جلسة يوم الاثنين الموافق ٢٦ / ١٢ / ٢٠١٦م
برئاسة فضيلة الشيخ / سعيد بن سالم الحديدي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: صالح بن سالم الراشدي، وعلي بن عبد الله الهاشمي، وسالم بن منصور الهاشمي، ومحمد عبد الرحمن شكيوه.
(١٢٥)
الطعن رقم ١٤٤ / ٢٠١٥م
حكم (تفسير – تعديل)
– الحكم الصادر بالتفسير متمم للحكم الذي يفسره، ويسري عليه ما يسري على الحكم الأصلي من قواعد خاصة بالطعن.
– تفسير الحكم الاستئنافي غير صحيح لانتفاء الجهالة والغموض أو احتمال اللبس في الحكم لتضمين أسبابه صراحة أن الصلح لا يشمل الصك الشرعي لكن المحكمة مع ذلك لم تصدر حكمها في شأن هذا الصك وهو خلل يتوجب تداركه خارج نطاق دعوى طلب تفسير الحكم.
– لا يخول للمحكمة ذاتها تعديل المبلغ المحكوم به في نطاق دعوى التفسير المرفوعة أمامها ولما خالفت ذلك يعد ذلك اجتهادا خاطئا منها لمخالفة إجراءات التقاضي ولمبدأ المواجهة بين الخصوم لصدور حكم التفسير في غياب الورثة ومن بينهم الطاعنين.
الوقائع
يتضح من الأوراق أن المطعون ضدها….. أقامت دعوى لدى المحكمة الابتدائية بصلالة طالبة فرز منابها من الحصة الميراثية الشائعة في العقارين الكائنين بصلالة مع القضاء لها بريعهما من قيمة الإيجارات بداية من ٢٢ / ٢ / ٢٠١٣م إلى تأريخ الحكم وبسداد الطاعنين وهم ورثة……. لها أيضا (٢٠,٠٠٠ر.ع) عن قيمة الصك الشرعي الصادر عن مورثتهم ولاحظت المدعية خ… أنه صدر حكم بات مذيل بالصيغة التنفيذية في الدعوى رقم (٦٦ / ٢٠١٣م) بإرجاع العقارين المشار إليهما أعلاه وما قام عليهما من بناء إلى تركة المورث لتقسمه بين الورثة بعد استيفاء الديون والوصايا أن وجدت لذلك فإنها ترغب في إنهاء حالة الشيوع وفرز حصتها وإن تعذر ذلك يباع العقاران بالمزاد وتوفي نصيبها المقدر ب (١ / ١٥) كما أضافت المدعية أنه بموجب إقرار شرعي صادر عن المورثة أقرت فيه بحق المدعية في مبلغ (٠٢,٠٠٠ر.ع) دينا عليها لصالح المدعية لذلك فهي تطالب أيضا بالمبلغ المذكور وقد رد الورثة ومن ضمنهم الطاعنون….. بسبق الفصل في الدعوى وقررت الدائرة الثلاثية المحال إليها الدعوى ندب خبير لبيان إمكانية فرز نصيب المدعية وتحديد القيمة المالية لنصيبها في حال تعذر القسمة كما تم ضم ملف التنفيذ وطلبت المدعية لاحقا تحديد قيمة نصيبها في التركة نقدا.
وبتأريخ ٢٨ / ٤ / ٢٠١٤م أصدرت المحكمة حكمها رقم (٣ / ٢٠١١م) بإقرار حق المدعية في تركة العقارين الأول رقم (١١ / أ / صلالة / القوف) والثاني رقمه (٦٩٩ / أ / صلالة / مزرعة جرزيز) ونصيبها الشرعي نقدا مبلغ وقدره (١١,٦٦٦,٦٦٦ر.ع) ولها الرجوع للمدعى عليهم للسداد كل حسب نصيبه من التركة وبرفض باقي الطلبات وبعدم قبول طلب توزيع وتحديد نصيبها من الإيجارات وألزمتهم بالمصاريف.
استنادا إلى توفر شروط الارث طبقا لمواد قانون الأحوال الشخصية وتحقق الوفاة وحياة الوارث أما الإيجارات فلم تثبتها المدعية ولا يقبل الطلب في شأنها كذلك ترفض طلب مبلغ (٢٠,٠٠٠ر.ع) عن الإقرار الشرعي أخذا بحكم المحكمة العليا (٢٠، ٢٣ / ٢٠١٦م) القاضي بالنقض لبطلان التوكيل والإقرار الشرعي رقم (٢٠٨ / ١ / ١١) المتعلق بهذا المبلغ فاستأنفت المدعية خ… الحكم لدى محكمة استئناف صلالة التي أصدرت حكمها رقم (٤٢٢ / ٢٠١٤م) بتأريخ ١٨ / ١ / ٢٠١٤م بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع باعتماد الصلح المتفق عليه بين الطرفين وجعلته في قوة السند التنفيذي وتنصيف المصاريف.
تأسيسا على تصالح الأطراف مع المستأنفة على أن يضاف مبلغ (٢,٠٠٠ر.ع) إلى ما حكمت به محكمة أول درجة من مبلغ عن نصيبها في العقارين وهو مبلغ (١١,٦٦٦,٦٦٦ر.ع) فيصبح ذلك نصيبها بذلك مبلغ الصلح عن الإيجار بالإضافة إلى نصيبها في العقارين مجموعه (١٣,٦٦٦,٦٦٦ر.ع) من غير المبلغ الذي ادعت به في الصك الشرعي.
وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى اثنين من بين الورثة وهما ص… و أ… فطعنا فيه بطعنين مستقلين بالنسبة للأول تحت رقم (١٤٤ / ٢٠١٥م) وبالنسبة للثاني تحت رقم (٢١١ / ٢٠١٥م) وقد تضمنت صحيفتا الطعن الأسباب ذاتها وتطابقت بالصحيفتين لذا تستعرض أسباب الطعن الواردة بالصحيفتين مع ضم الطعنين والحكم فيهما بحكم واحد:
– مخالفة القانون:
قولا بأن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ إن الصلح حسم النزاع بين الطرفين طبقا للمادة (٥٠٤) معاملات مدنية ومضمون الصلح أن اتفق الطرفان على إضافة مبلغ ألفي ريال للمطعون ضدها خ… عن نصيبها المقدر نقدا في العقارين بـ (١١,٦٦٦,٦٦٦ ر.ع) وبذلك تكون قد تنازلت عن باقي ادعاءاتها وأسقطتها حيث إنها لا تتمسك إلا لما تم إضافة (٢,٠٠٠ر.ع) فيكون المجموع (١٣,٦٦٦,٦٦٦ ر.ع) وقد أشار الطاعنان إلى أن الطاعنة تقدمت بطلب تفسير للحكم الاستئنافي (المطعون فيه) الدائرة التي أصدرته على اعتبار أن منطوق الحكم الاستئنافي لم يشمل مبلغ الصك الشرعي وهو (٢,٠٠٠ر.ع) وهو ما سبب لها تعطيلا في التنفيذ وطلبت إصدار قرار تفسير في شأن ذلك وقد اعتبرت المحكمة وبعد الرجوع إلى أسباب الحكم موضوع طلب التفسير أن المبلغ المحكوم بها للمدعية خ… وبذلك يكون مجموع المبالغ التي لها مبلغ (٣٣،٦٦٦،٦٦٦ ر.ع) لذلك اعتبر الطاعنان أن الحكم التفسيري ما لم يقروا به ولو كانت له نية في الإقرار بذلك لما تحملوا مشاق التقاضي طيلة (١٠ سنوات) من أجل ذلك.
– الفساد في الاستدلال:
قولا بأن حيثيات الحكم تتناقض مع أسبابه وقد اعتمدت الصلح دون النظر إلى الصك الشرعي ولم تقض به بشيء وهو أمر راجع للمحكمة وقد تكون ارتأت بأن الصك الشرعي سبق الفصل والحكم فيه وحاز قوة الأمر المقضي به وأضاف الطاعنان أن حيثيات الحكم (٤٢٢ / ٢٠١٤م) أشارت إلى أن الصلح لا يشمل الصك الشرعي ولكن كان على المحكمة أن تفرد لهذا الموضوع فقرة في الحكم حتى يتمكن الأطراف من الطعن على الحكم في الوقت المحدد قانونا وإن هي لم تفعل فلا يجوز لها استدراك ما أخطأت فيه بتحميل الورثة أكثر مما تصالحوا عليه.
لذا فقد طلب الطاعنان بإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل في الطعن ثم الحكم التفسيري رقم (١١ / م / ٢٠١٥م) الصادر بتأريخ ٨ / ١ / ٢٠١٥م واحتياطيا الإحالة إلى محكمة الاستئناف للنظر بهيئة مغايرة والتحقيق فيما إذا كان الصك الشرعي ضمن الصلح من عدمه.
وحيث ردت المطعون ضدها على صحيفة الطاعن أن… بأن الطعن مفتقر لموجبات المادة (٢٣٩) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية لتعلقها بوقائع لا تثار أمام المحكمة العليا كالقدح في مسائل اتفاقية الطاعن أحد أطرافها ثم سعى لنقضها بإرادة منفردة وقد جعلها الحكم في قوة السند التنفيذي كما أنه ليس صحيحا أن الحكم التفسيري أضاف الصك ما احتواه من مبلغ إن تضمن الحكم صراحة ودون غموض على أن الطرفين اصطلحا على أن يضاف مبلغ (٢,٠٠٠ر.ع) إلى ما حكمت به محكمة أول درجة عن نصيب المطعون ضدها البالغ (١١,٦٦٦,٦٦٦ ر.ع) وهذا من غير المبلغ الذي بالصك فضلا عن أن الحكم الاستئنافي أصبح نهائيا بعدم الطعن فيه خلال الأجل القانوني وطلبت لذلك رفض الطعن.
وحيث عقب الطاعن أن… بأن موضوع الصك الشرعي سبق البت فيه بالرفض في الدعوى الشرعية رقم (٦٦ / ٢٠٠٣م) وهذا الحكم من ضمن مستندات الطعن وبعد ذلك توالت الدعاوي والأحكام حول ذات الموضوع وإنكار الطاعن وبقية الورثة الصك الشرعي والتوكيل الصادر لأحد الورثة كما أن جلسة الصلح لم تتطرق إلى الصك الشرعي ؛ لأن الورثة طالبوا بتأييد الحكم المستأنف وتعلق الصلح بموضوع الإيجارات فقط تجنبا لليمين في شأنها ؛ لأن الإيجارات لم تكن معروفة من الورثة لأنها كانت تذهب للصيانة لذلك عرض رئيس الجلسة على الأطراف الصلح فوافقوا عليه وهو ما نطق به الحكم واستمع إليه الورثة بالجلسة خلافا لما جاء بالحكم التفسيري الذي يعد حكما مستقلا بذاته؛ لأنه أضاف حقوقا والتزامات على الطاعن وباقي الورثة دون أن يقبلوا بها وأضاف أن الورثة على استعداد لحلف يمين متممة على أن الصلح شمل كل شيء.
وحيث عقبت المطعون ضدها بدورها على أن ما أثارته الطاعن لا يجوز طرحه أمام المحكمة العليا فضلا عن قدحه في حكم نهائي ولم يطعن فيه وأصبح نهائيا وأن الحكم التفسيري كان بناء على طلب الطاعن.
المحكمة
– من حيث الشكل:
حيث إن الطعنين تعلقا بحكم التفسير المؤرخ في ٥ / ١ / ٢٠١٥م بناء على طلب المطعون ضدها… إثر صدور الحكم الاستئنافي رقم (٤٢٢ / ٢٠١٤م) بتأريخ ١٨ / ١ / ٢٠١٤م.
وحيث اعتبرت المادة (١٨١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية أن الحكم الصادر بالتفسير متمم للحكم الذي يفسره ويسري عليه ما يسري على الحكم الأصلي من قواعد خاصة بالطعن وبذلك يعتمد ميعاد الطعن في الحكم التفسيري المحدد بالمادة (٢٤٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية وهي مواعيد الطعن في الحكم الأصلي والمقدرة بأربعين يوما ولما قدم الطعنان في ٢٨ / ١ و ١٠ / ٢ / ٢٠١٥م فيكونان في أجل الأربعين يوما واتجه قبولهما شكلا لصدورهما ممن له صفة وفي الآجال القانونية.
– من حيث الموضوع:
حيث انصب تفسير الحكم على عدم شمول الحكم الاستئنافي لمبلغ العشرين ألف ريال موضوع الصك الشرعي رغم استثناء ذلك مما شمله الصلح ضمن حيثيات الحكم بخلاف المنطوق الذي سكت عن ذلك.
وحيث صدر حكم التفسير موضوع الطعن بأن المبلغ الذي يتضمنه الصك وهو عشرون ألف ريال داخل ضمن المبالغ المحكوم بها للمدعية خ… وبذلك يكون مجموع المبالغ (٣٣,٦٦٦,٦٦٦ ر.ع).
وحيث إن المحكمة بما تضمنه تفسيرها للحكم الأصلي تكون قد عدلت المبلغ المحكوم به من (١٣,٦٦٦,٦٦٦ ر.ع) إلى (٣٣,٦٦٦,٦٦٦ ر.ع) رغم عدم تعرض الحكم الأصلي لا بحيثياته ولا بالمنطوق وإلى ذلك وإن أشار بالأسباب إلى أن مبلغ (١٣,٦٦٦,٦٦٦ ر.ع) من غير المبلغ الدين بالصك الشرعي المدعى به وهو خارج الصلح.
وحيث إن التنصيص على ذلك دون إصدار حكم صريح ومحدد في شأن الصك الشرعي لا يخول لذات المحكمة تعديل المبلغ المحكوم به في نطاق دعوى التفسير المرفوعة أمامها ولما خالفت ذلك يعد ذلك اجتهادا خاطئا منها لمخالفة إجراءات التقاضي ولمبدأ المواجهة بين الخصوم لصدور حكم التفسير في غياب الورثة ومن بينهم الطاعنين.
وحيث إن ما اعتبرته المحكمة تفسير الحكم الاستئنافي هو غير صحيح لانتفاء الجهالة والغموض أو احتمال اللبس في الحكم لتضمن أسبابه صراحة أن الصلح لا يشمل الصك الشرعي لكن المحكمة مع ذلك لم تصدر حكمها في شأن هذا الصك وهو خلل يتوجب تداركه خارج نطاق دعوى طلب تفسير الحكم.
وحيث تأكيدا لذلك وبالرجوع إلى الحكم الصادر عن المحكمة العليا في الطعن رقم (١٣٠٥ / ٢٠١٤م) بتأريخ ٢٧ / ٤ / ٢٠١٥م بناء على طلب… (المطعون ضدها حاليا) والمضاف نسخة منه بأوراق الدعوى فإنها طعنت في الحكم الاستئنافي بالنقض لعدم الحكم بقيمة الصك الشرعي لكونه غير داخل في الصلح المبرم بين الأطراف وطلبت في الطعن المذكور النقض والإعادة لكنها وقبل إعلان صحيفة طعنها للخصوم تنازلت عن الطعن وطلبت الترك وصدر الحكم بإثبات الترك بتأريخ ٢٧ / ٤ / ٢٠١٥م وقد اختارت التقدم بطلب تفسير الحكم في شأن الصك الشرعي.
وحيث ترتيبا على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه أخطأ لما عدل المبلغ في نطاق دعوى التفسير وعدل ذلك تعديلا وتغييرا غير جائز قانونا وتعين نقض الحكم المطعون فيه للنظر مجددا فيما شمله حكم التفسير من قبل هيئة مغايرة بمحكمة استئناف صلالة.
وحيث نجح الطاعنان في طعنيهما واتجه إلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة إلى الطاعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه فيما شمله حكم التفسير وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف صلالة لنظرها بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنين.