(١)
٦ / ١ / ٢٠٢١م
١ – وزارة العدل والشؤون القانونية – اختصاصها بمراجعة التشريعات – الحكمة منه.
ناط المشرع بوزارة العدل والشؤون القانونية الاختصاص بمراجعة مشروعات القوانين واللوائح والقرارات ذات الصبغة التشريعية التي تعدها وحدات الجهاز الإداري للدولة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة قبل إصدارها، ونشرها في الجريدة الرسمية، واعتبر نشرها قرينة على علم الكافة بها – المشرع حينما ناط بوزارة العدل والشؤون القانونية اختصاص مراجعة مشروعات المراسيم السلطانية والقوانين واللوائح والقرارات ذات الصبغة التشريعية، فإنه يتوخى بذلك سلامة هذه التشريعات من مظنة مخالفتها لأحكام النظام الأساسي للدولة، أو تعارض الأدنى منها مع ما يعلوه في المرتبة في السلم التشريعي، مما يستوجب معه خضوع القرارات ذات الصبغة التشريعية للمراجعة من قبل وزارة العدل والشؤون القانونية، وانحسار ما عداها من القرارات عن المراجعة، فالقواعد التنظيمية العامة التي يكون طابعها العمومية والتجريد وتكون بمثابة القاعدة الواجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه، وتكون المراكز القانونية العامة هي محلها – تطبيق.
٢ – هيئة – الهيئة العامة لسوق المال – اختصاص رئيس مجلس إدارة الهيئة بإصدار مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها.
خول المشرع بموجب المادة الثانية من المرسوم السلطاني رقم ١٨ / ٢٠١٩ بإصدار قانون الشركات التجارية كلا من: وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال – كل بحسب اختصاصه -، إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام قانون الشركات التجارية، ووسد إلى الهيئة العامة لسوق المال وضع المبادئ المنظمة للحوكمة التي تلتزم بها شركات المساهمة العامة والشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها، وناط برئيس مجلس إدارة الهيئة إصدار القرارات المنفذة لأحكام هذا القانون – كل بحسب اختصاصه – مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها تتسم بالطابع التشريعي وتتضمن قواعد عامة ومجردة – أثره – اختصاص رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال بإصدار مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها – تطبيق.
٣ – شركات – شركات حكومية – مدى مشروعية استثناء الشركات المملوكة لجهاز الاستثمار العماني من تطبيق مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها.
إن المستقر عليه فقها وقضاء وإفتاء أن العام يجرى على عمومه ما لم يرد ما يخصصه وأنه لا استثناء بدون نص، خلو اختصاص الهيئة العامة لسوق المال في وضع المبادئ المنظمة للحوكمة التي تلتزم بها شركات المساهمة العامة والشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها من أي جهات أو شركات تستثنى من تطبيقها – أثره – سريان مبادئ الحوكمة على جميع الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها، ومن بينها الشركات التي يمتلكها جهاز الاستثمار العماني – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:………….. بتاريخ……………..هـ، الموافق……………..م بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مدى صحة عدم نشر قرار الهيئة العامة لسوق المال المتعلق بمبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها في الجريدة الرسمية وعدم مراجعته من وزارة العدل والشؤون القانونية، ومدى قانونية استثناء الشركات التي يمتلكها جهاز الاستثمار العماني من هذه المبادئ، ومدى اختصاص الرئيس التنفيذي للهيئة في إصدار القرار المشار إليه.
وتتلخص وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أنه انطلاقا من اختصاص جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة في بيان أوجه النقص والقصور في القوانين واللوائح والأنظمة المالية والإدارية المعمول بها واقتراح وسائل علاجها، استبان للجهاز أن الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال أصدر القرار رقم ٦٠ / ٢٠٢٠ بشأن مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها، ويرد على هذا القرار عدة ملاحظات، منها أنه بالرغم من الصبغة التشريعية للقرار المذكور إلا أن الهيئة لم تعرضه – قبل إصداره – على وزارة العدل والشؤون القانونية لتتولى مراجعته، وذلك بالمخالفة للاختصاص المنوط بالوزارة وفقا للمرسوم السلطاني رقم ٨٨ / ٢٠٢٠ وأنه كان يتعين كذلك على الهيئة العامة لسوق المال نشر القرار في الجريدة الرسمية، تطبيقا لحكم المادة (٣) من قانون الجريدة الرسمية.
وتذكرون أن القرار رقم ٦٠ / ٢٠٢٠ المشار إليه قد صدر من قبل الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال، في حين أن الاختصاص بإصدار القرارات المنفذة لقانون الشركات التجارية معقود إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة وفقا لصريح نص المادة الثانية من المرسوم السلطاني رقم ١٨ / ٢٠١٩ بإصدار قانون الشركات التجارية، كما أن القرار المشار إليه قد استثنى الشركات التي يمتلكها جهاز الاستثمار العماني من تطبيق المبادئ المرفقة به، على أن يقوم جهاز الاستثمار العماني بوضع نظم حوكمة داخلية تطبق على الشركات التابعة له، وهو ما يخالف حكم المادة (٢٠) من قانون الشركات التجارية التي خولت الهيئة إصدار المبادئ المنظمة للحوكمة دون أن تنطوي على أي استثناء، وبحيث تسري على الشركات التي يمتلكها جهاز الاستثمار العماني، أو أي من وحدات الجهاز الإداري للدولة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة التي تمتلك حصصا في الشركات.
وتشيرون إلى أن الجهاز قد خاطب الهيئة العامة لسوق المال بالملاحظات الآنف ذكرها، وما شاب القرار المشار إليه من قصور، مؤكدا ضرورة إجراء التصويب اللازم في المبادئ المرفقة بالقرار وإصداره وفقا للإجراءات القانونية، بيد أن الهيئة العامة لسوق المال أبانت – في معرض ردها على ملاحظات الجهاز – بأنها أخذت علما بشأن الملاحظات التي أبداها الجهاز، وبأنه تم الاتفاق مع جهاز الاستثمار العماني على أهمية وجود مبادئ خاصة للشركات التابعة له على أن يتولى مراقبة التزام تلك الشركات بتطبيق ما تنص عليه المبادئ من أحكام.
وإزاء ذلك، تستطلعون الرأي القانوني حول الموضوع المشار إليه.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن المادة (٦٩) من النظام الأساسي للدولة تنص على أنه: “يحدد القانون اختصاصات الجهة التي تتولى إبداء الرأي القانوني للوزارات والجهات الحكومية الأخرى، وتقوم بصياغة مشروعات القوانين واللوائح والقرارات ومراجعتها، كما يبين كيفية تمثيل الدولة وسائر الهيئات والمؤسسات العامة أمام جهات القضاء”.
كما تنص المادة (٧٤) من النظام الأساسي للدولة على أنه: “تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها، ويعمل بها من تاريخ نشرها ما لم ينص فيها على تاريخ آخر”.
وتنص المادة (٨٠) من النظام الأساسي للدولة على أنه: “لا يجوز لأية جهة في الدولة إصدار أنظمة أو لوائح أو قرارات أو تعليمات تخالف أحكام القوانين والمراسيم النافذة أو المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي هي جزء من قانون البلاد”.
وتنص المادة (٣) من قانون الجريدة الرسمية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٤ / ٢٠١١ على أنه: “ينشر في الجريدة الرسمية المواد الآتية: ٦ – القرارات الوزارية والقرارات الإدارية الأخرى التي تصدرها وحدات الجهاز الإداري للدولة التي توجب القوانين أو المراسيم السلطانية نشرها في الجريدة الرسمية، أو تقتضي المصلحة العامة نشرها بحسب تقدير الوزير أو من يفوضه”.
وتنص المادة (٥) من القانون ذاته على أنه: “يعمل بالقوانين والمراسيم السلطانية ذات الطبيعة التشريعية واللوائح من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية أو ملاحقها ما لم ينص فيها على تاريخ آخر، ويعد النشر قرينة على علم الكافة بها ولا يقبل دليل خلاف ذلك”.
وينص البند رقم (٢) من الملحق رقم (١) المرفق بالمرسوم السلطاني رقم ٨٨ / ٢٠٢٠ بدمج وزارة العدل ووزارة الشؤون القانونية في وزارة واحدة تسمى وزارة العدل والشؤون القانونية وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي على اختصاص الوزارة بـ: “مراجعة مشروعات القوانين واللوائح والقرارات ذات الصبغة التشريعية التي تعدها وحدات الجهاز الإداري للدولة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة قبل إصدارها، ونشرها في الجريدة الرسمية”.
وتنص المادة الثانية من المرسوم السلطاني رقم ١٨ / ٢٠١٩ بإصدار قانون الشركات التجارية على أنه: “يصدر وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال، كل بحسب اختصاصه، اللوائح تنفيذا لأحكام هذا القانون، خلال مدة لا تزيد على سنة واحدة من تاريخ العمل به، كما يصدران القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، وإلى أن تصدر يستمر العمل باللوائح والقرارات المعمول بها، فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون”.
وتنص المادة رقم (٢٠) من القانون ذاته على أنه: “على الهيئة وضع المبادئ المنظمة للحوكمة، تلتزم بها شركات المساهمة العامة والشركات التي تمتلك الحكومة فيها حصصا، وللوزارة وضع مبادئ الحوكمة المنظمة للشركات الأخرى”.
ومفاد ما تقدم من نصوص، أن النظام الأساسي للدولة قد حظر على أي جهة في الدولة إصدار أنظمة أو لوائح أو قرارات أو تعليمات تخالف أحكام القوانين والمراسيم السلطانية النافذة أو المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي هي جزء من قانون البلاد، وفي الوقت ذاته فوض المشرع في تحديد الجهة التي تتولى إبداء الرأي القانوني للوزارات والجهات الحكومية الأخرى، وتقوم بصياغة مشروعات القوانين واللوائح والقرارات ومراجعتها، وقد ناط المشرع بوزارة العدل والشؤون القانونية الاختصاص بمراجعة مشروعات القوانين واللوائح والقرارات ذات الصبغة التشريعية التي تعدها وحدات الجهاز الإداري للدولة، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة قبل إصدارها، ونشرها في الجريدة الرسمية، واعتبر نشرها قرينة على علم الكافة بها، وأن المشرع حينما ناط بوزارة العدل والشؤون القانونية اختصاص مراجعة مشروعات المراسيم السلطانية والقوانين واللوائح والقرارات ذات الصبغة التشريعية، فإنه بذلك يتوخى سلامة هذه التشريعات من مظنة مخالفتها لأحكام النظام الأساسي للدولة، أو تعارض الأدنى منها مع ما يعلوه في المرتبة في السلم التشريعي، مما يستوجب معه خضوع القرارات ذات الصبغة التشريعية للمراجعة من قبل وزارة العدل والشؤون القانونية، وانحسار ما عداها من القرارات عن المراجعة، فالقواعد التنظيمية العامة التي يكون طابعها العمومية والتجريد وتكون بمثابة القاعدة الواجبة الاتباع في صدد ما صدرت بشأنه، وتكون المراكز القانونية العامة هي محلها، فإن الوزارة تتصدى لها بالمراجعة، أما القرارات الفردية التي تأتي إنفاذا لمضمون القاعدة العامة المجردة فإن اختصاص الوزارة بالمراجعة ينحسر عنها، سواء كانت هذه القرارات منشئة للمركز القانوني الفردي الخاص أو مقررة له.
وقد خول المشرع – بمقتضى المادة الثانية من قانون الشركات التجارية المشار إليه – كلا من: وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال، كل بحسب اختصاصه، إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام قانون الشركات التجارية، كما وسد المشرع إلى الهيئة العامة لسوق المال وضع المبادئ المنظمة للحوكمة، التي تلتزم بها شركات المساهمة العامة والشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها.
وعلى هدي ما تقدم، ولما كان الثابت أن الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال قد أصدر القرار رقم ٦٠ / ٢٠٢٠ بشأن مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها، وكانت المادة الثانية من المرسوم السلطاني رقم ١٨ / ٢٠١٩ بإصدار قانون الشركات التجارية المشار إليها قد ناطت برئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال إصدار القرارات المنفذة لأحكام هذا القانون – بحسب اختصاصه – وكان الثابت أن المبادئ التي تضمنها القرار المشار إليه تتسم بالطابع التشريعي لما انطوت عليه من قواعد عامة ومجردة، ومن ثم تكون قد صدرت من غير المختص قانونا بإصدارها، باعتبار أن إصدارها اختصاص أصيل معقود لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال.
ومن حيث إنه بالنسبة لمدى وجوب نشر القرار رقم ٦٠ / ٢٠٢٠ المشار إليه في الجريدة الرسمية، فإنه ولما كانت المبادئ التي تضمنها القرار تتسم بالطابع التشريعي على نحو ما سلف بيانه، فإنه يتعين مراجعتها ونشرها في الجريدة الرسمية وفقا للاختصاصات المقررة قانونا لوزارة العدل والشؤون القانونية.
ومن حيث إنه عن مدى مشروعية استثناء الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العماني من مبادئ حوكمة الشركات، ولما كان المستقر عليه فقها وقضاء وإفتاء أن العام يجرى على عمومه ما لم يرد ما يخصصه، وأنه لا استثناء بدون نص، وكان المشرع قد نص في إفصاح جهير على اختصاص الهيئة العامة لسوق المال في وضع المبادئ المنظمة للحوكمة التي تلتزم بها شركات المساهمة العامة والشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها، وإذ ورد اختصاص الهيئة في وضع المبادئ المخصصة للحوكمة خلوا من أي جهات أو شركات تستثنى من تطبيقها عليها، فمن ثم فإن مبادئ الحوكمة تسري على جميع الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها، ومن بينها الشركات التي يمتلكها جهاز الاستثمار العماني، إذ لا اجتهاد مع صراحة النص، ولو أراد المشرع استثناء بعض الشركات من الخضوع لهذه المبادئ لما أعوزه النص على ذلك.
لذلك، انتهى الرأي إلى:
أولا: عدم اختصاص الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال بإصدار مبادئ حوكمة الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها.
ثانيا: عدم صحة قيام الهيئة العامة لسوق المال بإصدار المبادئ المشار إليها دون نشرها في الجريدة الرسمية.
ثالثا: عدم مشروعية استثناء الشركات المملوكة لجهاز الاستثمار العماني من المبادئ المشار إليها.
وذلك على النحو المبين تفصيلا في الأسباب.