جلسة يوم الأربعاء الموافق ٢ / ١١ / ٢٠١٦م
المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ د / إسحاق بن أحمد البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:
الشيخ د. عبدالله بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا
د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا
د. خليفة بن محمد بن عبدالله الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا
سالم بن محمد بن سالم البراشدي قاضي المحكمة العليا
مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا
د. سالم بن حميد بن محمد الصوافي قاضي بالمحكمة العليا
سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري
ناصر بن محمد بن ناصر الرواحي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
عبد الله بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
أحمد بن محمد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
د. جابر بن خلفان بن سالم الهطالي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
(١٦)
طلب التنازع رقم (١٠) السنة القضائية الثامنة
تنازع اختصاص (معيار – تحديد – مضمون- إثبات ملكية – قضاء عادي)
– إذا كان موضوع القرار الإداري صادراً في نطاق السلطة العامة للجهة الإدارية والصلاحيات التي خولها لها القانون، فإن المنازعة فيه تكون منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإداري استناداً إلى المادة (٦) من قانونها ما لم يخرجها المشرع بنص سواءً أكان في قانون المحكمة أم أي قانون آخر ،أما إذا كان موضوعه يتعلق بمسألة من مسائل القانون الخاص وصدر هذا القرار في ضوء ما أسفر عنه فحص الوقائع المادية لطلب إثبات التملك في واقعة ميراث شرعي أو وضع اليد لمدة طويلة أو إلى صك شرعي أو شهادة الشهود أو غير ذلك من وسائل الإثبات، فإن هذا القرار يخرج من عداد القرارات الإدارية التي تختص محكمة القضاء الإداري بنظرها وذلك لعدم توفر عنصر السلطة العامة في إصداره مما أفقده أهم مقوماته.
– العبرة في القرار ليس بصدوره من جهة إدارية فحسب بل يجب أن يكون إداريًّا بمضمونه وفحواه.
– يختص القضاء العادي بنظر المنازعة في إثبات الملكية باعتبار أن القاضي المدني هو قاضي دعاوى الملكية التي يتطلب إثباتها بحث المستندات وإجراء المعاينات وسماع الشهود، وغير ذلك، وهو ما يتناسب مع طبيعة عمل هذا القاضي ولا يتناسب مع طبيعة عمل القاضي الإداري الذي يختص بالتحقق من مشروعية القرار المطعون فيه من عدمه، الأمر الذي يتعين معه اختصاص المحكمة الابتدائية – الدائرة الثلاثية – بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.
أولاً- في الإجراءات
بتاريخ ٢٠ / ٣ / ٢٠١٦م أودع المحامي…. – من مكتب…… للمحاماة والاستشارات القانونية – المقيد لدى المحكمة العليا – أمانة سر الهيئة عريضة الطلب الماثل بصفته وكيلاً عن مقدمي الطلب بموجب وكالة مصادق عليها من الكتاب بالعدل بالسيب، طالباً في ختامها: بقبول طلب التنازع شكلاً، وفي الموضوع بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى ولائيًّا.
وبتاريخ ٢٩و٣٠ / ٣ / ٢٠١٦م قام محضر الهيئة بإعلان المقدم ضدهما الطلب بصورة من الطلب ومرفقاته. ولم يودعا ردهما عليه، وعليه قرر فضيلة الشيخ الدكتور رئيس الهيئة إحالة ملف الطلب إلى الأمانة الفنية لتحضيره، وإعداد تقرير بالرأي القانوني.
وإذ تبين للأمانة الفنية للهيئة أن الطلب الماثل مستوف لكافة الأوراق والمستندات اللازمة للفصل في موضوعه، وأن الهيئة أعلنت كافة الأطراف، ومن ثم قامت بإعداد التقرير الماثل.
الوقائع تتلخص وقائع المنازعة – حسب البين من الأوراق والمستندات – في أن مقدمي الطلب أقاموا بتاريخ ١٠ / ٦ / ٢٠١٤م -الدعوى المدنية رقم (٤٧٣ / ٢٠١٤م)-أمام الدائرة الابتدائية بصلالة -الدائرة الثلاثية -بعريضة أودعها لدى أمانة سر المحكمة المحامي…….. من مكتب……. للمحاماة والاستشارات القانونية- طالباً في ختامها الحكم: بتعيين الحدود، وصرف باقي أملاك المدعين البالغة نصف مساحة (١٧ فدان) من الأرض الزراعية في عوقد، وبإلزام المدعى عليهما بالتعويض العيني أو النقدي عن المساحة المقدرة ب (١٧ فدان) حسب سعر السوق الحالي مع مراعاة ريع وثمار الأرض، وفوات الكسب المشروع، وما لحقهم من خسارة، وندب خبير محاسبي وعقاري لتقدير التعويض المناسب، وإلزامهما برسوم الدعوى، وأتعاب المحاماة مبلغ (١٠٠٠) ألف ريال، وذلك على سند من القول: إن المدعين يمتلكون مزرعة تسمى (بارجيل) الواقعة بعوقد الشرقية وقد اشترى النصف الأول المرحوم…… من المالك السابق المرحوم….. بتاريخ ٦ / ٥ / ١٩٥٦م، واشترى النصف الآخر المرحوم الشيخ…… بموجب صك شرعي بتاريخ ٢٦ / ٩ / ١٩٥٨م، وتم توثيق الصك الشرعي من قاض محكمة ظفار الشرعية، وقد تقدم الورثة أصحاب المزرعة بالطلب إلى جهات الاختصاص بالدولة لتحديد المسافة حسب المقاييس، وتم تشكيل لجنة وتقدير الأرض على مساحة (٤٠٠×٤٠٠) قدم قسمت بين المالكين المدعين مناصفة، ولم يوافقوا عليها فتظلموا إلى وزير الدولة ووالي ظفار وقد وجه قاضي المحكمة الشرعية بإعادة النظر في أمر التقدير على أن يكون أقل تقدير للمزرعة (٦٠٠) قدم مربع فصدرت سند الملكية من دائرة أراضي صلالة بالرقم (٣٠) بتاريخ ٥ / ١٠ / ١٩٨٢م باسم المرحوم الشيخ م……..
بمساحة إجمالية (٣٣٤٥٢م٢) قسمت مناصفة بين المالكين، ولم يرتض المدعين بالتقدير، وتظلموا مره أخرى إلى جهات الاختصاص، وقام فضيلة القاضي بتوجيه خطاب إلى مدير دائرة الأراضي بتاريخ ٣٠ / ١١ / ١٩٨١م، ولم يتم البت في التظلم إلى تاريخه.
وأضاف وكيل المدعين بأن حدود المزرعة موضوع الدعوى تقدر بمسافة طولية ١٧٥متر من الشرق ويحدها جنوباً البحر والزيور والفجار والمزاجي والأكوات بمسافة طولية (٦٠٠) متر، وإجمالي المزرعة (١٠٥٠٠٠م٢) بما يعادل (٢٥) فدان، فتظلم المدعون مرة أخرى إلى وزير الدولة ومحافظ ظفار، ووزارة الإسكان، ولم تتم الاستجابة إلى طلبهم، وتم مخاطبة مدير عام الإسكان بالمحافظة بتاريخ ٧ / ٧ / ٢٠٠٧م، وآخر في ١٧ / ٨ / ٢٠٠٨م، ولم يتم الرد عليهم، كما تقدموا بتظلم إلى وزير الإسكان بتاريخ ١٧ / ٢ / ٢٠١٤م، ولم يتم الرد عليهم أيضا.
وأثناء تداول الدعوى أمام المحكمة قدم ممثل ديوان البلاط السلطاني مذكرة طلب فيها إخراج الديوان من الدعوى؛ كونه لا يختص بإثبات الملك وتعيين الحدود وتحديد مساحة الأرض الإجمالية بموجب الصكوك الشرعية، وإنما ذلك من اختصاص جهات أخرى، كما ردت وزارة الإسكان على الدعوى وطلبت رفض الدعوى، وتحميل رافعها المصاريف، ذلك بأن المدعين قبلوا بالأرض التي تم تسليم سند الملكية لهم بتاريخ ١٤ / ١٢ / ١٩٨٢م، وليس لهم الحق في مطالبة الوزارة، وإنه حسب المعمول به إذا كان الصك الشرعي غير محدد المساحة بشكل دقيق يعطي حاملة مساحة تقديرية (٤٠٠×٤٠٠) فوت، وصك المدعي غير محدد المساحة سوى بعض المعالم التي لا يمكن الاستدلال بها والتي لا يعقل بأن تصل مساحة أرض تشمل تلك الأماكن والمعالم المذكورة فيه، إذ إن الصك حدد (بئر…..) المعروفة بحدودها الأربعة، وأن الأرض تقع ضمن أرض تابعة لديوان البلاط السلطاني ولا علاقة لوزارة الإسكان بها ولا توجد مساحات شاغرة يمكن إضافتها للأرض محل الادعاء إذ تم عمل مخطط لديوان البلاط السلطاني بتاريخ ١١ / ٣ / ١٩٨٣م، وأن أرض المدعين تقع ضمن ذلك المخطط.
وبجلسة ١٥ / ١٢ / ٢٠١٤م حكمت الدائرة الثلاثية بمحكمة صلالة الابتدائية «بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وإحالتها إلى الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري بصلالة للاختصاص لتنظرها بأحد الجلسات بشهر يناير ٢٠١٥م، وأبقت الفصل في المصاريف وعلى أمانة سر المحكمة إعلان الغائب من الخصوم».
وشيدت قضاءها على أن وزارة الإسكان سبق لها وأن منحت المدعين سند تملك للأراضي موضوع الدعوى، ويعتبر هذا قراراً إداريًّا ينعقد الاختصاص بمراجعته لمحكمة القضاء الإداري.
وباستئناف المدعين للحكم أمام محكمة الاستئناف بصلالة حكمت بتاريخ ٣ / ١١ / ٢٠١٥: «بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفين بالمصاريف».
ونفاذاً للحكم الصادر من الدائرة الثلاثية بالمحكمة الابتدائية بصلالة أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري -الدائرة الابتدائية بصلالة-، وقيدت بتاريخ ٢٠ / ١ / ٢٠١٥م تحت الرقم (أ ب ٤٥٨) للسنة (١٥) قضائية، وبجلسة ٢٢ / ١٢ / ٢٠١٥م قضت المحكمة: « بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى؛ على النحو المبين بالأسباب، وإلزام المدعين المصاريف «.
وشيدت المحكمة قضاءها على أنّ المدّعين يطلبون الحكم بتثبيت ملكية مورثهم على الأرض الزراعية كاملة الواقعة في عوقد الشرقية بولاية بصلالة، والبالغ مساحتها نصف مساحة (١٧) فدّان، والتي آلت لمورثهم عن طريق الشراء بموجب الصك الشرعي الموثق من قاضي محكمة ظفار الشرعية، وقد تقدم مورثهم بطلب إثبات ملكية الأرض في عام ١٩٧٥م بموجب الصك الشرعي، وبتاريخ ٥ / ١٠ / ١٩٨٢م صدر سند ملكية الأرض إلا أن المدعين لم يرتضوا بالمساحة المثبتة في سند الملكية مدعين بأن مساحة الأرض الحقيقة أكبر من المساحة المثبتة، وتظلموا من ذلك إلى الجهات المختصة في وزارة الإسكان، وديوان البلاط السلطاني الذي آلت إليه -فيما بعد -المخططات السكنية الواقعة بها الأرض الزراعية، وقد امتنعت الجهتان الإداريتان المدّعى عليهما عن الاستجابة لطلب المدّعين بإثبات ملكية مورثهم للأرض لمساحة أكبر وتعويضهم عنها إما عينيا أو نقديًّا، الأمر الذي يتبينّ معه أنّ محور النزاع بين المدّعين وجهتي الإدارة المدّعى عليهما يدور حول إثبات ملكية مورث المدّعين للأرض محل الدعوى، الأمر الذي لا تختص المحكمة بنظره.
ثانياً- الهيئة
حيث إن مقدمي الطلب قدموا الطلب الماثل بُغية تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع بينهم وبين جهتي الإدارة المقدم ضدهما الطلب، بعد أن تخلَّت كل من المحكمة الابتدائية بصلالة -الدائرة الثلاثية -ومحكمة القضاء الإداري – الدائرة الابتدائية بصلالة -عن نظره.
وحيث إنه عن شكل الطلب، ولما كانت عريضة الطلب وقعت من محام موكل منهم ومقبول للترافع أمام المحكمة العليا، وقدمت وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً، واستوفى الطلب سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة قانوناً، فيكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إنه عن موضوع الطلب، فإن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقاً للفقرة (أ) من المادة (٢) من قانون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام الصّادر بالمرسوم السلطاني رقم (٨٨ / ٢٠٠٨) أن تكون الدعوى قد رفعت عن موضوع واحد أمام محكمتين من المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية ومحكمة القضاء الإداري أو أية محكمة أخرى، ولم تتخلّ إحداهما عنها أو تخلّت كلتاهما عنها، وإذ ثبت أن كلاً من المحكمة الابتدائية بصلالة -الدائرة الثلاثية-ومحكمة القضاء الإداري -الدائرة الابتدائية بصلالة -قد تخلتا عن نظر النزاع المعروض عليهما؛ تأسيساً على أنهما غير مختصّتين ولائياً بنظره، فإنّ ذلك يعد تنازعا سلبيا في الاختصاص، ممّا يتوفر معه قبول طلب تعيين الجهة المختصة بنظر الدعوى.
وحيث إن تعيين المحكمة المختصة بنظر أيّ دعوى إنمّا يتم في ضوء الاختصاص الولائي المنوط بها المحدد بالقانون الذي ينظّمها.
وحيث إن المادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩١ / ٩٩) المعدل بالمرسوم السلطاني رقم(٣ / ٢٠٠٩) تنص على أن: « تختص محكمة القضاء الإداري – دون غيرها – بالفصل في الخصومات الإدارية، ومنها الآتي:١-…. ٢-…. ٣-الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات الإدارية النهائية. ٤-الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات النهائية الصادرة من لجان إدارية ذات اختصاص قضائي».
وحيث إن المادة (٨) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩) تنص على أنه: « فيما عدا الخصومات الإدارية – تختص المحاكم المنصوص عليها في هذا القانون بالحكم في الدعاوى المدنية والتجارية وطلبات التحكيم ودعاوى الأحوال الشخصية والدعاوى العمومية والعمالية والضريبية والإيجارية وغيرها التي ترفع طبقاً للقانون إلا ما استثنى بنص خاص».
وتنص المادة الثانية من مواد إصدار المرسوم السلطاني رقم(٩٠ / ٩٩) بإصدار قانون السلطة القضائية على أن:» تحال إلى المحكمة المختصة الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الشرعية والمحكمة التجارية والمحاكم الجزائية، وذلك بحالتها وبغير رسوم، ويخطر ذوو الشأن بالإحالة. وتستمر لجان الإيجارات ولجان شؤون الأراضي في نظر الدعاوى والطلبات التي رفعت إليها قبل تاريخ العمل بالقانون المرفق «.
وحيث إن المادة (٨) من قانون الأراضي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٥ / ٨٠) تنص على أن: « تستثنى من أملاك الدولة الأموال الموقوفة وما تثبت ملكيته للأفراد العمانيين أو يملك لهم طبقاً لأحكام هذا القانون».
وتنص المادة (٢١) من القانون ذاته على أنه: « مع عدم الإخلال بحق التداعي أمام المحاكم الشرعية المختصة وإجراءاته تختص الوزارة بنظر الطلبات الخاصة بملكية الأفراد والمشار إليها في المواد١٢و١٣و١٤و١٧ من هذا القانون…».
وحيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن معيار تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى محل طلب التنازع الماثل يتمثل في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه، فإذا كان موضوع القرار الإداري صادرا في نطاق السلطة العامة للجهة الإدارية والصلاحيات التي خولها لها القانون، فإن المنازعة فيه تكون منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإداري استناداً إلى المادة (٦) من قانونها ما لم يخرجها المشرع بنص سواءً أكان في قانون المحكمة أم أي قانون آخر،أما إذا كان موضوعه يتعلق بمسألة من مسائل القانون الخاص وصدر هذا القرار في ضوء ما أسفر عنه فحص الوقائع المادية لطلب إثبات التملك في واقعة ميراث شرعي أو وضع اليد لمدة طويلة أو إلى صك شرعي أو شهادة الشهود أو غير ذلك من وسائل الإثبات، فإن هذا القرار يخرج من عداد القرارات الإدارية التي تختص محكمة القضاء الإداري بنظرها وذلك لعدم توفر عنصر السلطة العامة في إصداره مما أفقده أهم مقوماته، وتكون المنازعة فيه منازعة مدنية حول إثبات الملكية ينعقد الاختصاص بنظرها إلى المحكمة المختصة لدى جهة القضاء العادي وفقاً لأحكام المادة (٨) من قانون السلطة القضائية، فالعبرة في القرار ليس بصدوره من جهة إدارية فحسب بل يجب أن يكون إداريًّا بمضمونه وفحواه.
وبتطبيق ما تقدم على حالة طلب التنازع الماثل، يتبينّ أنه بتاريخ ٦ / ٥ / ١٩٥٦م قام مورث مقدمي الطلب بشراء نصف المزرعة الواقعة بعوقد الشرقية -المرحوم ……..-ووثق البيع بين الطرفين بصك شرعي من قاض محكمة ظفار الشرعية، ثم تقدم مقدمو الطلب إلى الجهات المختصة لتحديد كامل مساحة المزرعة وحدودها التي اشترى مورثهم نصفه والنصف الآخر الذي اشتراه المرحوم…… وبعد تشكيل لجنة لذلك تم تقدير مساحة الأرض (٤٠٠×٤٠٠) قدم قسمت بين مقدمي الطلب وورثة المشتري الآخر، إلا أنهم لم يرتضوا بالمساحة والقسمة فتظلموا إلى وزير الدولة ووالي ظفار الذي وجه قاضي المحكمة الشرعية بإعادة النظر في التقدير على أن يكون أقل تقدير للمزرعة (٦٠٠ قدم)، وبتاريخ ٥ / ١٠ / ١٩٨٢م أصدرت دائرة شؤون الأراضي بمكتب وزير الدولة ووالي ظفار سند ملكية لقطعة الأرض الزراعية محل النزاع باسم المرحوم الشيخ……. بمساحة (٣٠٠×٦٠٠) قدم ،ثم صدر رسم مساحي لتلك الأرض قسمها مناصفة بين ورثة المرحوم الشيخ…..
والمرحوم…. ولم يرتض مقدمو الطلب التقدير فتظلموا إلى جهات الاختصاص مطالبين بتمليكهم كامل مساحة المزرعة التي تقدر بمسافة طولية (٦٠٠) متر من الشرق ويحدها جنوبا البحر والزيور والفجار والمزاحي والأكوات بمسافة طولية (٦٠٠) متر، وإجمالي مساحتها (١٠٥٠٠٠م٢) بما يعادل (٢٥) فدانًا وفقاً لما جاء بالصك الشرعي الصادر بتاريخ ٦ / ٥ / ١٩٥٦م، وتعويضهم عن المساحة الناقصة، إلا أن وزارة الإسكان تنكر عليهم ذلك بدعوى أن الصك الشرعي غير محدد المساحة بشكل دقيق يعطي حامله مساحة تقديرية (٤٠٠ × ٤٠٠) فوت، وأن الصك محل استناد مقدمي الطلب أشار إلى بعض المعالم التي لا يمكن الاستدلال بها والتي لا يعقل أن تصل مساحة أرض معينة إلى تلك الأماكن، حيث حدد الصك حدود بئر بارجيل، وعليه يكون موضوع هذا الطلب متعلقاً بالنزاع حول ملكية قطعة الأرض الزراعية التي يطالب مقدمو الطلب تمليكها لهم مما تعد المنازعة في هذا الشأن منازعة مدنية حول إثبات الملكية، مما تختص بنظرها المحكمة المختصة لدى جهة القضاء العادي باعتبار أن القاضي المدني هو قاضي دعاوى الملكية التي يتطلب إثباتها بحث المستندات وإجراء المعاينات وسماع الشهود، وغير ذلك، وهو ما يتناسب مع طبيعة عمل هذا القاضي ولا يتناسب مع طبيعة عمل القاضي الإداري الذي يختص بالتحقق من مشروعية القرار المطعون فيه من عدمه، الأمر الذي يتعين معه اختصاص المحكمة الابتدائية بصلالة – الدائرة الثلاثية – بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.
فلهذه الأسباب
حكمت الهيئة باختصاص المحكمة الابتدائية بصلالة – الدائرة الثلاثية – بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.