(٢٨)
بتاريخ ٢٠ / ٦ / ٢٠١٨م
١ – عقد – العقد شريعة المتعاقدين – وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية.
القاعدة المستقر عليها قضاء وفقها بشأن الالتزامات التعاقدية تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا بموافقة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، تلك القاعدة التي من مقتضاها وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق، ومبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية – تطبيق.
٢ – عقد – عقد إداري – اختلال التوازن المالي للعقد – مناط تطبيق نظرية عمل الأمير والظروف الطارئة.
من طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق بقدر الإمكان التوازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع جهة الإدارة، وبين المزايا التي ينتفع بها بحيث إذا واجه المتعاقد مع الجهة الإدارية ما يخل باقتصاديات العقد كان له الحق في المطالبة بإعادة التوازن المالي في ضوء النظريات الخاصة بعوارض تنفيذ العقد الإداري – تستوجب الأحكام العامة لنظرية عمل الأمير أن يكون العمل الضار صادرا من الجهة الإدارية المتعاقدة، وألحق ضررا خاصا بالمتعاقد معها – المستقر عليه قضاء وفقها أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة يستلزم أن تطرأ خلال مدة تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية، أو من عمل جهة إدارية غير الجهة المتعاقدة، أو من عمل إنسان آخر لم تكن في حسبان المتعاقد عند إبرام العقد، ولا يملك لها دفعا، ومن شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيما – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:……..، بتاريخ…….، الموافق……………، بشأن طلب إبداء الرأي القانوني حول مدى أحقية شركة……………… المنفذة لمشروع إنشاء شبكات توزيع المياه في ولاية…………… في محافظة…………، في مطالبتها المالية عن أجور العاملين المستحقة نتيجة لرفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق، وكتابكم المشار إليه – في أن الهيئة العامة………………… كانت قد أسندت المشروع المذكور أعلاه إلى……………………. بتاريخ ٩ / ٤ / ٢٠١٢م بموجب المناقصة رقم…………………..، التي اكتملت الأعمال فيها فعليا بتاريخ ٣١ / ١ / ٢٠١٥م. وأنه بتاريخ ٢٠ / ٤ / ٢٠١٣م صدر قرار وزير القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣، بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في جلسته رقم ٣ / ٢٠١٣ بتاريخ ٢ / ٢ / ٢٠١٣م، وتقدمت الشركة بالمطالبة المالية المذكورة أعلاه، وقررت لجنة المناقصات الداخلية الموافقة على إصدار الأمر التغييري رقم (٤) بالمطالبة المذكورة لصالح شركة…………………..
وقد قامت الهيئة العامة……….. بمخاطبة وزارة……. لصرف الفروقات المترتبة على زيادة الأجور، إلا أن وزارة………….. قد ارتأت أن يتم أولا استطلاع رأي وزارة الشؤون القانونية للوقوف حول مدى أحقية الشركة المشار إليها في مطالبتها من عدمه.
وردا على ذلك، نفيد بأنه من مستلزمات إنزال صحيح حكم القانون على الوقائع المعروضة إسباغ الوصف القانوني السليم عليها، ومن ثم تكييف طلب الرأي في ضوء ذلك، وهو ما تملكه وزارة الشؤون القانونية في إطار ممارستها اختصاصها الإفتائي، ولما كان ذلك، وكان البين من مستندات الأمر التغييري رقم (٤) أن المطالبات المالية البالغ قدرها (….. ر.ع)…….ريالا عمانيا، تنقسم إلى: (………. ر.ع)……………. ريالا عمانيا، عن أجور العاملين نتيجة لرفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، و (……….. ر.ع)……….. ريالا عمانيا عن الزيادة في حصة المساهمة التي تسددها الشركات للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وفقا للبند (١) من المادة (٢٠) من المرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣ بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية.
وبناء على ذلك، فإن حقيقة طلب الرأي وفقا للتكييف القانوني السليم للوقائع تدور حول مدى أحقية شركة………. المنفذة للمشروع السالف ذكره في المطالبة بمبلغ (…….. ر.ع)………….. ريالا عمانيا، نتيجة لرفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، وأحقيتها في المطالبة بالتعويض عن الزيادة في حصة المساهمة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والبالغ قدرها (….. ر.ع)…………..ريالا عمانيا.
ومن حيث إنه عن مدى أحقية شركة……… سالفة الذكر في المطالبة بمبلغ (……… ر.ع)………. ريالا عمانيا، نتيجة لرفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص.
فإن المادة (١٥٦) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣، والتي نصت على أنه: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون، والعرف، والعدالة بحسب طبيعة التصرف”.
وتنص المادة (٧٠) من وثائق العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية (الطبعة الرابعة – سبتمبر ١٩٩٩م) المبرم بين الهيئة العامة………..، وشركة……..، بموجب المناقصة العامة رقم……، على الآتي:
“٧٠ – التغييرات في أسعار اليد العاملة والمواد:
تجرى تعديلات في قيمة العقد على أساس الكلفة الصافية في الحالات الآتية:
١ – إذا حصلت تغييرات في سلم الرواتب والأجور الأخيرة والعلاوات الخاصة بالعمال والموظفين الذين تتأثر رواتبهم مباشرة بأي تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء، ومما تكون منطبقة على العقد. وفي هذه الحالة يتوجب على المقاول تزويد المهندس بتفاصيل كافية تتعلق بالتغييرات التي طرأت على آخر سلم للرواتب والعلاوات التي دفعت وذلك قبل أن تدفع أي من هذه التغييرات، أو تحسم منه”.
وتنص الفقرة (ج) من البند (١) في المادة (٥) من العقد ذاته على أنه:
“يخضع هذا العقد، ويفسر بموجب القوانين الواجبة الاتباع في سلطنة عمان”.
وتنص المادة (٥٠) من قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٣٥ / ٢٠٠٣ على أنه: “يضع مجلس الوزراء الحد الأدنى للأجور وفقا لما تقتضيه الظروف الاقتصادية، وله أن يضع حدا أدنى لأجور فئة بذاتها من العمال الشاغلين لوظائف أو مهن تقتضي ظروف أو طبيعة العمل بها هذا التحديد. ويصدر بالحد الأدنى للأجور قرار من الوزير”.
وحيث إنه بتاريخ ٢ / ٢ / ٢٠١٣م، صدر قرار مجلس الوزراء الموقر برفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، وتنفيذا لذلك صدر قرار وزير القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بتاريخ ٢ / ٤ / ٢٠١٣م، بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور القوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص، ونص في المادة الأولى منه على أنه: “يكون الحد الأدنى لأجر القوى العاملة في القطاع الخاص (٣٢٥) ثلاثمائة وخمسة وعشرين ريالا عمانيا شهريا موزعة على النحو الآتي…”.
ونص في المادة الثانية منه على أنه: “على أصحاب الأعمال رفع الأجر الأساسي والعلاوات للعمانيين وفقا للمادة الأولى من هذا القرار مع عدم الإخلال بمقدار الأجر الأساسي والعلاوات المستحقة للعاملين الذين على رأس عملهم إذا كانت أكثر من الحد الأدنى المشار إليه “، ونص في المادة الخامسة منه على أنه:
“ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من الأول من يوليو ٢٠١٣م”.
وحيث إن القاعدة المستقر عليها قضاء وفقها بشأن الالتزامات التعاقدية تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا بموافقة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، تلك القاعدة التي من مقتضاها وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق، ومبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية.
وحيث إنه على هدي ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن شركة…… كانت قد قامت برفع رواتب الموظفين العمانيين العاملين لديها، وذلك تنفيذا لقرار وزير القوى العاملة المشار إليه، ولما كان ذلك، وكانت إرادة طرفي العقد المشار إليه قد التقت صراحة على جواز تعديل كلفته لتغطية كل التغييرات الناتجة عن أي زيادة قد تطرأ على سلم الأجور والعلاوات، ومن ثم فإنه يحق للشركة المشار إليها – والحال كذلك – صرف مقدار الزيادة في أجور العاملين العمانيين بالشركة سالفة الذكر في مشروع إنشاء شبكات توزيع المياه في ولاية……… في محافظة……..، نتيجة صدور قرار وزير القوى العاملة رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣.
ومن حيث إنه عن مدى أحقية الشركة في المطالبة بالتعويض عن الزيادة في حصة المساهمة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، والبالغ قدرها (………….. ر.ع)…………… ريالا عمانيا، فإن البند رقم (١) من المادة (٢٠) من قانون التأمينات الاجتماعية معدل بالمرسوم السلطاني رقم ٦١ / ٢٠١٣ المشار إليه، ينص على أن: “الحصة التي يلتزم صاحب العمل بسدادها للهيئة بواقع (١٠,٥٪) من أجر المؤمن عليه شهريا”.
ومن حيث إن طبيعة العقود الإدارية أنها تحقق بقدر الإمكان التوازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع جهة الإدارة، وبين المزايا التي ينتفع بها بحيث إذا واجه المتعاقد مع الجهة الإدارية ما يخل باقتصاديات العقد كان له الحق في المطالبة بإعادة التوازن المالي في ضوء النظريات الخاصة بعوارض تنفيذ العقد الإداري.
ومن حيث إن نصوص العقد المبرم مع هذه الشركة قد حددت على سبيل الحصر حالات التغيير في فئاته، وليس من بينها هذه الحالة، ومن ثم، فإن بحث مدى أحقية الشركة في هذه المطالبة من عدمه مرهون بمدى توافر شروط النظريات الخاصة بعوارض تنفيذ العقد الإداري والتي تنحصر في الحالة المعروضة في نظرية عمل الأمير، ونظرية الظروف الطارئة.
وحيث إن الأحكام العامة لنظرية عمل الأمير تستوجب أن يكون العمل الضار صادر من الجهة الإدارية المتعاقدة، وألحق ضررا خاصا بالمتعاقد معها، وهو ما لا يتوافر في الحالة المعروضة، مما يتعين معه استبعاد تطبيق هذه النظرية لعدم توافر شروط إعمالها، والتولي شطر نظرية الظروف الطارئة.
وحيث إن المستقر عليه قضاء وفقها أن تطبيق نظرية الظروف الطارئة يستلزم أن تطرأ خلال مدة تنفيذ العقد الإداري حوادث أو ظروف طبيعية أو اقتصادية، أو من عمل جهة إدارية غير الجهة المتعاقدة، أو من عمل إنسان آخر لم تكن في حسبان المتعاقد عند إبرام العقد، ولا يملك لها دفعا، ومن شأنها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيما.
وحيث إنه هديا بما تقدم، وكانت زيادة حصة مساهمة الشركة لدى الهيئة العامة…………………….. (من ٩,٥٪ إلى ١٠,٥٪ من أجر العامل)، وكانت هذه الزيادة ليس من شأنها بحال من الأحوال أن تصيبها بخسارة فادحة تتجاوز كل تقديرات الخسارة مما يبرر التدخل لإقالتها من عثرتها، والوصول بهذه الخسارة إلى الحد المعقول، وقد خلت الأوراق من أن هذه الزيادة من شأنها إلحاق خسارة فادحة تتجاوز الحد المعقول، ومن ثم تنتفي شروط إعمال نظرية الظروف الطارئة الأمر الذي يضحى معه طلب الشركة بتعويضها في هذه الحالة غير قائم على سند صحيح، وخليقا بالرفض.
لذلك انتهى الرأي، إلى: أولا: أحقية شركة……….. المنفذة لمشروع إنشاء شبكات توزيع المياه بولاية……. في محافظة…….. في مطالبتها المالية نتيجة لرفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص البالغ قدرها (………. ر.ع)………….. ريالا عمانيا.
ثانيا: وعدم أحقيتها في المطالبة بالتعويض عن الزيادة في حصة المساهمة للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وذلك على النحو المبين بالأسباب.