جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٢٠ / يونيو / ٢٠١٧م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٤٩)
الطعن رقم ١١٠١ / ٢٠١٦ م
– عيب السلعة « العطل فيها». قانون تطبيق المادة(١) من قانون حماية المستهلك.
– الأعطال السَّابقة على الشراء التي في المركبة والتي لم يُفصح عنها المتهم للمجني عليه عند التعاقد في الفاتورة أو العقد ما هي إلا عيوب تنقص من قيمتها أو من نفعها الذي كان المجني عليه يرجوه من شرائها وهذا ما قرَّرته المادة (١) من قانون حماية المستهلك.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال المتهم (الطاعن الأول) إلى المحكمة الابتدائية بمسقط (الدائرة الجزائية)؛ لأنه بتاريخ سابق على (١٧ / ١ / ٢٠١٦م) بدائرة اختصاص الهيئة العامَّة لحماية المستهلك:
أخلَّ بالتزامه إذ لم يُفصح عن أن المركبة التي باعها للمجني عليه (المطعون ضده الثاني) بها عيوب، وفق الثابت بالتقرير الفني.
وطالب الادعاء العام بمعاقبته بالمادة (٣٩) بدلالة المادة (٢٩) من قانون حماية المستهلك.
وبتاريخ (١٦ / ٦ / ٢٠١٦م) حكمت المحكمة حضورياً بإدانة المتهم (الطاعن الأول) بما هو مسند إليه وقضت بمعاقبته بغرامة قدرها (٥٠٠ ر.ع) خمسمائة ريال ومدنياً بإلزام الطاعنة الثانية ردَّ كافة مبالغ الشراء للمدَّعي (المطعون ضده الثاني) وتعويضه مبلغاً قدره (٠٠٠،١ ر.ع) ألف ريال ورفض ما زاد على ذلك من طلبات.
لم يحُز هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنين فاستأنفاه أمام محكمة الاستئناف بمسقط (دائرة الجُنح المستأنفة) التي قضت بتاريخ (٢٨ / ٩ / ٢٠١٦م) حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصاريف.
لم يرتض الطاعنان بهذا القضاء فطعنا فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٧ / ١١ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنين وقدَّم سند وكالته عنهما التي تتيح له ذلك وما يفيد سداد مبلغ الكفالة المقرَّرة قانوناً وقد تم إعلان المطعون ضدهما بصحيفة الطعن فردَّ عليها المطعون ضده الثاني بواسطة وكيله القانوني بمذكرة التمس فيها رفض الطعن بينما آثر المطعون ضده الأول عدم الرد.
وقدَّم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي انتهى فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق عندما قضى بتأييد
الحكم الابتدائي مستنداً إلى المادة (٢٩) من قانون حماية المستهلك التي تنصُّ على إلزام المزوِّد إثبات الأعطال أو العيوب في العقد أو في فاتورة الشراء رغم أن التفسير الصَّحيح لهذه المادة هو أن المزوِّد يلتزم فقط ببيان عيوب السلعة دون الأعطال إذ إن العيوب تكون لصيقة بالسلعة ولا يمكن إصلاحها فتظل السلعة معيبة دائماً أما الأعطال فهي تحدث بصورة طارئة أثناء الاستعمال ونتيجة عادية للاستهلاك ومثالها المكابح التي يمكن استبدالها وأن تقرير الخبير المنتدب لفحص المركبة أثبت أن عدد الأعطال هو (١٨) فقط ولم يُثبت وجود عيب في المركبة بما تكون معه مادة الاتهام غير منطبقة على الواقعة وأن الحكم أخطأ عندما طبَّق المادة (١٦) من ذات القانون وألزم الطاعنة الثانية ردَّ كافة مبالغ الشراء وتعويض المدَّعي بالحق المدني مبلغاً قدره (٠٠٠،١ ر.ع) ألف ريال إذ إن النصَّ ينطبق على السلع الجديدة وليس على السلع المستعملة وهو ما يسمى بالضمان والثابت أنهما باعا مركبة مستعملة لا جديدة وأن المشرِّع اشترط أن تتم الإعادة أو الاستبدال خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استلام السلعة وإلا سقط حقه في ذلك وكان الثابت أن المدَّعي استلم المركبة بتاريخ (١٥ / ٧ / ٢٠١٥م) وتقدَّم بشكواه بتاريخ (١٧ / ١ / ٢٠١٦م) أي بعد أكثر من ستة أشهر بالمخالفة للمادة المشار إليها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر بدون تفهُّم لواقع الدَّعوى وأدلتها، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرَّر في قضاء المحكمة العليا أن استخلاص الواقع في الدَّعوى والصُّورة الصَّحيحة لها وتقدير ووزن الأدلة فيها هو من سلطة محكمة الموضوع ما دامت أقامت قضاءها بما له سنده في أوراق الدَّعوى وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع المحكمة من جميع عناصر الدَّعوى المطروحة عليها ولها كامل الحرية في أن تستمدَّ اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه ما دام أن لهذا الدليل مأخذه الصَّحيح في الأوراق. لما كان ذلك وكان الثابت من مفردات الدَّعوى أن الطاعن الأول قد أحيل من لدن الادعاء العام بجُنحة عدم الالتزام بالإفصاح عن حالة المركبة المستعملة وكشف ما بها من عيوب والتي اشتراها المجنيُّ عليه من الطاعن بصفته مدير مبيعات المركبات المستعملة في شركة…. (الطاعنة الثانية) بموجب المادتين (٢٩، ٣٩) من قانون حماية المستهلك وقد أدين المتهم (الطاعن الأول) بما نسب إليه من لدن المحكمة الابتدائية وأيَّدت المحكمة الاستئنافية الحكم الابتدائي لأسبابه.
لما كان ذلك وكان الطاعن الأول قد ادَّعى أمام المحكمة الابتدائية بأنه أعطى الشاكي تفاصيل المركبة شفاهة وأن الأعطال حصلت بعد تسليم المركبة في حين أن مادة الاتهام (٢٩) من قانون حماية المستهلك توجب على المزوِّد الذي يبيع سلعة مستعملة أو تتضمَّن عيباً أن يُفصح للمستهلك عن حالة تلك السلعة وأن يُثبت ذلك في العقد أو الفاتورة التي يصدرها ولما كان الثابت من تقرير الخبير المنتدب أنه بعد فحص المركبة موضوع الدَّعوى تبينَّ أن السَّفائف الأمامية والخلفية متآكلة وكذلك أقراص المكابح غير جيدة وتحتاج إلى تغيير كما تبينَّ وجود صوت غير عادي في المحرِّك وقد أظهر جهاز الفحص ما لا يقل عن (١٨) عطلاً وأغلب تلك الأعطال كانت موجودة في المركبة قبل عملية البيع ولما كان الثابت من ظروف هذه الدَّعوى وأدلتها أن الطاعن الأول لم يُفصح عن حالة المركبة وعيوبها حسبما تتطلبه المادة السَّالفة الذكر رغم أن الشركة التي يعمل فيها (الطاعنة الثانية) لديها من الإمكانيات الفنية ما يمُكِّنها من كشف ما بها من عيوب بما يجعل أركان هذه التهمة قائمة في حق الطاعن الأول.
أما عن نعي الطاعن الأول بأن الأعطال تختلف عن العيوب فمردود عليه بأن الأعطال السَّابقة على الشراء التي في المركبة والتي لم يُفصح عنها المتهم للمجني عليه عند التعاقد في الفاتورة أو العقد ما هي إلا عيوب تنقص من قيمتها أو من نفعها الذي كان المجني ُّعليه يرجوه من شرائها وهذا ما قرَّرته المادة (١) من قانون حماية المستهلك عندما عرَّفت العيب بأنه: «… كل نقص في قيمة أي سلعة أو خدمة أو نفعها بحسب الغاية المقصودة منها يؤدي إلى حرمان المستهلك كلياً أو جزئياً من الاستفادة الكاملة بها أو يجعلها غير صالحة للاستعمال فيما أعدت من أجله ولا يكون للمستهلك دخل فيها…».
لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه عندما أثبت أن العيوب كانت سابقة على استلام المدَّعي للمركبة وأن الطاعن الأول لم يُفصح عن تلك العيوب في العقد أو الفاتورة وعليه فإن ما يثيره الطاعن في الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون مجرَّد جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الواقع واستنباط معتقدها وهو مما لا تجوز إثارته أمام المحكمة العليا الأمر الذي يتعينَّ معه رفض الطعن موضوعاً فيما يتعلق بالدَّعوى العُمومية.
أما فيما يتعلق بالدَّعوى المدنية فإن المحكمة الابتدائية أسَّست قضاءها في هذا الشق استناداً للمادة (٥٨) من قانون الجزاء والمواد (١٤ / ه) و (١٦) و (٢٣) من قانون حماية المستهلك ولما كان الطاعن الأول ينعى في صحيفة طعنه أن المادة (١٦) من قانون حماية المستهلك لا تنطبق على الواقعة من وجهين أولهما أن هذا النص لا ينطبق إلا على السلع الجديدة والثاني أن المشرِّع اشترط في هذه المادة أن تتم الشكوى من العيب خلال خمسة عشر يوماً وهو ما لم يحصل من الشاكي حيث اشترى المركبة بتاريخ (١٥ / ٧ / ٢٠١٥م) واشتكى بتاريخ (١٧ / ١ / ٢٠١٦م) أي بعد مضي أكثر من ستة أشهر وبالتالي لا يحق له الاستبدال ولما كانت المادة (٧ / أ) من اللائحة رقم (٤٩ / ٢٠٠٧) تنصُّ على أنه: «… تعتبر السلع المبيَّنة في الجدول رقم (١) الملحق بهذه اللائحة سلعاً مشمولة بالضمان المنصوص عليه في المادة (١١) من القانون …» والتي حلَّت محلها المادة (١٦) من القانون الجديد ولما كانت محكمة الموضوع لم تبحث ما إذا كانت شكوى المدَّعي من العيب تمت خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الاستلام وذلك لإعمال المادة (١٦) من قانون حماية المستهلك فإما أن يثبت لديها أن الشكوى من العيب تمت خلال الأجل المحدَّد في المادة وإلا تخضع السلعة (المركبة المستعملة) التي اشتراها المجنيُّ عليه لقواعد الضمان الكتابي الصَّادر من المزوِّد بخلو السلعة موضوع الضمان من العيوب وتعهُّده باستبدالها أو ردها ورد قيمتها أو إصلاح أي خلل أو عطل يطرأ عليها خلال فترة الضمان مع مراعاة أن الاسترجاع قد تحكم به المحكمة إذا كان هو السبيل الوحيد لمعالجة العيب.
لما كان ذلك وكان الثابت من مدوَّنات الحكم الابتدائي وحكم الاستئناف ومن مفردات الملف أن المحكمة لم تبحث في تاريخ شكوى المدَّعي من العيب ولم تطلع على بنود الضمان الموقعة بين الطرفين لتتفحَّص محتواها وجاء تسبيبها في الدَّعوى المدنية بقولها: «… وحيث إن هذا الفعل سبَّب للمدَّعي ضرراً وحيث ثبتت مسؤولية المتهم عنه والذي هو ممثل الشركة المشكو في حقها فالمحكمة تلزم المتهم استناداً إلى المادتين (١٦، ٢٣) والمادة (١٤ / ه) من قانون حماية المستهلك بإلزام شركة…. ردَّ كافة مبالغ الشراء وتعويض المدَّعي مبلغاً قدره (٠٠٠،١ ر.ع) ألف ريال…» فهذا التسبيب عام لا تعرف معه الأسس التي بنت عليها المحكمة الإلزام المدني الأمر الذي يُعجز المحكمة العليا عن إعمال رقابتها بما يتعينَّ معه نقض الحكم في شقه المدني ورد نصف مبلغ الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع: أولاً: برفضه في الشق العُمومي وإلزام الطاعن الأول المصروفات، ثانياً: نقض الحكم المطعون فيه في الشق المدني وإعادة الدَّعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة، ثالثاً: مصادرة نصف مبلغ الكفالة.