جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٤ / فبراير / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٢٧)
الطعن لمصلحة القانون رقم ١ / ٢٠١٧م
– استشكال « وقف حكم بمنع إدخال الزوجة الأجنبية البلاد». جريمة « الزواج من أجنبية. الاستشكال في حكمها».
– قيام محكمة الاستئناف بإلغاء الشق المتعلق بمنع إدخال الزوجة الأجنبية البلاد في حكم استشكال يتعين على الادعاء العام أن يطعن عليه بطريق الطعن بالنقض ويلتزم بالمواعيد المقررة في هذا الصدد، لا أن يطعن عليه بطريق الطعن لمصلحة القانون، إذ الأخير مشروط بعدم ترتب أي أثر سوى صدور الحكم لصالح المحكوم عليه أو المسؤول عن الحق المدني.
– طعن لمصلحة القانون « شروطه». قانون « تطبيق المادة ٢٦٥ و ٢٦٧ إجراءات جزائية».
– الثابت أنه ولئن كان للمدَّعي العام حق الطعن في الأحكام لمصلحة القانون عند توافر الشروط المبيَّنة في المادة (٢٦٥) من قانون الإجراءات الجزائية إلا أنه يُشترط وفق المادة (٢٦٧) من ذات القانون أن لا يترتب على الحكم الصَّادر في الطعن لمصلحة القانون أي أثر إلا إذا صدر الحكم لصالح المحكوم عليه أو المسؤول عن الحق المدني. مخالفة ذلك مؤداها عدم قبول الطعن.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن لمصلحة القانون في أن الادعاء العام أحال المحكوم عليه…………….إلى المحكمة الابتدائية بصور (الدائرة الجزائية) لأنه أقدم على الزواج من أجنبية دون الحصول على تصريح من الجهة المختصَّة وبتاريخ (٩ / ٢ / ١٩٩٩م) حكمت المحكمة بمعاقبته بغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال موقوفة النفاذ وحرمانه من تولي الوظائف العامة ومن إدخال زوجته إلى السَّلطنة وقد استشكل المحكوم عليه هذا الحكم أمام المحكمة المصدرة له ملتمساً إلغاءه في شقه المتعلق بحرمانه من إدخال زوجته إلى السَّلطنة وبتاريخ (١٠ / ١٢ / ٢٠١٣م) حكمت المحكمة برفض الاستشكال موضوعاً وحيث إن هذا الحكم لم يحُز قبولاً لدى المستشكل فقد استأنفه بالاستشكال أمام محكمة الاستئناف بصور (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٦ / ١ / ٢٠١٤م) بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً في الشق المتعلق بحرمانه من إدخال زوجته إلى السَّلطنة بإلغائه واتباع الطرق القانونية حيال موضوع إدخالها وبتاريخ (١٦ / ١ / ٢٠١٧م) تقدم المدَّعي العام بالطعن الماثل إلى هذه المحكمة العليا يلتمس في ختام صحيفته نقض الحكم المطعون فيه وذلك لمصلحة القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن لمصلحة القانون وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الادعاء العام على محكمة الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون عندما ألغت الشق المتعلق بحرمان المحكوم عليه من إدخال زوجته الأجنبية التي تزوَّجها بالمخالفة للقانون ذلك أن الاستشكال الذي أورده المشرِّع في المادتين (٣١٣،٣١٢) من قانون الإجراءات الجزائية لا يعدُّ طريقاً من طرق الطعن في الأحكام للقول بإمكانية إلغاء المحكومية أو شق منها وإنما هو طريق أوجده المشرِّع لتذليل أي عراقيل تقف أمام الحكم البات فلا مجال والحال كذلك لإجراء أي تعديل في الحكم وأن دور المحكمة في هذا الخصوص يقتصر على فك الغموض الذي اكتنف الحكم وحل الاستشكال القائم وتأسيساً على ذلك فإن قضاء محكمة الاستئناف بصور في الاستشكال بإلغاء عقوبة حرمان المحكوم عليه من إدخال زوجته إلى السَّلطنة كان ناتجاً عن خطأ فادح في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لمصلحة القانون.
وحيث إنه من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن الطعن في الأحكام هو الوسيلة التي منحها القانون للخصوم لبعث الاطمئنان في نفوسهم إذا ما شعروا بعدم صحة الحكم أو جزء منه أو هو عبارة عن وسائل قانونية يضعها المشرِّع لتمكين المحكوم عليه من طلب إعادة النظر في الحكم الصَّادر ضده أو في الحكم الذي لم يستجب إلى جميع طلباته بقصد إبطاله أو نقضه وذلك بغية تلافي ما قد يكون في الحكم من أخطاء قد تلحق ضرراً بالمحكوم عليه أو هي الوسائل التي أجازها القانون على سبيل الحصر والتي بمقتضاها يمكن للخصوم التظلم من الأحكام الصَّادرة في حقهم بقصد إعادة النظر فيما قضت به أو هي الوسائل القضائية التي قرَّرها القانون لكل ذي مصلحة بقصد إبطال الحكم أو تعديله لمصلحته حيث لا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها مهما كان عيبها كبيراً أو خطؤها ظاهراً إلا بمراجعة طريق الطعن المناسب لها وأن الغرض من الطعن بالأحكام هو لتصحيح أو تلافي الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها القضاء عند إصدار الحكم ولفسح المجال للأطراف للاقتناع بالحكم فالقاضي هو مصدر الحكم وهو بشر غير معصوم من الخطأ فقد تخطئ المحكمة في استخلاص الوقائع أو في تقديرها أو قد تخطئ في تطبيق القانون الذي يجب تطبيقه على الوقائع أو قد تكون المحكمة غير مخُتصَّة في نظر الدعوى لذلك كان المشرِّع حريصاً على فتح طرق الطعن في الأحكام وتنظيمها فكانت الطعون الاعتيادية والطعون غير الاعتيادية ومن ضمن هذه الطعون الأخيرة الطعن المضمَّن في المادة (٢٦٥) من قانون الإجراءات الجزائية وذلك لما قدَّره المشرِّع من أن هذا الطعن ولئن كان يمسُّ عدة مبادئ قانونية أهمها حُجية الأمر المقضي فيه ومبدأ الحق المكتسب واستقرار الأحكام والمراكز وخطورتها إلا أن المصلحة التي يهدف هذا الطعن إلى حمايتها هي مصلحة جديرة بالأهمية وهي إرساء المبادئ القانونية الصَّحيحة على أساس سليم وتوحيد أحكام القضاء فيها كلما تعلق الأمر بحصول خرق للقانون من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة أو مخُالفة النظام العام وأن مصلحة الادعاء العام في ذلك الطعن قائمة وهي مراقبة التطبيق السليم للقانون أي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى العمومية صحيحة وأن تبنى الأحكام والقرارات على تطبيق قانوني صحيح خالٍ مما يشوبه من أسباب الخطأ والبطلان وقد تضمَّنت تلك المادة ما يلي: «…للمدعي العام من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب من وزير العدل أن يطلب من المحكمة العليا في أي وقت بعد فوات المواعيد المقرَّرة للطعن إلغاء أو تعديل أي حكم أو أمر أو قرار قضائي لمصلحة القانون إذا انطوى الحكم أو الأمر أو القرار على مخُ الفة القانون أو على خطأ في تطبيقه وذلك في الحالتين الآتيتين: (١) الأحكام التي لا يُجيز القانون للخصوم الطعن فيها (٢) الأحكام التي فوَّت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن أو رفعوا فيها طعناً قضي بعدم قبوله…».
كما تنص المادة (٢٦٧) من ذات القانون على أنه: «… لا يترتب على الحكم الصَّادر في الطعن لمصلحة القانون أي أثر إلا إذا صدر لصالح المحكوم عليه أو المسؤول عن الحق المدني…» ومؤدَّى هاتين المادتين أن طلب إلغاء أو تعديل أي حكم أو أمر أو قرار قضائي لمصلحة القانون يتعينَّ أن يُقدَّم من المدعي العام من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب من وزير العدل إلى المحكمة العليا دون أن يخضع للقواعد القانونية المقرَّرة لميعاد الطعن بالنقض في الأحكام لأن غايته الوصول إلى التطبيق السَّليم للقانون ولو لمصلحة المتهم وذلك بإصلاح ما في الحكم المطعون فيه من خطأ قانوني لمصلحة القانون نفسه ولا يؤثر في ذلك أن تندرج ضمن مصلحة القانون مصلحة شخصية متى ما ترتبت على الحكم المطعون فيه آثار تنعكس لمصلحة المحكوم عليه وأن معنى تقديم الطلب ليس مجرَّد رفعه إلى المحكمة العليا بل تبنيه والدفاع عنه وبيان السند القانوني الذي بُني عليه ذلك الطلب أي أن يكون المدَّعي العام نفسه مقتنعاً بوجود مبرر قانوني للطلب.
وكان الحكم المطعون فيه على النحو الذي يبينْ ُ من الأوراق من الأحكام لما كان ذلك التي يُجيز القانون الطعن فيها لأنه أصبح نهائياً بعدم الطعن عليه من الخصوم بطريق النقض أمام المحكمة العليا في الميعاد المقرَّر للطعن المنصوص عليه في المادة (٢٤٩) من قانون الإجراءات الجزائية ولما كان للمدَّعي العام حق الطعن في الأحكام لمصلحة القانون عند توافر الشروط المبيَّنة في المادة (٢٦٥) من قانون الإجراءات الجزائية السَّالفة البيان إلا أنه يُشترط وفق المادة (٢٦٧) من ذات القانون أن لا يترتب على الحكم الصَّادر في الطعن لمصلحة القانون أي أثر إلا إذا صدر الحكم لصالح المحكوم عليه أو المسؤول عن الحق المدني ولما كان طعن المدَّعي العام قد قام على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه عندما ألغت المحكمة التي أصدرته شقه المتعلق بحرمان المحكوم عليه من إدخال زوجته إلى السَّلطنة وحيث إنه وعلى سبيل الفرض الجدلي إن كان منعى الطاعن صحيحاً وقضت له هذه المحكمة بطلباته فإن ذلك سيتعارض مع ما اشترطته المادة (٢٦٧) المشار إليها عند رفع الطعن لمصلحة القانون من أنه يجب أن لا يترتب على الحكم الصَّادر في الطعن لمصلحة القانون أي أثر إلا إذا صدر الحكم لصالح المحكوم عليه أو المسؤول عن الحق المدني إذ إنه سيترتب على القضاء بطلباته الإضرار بالميزة التي اكتسبها المحكوم عليه والمتمثلة في إلغاء عقوبة حرمانه من إدخال زوجته إلى السَّلطنة ومن ثم فإن هذا الطعن يكون قد افتقر لأحد شروطه كما أنه وإن كان يوجد خطأ في الحكم على سبيل الفرض الجدلي كذلك فلا سبيل لإصلاح هذا الخطأ في مثل هذه الحالة عن طريق الطعن لمصلحة القانون إذ إن هذا الطريق أي الطعن لمصلحة القانون قد قرَّره القانون للمدَّعي العام بشروط يتعينَّ توافرها لقبوله شكلاً والحكم في موضوعه وقد افتقر إليها الطعن الماثل على النحو السَّ الف بيانه وقد كان السبيل لإصلاح هذا الخطأ إن وُجد هو الطعن فيه بطريق النقض في الميعاد المقرَّر قانوناً أما وأن الادعاء العام قد فوَّت على نفسه الميعاد المقرَّر قانوناً للطعن فلا يجوز له من بعد الانحراف بإجراءات الطعن الواردة في المادة (٢٦٥) من قانون الإجراءات الجزائية والطعن فيه بطريق الطعن لمصلحة القانون في مثل الواقعة المعروضة في موضوع الطعن الماثل وإلا أصبح له الحق في الطعن في كل الأحكام في أي وقت شاء دون التقيُّد بمواعيد الطعن وكذا الشروط التي نصَّ عليها القانون في المادتين (٢٦٥و٢٦٧) من قانون الإجراءات الجزائية وهو ما يجعل له في ذلك ميزة عن باقي الخصوم لم يُخوِّله إياها القانون كما أنه يتعارض مع مبدأ استقرار الأحكام في مواجهة الخصوم.
لما كان ذلك وكان البينِّ ُ مما سبق بسطه أن ما يُثيره الادعاء العام في طعنه ليس له سند من الواقع والقانون لعدم توافر شروط الطعن لمصلحة القانون على الحكم المطعون فيه بما يتعينَّ معه عدم قبوله.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن.