(٢٩)
١٧ / ٥ / ٢٠٢١م
١ – عقد – العقد شريعة المتعاقدين – الأثر النسبي للعقد.
المستقر عليه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ومن مقتضيات هذا المبدأ أن أثر العقد يقتصر على طرفيه، بحيث لا تنصرف الحقوق المتولدة عنه، والالتزامات الناشئة عنه – كقاعدة عامة – إلا إلى طرفيه، وهو ما يعرف بمبدأ “نسبية أثر العقد” – تطبيق.
٢ – عقد – عقد مقاولة – الجهة المسؤولة عن استكمال إجراءات اعتماد الحساب الختامي لمشروع مبنى الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي (سابقا).
قضى المشرع بموجب المرسوم السلطاني رقم ٩٢ / ٢٠٢٠ بتعديل مسمى وزارة الزراعة والثروة السمكية إلى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي بإلغاء الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي، وأيلولة كافة مخصصاتها، وأصولها، وحقوقها والتزاماتها، وموجوداتها إلى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ومن بين تلك الحقوق والالتزامات ما تكون قد أبرمته من عقود مع الغير – مؤدى ذلك – التزام وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه باستكمال تنفيذ عقد المقاولة الخاص بمبنى الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي (سابقا)، والذي تم تخصيصه للهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، وما يتفرع عن ذلك من مباشرة الدعاوى الناشئة عنه، واعتماد الحساب الختامي للمبنى المذكور – تطبيق.
فبالإشارة إلى الكتاب رقم:…………. بتاريخ………………..هـ،…………..م بشأن طلب إبداء الرأي القانوني حول تحديد الجهة المسؤولة عن استكمال إجراءات اعتماد الحساب الختامي لمشروع مبنى الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي (سابقا)، والإجراءات القانونية المترتبة على اعتراض المقاول عليه بعد تخصيصه للهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة.
وإيماء إلى الاجتماع التنسيقي الذي عقد بين المختصين في وزارة العدل والشؤون القانونية ونظرائهم في كل من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، والهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في شأن الموضوع المعروض.
وحاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من كتاب طلب الرأي – أنه بتاريخ ١٤من مايو٢٠١٢م أبرمت الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي (سابقا) عقد مقاولة مع شركة الدهليز الدولية، لإنشاء وتشييد مبنى حكومي في مرتفعات المطار بإجمالي مبلغ مقداره (١٨٠ / ١,٣٠٢,٥٥٦ر.ع) مليون وثلاثمائة وألفان وخمسمائة وستة وخمسون ريالا عمانيا ومائة وثمانون بيسة، على أن يبدأ العمل بالمشروع في ٢٥من أغسطس٢٠١٢م، لفترة تنفيذ تمتد إلى (١٥) خمسة عشر شهرا، إلا أنه خلال هذه الفترة تعرض المشروع لإشكاليات فنية وقانونية ومالية، أسفرت عن تداول عدة دعاوى قضائية وتحكيمية إلى أن قررت الهيئة طرد المقاول من الموقع، واستكملت الأعمال الناقصة، وأعقب ذلك انتقال موظفيها إلى المبنى.
وبتاريخ ١٨ من أغسطس ٢٠٢٠م، صدر المرسوم السلطاني رقم ٩٢ / ٢٠٢٠ بتعديل مسمى وزارة الزراعة والثروة السمكية إلى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي، ومقررا أيلولة كافة المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات الخاصة بالهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي إلى الوزارة.
وبتاريخ ١٤ من أكتوبر ٢٠٢٠م، خاطب معالي السيد………. الموقر معالي الدكتور / رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة الموقر، لإخطاره بتخصيص المبنى المذكور ليكون مقرا للهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، وعلى إثر ذلك، قامت هذه الهيئة بمخاطبة وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، لاتخاذ إجراءات تسلم هذا المبنى، وانتقال موظفيها إليه، وتسليمهم جميع المستندات المتعلقة به من خرائط وعقود ومخططات، وتبعا لذلك قامت الوزارة بمخاطبة الهيئة بتاريخ ٢ من ديسمبر ٢٠٢٠م، لتسليمها جميع المستندات الخاصة بالمبنى المذكور، وما آلت إليه القضايا المتعلقة به، ولاستكمال إجراءات إعداد الحساب الختامي، ومباشرة أي قضايا قد تنشأ مستقبلا بشأن هذا المبنى.
وتنفيذا لذلك، عقدت عدة اجتماعات بين موظفي الوزارة الذين انتقلوا إليها من الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي (آنذاك)، ونظرائهم في الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، تمت من خلالها مناقشة كافة الجوانب المالية والفنية والقانونية المتعلقة بالمبنى المذكور، وتمت بعد ذلك مخاطبة وزارة الاقتصاد لتحويل المخصصات المالية المتعلقة بهذا المبنى إلى الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة.
وتذكرون أنه عقب انتقال موظفي الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة إلى المبنى المذكور رفضوا استكمال ما تبقى من إجراءات متعلقة به، وأخصها إعداد الحساب الختامي، وتسليم المقاول ما تبقى له من مبالغ، وتولي ملف القضايا التي قد يرفعها المقاول مستقبلا.
وإزاء ما تقدم، فإنكم تطلبون الإفادة بالرأي القانوني – وفقا للتكييف القانوني السليم – حول تحديد الجهة الملتزمة باستكمال تنفيذ عقد المقاولة الخاص بمبنى الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي (سابقا)، والذي تم تخصيصه للهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، وما يتفرع عن ذلك من مباشرة الدعاوى الناشئة عنه، واعتماد الحساب الختامي للمبنى المذكور.
وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بأن قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣ ينص في المادة (١٥٦) منه على أنه: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف”.
وينص في المادة (١٦٢) منه على أنه: “لا يرتب العقد التزاما في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقا”.
وينص في المادة (١٦٧) منه على أنه: “إذا كان العقد صحيحا لازما فلا يجوز لأحد المتعاقدين فسخه أو تعديله إلا بالتراضي أو التقاضي”.
وتنص المادة الثالثة من المرسوم السلطاني رقم ٩٢ / ٢٠٢٠ بتعديل مسمى وزارة الزراعة والثروة السمكية إلى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي على أنه: “تؤول إلى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه كافة المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات الخاصة بكل من: الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي، والتقسيمات الخاصة بموارد المياه، ومركز سلامة وجودة الغذاء من وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه”.
وتنص المادة السادسة من المرسوم السلطاني ذاته على أنه: “تلغى الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي، كما يلغى كل ما يخالف هذا المرسوم، أو يتعارض مع أحكامه”.
وحيث إن البين في النصوص القانونية سالفة الذكر أن المشرع – جريا على ما استقر قانونا من مبادئ أساسية تحكم العقود المبرمة – قد أرسى في قانون المعاملات المدنية المشار إليه مبدأ “القوة الملزمة للعقد”، والذي مفاده أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ومن مقتضيات هذا المبدأ أن أثر العقد يقتصر على طرفيه، بحيث لا تنصرف الحقوق المتولدة عنه، والالتزامات الناشئة عنه – كقاعدة عامة – إلا إلى طرفيه، وهو ما يعرف بمبدأ “نسبية أثر العقد”.
كما أن المشرع قرر بمقتضى أحكام المرسوم السلطاني رقم ٩٢ / ٢٠٢٠ المشار إليه إلغاء الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي، وأيلولة كافة مخصصاتها، وأصولها، وحقوقها والتزاماتها، وموجوداتها إلى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ومن بين تلك الحقوق والالتزامات ما تكون قد أبرمته من عقود مع الغير.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، ولما كان معالي السيد………. الموقر قد أصدر قراره بتاريخ ١٤ من أكتوبر ٢٠٢٠م بتخصيص المبنى الذي كان يتبع الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي قبل إلغائها ليكون مقرا للهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، ولما كانت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه قد حلت محل الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي في الحقوق المتولدة عن العقود التي سبق أن أبرمتها، وتنفيذ الالتزامات الناشئة عنها، ومنها عقد المقاولة الخاص بالمبنى المذكور، تطبيقا لنص المادة الثالثة من المرسوم السلطاني رقم ٩٢ / ٢٠٢٠ المشار إليه، بما مؤداه أن الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة لا تنصرف إليها آثار هذا العقد، ولا يترتب في ذمتها – على إثر ذلك – التزام باستكمال تنفيذه، وما يتفرع عن ذلك من مباشرة الدعاوى الناشئة عنه، واعتماد الحساب الختامي للمبنى المذكور، باعتبارها ليست طرفا في ذلك العقد، إعمالا لمبدأ “نسبية أثر العقد”.
ولا ينال مما تقدم، تحويل المخصصات المالية المتعلقة بعقد المقاولة الخاص بالمبنى المذكور إلى الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بناء على الاتفاق الذي تم بينها وبين وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، باعتبار أن الهيئة لا صفة لها في هذا العقد، ولا يجوز تبعا لذلك تحويل المخصصات المالية المتعلقة به إليها، والتي ينبغي أن تظل في حوزة هذه الوزارة للانتهاء من تنفيذ الالتزامات الناشئة عنه.
لذلك انتهى الرأي، إلى التزام وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه باستكمال تنفيذ عقد المقاولة الخاص بمبنى الهيئة العامة للمخازن والاحتياطي الغذائي (سابقا)، والذي تم تخصيصه للهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، وما يتفرع عن ذلك من مباشرة الدعاوى الناشئة عنه، واعتماد الحساب الختامي للمبنى المذكور، وذلك على النحو المبين بالأسباب.