن من حيث الحكم وصواب ما توصل إليه، حيث نصت المادة (١٦٧) من قانون المعاملات إنه إذا كان العقد صحيحًا لازمًا فلا يجوز لأحد المتعاقدين فسخه أو تعديله إلا بالتراضي أو التقاضي أيض ا قد دفع الطاعن مبلغ (٢٦٠٠ر.ع) مقدمًا عن أجار أربعة أشهر وقد أرفقتا بالاستئناف صورًا للمحلات جاهزة غير أن الطاعن نكل عن التعاقد ورفض استلام المحلات أو فسخ العقد وضلت المحلات محجوزة لصالح الطاعن حتى الآن ولم يتم تأجيرها للغير وختم مذكرة رده صحيفة الطعن بطلب رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.
المحكمة
بعد الإطلاع على أوراق الدعوى والمداولة وحيث استوفى الطعن أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
وعن الموضوع فإن أسباب الطعن في مجملها سديده وبيان ذلك فإنه بالنظر إلى واقعة الدعوى ومراجعة الأوراق والردود المتبادلة بين الطرفين فقد تبين بأن المطعون ضده (المؤجر) ينكر دعوى الطاعن بأن الاتفاق على تسليم المحلات كان بعد انقضاء شهرين من تاريخ دفع مقدم الإيجار ويؤكد بأنه كان بعد تجهيز المحلات ودخول الكهرباء لأنها ما زالت تحت التشطيب أي أن تسليمها غير محدد بيوم معين.
وبناء على ذلك فإن العقد على الإيجار وقع مجهولاً وذلك من عدة وجوه (١) إن العقد شفوي وغير مكتوب (٢) لم يحدد متى تاريخ انعقاد الإيجار ومتى نهايته والمدة المتفق عليها (٣) وقت دخول الكهرباء إلى المحلات غير معلوم أما تحديد الإيجار الشهري دون ما سواه فلا يكفي لما كان ذلك وكان من ضمن شروط صحة المعقود عليه أن يكون معلوم الصفة ومقدورًا على تسليمه في يوم معلوم يتم من خلاله الاستلام والتسليم وتاريخ بدء العقد ونهايته والشروط الملازمة للعقد والمدة.
وأما وأن الاتفاق بين الطرفين جاء خاليًا مما سبق بيانه فإن عقد الإيجار وقع مجهولاً لأنه فقد اهم شروطه ومكوناته ولا يعتد به ويعود الأمر إلى ما كان عليه الحال قبل الاتفاق وذلك بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضت به برد المبلغ المقدم عن قيمة الإيجار ورد الكفالة للطاعن وإلزام المطعون ضده بالمصاريف كما سيرد في المنطوق.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه رقم (٥ / ٢٠١٧م) المؤرخ ١٧ / ٥ / ٢٠١٧م الصادر من محكمة استئناف الرستاق والحكم من جديد بتأييد الحكم الابتدائي رقم (١٤٨ / ٢٠١٧م) المؤرخ ٢ / ٨ / ٢٠١٦م الصادر من المحكمة الابتدائية ببركاء وإلزام المطعون ضده بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.