جلسة يوم الأحد الموافق ٢٧ / ١١ / ٢٠١٦م
برئاسة فضيلة القاضي / سليمان بن عبدالله اللويهي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:زهران بن ناصر البراشدي، وعبد الله شيخ الجزولي، ويحي محمد عبد القادر، والشيخ ولين الشيخ ماء العينين.
(٨٨)
الطعن رقم ١٠٨٨ / ٢٠١٦
حكم (ضرر – تعويض)
– الإصابة في الوجه يعوض عنها بضعف الأرش المقدر أو التعويض المقرر للإصابة فيما عدا الوجه.
الوقائع
تتلخص الوقائع كما أوردها الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن المدعي أقام دعوى رقم (١١٣ / م / ث / ٢٠١٥م) بتأريخ: ٢ / ٢ / ٢٠١٥م لدى المحكمة الابتدائية بصحار بوساطة محاميه بموجب صحيفة طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي لموكله بصفته وليا عن ولده القاصر (……) مبلغا قدره (٧٥,٠٠٠ ر.ع) خمسة وسبعون ألف ريال عماني تعويضا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بابنه جراء الحادث وإلزامها بالمصاريف ومبلغ (٥٠٠ ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة.
على سند من القول أنه بتاريخ: ٥ / ١٠ / ٢٠١٤م تعرض المدعي لحادث سير تسبب فيه سائق المركبة رقم (…….) المؤمنة لدى الشركة المدعى عليها بوثيقة سارية المفعول وترتب عليه إصابة المدعي بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية. وقدم سندا لدعواه نسخا من: سند الوكالة، وتقارير طبية مترجمة، وقرار من مركز شرطة صحم بحفظ قضية الحادث إداريا بتأريخ: ٢٦ / ١٢ / ٢٠١٤م.
حيث نظرت محكمة أول درجة الدعوى حسبما جاء بمحاضر جلساتها التي حضرها محامي المدعي وأصر على الطلبات الواردة في صحيفة الدعوى، كما حضر ممثل الشركة المدعى عليها الذي دفع بأن الأسنان (١١ و١٢ و٣١ و٣٢ و٣٣) تحركت من مكانها وأن طلب التعويض عنها باعتبارها مكسورة يخالف التقرير الطبي لذا طلب محامي المدعى عليها مخاطبة المستشفى لبيان إصابة الأسنان المكسورة وبعد إفادة المستشفى أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بجلسة (٦ / ٦ / ١٤٣٧هـ الموافق ١٨ / ١١ / ٢٠١٥م) القاضي بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغا وقدره (٩,١٠٠ ر.ع) تسعة آلاف ومائة ريال عماني وألزمت الشركة المدعى عليها بالمصاريف ومبلغ (٥٠ ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما زاد على ذلك من طلبات.
فلم ينل هذا الحكم قبولا لدى المدعي فاستأنفه بالاستئناف رقم (١٠٤٨ / ٢٠١٥م) بوساطة محاميه بموجب صحيفة طلب في ختامها قبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للمستأنف والقضاء مجددا بزيادة مبلغ التعويض إلى خمسة وسبعين ألف ريال عماني وإلزام المستأنف ضدها بالمصاريف ومبلغ (٥٠٠ ر.ع) مقابل أتعاب المحاماة.
كما قدم ممثل المستأنف ضدها استئنافا فرعيا رقم (١٨٠ / ٢٠١٦م) بموجب صحيفة طلب في ختامها رفض الاستئناف الأصلي وفي الاستئناف الفرعي بتخفيض مبلغ التعويض ليكون (٦,٨٥٠ ر.ع) على اعتبار أن الحكم الابتدائي عوض المستأنف ضده فرعيا مبلغ (٢,٢٥٠ ر.ع) عن ثلاثة أسنان مكسورة اعتبرها الحكم مفقودة وهذا لا يستقيم قانونيا إذ لا قياس في القانون وتعتبر من قبيل حكومة عدل.
حيث نظرت محكمة ثاني درجة الاستئنافين في جلساتها حسبما هو بمحاضر جلساتها التي استمعت فيها للطرفين وبعد الإجراءات التي اتخذتها محكمة الاستئناف أصدرت حكمها بالجلسة المنعقدة بتأريخ: (٣ شعبان ١٤٣٧هـ الموافق ١٠ / ٥ / ٢٠١٥م) القاضي بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من التعويض، وذلك بزيادته من (٩,١٠٠ ر.ع) ليصبح مبلغ (١٠,٤٩٣,٥٠٠ ر.ع) عشرة آلاف وأربعمائة وثلاثة وتسعين ريالا عمانيا وخمسمائة بيسة، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت المستأنف ضدها بالمصاريف ومائة ريال عماني أتعاب محاماة.
فلم ينل هذا الحكم قبولا لدى المستأنف فطعن فيه بالنقض الماثل بموجب صحيفة موقعة من قبل محاميه المقبول للترافع أمام المحكمة العليا الذي أودعها بأمانة سر هذه المحكمة بتأريخ: ١٣ / ٦ / ٢٠١٦م مشفوعة بصورة من سند وكالته عنه وما يفيد سداد الرسوم المقررة وإيداع مبلغ الكفالة طبقا لمقتضيات المادتين (٢٤٤ و٢٤٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية حيث تم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن فلم ترد عليها.
حيث أقام الطاعن طعنه على سببين ينعى فيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق على النحو التالي:
ففي السبب الأول: ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره؛ لأن الثابت وفق ما جاء في منطوق الحكم أن المحكمة حكمت بمبلغ عشرة آلاف وأربعمائة وثلاثة وتسعين ريالا عمانيا وخمسمائة بيسة دون أن تحدد ماهية هذا المبلغ هل تعويض عن الضرر المادي أم تعويض عن الضرر المعنوي، كما أن الحكم الطعين خالف القانون بخصوص التأريش لكونه لم يؤرش لجميع الإصابات.
وفي السبب الثاني: ينعى الطاعن على الحكم الطعين القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق من عدة أوجه:
الوجه الأول: شاب الحكم الطعين قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال عندما قرر تعويض بعض الإصابات على خلاف الثابت قانونا، فالطاعن تعرض لإصابات جسدية لحقت به استنادا إلى التقارير الطبية الصادرة من مستشفى صحار على النحو الآتي:
١ – إصابة الرأس حيث فقد وعيه وتقيأ ٥ مرات.
٢ – فقد منفعة العين اليسرى بسبب جفن العين وعدم قدرته على الرؤية ولها نصف دية.
٣ – استرواحات عديدة في الجبهة الأمامية من منطقة المخيخ.
٤ – تعرض لاستقامة قليلة في أنحاء الفقرات العنقية.
٥ – كسور في عظام الأنف والحد الأدنى لجميع الكسور (٣).
٦ – كسر في الصفيحة.
٧ – كسر في جدار الجيوب الجبهية.
٨ – كسر في منطقة محجر العين اليسرى.
٩ – كسر قلعي في الأسنان رقم (١١ و١٢ و٣١ و٣٢ و٣٣).
١٠ – فقدان الجزء الثلثي من الأسنان.
١١ – كدمة مفتوحة.
١٢ – نزيف وجروح وخدوش في الوجه والحد الأدنى لجميع الجروح (٣).
١٣ – جرح عميق وتمزق في الشفاه من الجهة العلوية بلغ طوله ما يقارب ٣سم.
١٤ – جروح قطعية في الجهة اليسرى من الركبة والحد الأدنى لجمع الجروح (٣).
١٥ – نزيف دموي في منطقة الخوذة من الجهة اليسرى.
١٦ – تورم في جفن العين اليسرى.
١٧ – تورم في الجهة اليسرى من الشفاه في الجانب العلوي.
١٨ – أجريت عملية خياطة الجروح في الركبة.
١٩ – عملية خياطة الجروح في الوجه.
٢٠ – عملية خياطة الغشاء المتمزق من الجزء العلوي للشفاه.
٢١ – عملية خياطة الجزء الشفهي السفلي.
٢٢ – عملية خياطة اللسان.
٢٣ – عملية خياطة ظهر اللسان.
وتعرض الطاعن للألم والقلق نتيجة الإصابات.
وفي الوجه الثاني: جانب الحكم الطعين الصواب وقد أجحف حق الطاعن حينما لم يقض له بتعويض عن كافة الإصابات المبينة في التقارير الطبية مخالفا بذلك ما هو ثابت بالأوراق فالثابت أن الطاعن أجريت له كثير من العمليات الجراحية، ولم يتطرق إليها الحكم الطعين مما يعيبه، وأيضا جانب الصواب في تقدير عدد الكسور بمخالفة حكم أول درجة وخاصة في موضوع كسر عظمة الأنف فحكم أول درجة اعتبرها كسرين ومحكمة الاستئناف اعتبرته كسرا واحدا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن جماع ما سبق يتضح أن الحكم جانب الصواب في قضائه وقضى بخلاف الثابت في الأوراق والثابت فقها وقضاء حول الضوابط في تحديد التعويض بأن يحتسب كل جرح أو كسر على حدة في الجسم فلكل جرح أو كسر أرشه وديته المستقلة.
وبناء على ما تقدم يطلب الطاعن أولا: قبول الطعن شكلا، ثانيا: في الموضوع: تصدي المحكمة بنقض الحكم وتعديله إلى مبلغ (٧٥,٠٠٠ ر.ع) تعويضا ماديا ومعنويا عن الأضرار التي لحقت بالطاعن جراء إصابته في حادث السير، احتياطيا: نقض الحكم وإحالته إلى محكمة صحار لنظره بهيئة مغايرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق والاستماع إلى التقرير الذي أعده القاضي المقرر وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية المطلوبة قانونيا فهو مقبول شكلا. وحيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بالسببين السالف إيرادهما في صدر هذا الحكم والمتمثلين في خطأ الحكم الطعين في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره هو نعي سديد وفي محله ذلك أنه لئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم الواقع وتقييم الأدلة وفحصها وتقدير التعويض الجابر للضرر يدخل ضمن سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل مقيد بشرط أن تبني حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق والقانون الذي يحكم هذه الدعوى وفق أحكام الديات والأروش المرفق بالمرسوم السلطاني رقم (١١٨ / ٢٠٠٨م) الذي ينطبق على دعوى التعويض حسبما هو مرسوم في ملحق الديات والأروش الذي قدر لكل إصابة ما تستحقه من تعويض مناسب حسب نوعها وموقعها من جسد الطاعن لكون التعويض الجابر للضرر يختلف من حيث المقدار في نوع الإصابة ومكانها من الجسم وما آلت إليه من فوات نفع وحدوث ضرر في الحال وآثارها في المستقبل حسب أحكام الديات والأروش يخالف تقدير التعويض ببيان الإصابات والجروح وما تستحقه كل إصابة على حدة من دية أو أرش بدون شطط ولا مغالاة لدى الطرفين في التعويض إذ لا يجوز القضاء بالمجازفة لأن الحكم على الشيء ناتج عن حقيقة تصوره وضبط معالمه وبالرجوع إلى ما قضى به الحكم الطعين للطاعن عما لحقه من أضرار بالغة يظهر جليا خطأ الحكم في تقدير التعويض بحيث إن الإصابة في الوجه ضعف ما لمثيلتها في سائر الجسد فضلا عن كون الحكم أغفل بعض الإصابات التي ألحقت بالطاعن أضرارا مبينة في صحيفة الطاعن فكان على المحكمة تمحيص جميع التقارير الطبية الكاشفة عن جميع عناصر الضرر بصفة دقيقة للإحاطة الشاملة بمواطن الضرر ونوعه وما فقده الطاعن من نفع في العضو المصاب فإن وجدت إبهاما أو غموضا في ذلك فلها أن تراجع المستشفى المعالج لتوضيح ما لم يكن واضحا حتى تصل إلى النتيجة السليمة التي تتماشى مع القانون، ولما أغفلت القيام بهذا الواجب فإن حكمها يتسم بالقصور في التسبيب ويتعين نقضه ولذا تقضي هذه المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وعلى الهيئة المغايرة التحقق من عناصر الضرر حسب التقارير الطبية التفصيلية وما استشكل عليها فعليها توضيحه من الجهات المختصة كما أن هذه المحكمة ألزمت المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن.
فلهذه الأسباب
«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعن».
ملاحظة / الهيئة المشكلة أعلاه حضرت جلسة المداولة ووقعت على مسودة الحكم، وأما فضيلة القاضي / ……… فقد حضر جلسة النطق بالحكم.