(٣٠)
بتاريخ ٨ / ٩ / ٢٠١٩م
١ – قانون – القانون المالي – مخصصات إنمائية – المختص بالموافقة على تجاوز المخصصات الإنمائية المعتمدة.
أفرد المشرع قانونا ماليا يسري على جميع الوزارات والوحدات الحكومية، وعلى الهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة – لا يخل ذلك بالاستقلال المالي الذي ينص عليه المرسوم السلطاني الخاص بإنشاء تلك الهيئات والمؤسسات – كما نظم المشرع الإجراءات التي يتعين على الوحدة الحكومية اتباعها لمواجهة الزيادة في الأعباء، وناط بالوزير المسؤول عن الشؤون المالية سلطة الموافقة على تجاوز المخصصات الإنمائية المعتمدة للوزارات والوحدات الحكومية أو النقل من المخصصات الإنمائية المعتمدة لمشروع إنمائي إلى مشروع آخر في الحدود، ووفقا للشروط المنصوص عليها في هذا القانون – تسري هذه القواعد على كافة الجهات المخاطبة بها حتى وإن كانت التشريعات المنظمة لها قد تضمنت أحكاما تمنحها الاستقلال المالي والإداري، وإصدار لوائح مالية وإدارية تنظم أعمالها – أساس ذلك – أن الاستقلال المالي والإداري لا يعني السماح لتلك الجهات بالتصرف في شؤونها المالية والإدارية بمعزل عن تشريعات الدولة أو منحها سلطة منفردة في بعض الأمور دون رقابة – تطبيق.
٢ – تفسير – قواعد تفسير النصوص القانونية – التفسير الضيق للنصوص المالية.
المستقر عليه أن النصوص القانونية تتكامل، ولا تتعارض، ويتعين فهمها معا دون النظر إلى بعضها بمعزل عن الآخر – الغاية من ذلك – استخلاص الحكم الصحيح، وقصد الشارع وأهدافه – يجب مراعاة الالتزام بقواعد التفسير الضيق في فهم النصوص المتعلقة بالشأن المالي – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتب المتبادلة، والمنتهية بالكتاب رقم: ……………. بتاريخ …………….، الموافق ……………. بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى أحقية رئيس الهيئة العامة للمياه، أو من يفوضه في تجاوز أي بند من بنود الاعتمادات المالية المخصصة للمشاريع الإنمائية، أو النقل من المخصصات الإنمائية المعتمدة لمشروع إنمائي إلى مشروع آخر طبقا لحكم المادة (١٩) من اللائحة المالية للهيئة العامة للمياه الصادرة بالقرار رقم ١ / ٢٠١٧، وذلك دون التقيد بحكم المادة (٣٠) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٤٧ / ٩٨.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – في أن الهيئة العامة للمياه لم يتأت لها ممارسة صلاحية تجاوز أي بند من بنود الاعتمادات المالية، لعدم منحها الصلاحية اللازمة في النظام المالي الإلكتروني لإجراء المناقلات بين بنود موازنتها الإنمائية، مما حدا بها إلى مخاطبة ………. لتبسيط الإجراءات المتعلقة بتجاوز المخصصات المعتمدة لإنشاء المشاريع الإنمائية وفقا للخطة الخمسية، وإجراء المناقلات فيما بين هذه المشاريع، بيد أن ……. اعتذرت عن عدم الموافقة على ذلك، على سند من القول بأن الهيئة العامة للمياه تخضع لأحكام القانون المالي، وأن الموافقة على تجاوز المخصصات المالية المعتمدة للمشاريع الإنمائية تحكمها الفقرة الثانية من المادة (٣٠) من القانون المالي، والتي عهدت الاختصاص بالتجاوز إلى الوزير المسؤول عن الشؤون المالية بناء على عرضها عليها من الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط.
وتذكرون أن المادة (٣٠) من القانون المالي قد خولت الوزير المسؤول عن الشؤون المالية – بناء على عرض المجلس الأعلى للتخطيط – الموافقة على طلب تجاوز المخصصات الإنمائية المعتمدة لإنشاء أي مشروع إنمائي في حدود (١٠٪) عشرة بالمائة من التكلفة التقديرية المعتمدة للمشروع في خطة التنمية، إلا أن اللائحة المالية للهيئة العامة للمياه خولت في المادة (١٩) منها رئيس الهيئة، أو من يفوضه صلاحية تجاوز أي بند من بنود الاعتمادات المالية للهيئة، أو النقل من بند إلى آخر، أو من مادة إلى أخرى ضمن البند الواحد، وفقا للضوابط التي أوردتها المادة المشار إليها تفصيلا.
وإزاء ذلك تطلبون الإفادة بالرأي القانوني في الموضوع المشار إليه.
وردا على ذلك يسرني أن أفيد سعادتكم بأن المادة (٢) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٤٧ / ٩٨ تنص على أنه: “تسري أحكام هذا القانون على: ١- … ٢ – الهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة ودون إخلال بالاستقلال المالي الذي ينص عليه المرسوم السلطاني الصادر بإنشائها”.
وتنص المادة (٣٠) من القانون المالي المشار إليه، على أن: “النقل بالنسبة لمخصصات الميزانية الإنمائية:
١ – تتولى وزارة الاقتصاد الوطني – بالنسبة للطلبات التي تقدمها الوزارات والوحدات الحكومية للنقل من المخصصات الإنمائية المعتمدة لمشروع إنمائي إلى مشروع آخر خلال العام – إجراء التعديلات اللازمة في حدود الميزانيات المعتمدة، مع إخطار الوزارة بنسخة من أمر التعديل الصادر في هذا الشأن.
٢ – يفوض الوزير – بناء على عرض المجلس الأعلى للتخطيط – في الموافقة على طلب تجاوز المخصصات الإنمائية المعتمدة لإنشاء أي مشروع إنمائي في حدود (١٠٪) عشرة بالمائة من التكلفة التقديرية المعتمدة للمشروع في خطة التنمية، بشرط أن يكون ذلك نتيجة لمناقصة معتمدة من مجلس المناقصات أو من لجنة المناقصات الداخلية أو الفرعية، وعلى أن تعرض طلبات التجاوز التي تزيد على هذه النسبة على المجلس”.
وتنص المادة (٥) من نظام الهيئة العامة للمياه الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٥٨ / ٢٠٠٩ على أنه: “يتولى إدارة الهيئة وتنظيم شؤونها وتصريف أمورها مجلس إدارة تكون له كافة الصلاحيات وإصدار القرارات واتخاذ الإجراءات اللازمة لممارسة الهيئة اختصاصاتها، وتحقيق أهدافها المنصوص عليها في هذا النظام وبصفة خاصة ما يأتي:
…………….
٢ – اعتماد اللوائح المالية والإدارية ولائحة شؤون الموظفين في الهيئة دون التقيد بالقوانين والأنظمة الحكومية”.
وتنص المادة (١٨) من اللائحة المالية للهيئة العامة للمياه الصادرة بالقرار رقم ١ / ٢٠١٧ على أن: “التصديق على الميزانية لا يعفي من الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها، سواء كان ذلك متعلقا بتنظيم السلطات المالية، أم بما يتطلبه تنفيذ الميزانية من إجراءات”.
وتنص المادة (١٩) من اللائحة المالية المشار إليها، على أنه: “يجوز للرئيس أو من يفوضه تجاوز أي بند من بنود الاعتمادات المالية للهيئة أو النقل من بند إلى آخر، أو من مادة إلى أخرى ضمن البند الواحد، وفقا للضوابط الآتية:
١ – أن يكون النقل بين بنود المصروفات الجارية المعتمدة للهيئة، ويستثنى من ذلك بند الرواتب والأجور، وما في حكمها، ومخصصات تنفيذ وتجهيز المشاريع.
٢ – أن يكون النقل من المخصصات الإنمائية المعتمدة لمشروع إنمائي إلى مشروع آخر بشرط أن يكون ذلك لمقابلة زيادة في تكلفة تنفيذ هذا المشروع نتيجة لمناقصة معتمدة.
٣ – الموافقة على تجاوز المخصصات المعتمدة لإنشاء أي مشروع إنمائي في حدود (١٠٪) عشرة بالمائة من التكلفة التقديرية المعتمدة في الخطة الخمسية، بشرط أن يكون ذلك نتيجة لمناقصة معتمدة، على أن يكون المشروع من ضمن المشاريع التي تتطلب خدمة استشارية أو فنية عالية الجودة، وتعرض طلبات التجاوز عن هذه النسبة على الرئيس وحده دون غيره، للنظر في شأنها واعتمادها.
ومفاد ما تقدم من نصوص أن الإنفاق العام للوحدات الحكومية – بجميع أشكاله- يكون وفقا للاعتمادات المالية المخصصة في الميزانية العامة للدولة، فإذا كانت الأموال المخصصة للوحدة غير كافية لمواجهة الالتزامات والأعباء المالية الملقاة على عاتقها تنفيذا للسياسة العامة للدولة في إطار خطة التنمية المعتمدة، فإن المشرع قد أفرد قانونا ماليا يسري على جميع الوزارات والوحدات الحكومية، وعلى الهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، وذلك دون الإخلال بالاستقلال المالي الذي ينص عليه المرسوم السلطاني الخاص بالإنشاء، نظم بموجبه الإجراءات التي يتعين على الوحدة الحكومية اتباعها لمواجهة الزيادة في الأعباء، وناط بالوزير المسؤول عن الشؤون المالية سلطة الموافقة على تجاوز المخصصات الإنمائية المعتمدة للوزارات والوحدات الحكومية أو النقل من المخصصات الإنمائية المعتمدة لمشروع إنمائي إلى مشروع آخر في الحدود، ووفقا للشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
كما أن هذه القواعد تسري على كافة الجهات المخاطبة بها، حتى، وإن كانت التشريعات المنظمة لها قد تضمنت أحكاما تمنحها الاستقلال المالي والإداري، وإصدار لوائح مالية وإدارية تنظم أعمالها – كما هو الحال بالنسبة للهيئة العامة للمياه – ذلك أن إفتاء الوزارة قد جرى على أن الاستقلال المالي والإداري لا يعني السماح لتلك الجهات بالتصرف في شؤونها المالية والإدارية بمعزل عن تشريعات الدولة أو منحها سلطة منفردة في بعض الأمور دون رقابة، وإنما المستقر من النصوص أنها تتكامل، ولا تتعارض، ويتعين فهمها معا دون النظر إلى بعضها بمعزل عن الآخر، وذلك لاستخلاص الحكم الصحيح، قصد الشارع، وأهدافه، وبمراعاة الالتزام بقواعد التفسير الضيق في فهم النصوص المتعلقة بالشأن المالي.
وبتطبيق ما تقدم على واقعات الموضوع المعروض، فإنه، ولئن كان المشرع قد وسد لمجلس إدارة الهيئة العامة للمياه سلطة إصدار اللوائح المالية والإدارية ولائحة شؤون الموظفين في الهيئة دون التقيد بالقوانين والأنظمة الحكومية، إلا أنه لم يخوله الخروج على أحكام المادة (٣٠) من القانون المالي المشار إليه، ويؤكد ذلك أن نص المادة (١٨) من اللائحة المالية للهيئة توجب تقيد الهيئة بأحكام القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها، سواء كانت تتعلق بتنظيم السلطات المالية، أو بما يتطلبه تنفيذ الميزانية من إجراءات، ولا ريب أن حكم المادة (٣٠) من القانون المالي المشار إليه يتعلق بتنفيذ الميزانية، وتلتزم كافة الجهات المخاطبة بحكم هذه المادة، ومنها الهيئات والمؤسسات العامة، ومن ثم تلتزم الهيئة العامة للمياه بحكم المادة (٣٠) من القانون المالي المشار إليه، وتتقيد بموجباته، دون التذرع بحكم المادة (١٩) من اللائحة المالية لها، والتي لا تسوغ لها – على النحو السالف بيانه – الخروج عن الضوابط والشروط المنصوص عليها في المادة (٣٠) من القانون المالي عند تجاوز أي بند من بنود الاعتمادات المالية المخصصة لها، أو النقل من بند إلى آخر.
لذلك انتهى الرأي، إلى عدم أحقية رئيس الهيئة ……………، أو من يفوضه في تجاوز أي بند من بنود الاعتمادات المالية المخصصة للمشاريع الإنمائية، أو النقل من المخصصات الإنمائية المعتمدة لمشروع إنمائي إلى مشروع آخر طبقا لحكم المادة (١٩) من اللائحة المالية للهيئة العامة للمياه الصادرة بالقرار رقم ١ / ٢٠١٧، وذلك دون التقيد بحكم المادة (٣٠) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٤٧ / ٩٨، وذلك على النحو المبين بالأسباب.