جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١٤ / مارس / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٣٥)
الطعن رقم ٥ / ٢٠١٧ م
– تسبيب حكم» الغموض فيه. الإشارة فيه إلى ما سبق من أدلة. قصور مبطل».
– لا يكفي أن يورد الحكم أدلة الدعوى ثم يتبع ذلك بالإشارة إليها بل لا بد أن يبينّ الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وملابسات ارتكابها وكيف استنبطت المحكمة من تلك الأدلة ثبوتها في حق المتهم وأن يبينّ الرسائل التي أرسلها المتهم إلى المجني عليه الخادشة للحياء والتي يطلب فيها من المجني عليه فعل الفجور به ويورد الأدلة ومضمون كل دليل، مخالفة ذلك غموض وتعميم مخل بأصول تسبيب يتعذر معه. مؤدى تلك المخالفة فساد في الاستدلال وقصور مبطل في التسبيب.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (الطاعن) إلى المحكمة الابتدائية بالقابل (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ (٤ / ٥ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص مركز شرطة إبراء:
استخدم وسيلة من وسائل تقنية المعلومات (هاتف) في إغواء ذكر لارتكاب الفجور بأن أرسل رسالة رقمية بواسطة تطبيق الواتساب من هاتفه إلى هاتف المجني عليه……………تتضمن بمجملها طلب فعل الفجور، وفق الثابت بالأوراق.
وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (١٥) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وبتاريخ (١٩ / ٧ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة بإعادة الأوراق إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية المقررة لإحالتها إلى محكمة الجنايات المختصة.
فأحال الادعاء العام المتهم (الطاعن) إلى محكمة الاستئناف بإبراء (محكمة الجنايات) بموجب الحكم الابتدائي وطالب بمعاقبته بالجناية المؤثمة بالمادة (١٥) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وبتاريخ (٢١ / ١١ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة بإدانة المتهم (الطاعن) بالجناية المؤثمة بالمادة (١٥) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠.٣ ر.ع) ثلاثة آلاف ريال مع الأمر بتنفيذ شهرين من عقوبة السجن و (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال من عقوبة الغرامة ووقف الباقي ومصادرة الهاتف المضبوط.
لم يرتض الطاعن (المحكوم عليه) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٢٩ / ١١ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تبيح له ذلك وقد تم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فلم يرد عليها.
وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعده وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن (المحكوم عليه) على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وذلك عندما أدانه بالجناية المؤثمة بالمادة (١٥) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات إذ إن الواقعة تشكل الجنحة المؤثمة بالمادة (١٨) من ذات القانون وكان على المحكمة أن تحيلها إلى المحكمة الابتدائية لعدم الاختصاص وأن الحكم أخطأ عندما أخذ بأقوال المجني عليه المرسلة والتي لا يسندها دليل وأن المحكمة اعتمدت على التحقيقات الابتدائية دون أن يتم عرضها بجلسات المحاكمة ومناقشتها ولم تمكنه من الرد عليها خصوصاً أنه أنكر الاتهام من بداية التحقيق حتى المحاكمة ولم تبحث دفاعه ولم تقم بتفريغ الرسائل التي دارت بينه وبين المجني عليه وأن الرسائل التي أرسلها كانت على سبيل المزاح ولم تكن بقصد ارتكاب الفجور كما أن الحكم خلا من الأدلة التي استند إليها ومؤداها، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من القصور في التسبيب لعدم بيان مؤدى الأدلة فهو سديد ذلك أن المادة (٢٢٠) من قانون الإجراءات الجزائية أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به الأركان والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً للمحكمة العليا من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها وإلا كان قاصرا قصور يبطله كما أنه من المقرر أنه وإن كان من المسلم به أن الإثبات في المواد الجزائية يتوقف على مدى قناعة محكمة الموضوع إلا أن أدلة الاثبات التي تحمل تلك القناعة يجب أن تكون واضحة سليمة مقبولة وقادرة على حمل الحكم عليها حتى تستمد قوتها من ذاتها فتؤدي إلى إثبات الواقعة المدعى بها على المتهم وليس بما تضفيه المحكمة عليها من صفة قد لا تتوفر فيها لذلك ينبغي أن يكون الحكم مبنياً على أساس سائغ وألا يكون تكوين عقيدة المحكمة قائماً على ما يخالف الأصول الثابتة في الاستدلال القضائي حتى لا تبنى الأحكام على خلاف الثابت بالأوراق وإذا كان من المسلم به ألا رقابة للمحكمة العليا على القاضي في تكوين عقيدته الخاصة إلا أنها بلا شك لا تقره على رأيه ومنحاه إذا ما تبينّلها أنه مخالف لقواعد الإثبات أو اتضح لها أن استدلاله على ما انتهى إليه يخالف العقل والمنطق السليم والصورة الصحيحة للواقعة.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن بالجناية المؤثمة بالمادة (١٥) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات دون أن يستظهر أركان الجريمة بشكل جلي وواضح ودون أن يبينّ مؤدى الأدلة التي ارتكنت إليها المحكمة في التدليل على ثبوت الاتهام في حق الطاعن وأورد في ذلك تسبيباً غير سائغ بقوله: «… وحيث إن الواقعة على النحو السالف بيانه مما ورد في قرار الإحالة ومن أدلة الثبوت المرفقة ومما هو مستخلص من الأوراق ومحضر الاستدلال والتحقيق قد قام الدليل على صحة ثبوتها وعلى صحة إسنادها للمتهم باستخدام الهاتف في إغواء المجني عليه لارتكاب الفجور به وذلك بإرسال رسالة رقمية بواسطة تطبيق الواتسأب من هاتفه إلى هاتف المجني عليه ولهذا وبناءً على ذلك تطمئن المحكمة لهذه الأدلة وتقضي عملاً بالمادة (٢١٧ / ٢) من قانون الإجراءات الجزائية بإدانة المتهم بالجناية المؤثمة بالمادة (١٥) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات…». لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من تسبيب قد اكتنفه الغموض واشتمل على تعميم مخل بأصول تسبيب الأحكام ولم يكشف عن عناصر الاتهام في حق المتهم إذ لا يكفي أن يورد الحكم أدلة الدعوى ثم يتبع ذلك بالإشارة إليها بل لا بد أن يبينّ الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وملابسات ارتكابها وكيف استنبطت المحكمة من تلك الأدلة ثبوتها في حق المتهم وأن يبينّ الرسائل التي أرسلها المتهم إلى المجني عليه الخادشة للحياء والتي يطلب فيها من المجني عليه فعل الفجور به ويورد الأدلة ومضمون كل دليل وإزاء هذا التعميم والإبهام فإنه يتعذر على المحكمة العليا بسط رقابتها على صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإذ حادت المحكمة المطعون في حكمها عن هذا النظر يكون قضاؤها على هذا النحو مشوباً بمخالفة القانون ومعيباً بالفساد في الاستدلال والقصور المبطل في التسبيب بما يتعينّ معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.