التصنيفات
فتاوى قانونية

وزارة العدل والشؤون القانونية: فتوى رقم ٢١٢٧٥٤٦٨٩

تحميل

١ – عقد – العقد شريعة المتعاقدين – وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق ومبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية – مدى قانونية قيام الجهة الإدارية بتعديل قيمة العقد نتيجة ارتفاع أسعار السوق.

القاعدة المستقر عليها فقها وقضاء بشأن الالتزامات التعاقدية تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا بموافقة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون – مقتضى تلك القاعدة – وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق ومبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية – المستقر عليه في قواعد التفسير أنه لا يجوز الانحراف عن المدلول الظاهر للعبارات الصريحة والواضحة للعقد – خلو نصوص العقد من أي حكم يقضي بالتزام الجهة الإدارية بتعويض المتعاقد نتيجة ارتفاع أسعار السوق – مؤدى ذلك – عدم التزام الجهة الإدارية بأكثر مما ورد النص عليه في العقد – تطبيق.

٢ – عقد – مناط أحقية الشركة في التعويض عن زيادة أجور العمال العمانيين.

القاعدة المستقر عليها فقها وقضاء في الالتزامات التعاقدية تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا بموافقة الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون، تلك القاعدة التي من مقتضاها وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق في تنفيذ الالتزامات التعاقدية – التقاء إرادة طرفي العقدين صراحة على جواز تعديل كلفته لتغطية أي زيادة قد تطرأ على سلم الأجور والعلاوات – أثره – أحقية الشركة في صرف مقدار تلك الزيادة خلال مدة العمل بالقرار الخاص بتحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص – أساس ذلك – قاعدة العقد شريعة المتعاقدين – تطبيق.

فبالإشارة إلى الكتب المتبادلة، والمنتهية بكتاب وزارة العدل والشؤون القانونية رقم:………….. المؤرخ في……………..هـ، الموافق……………م، بشأن طلب الإفادة بالرأي القانوني حول مطالبة شركة………………….. بالتعويض المالي نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، ومواد البناء، والتغييرات في سلم الرواتب وأجور العاملين وفقا للبند (٧٠) من العقد الموحد.

حاصل وقائع الموضوع – حسبما يبين من الأوراق – أنه بتاريخ ١٦ من يناير ٢٠١١م تم إسناد مناقصة مشروع إنشاء عدد (٣٠٠) وحدة سكنية للمواطنين في سهل…………. في ولاية…………..في محافظة……………. لشركة………………….. بقيمة إجمالية مقدارها (١٠٥/١٥٫٥٧٧٫٦٧٨) خمسة عشر مليونا، وخمسمائة وسبعة وسبعون ألفا، وستمائة وثمانية وسبعون ريالا عمانيا، ومائة وخمس بيسات، بموجب رسالة قبول العطاء الصادرة عن وزارة السياحة (آنذاك) بناء على موافقة مجلس المناقصات المؤرخة في ١٢ من يناير ٢٠١١م. وأنه بتاريخ ٢٦ من أغسطس ٢٠١٥م قامت الوزارة بإبرام العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية مع الشركة المذكورة لتنفيذ المشروع خلال مدة (٢٤) شهرا.

وتذكرون أن الشركة المذكورة تقدمت إلى وزارة……………….. بمطالبات مقدرة بمبلغ (١٫٥٠٠٫٠٠٠) مليون وخمسمائة ألف ريال عماني كتعويض مالي نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، ومواد البناء، والتغييرات في سلم الرواتب وأجور العاملين وفقا للبند (٧٠) من العقد الموحد المشار إليه. وتشيرون بأن وزارة…………… قامت بمخاطبة وزارة المالية في شأن مطالبات الشركة المذكورة، حيث ارتأت الأخيرة عرض المطالبات على وزارة العدل والشؤون  القانونية لاستطلاع رأيها القانوني حول التغييرات في أسعار المحروقات والمواد، وكذلك التغييرات في سلم الرواتب والأجور للعاملين تطبيقا لنص البند (٧٠) من العقد المشار إليه؛ حتى يتسنى لها اتخاذ اللازم حول المطالبات المالية.

وإزاء ما تقدم، فإنكم تستطلعون الرأي القانوني – وفقا للتكييف القانوني السليم – عن مدى أحقية شركة………………….. في المطالبة بالتعويض عن ارتفاع أسعار الوقود والمواد، وعن التغييرات في سلم الرواتب وأجور العاملين بالعقد المشار إليه.

وردا على ذلك، يسرني أن أفيد معاليكم بالآتي:

أولا: مدى أحقية الشركة في المطالبة بالتعويض عن ارتفاع أسعار الوقود والمواد:

تنص المادة (١٥٦) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٢٩ / ٢٠١٣ على أنه: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه ولا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة التصرف”.

وتنص المادة (١٦٥) من القانون ذاته على أنه: “إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يعدل عنها بحجة تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كان في عبارة العقد غموض فيجب تفسيرها للبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، ويستهدى في ذلك بطبيعة التعامل وبالعرف الجاري، وبما ينبغي أن يسود من أمانة وثقة بين المتعاقدين”.

وينص البند (٩) من التعليمات للمتناقصين الواردة في المستند الأساسي للمناقصة لمشروع إنشاء وحدات سكنية في…………… في ولاية…………..في محافظة…………..الذي طرحته وزارة السياحة (آنذاك) في يونيو ٢٠٢١م على أنه: “… إن النسب والأسعار الموضحة مقابل المواد في قائمة الكميات يجب أن تكون ثابتة طوال مدة العقد، ويجب أن تتضمن قيمة الأعمال المنتهية الموضحة كاملة، كما أن تتضمن الفوائد وكافة الالتزامات والمسؤوليات لكل نوع منها الناشئة بموجب العقد”.

وتنص الفقرة (١) من البند (٥) من وثائق العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية (الطبعة الرابعة، سبتمبر ١٩٩٩م) المبرم مع شركة……………… على أنه: “أ – …. ب – …. ج – …. يخضع هذا العقد ويفسر بموجب القوانين الواجبة الاتباع في سلطنة عمان”.

وينص البند (٧٠) من العقد ذاته على أنه: “تجرى تعديلات في قيمة العقد على أساس الكلفة الصافية في الحالات التالية: ١ – …. ٢ – إذا حصلت تغييرات في أسعار المواد كنتيجة مباشرة لأية تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء. وفي هذه الحالة يتوجب على المقاول تزويد المهندس بتفاصيل كافية عن أي تغيير في السعر الأساسي للمواد المتأثرة بهذا التشريع”.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، ولما كان الأصل المستقر عليه والذي يحكم العقود المدنية والإدارية على حد سواء قوامه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأن التزامات طرفي العقد لا تقف عند حد ما حوته نصوصه، بل تمتد إلى كل ما تستلزمه طبيعة موضوعه من التزامات، سواء جرى بها نص في قانون أو عرف معتبر أو اقتضتها قواعد العدالة، وأنه في مقام تفسير العقد يتعين التعرف على إرادة المتعاقدين حسبما تفصح عنها عبارات العقد، فإن كانت واضحة تكشف بذاتها عن هذه الإرادة، فلا وجه للحيد عنها أو مخالفتها أو الاجتهاد في تفسيرها بما ينأى عن صراحتها، وعن وضوح عباراتها ومقتضى دلالتها؛ وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقا لاستقرار المعاملات، أما إذا غم الأمر، وكان هناك محل لتفسير نصوص العقد، فإنه يتعين الوقوف على ما تلاقت عليه إرادة المتعاقدين الحقيقية دون التعويل في ذلك على ظاهر النصوص، والمعنى الحرفي لألفاظها، ويستهدى في سبيل الوصول إلى هذه الإرادة بطبيعة التعامل محل العقد، وبالعرف الذي يجرى على أساسه التعامل، وما تقتضيه الأمانة والثقة بين المتعاقدين.

ولما كان البين في العقد المشار إليه أن إرادة طرفيه قد التقت صراحة على أن يعمل بالعقد ويفسر وفقا للقوانين المعمول بها في سلطنة عمان، باعتبارها القوانين والقواعد التي تحكم العقد. كما أن الطرفين قد اتفقا على ثبات أسعار المواد اللازمة لتنفيذ العقد طوال مدة التعاقد، وذلك مع جواز تعديل قيمة العقد في حالات محددة حصرا، وهي حصول تغييرات في أسعار المواد كأثر مباشر للتشريعات التي تصدر في مرحلة لاحقة على تاريخ رسالة قبول العطاء، فأوجب العقد على الشركة المعروضة حالتها في هذه الحالة تزويد المهندس كتابة بتفاصيل كافية عن أي تغيير في السعر الأساسي للمواد المتأثرة من صدور التشريع، ولا مرية في أن الالتزام على هذا النحو ينبئ عن اتجاه إرادة الطرفين إلى جواز مطالبة الشركة المعروضة حالتها بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن أي زيادة تطرأ على أسعار المواد، على أن ذلك الالتزام مقرون بشرط جوهري لا يتحقق إلا بوجوده وهو وجود تشريع جديد يتم سنه في سلطنة عمان يترتب عليه تغيير في أسعار المواد.

ولما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المذكورة تطالب بالتعويض عن التغييرات التي طرأت على أسعار الوقود، ولما كان الوقود لا يندرج ضمن عموم الحالات التي اتفق عليها الطرفان حصرا لتعديل قيمة العقد؛ باعتبار أنه لا يعد من المواد اللازمة لتنفيذ نطاق أعماله حسبما يبين من الأوراق، ومن ثم يكون طلب الشركة في هذا الخصوص فاقدا لسنده القانوني، والأمر ذاته بالنسبة لمطالبة الشركة بالتعويض عن الزيادة في أسعار بعض المواد اللازمة لتنفيذ الأعمال محل العقد، كالأسمنت والسيراميك والأصباغ، إذ إنه بالرغم من أن هذه المواد تدخل ضمن نطاق أعمال العقد، وتخضع لمبدأ التعويض المنصوص عليه في الفقرة (٢) من البند (٧٠) من العقد الموحد المشار إليه، إلا أن الشركة لم تقدم ما يثبت بأن الزيادة التي طرأت على أسعار أي من هذه المواد كانت نتيجة لتشريع جديد تم سنه في سلطنة عمان، ومن ثم فلا يكون لها الحق – والحال هكذا – في المطالبة بتطبيق نص الفقرة (٢) من البند (٧٠)، لتخلف أحد شروط تطبيقه، وهو أن تكون التغييرات في أسعار المواد ناتجة بشكل مباشر عن صدور تشريعات جديدة في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء.

ثانيا: مدى أحقية الشركة في المطالبة بالتعويض عن التغييرات في سلم الرواتب وأجور العاملين بالعقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية المشار إليه:

تنص المادة (٥٠) من قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٣٥ / ٢٠٠٣ على أنه:

“يضع مجلس الوزراء الحد الأدنى للأجور وفقا لما تقتضيه الظروف الاقتصادية وله أن يضع حدا أدنى لأجور فئة بذاتها من العمال الشاغلين لوظائف أو مهن تقتضي ظروف أو طبيعة العمل بها هذا التحديد. ويصدر بالحد الأدنى للأجور قرار من الوزير”.

وتنص المادة (٥) من العقد المشار إليه على أنه: “١ – اللغة والقانون: أ – …. ب – …. ج – …. يخضع هذا العقد ويفسر بموجب القوانين الواجبة الاتباع في سلطنة عمان”.

وينص البند (٧٠) من العقد ذاته على أنه: “تجرى تعديلات في قيمة العقد على أساس الكلفة الصافية في الحالات التالية: ١ – إذا حصلت تغييرات في سلم الرواتب والأجور الأخيرة والعلاوات الخاصة بالعمال والموظفين الذين تتأثر رواتبهم مباشرة بأية تشريعات جديدة تسن في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء ومما تكون منطبقة على العقد. وفي هذه الحالة يتوجب على المقاول تزويد المهندس بتفاصيل كافية تتعلق بالتغييرات التي طرأت على آخر سلم للرواتب والعلاوات التي دفعت، وذلك قبل أن تدفع أي من هذه التغييرات أو تحسم منه…..”.

ومتى كان ذلك، ولما كان مجلس الوزراء الموقر قد وافق بجلسته المنعقدة بتاريخ ٢ / ٢ / ٢٠١٣م على رفع الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، وتنفيذا لذلك صدر قرار وزير القوى العاملة (آنذاك) رقم ٢٢٢ / ٢٠١٣ بتاريخ ٢٠ / ٤ / ٢٠١٣م بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص، ونص في مادته الأولى على أنه: “يكون الحد الأدنى لأجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص (٣٢٥) ثلاثمائة وخمسة وعشرين ريالا عمانيا شهريا موزعة على النحو الآتي…”، ونص في مادته الثانية على أنه: “على أصحاب الأعمال رفع الأجر الأساسي والعلاوات للعمانيين وفقا للمادة الأولى من هذا القرار مع عدم الإخلال بمقدار الأجر الأساسي والعلاوات المستحقة للعاملين الذين على رأس عملهم إذا كانت أكثر من الحد الأدنى المشار إليه”، ومقررا في مادته الخامسة بأنه: “ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من الأول من يوليو ٢٠١٣م”.

ولما كان البين من مطالعة نص الفقرة (١) من البند (٧٠) من العقد المشار إليه أن إرادة طرفيه قد التقت صراحة على جواز تعديل كلفته لتغطية كل التغييرات الناتجة عن أي زيادة قد تطرأ على سلم الأجور والعلاوات الخاصة بالعمال والموظفين الذين تتأثر رواتبهم مباشرة بأي تشريعات جديدة في سلطنة عمان بعد تاريخ رسالة قبول العطاء ومما تكون منطبقة على العقد، ولما كان من المقرر قانونا في شأن الالتزامات التعاقدية أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا بموافقة الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، تلك القاعدة التي من مقتضاها وجوب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق ومبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية، ولما كان الثابت أنه قد صدر قرار وزير القوى العاملة (آنذاك) المشار إليه، متضمنا زيادة أجور العمانيين العاملين في القطاع الخاص اعتبارا من ١ يوليو ٢٠١٣م، أي بعد رسالة قبول العطاء الصادرة عن وزارة السياحة (آنذاك) بناء على موافقة مجلس المناقصات المؤرخة في ١٢ من يناير ٢٠١١م، الأمر الذي يحق معه للشركة المذكورة المطالبة بزيادة أجور العمال العمانيين – دون غيرهم – الذين ثبت تأثر أجورهم نتيجة صدور القرار المشار إليه، وذلك اعتبارا من تاريخ بدء تنفيذ العقد، مع التنويه بعدم شمول ذلك لمساهمة الشركة التي تسددها للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، حيث لا تستحق الشركة تعويضا عنها؛ لعدم انطواء هذه المساهمة تحت مظلة الحالات المنصوص عليها حصرا في الفقرة (١) من البند (٧٠) من العقد المشار إليه، والتي يجوز معها تعديل كلفة العقد، وهو ما استقر عليه إفتاء وزارة العدل والشؤون القانونية.

لذلك؛ انتهى الرأي إلى الآتي:

أولا: عدم أحقية شركة………………. في المطالبة بالتعويض عن ارتفاع أسعار الوقود، والمواد.

ثانيا: أحقية شركة………….. في المطالبة بمقدار الزيادة في أجور العمال العمانيين بالعقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال المدنية المشار إليه، اعتبارا من تاريخ بدء تنفيذ العقد، وذلك على النحو المبين بالأسباب.