التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – هيئة تنازع الاختصاص: طلب التنازع رقم ٣ / ٠٦م

0006/3 3/0006 06/3 3/06 ٠٠٠٦/٣ ٣/٠٠٠٦ ٠٦/٣ ٣/٠٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٠ / ٦ / ٢٠١٤م

المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ د / إسحاق بن أحمد البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:

الشيخ د. عبدالله بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا

د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا

ماجد بن عبدالله بن مبارك العلوي رئيس محكمة القضاء الإداري

علي بن سالم بن علي النعماني نائب رئيس المحكمة العليا

الشيخ. خالد بن راشد بن سعيد المنوري نائب رئيس المحكمة العليا

مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا

سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري

ناصر بن محمد بن ناصر الرواحي مستشار بمحكمة القضاء الإداري

عبد الله بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري

أحمد بن محمد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري

(٢)
طلب التنازع رقم (٣) السنة القضائية السادسة

ملكية (إجراءات) – نزاع (اختصاص – قضاء عادي)

– حدد القانون إجراءات خاصة لإثبات ملكية المواطنين للأراضي التي يدعون ملكيتها، تتمثل في وجوب تقديمهم طلبات إثبات الملك وتعيين الحدود إلى لجان شؤون الأراضي المختصة بالوزارة، التي تختص بنظر هذه الطلبات والبت فيها بعد أن تتثبت بكل الطرق من صحة الادعاءات، والانتقال إلى موقع الأراضي ومعاينتها على الطبيعة والاستعانة بمن تراهم من الخبراء والمختصين، كما أجاز القانون للمواطن التظلم للوزير خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار أو عدم الرد عليه، ثم ناط بجهات القضاء العادي المختصة النظر في دعاوى إثبات الملك أو تعيين الحدود على الأراضي التي تسري بشأنها قانون الأراضي المعروضة عليها والفصل فيها، الأمر الذي يتعين معه تحديد الجهة القضائية   المختصة بالنظر في الدعوى محل طلب التنازع الماثل.

– معيار تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى – في ضوء ما استقرت عليه أحكام هذه الهيئة- يتمثل في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه، فإذا كان موضوع القرار إداريا صدر في نطاق السلطة العامة للوزارة والصلاحيات التي خولها لها القانون فإن المنازعة فيه تكون منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإداري استنادا إلى أحكام المادة (٦) من قانونها، أما إذا كان موضوعه يتعلق بمسألة من مسائل القانون الخاص وصدر هذا القرار في ضوء ما أسفر عنه فحص الوقائع المادية لطلب إثبات تملك المتمثلة في واقعة ميراث شرعي أو وضع اليد لمدة طويلة أو إلى صك شرعي أو شهادة الشهود أو غير ذلك من وسائل الإثبات، فإن هذا القرار يخرج من عداد القرارات الإدارية التي تختص محكمة القضاء الإداري بنظرها وذلك لعدم توفر عنصر السلطة العامة في إصداره مما أفقده أهم مقوماته، وتكون المنازعة فيه منازعة مدنية حول إثبات الملكية ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة المختصة بجهة القضاء العادي وفقا لأحكام المادة (٨) من قانون السلطة القضائية؛ إذ إن العبرة في القرار ليس بصدوره من جهة إدارية فحسب بل يجب أن يكون إداريا بمضمونه وفحواه.

أولاً- في الإجراءات

بتاريخ ٢٣ / ٤ / ٢٠١٤م أودع المحامي…… (المقبول للمرافعة أمام المحكمة العليا) من مكتب الدكتور للمحأماة والاستشارات القانونية – بصفته وكيلا عن الطّ الب- الطلب الماثل لدى أمانة سرّ هيئة تنازع الاختصاص والأحكام، بصحيفة موقعة منه، طالبا في ختامها الفصل في حالة التنازع في الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري (الدائرة الابتدائية الثالثة) والمحكمة الابتدائية بالدقم (الدائرة المدنية)، وذلك بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى ولائياً القائمة بينه وبين وزارة الإسكان، وقد أرفق بالطلب صوراً من المستندات الآتية:

سند الوكالة مصدقاً عليه من دائرة الكاتب بالعدل بسناو.

حكم المحكمة الابتدائية بالدقم (الدائرة المدنية) في الدعوى رقم (٨٩ / ٢٠١٣) بجلسة ١ / ١٢ / ٢٠١٣م المقامة من مقدم الطلب ضد إدارة الإسكان بالدقم القاضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص.  حكم الدائرة الابتدائية الثالثة بمحكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم (٢٢٤) لسنة (١٤) قضائية بجلسة ٢ / ٣ / ٢٠١٤م القاضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى دون إحالة.

وبتاريخ ٢٩ / ٤ / ٢٠١٤م تم إعلان وزارة الإسكان المقدم ضدها الطلب بصورة من عريضة الطلب ومرفقاته، ولم تقدم أي رد عليها.

وبتاريخ ٢٠ / ٥ / ٢٠١٤م أحال فضيلة الشيخ الدكتور رئيس الهيئة ملف هذا الطلب إلى الأمانة الفنية لتتولى تحضير المنازعة واتخاذ ما يلزم بشأنه، حيث قامت الأمانة بتحضير الطّلب الماثل وأعدّت تقريرا تضمن رأيها بشأنه قدّمته إلى رئيس الهيئة، بعد ذلك نظرت الهيئة هذا الطّلب على النحو المبينّ بمحضر الجلسة، وقرّرت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.

الهيئة

بعد الاطلاع على الأوراق، وإتمام المداولة قانوناً.

وحيث إن الطلب الماثل استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فيكون مقبولا شكلا.

وحيث إنّه عن وقائع الطّلب الماثل فتتحصّل في أنّ مقدم الطلب كان قد أقام الدعوى رقم (٨٩ / ٢٠١٣) أمام الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بالدقم طلب فيها الحكم بإلزام وزارة الإسكان بتمليكه مساحة (٦٠٠٠م٢) ستة آلاف متر مربع وفقا لما قررته اللجنة المحلية لشؤون الأراضي بولاية الدقم، على سند من أن هذه اللجنة وقفت على الأرض ووافقت على تمليكه المساحة المذكورة، إلاّ أنه تفاجأ حينما راجع وزارة الإسكان بأن المساحة قُلصت بقرار من وكيل الوزارة إلى (٦٠٠م٢) ستمائة متر مربع فقط، وبجلسة ١ / ١٢ / ٢٠١٣م قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وأبقت الفصل في المصاريف.

وشيدت المحكمة الابتدائية بالدقم قضاءها المشار إليه على أن الدعوى متعلقة بطلب تمليك المدعي المساحة المعتمدة من اللجنة المحلية المذكورة، وليس طلباً بإثبات ملك، وأن طلب التمليك هو قرار إداري يخضع لتقدير الجهة المختصة من حيث توفر ضوابط استحقاق التمليك المعتمد من اللجنة المحلية من عدمه، ويكون الاختصاص بالطعن في القرار الصادر في ذلك منعقداً ولائياً لمحكمة القضاء الإداري، وانتهت إلى القضاء بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى   محكمة القضاء الإداري للاختصاص.

وتنفيذا لحكم الإحالة المذكور باشرت الدائرة الابتدائية الثالثة بمحكمة القضاء الإداري بمسقط نظر الدعوى التي قيدت برقم (٢٢٤) لسنة (١٤) قضائية، وبجلسة ٢ / ٣ / ٢٠١٤م قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى دون إحالة، وشيدت قضاءها على أن المدعي يطعن في قرار رفض وزارة الإسكان تثبيت ملكيته لقطعة الأرض موضوع الدعوى بمساحة (٦٠٠٠م٢) ستة آلاف متر مربع الكائنة بمنطقة صاي بولاية الدقم وفقاً لتوصية اللجنة المحلية لشؤون الأراضي الصادرة بتاريخ ٢٥ / ١٠ / ٢٠١٠م، إذ إن وزارة الإسكان رفضت تمليكه كامل المساحة لكونها أرض فضاء ولا توجد بها أي إشغالات تعود إلى ما قبل الأول من يناير عام ١٩٧٠م ، وبالتالي فإن ملكيتها تعود إلى الدولة وفقاً للفقرة (ب) من المادة الأولى من القرار السلطاني رقم (٥ / ٨٣)، الأمر الذي يتبين معه أن محور النزاع بين المدعي ووزارة الإسكان يدور حول إثبات ملكية المدعي للأرض محل الدعوى، وبما أن أحكام هيئة تنازع الاختصاص والأحكام والدائرة الاستئنافية بمحكمة القضاء الإداري استقرت أحكامهما على أن النزاعات المتعلقة بإثبات الملكية يختص بنظرها القضاء العادي، فإنه يتعين معه القضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر هذه الدعوى دون إحالة، تأسيسا على أنه لا يجوز إحالة الدعوى مرة أخرى إلى القضاء العادي كونه سبق له نظرها وقضى بعدم اختصاصه.

وحيث إن الحكمين المشار إليهما أصبحا نهائيين بفوات مواعيد الطعن عليهما، ونظرا لتخلي كل من جهتي القضاء العادي والإداري عن نظر الدعوى المعروضة عليهما، فقد رفع الطالب الأمر إلى هيئة تنازع الاختصاص والأحكام للفصل في هذا التنازع ، وذلك بتعيين الجهة القضائية المختصة بنظر تلك الدعوى.

وحيث إنّ مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص وفقا للفقرة (أ) من المادّة (٢) من قانون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام الصّادر بالمرسوم السلطاني رقم ٨٨ / ٢٠٠٨ هو أن تكون الدعوى قد رفعت عن موضوع واحد أمام محكمتين من المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية ومحكمة القضاء الإداري وأية محكمة أخرى، ولم تتخلّ إحداهما عنها أو تخلّت كلتاهما عنها، وإذ ثبت أنّ كلا من محكمة القضاء الإداري والمحكمة الابتدائية بالدقم قد تخلّت عن نظر النزاع المعروض عليها تأسيسا على أنّها غير مختصّة ولائيا بنظره، فإنّ ذلك يعدّ تنازعا سلبيّا في الاختصاص ممّا يتوفر معه قبول طلب تعيين الجهة القضائيّة المختصّة بنظر الدعوى.

وحيث إنّ تعيين المحكمة المختصة بنظر أيّ دعوى إنمّا يتمّ في ضوء الاختصاص الولائي المنوط بها المحدد بالقانون الذي ينظّمها.

فوفقا لأحكام المادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩١ / ٩٩ المعدلة بالمرسوم السلطاني رقم ٣ / ٢٠٠٩ تختص المحكمة بالفصل في الخصومات الإدارية ومن بينها الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات الإدارية النهائية، والقرارات النهائية الصادرة من لجان إدارية ذات اختصاص قضائي، وطبقا لأحكام المادة (٨) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٩٠ / ٩٩ فإنه – فيما عدا الخصومات الإدارية – تختص المحاكم المنصوص عليها في هذا القانون بالحكم في الدعاوى المدنية والتجارية وطلبات التحكيم ودعاوى الأحوال الشخصية والدعاوى العمومية والعمالية والضريبية والإيجارية وغيرها التي ترفع إليها طبقاً للقانون إلا ما استثنى بنص خاص»، تنص المادة (٢) من مرسوم إصدار قانون السلطة القضائية المشار إليه على أن « تحال إلى المحكمة المختصة الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الشرعية والمحكمة التجارية والمحاكم الجزائية، وذلك بحالتها وبغير رسوم، ويخطر ذوو الشأن بالإحالة.

وتستمر لجان الإيجارات ولجان شؤون الأراضي في نظر الدعاوى والطلبات التي رفعت إليها قبل تاريخ العمل بالقانون المرافق «، وبالنسبة لموضوع الدعوى فتنص المادة (٨) من قانون الأراضي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٥ / ٨٠ على أن: « تستثنى من أملاك الدولة الأملاك الموقوفة وما تثبت ملكيته للأفراد العمانيين أو يملك لهم طبقاً لأحكام هذا القانون، وتنص المادة (٢١) من القانون المشار إليه على أنه: « مع عدم الإخلال بحق التداعي أمام المحاكم الشرعية المختصة وإجراءاته تختص الوزارة بنظر الطلبات الخاصة بملكية الأفراد والمشار إليها في المواد (١٢) و(١٣) و(١٤) و(١٧) من هذا القانون،… «.

كما تنص المادة (١٦) مكررا من المرسوم السلطاني رقم (٣٢ / ٢٠٠٧) بتعديل بعض أحكام قانون الأراضي على أن: « على المواطنين أن يتقدموا بطلبات إثبات الملك وتعيين الحدود إلى لجان شؤون الأراضي المختصة في مديريات ودوائر الإسكان والكهرباء والمياه بالمحافظات والمناطق، ولا تقبل الطلبات التي تقدم في الأراضي البيضاء، كما لا تقبل الطلبات التي تقدم بعد مضي ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا المرسوم إلا في المباني القديمة والأموال الخضراء التي تسقى من الأفلاج ، وتلك التي تسقى من الآبار ويعود تاريخ الادعاء عليها إلى الأول من يناير ١٩٧٠م «.  وتنص المادة (١٦) مكررا (١) من المرسوم السلطاني المشار إليه على أن: « تبت لجان شؤون الأراضي المختصة… في الطلبات المقدمة إليها خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب.

وعلى اللجان أن تتثبت بكل الطرق من صحة الادعاءات ولا تقبل بشأنها إلا الصكوك الأصلية، ولها الانتقال إلى الأراضي ومعاينتها على الطبيعة والاستعانة بمن تراهم من الخبراء والمختصين بكافة الجهات الإدارية، وترفع هذه اللجان توصياتها إلى الوزير المختص لاتخاذ القرار بشأنها خلال شهر من تاريخ رفعها… ويجوز التظلم للوزير خلال ثلاثة أشهر من صدور القرار أو عدم الرد «.

كما تضمن المرسوم المذكور إضافة مادة جديدة إلى قانون الأراضي برقم (٢٣) مكررا نصت على أنه: « لا يجوز لجهات القضاء المختصة النظر في دعاوى إثبات الملك أو تعيين الحدود على الأراضي التي تسري بشأنها قانون الأراضي أو الفصل فيها ، قبل التقدم بالطلبات المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا المرسوم إلى لجان شؤون الأراضي المختصة…، كما لا يجوز لها النظر في هذه الدعاوى إلا بعد التظلم إلى الوزير من القرارات الصادرة في شأنها «.

ويستفاد من النصوص المتقدمة أن القانون حدد إجراءات خاصة لإثبات ملكية المواطنين للأراضي التي يدعون ملكيتها، تتمثل في وجوب تقديمهم طلبات إثبات الملك وتعيين الحدود إلى لجان شؤون الأراضي المختصة بالوزارة، التي تختص بنظر هذه الطلبات والبت فيها بعد أن تتثبت بكل الطرق من صحة الادعاءات، والانتقال إلى موقع الأراضي ومعاينتها على الطبيعة والاستعانة بمن تراهم من الخبراء والمختصين ، كما أجاز القانون للمواطن التظلم للوزير خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار أو عدم الرد عليه، ثم ناط بجهات القضاء العادي المختصة النظر في دعاوى إثبات الملك أو تعيين الحدود على الأراضي التي تسري بشأنها قانون الأراضي المعروضة عليها والفصل فيها، الأمر الذي يتعين معه تحديد الجهة القضائية المختصة بالنظر في الدعوى محل طلب التنازع الماثل.

وحيث إنّ معيار تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى – في ضوء ما استقرت عليه أحكام هذه الهيئة- يتمثل في تحديد طبيعة القرار المطعون فيه، فإذا كان موضوع القرار إداريا صدر في نطاق السلطة العامة للوزارة والصلاحيات التي خولها لها القانون فإن المنازعة فيه تكون منازعة إدارية ينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة القضاء الإداري استنادا إلى أحكام المادة (٦) من قانونها، أما إذا كان موضوعه يتعلق بمسألة من مسائل القانون الخاص وصدر هذا القرار في ضوء ما أسفر عنه   فحص الوقائع المادية لطلب إثبات تملك المتمثلة في واقعة ميراث شرعي أو وضع اليد لمدة طويلة أو إلى صك شرعي أو شهادة الشهود أو غير ذلك من وسائل الإثبات، فإن هذا القرار يخرج من عداد القرارات الإدارية التي تختص محكمة القضاء الإداري بنظرها وذلك لعدم توفر عنصر السلطة العامة في إصداره مما أفقده أهم مقوماته ، وتكون المنازعة فيه منازعة مدنية حول إثبات الملكية ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة المختصة بجهة القضاء العادي وفقا لأحكام المادة (٨) من قانون السلطة القضائية، إذ إن العبرة في القرار ليس بصدوره من جهة إدارية فحسب بل يجب أن يكون إداريا بمضمونه وفحواه.

وبتطبيق ما تقدّم على حالة طلب التنازع الماثل يتبين من وقائع النزاع وما انتهت إليه حيثيات وأسباب الحكمين سالفي الذكر أن المدعي (مقدم الطلب) تقدم إلى الوزارة بطلب استخراج سند تملك لموقع ادعائه بولاية الدقم بمنطقة صاي، وبعد قيام الوزارة بمسح الموقع تبين بأنها أرض فضاء مساحتها (٨٢٥٢م٢) وعليها إشغالات من الخشب (صندقة) بمساحة (٨٠م٢) وحيازتها لاحقة على عام ١٩٧٠م، وبعد عرض الطلب على اللجنة المحلية لشؤون الأراضي بولاية الدقم أوصت بتمليك المدعي مساحة (٦٠٠٠م٢) ستة آلاف متر مربع إلاّ أن الوزارة عدلت المساحة إلى (٦٠٠م٢) ستمائة متر مربع ورفضت الادعاء في باقي المساحة بحجة أنها أرض فضاء، ولا توجد بها أي أشغالات تعود إلى ما قبل الأول من يناير عام ١٩٧٠م وبالتالي تعود ملكيتها للدولة، في حين أن المدعي يؤكد أنه يحوز هذه الأرض حيازة مشروعة وأنه يشغلها منذ ما قبل عام ١٩٧٠م، لذلك فإنه يطالب بتثبيت ملكيته عليها، أو على الأقل تمليكه المساحة التي أوصت اللجنة المحلية المذكورة بتمليكه إياها سالفة الذكر.

وحيث إن الثابت في ضوء ما تقدم أن توصية لجنة شؤون الأراضي بولاية الدقم بتمليك مقدم الطلب مساحة (٦٠٠٠م٢) ستة آلاف متر مربع من الأرض محل النزاع، ثم قيام وزارة الإسكان بإصدار قراراها المطعون فيه بتقليص مساحة التمليك إلى (٦٠٠م٢) ستمائة متر مربع فقط، لم يتم ذلك بناء على السلطة العامة التي تتمتع بها الوزارة بصفة عامة، وإنما تم في ضوء ما تبين لها من عدم كفاية الأدلة والمستندات التي قدمها المدعي لإثبات ملكيته للأرض التي يدعيها، فيكون موضوع هذا الطلب متعلقا بالنزاع حول ملكية تلك الأرض بسبب الخلاف بين الطرفين على مدى صحة الأدلة المقدمة لتأييدها، فتعد المنازعة في هذا الشأن منازعة مدنية حول إثبات الملكية تختص بنظرها المحكمة المختصة بجهة القضاء العادي باعتبار   أن الأصل أن القاضي المدني هو قاضي دعاوى الملكية التي يتطلب إثباتها بحث المستندات وإجراء المعاينات وسماع الشهود وغير ذلك، وهو ما يتناسب مع طبيعة عمل هذا القاضي ولا تتناسب مع طبيعة القضاء الإداري الذي يختص بالتحقق من مدى مشروعية القرار المطعون فيه من عدمه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بتعيين المحكمة المختصة بالقضاء العادي بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.

وحيث إنّ من مقتضى الحكم الصّادر عن هيئة تنازع الاختصاص والأحكام بتعيين المحكمة المختصّة بنظر الدعوى هو أن تلتزم هذه المحكمة المعينة بنظرها.

فلهذه الأسباب

حكمت الهيئة باختصاص المحكمة الابتدائية بولاية الدقم (الدائرة المدنية) بنظر الدعوى موضوع الطلب الماثل.