التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة التجارية: الطعن رقم ٧٣٩ / ٢٠١٥م

2015/739 739/2015 ٢٠١٥/٧٣٩ ٧٣٩/٢٠١٥

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق٢٥ / ١٠ / ٢٠١٦م

برئاسة فضيلة القاضي / د. خليفة بن محمد الحضرمي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. عبدالإله البرجاني، وأشرف أحمد كمال الكشكي، ومحمود بن خليفة طاهر، و توفيق بن محمد الضاوي.

(١٦٩)
الطعن رقم ٧٣٩ / ٢٠١٥م

خبير (محضر – تنظيم) – حكم (تناقض – فساد) – إعلان (نشر – شروط – بطلان – نظام عام)

– إذا لم يحرر الخبير محضرا بأعماله فلا تتحقق الغاية التي أرادها المشرع من هذا الإجراء مما يرتب بطلان تقريره طبقا للمادة (٢١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. وبالتالي بطلان الحكم الذي استند إليه.

– يفسد الحكم التناقض الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق كما يستشف من المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية يكون الحكم مستوفيا في ذاته جميع أسبابه تماشيا مع القاعدة بوجوب أن يحمل العمل القانوني بنفسه دليل صحته وأن تكون الأسباب كافية أي أن الأسباب التي يستند إليها الحكم تكفي لاستخلاص منطوقه وأن تكون أسبابا منطقية تقتضي توافر رباط منطقي ووثيق بينها والمنطوق بحيث تؤدي إلى نتيجته بمعنى عدم وجود أي تناقض أو تضارب بين الأسباب فيما بينها أو بين الأسباب والمنطوق وانتقاء تلك الشروط يكون الحكم فاقدا للأسباب التي تقتضيها المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ليصبح باطلا بطلانا مطلقا موجبا للنقض.

– يتضح من خلال ذلك أن إعلان الخصم المدخل في مرحلتي التقاضي تم بالمخالفة للمادتين (٩ و١٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، بالقفز مباشرة للإعلان بالنشر دون استنفاذ إجراءات الطرق العادية ليكون باطلا ولتصبح الخصومة غير منعقدة في مواجهته في إطار الدعوى الفرعية والاستئنافي طبقا للمادة (٧٠) وهو ما يؤدي إلى بطلان الإعلانات المتعلقة به وفق المادة (٢٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، وهو بطلان يهم النظام العام تثيره المحكمة من تلقاء نفسها.

الوقائع

تتحصل الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق التي انبنى عليها في أن المطعون ضدها الأولى (……..) أقامت الدعويين التجاريتين الأولى رقم (٣٧ / ٢٠١٤م) بتاريخ ١٣ / ١ / ٢٠١٤م أمام المحكمة الابتدائية بمسقط ضد الطاعنة (………)…….. (خصم مدخل) في طلب فسخ الاتفاقية سند الدعوى وملحقها ١٣ / ٨ / ٢٠١٣م وإلزام المدعى عليها ألأولى بأن تؤدي لها مبلغ واحد وعشرين ألف ريالا والفوائد القانونية من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد الفعلي وتعويضها ماديا بمبلغ واحد وخمسين ألف ريالا لإخلالها بالتزاماتها التعاقدية وستة آلاف ريال غرامة تأخير عن تنفيذ الأعمال وتعويضها معنويا بمبلغ سبعين ألف ريالا من جراء تشويه سمعتها كنتيجة عدم وفائها بالتزاماتها مع الغير وتعويضها عما فاتها من كسب من جراء أعمال المدعى عليها الغير مشروعة إضافة إلى المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

عارضة ضمنها أنه بحكم عزمها على تنفيذ مشروعين متعلقين بالأنشطة المرخص لها إتيانها (قطع ونشر الرخام والألواح والبلاط) بموقعي الشركة الكائنين بعبري / غلا، أبرمت المدعية اتفاقية بتاريخ ٥ / ٧ / ٢٠١٣م مع المدعى عليها الأولى تقوم هذه الأخيرة بموجبها بتنفيذ كافة الأعمال المتعلقة (بالفوندايشن) الخاصة بالمشروعين مقابل مائتين وثلاثة آلاف ريالا خلال مدة ستة أشهر من تاريخ توقيع الاتفاقية، ونتيجة لعدم قدرة المدعى عليها على إنجاز الأعمال المتفق عليها فقد تم تعديل الاتفاقية بموجب الملحق المؤرخ في ١٣ / ٨ / ٢٠١٣م لتكون الأعمال بقيمة مائة وثلاثة عشر ألف ريالا بدلا عن القيمة الأولى واعتبرت هذا الملحق جزءا من الاتفاقية حسب رسالتها المؤرخة في ١١ / ١١ / ٢٠١٣م إلا أنها أخلت بها إخلالا جسيما بعدم تنفيذ جميع الأعمال خلال المدة المحددة وعدم إتمام الأعمال الموكلة إليها وفقا للاشتراطات والمواصفات الفنية والهندسية المتطلبة، وذلك رغم إيفاء المدعية بجميع التزاماتها التعاقدية والقانونية وباعتبار أن الأعمال المتفق عليها مع المدعى عيلها الأولى تعد مرحلة أولى لتنفيذ أعمال أخرى تتضمن قيام شركة إيطالية متخصصة بتوريد وتركيب آلات خاصة بتقطيع الرخام والبلاط على القواعد والأساسات وبناء على عدم قيام المدعى عليها بأعمالها أو إتمامها بطريقة خاطئة وغير مطابقة للمواصفات فقد تأخرت…… عن تنفيذ أعمالها وتولت التركيب مع إلغاء مدة الضمان نظرا لسوء الأعمال الخرسانية والانشائية وعدم صلاحيتها لتحمل الضغط الأوتوماتيكي والكمي للماكينات وهو ما يجيز للمدعية المطالبة بالتعويض عما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب من جراء إخلال المدعى عيلها الأولى بالتزاماتها التعاقدية، لتوافر موجبات المسؤولية والتعويض وقيدت الدعوى الثانية أمام ذات المحكمة والخصمين تحت رقم (٥١ / ٢٠١٤م) بتاريخ ١٣ / ١ / ٢٠١٤م في طلب مستعجل بندب خبير هندسي لمعاينة الأعمال والانشاءات وإثبات حالتها وبيان مدى مطابقتها للشروط والمواصفات المتطلبة من عدمه والعيوب التي تتضمنها الأعمال وإلزام المدعى عليها الأولى بالمصاريف وأتعاب المحاماة استنادا إلى نفس الوقائع المشار إليها أعلاه والمادة (٨١) من قانون الإثبات وتوافر شروط قبول الدعوى المستعجلة الشكلية والموضوعية.

وحيث وردا على الدعوى الأولى لاحظ وكيل المدعى عليها الأولى بانها تدفع بدفوع شكلية، في عدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان لأن الاتفاقية المعدلة بتاريخ ١٣ / ٨ / ٢٠١٣م منحت الموكلة مدة ستة أشهر لإتمام الأعمال المتفق عليها إضافة إلى أعمال أخرى أسندت من المدعية إلى شخص آخر مما يؤكد أن التأخير في إنجاز الأعمال لا يعود إليها وأن هذه الدعوى أقيمت قبل انهاء تلك المدة، كالدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إتباع الإجراءات وعدم إخطار المدعى عليها طبقا للمادة (٨٦) من قانون التجارة هذا علاوة على دفعها الموضوعي المتمثل في التجهيل في صحيفة الدعوى إذ أنها خلت من الاتفاقية الأساسية باعتبارها السند القانوني وعدم إضافة الخرائط وتقارير الاستشاري ولم تبين الأعمال المنجزة والأعمال المتبقية وهو ما يتعين معه إدخال المهندس الاستشاري المكلف بالإشراف على المشروع طبقا للمادة (١١٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. لذا فإنها تطلب القضاء طبق الدفعين الشكليين وفي الموضوع أصليا برفض الدعوى لعدم قيامها على سند واقعي وقانوني واحتياطيا إدخال المهندس الاستشاري وإلزام المدعية بالمصاريف وأتعاب المحاماة.

وحيث وردا على الدعوى الثانية لاحظ وكيل المدعى عليها إضافة إلى الدفعين الشكليين المشار إليهما أعلاه بأن يدفع أيضا بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأن الدعوى مقدمة من مكتب……… في حين أن سند الوكالة المرفق صادر لمكتب….. بلحاف للمحاماة لتنتفي صفة الأول كما أن سند الوكالة المرفق غير موثق لدى الكاتب بالعدل فلا يعتد به كسند وكالة رسمي ولا تتوافر فيه الصفة القانونية إضافة إلى أن المحامي الذي وقع صحيفة الدعوى لم يرد اسمه بالوكالة لتنعدم صفته في رفع الدعوى، كالدفع بعدم الاختصاص النوعي طبقا للمادة (٤٢ / ١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. ذلك أن أصل الحق متنازع فيه لأن الشركة المدعية أسندت بعض الأعمال للمدعى عليها والبعض الآخر للغير كما أن أعمالا أسندت لخبراء إيطاليين (تركيب الماكينات) ليكون عمل المدعى عليها لاحقا لأعمال هؤلاء كما أنها لم توافيها بإخطار رسمي عن السلبيات والملاحظات حتى يتسنى تداركها كما أنها منعتها من تكملة أعمالها ولم تسلمها باقي الدفعات، والدفع بعدم قبول المستندات الغير مترجمة إلى اللغة العربية طبقا للمادة (٢٧) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. هذا علاوة على نفس الدفع الموضوعي لذا فإنها تطالب بالقضاء بالدفوع الشكلية وفي الموضوع بإدخال المهندس الاستشاري وإلزام المدعى عليها بالمصاريف وأتعاب المحاماة.

وحيث وفي إطار الدعوى رقم (٥١ / ٢٠١٤م) أصدرت المحكمة حكما تمهيديا بتاريخ ٥ / ٣ / ٢٠١٤م بندب الخبير الهندسي….. أنهى تقريره بتاريخ ٥ / ٧ / ٢٠١٤م الذي جاء فيه أن الشركتين أبرمتا عقدا بتاريخ ٥ / ٧ / ٢٠١٣م لبناء قواعد خرسانية لتركيب ماكينات عليها لأعمال قطع الرخام بقيمة مائتين وثلاثة آلاف ريال، ثم وقعتا عرضا آخر بقيمة مائة وثلاثة عشر ألف ريالا بتاريخ ١٤ / ٨ / ٢٠١٣م بشروط جديدة حسب مراحل عمل محددة وبتاريخ ١١ / ١١ / ٢٠١٣م أبرم ملحق اتفاقية (٢) بين المدعى عليها الأولى (……..) والمدعو……. (مقاول من الباطن) لفك وتركيب ونقل الماكينات الخاصة بالعمل أي أنه لا علاقة له بأعمال الأساسات الخراسانية المسؤولة عنها المدعى عليها بناء واشرافا وبمعاينة الأساسات والماكينات تبين أن الشركة الإيطالية وردت هذه الأخيرة وتولت تركيبها على الأساسات وأبدت عدم رضاها على الأساسات لعدم صلاحيتها لتوفير الضمان اللازم لتشغيل الماكينات بصورة جيدة وهو ما أدى إلى مراسلة المدعية بتاريخ ١٨ / ١٢ / ٢٠١٣م تبدي فيها قلقها من الأخطاء العديدة في عمل الأساسات التي لا تتطابق مع الخرائط وقد رفضت منح الضمان لعمل الماكينات ومن خلال المعاينة لاحظ الخبير الأخطاء التي أشارت إليها الشركة……. برسالتها المذكورة وظهور عيوب وتشققات لرداءة الصنعة من قبل شركة…….. وعلى ضوء ذلك أبرمت المدعية عقدا مع مقاول آخر لإنجاز أساسات جديدة تركب عليها ماكينات إضافية بنفس الموقع وتم تعيين مكتب المنازل للاستشارات الهندسية للإشراف على العمل وتم إكمال نسبة (٦٠٪) منه وبصورة جيدة، وبناء على تقرير المكتب الاستشاري المذكور وعدم ضمان الماكينات من الجانب الإيطالي فإن المدعية تطالب بإزالة الأساسات التي أنجزتها المدعى عليها وتحميلها كلفة ذلك وتركيب الماكينات على أساسات جديدة، وحسابيا فإن الطرفين اتفقا على أن المدعية سددت للمدعى عليها مبلغ (٤٥٢٠٠ ر.ع) في حين أنجزت هذه الأخيرة الفقرة رقم (١) بكلفة ستة وثلاثين ألف ريالا والفقرة رقم (٢) من العقد لتستحق مبلغ خمسة آلاف ريال يخصم مما وقع سداده لتصبح كلفة الأساسات (٤٠٢٠٠ ر.ع) أما كلفة هدمها قدرها بثلاثة آلاف ريال يضاف إلى هذه الكلفة ليكون الإجمالي (٤٣٢٠٠ ر.ع).

ونظرا إلى أن المدعية لم تعين مهندسا للإشراف على الأعمال فهي تشترك في المسؤولية مع المدعى عليها في تحمل تكلفة إزالة الأساسات وإعادة البناء وتركيب الماكينات عليها بالتساوي فيما بينهما أي بقيمة (٢١٦٠٠ ر.ع) لكل منهما لتستحق المدعية هذا المبلغ مع أحقيتها في تعيين مقاول جديد لإنجاز تلك الأعمال.

وحيث وتعليقا على تقرير الخبير لاحظت المدعى عليها بمذكرتها المؤرخة في ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤م بأنه باطل لمخالفته النظام العام والقانون لخمسة أوجه:

أولها: أن الخبير المنتدب لم يباشر المأمورية بنفسه ولم يسمع الخصوم ولم يقم بنفسه بمعاينة الأعمال والانشاءات وإنما تكفل بذلك مهندس هندي (…..) ……وهم ليسوا خبراء معتمدين بالجدول ولم يؤدوا اليمين قبل مباشرة المأمورية وهو ما يتخالف مع قانون الخبرة وباعتبار ذلك من العيوب الجوهرية التي يمكن إثارتها لأول مرة أمام المحكمة العليا، فللمحكمة إثارتها من تلقاء نفسها لخرقها قاعدة أساسية.

والوجه الثاني يتمثل في عدم إرفاق محضر الأعمال صلب التقرير وخلوه من توقيع الأطراف وممثليهم بما يتخالف مع المادتين (١١و ١٣) من لائحة تنظيم الخبرة.

أما الوجه الثالث فإن الخبير تولى سماع أشخاص لا صلة لهم بالدعوى من بينهم مكتب المنازل للاستشارات الهندسية بما يخالف المادتين المذكورتين.

أما الوجه الرابع فهو تجاوز الخبير لمهمته بتطرقه إلى مسألة قانونية وهي تحديد المسؤولية والتعويض رغم أن صحيفة الدعوى لم ترد بها مطالبات مادية.

ويتمثل الخامس في قصور التقرير وعدم بحث المأمورية بحثا فنيا وخلوه من الأسباب لأنه اعتمد على تقرير المكتب الاستشاري الذي لا صحة قانونية له وذلك عند معاينته للعيوب بالأساسات والحال أنها سطحية لا تؤثر على قوة القواعد وتجاهل المحكمة لتقرير صادر عن المدعية يفيد أن الخرسانات المستعملة من أقوى أنواع الخرسانات وقد روعيت فيها جميع المقاييس الفنية كما أن تركيب الماكينات من الشركة الإيطالية دليل على جودة الأعمال ومطابقتها للمواصفات لذا فإنها تتمسك بدفوعاتها السابقة مع بطلان تقرير الخبير، وفي الموضوع أصليا برفض الدعوى واحتياطيا استدعاء الخبير لمناقشته وإلزام المدعية بالمصاريف وأتعاب المحاماة وقدرها ثلاثة آلاف ريال.

وحيث وبجلسة ٢ / ٦ / ٢٠١٤م قررت المحكمة ضم الدعوى رقم (٥١ / ٢٠١٤م) للدعوى رقم (٣٧ / ٢٠١٤م) ليصدر فيهما حكم واحد.

وحيث وبتاريخ ١٥ / ٦ / ٢٠١٤م تقدمت المدعى عليها (……..) بدعوى فرعية جاء فيها أن المدعية والخصم المدخل (المهندس الاستشاري المكلف منها بمباشرة الأعمال) كانا يشرفان على الأعمال ونظرا لتشابك الاختصاصات بينهما وعدم كفاءة هذا الأخير فقد حدثت بعض السلبيات في تنفيذ المشروع مما يجعل الخصم المدخل ملزما بالضمان في حالة توافر الخطأ والمسؤولية طبقا للمادة (٦٣٤) من قانون المعاملات المدنية والمادة (١٦) من القانون رقم (١٢٠ / ٩٤) الخاص بتنظيم أعمال المكاتب الاستشارية. وقد ألزمت المدعية فرعيا بإبرام عقد إشراف مع الخصم المدخل (……) الذي استلم بمعية المهندس الاستشاري منها مبلغ خمسة عشر ألف ريال بموجب شيكات بنكية إلا أن الأعمال التي قام بها الخصم المدخل مقدرة بمبلغ خمسة آلاف ريال حسب الاتفاقية المعدلة وهو ما أكده الخبير ليكون متحصلا على مبلغ عشرة آلاف ريال بدون وجه حق يستوجب رده للمدعية فرعيا وباعتبار أن شركة الشنفري ألغت الاتفاقية بإرادتها المنفردة فإن العقد المبرم بين المدعية فرعيا والخصم المدخل يلغي بالتبعية وطبقا للمادة (٦٥٠) من القانون المدني ولفسخ العقد من شركة…….. وتكليفها لشركة أخرى للقيام بباقي الأعمال فإن المدعية فرعيا تعرضت لأضرار مادية بالغة لتعاقدها مع عدد من المهندسين والعمال لإنجاز الاتفاقية إضافة إلى التزاماتها البنكية ليحق لها التعويض وفق المادة (١٧٦) من ذلك القانون لذا فإنها تطالب أولا بقبول إدخال علي محمد نصر قفاف منضما للمدعى عليها أصليا، ثانيا إلزامه برد مبلغ عشرة آلاف ريال، ثالثا إلزام المدعى عليها فرعيا الأولى (شركة……..) بمبلغ عشرة آلاف ريال تعويضا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمدعية فرعيا كإلزامهما متضامنين بمصروفات الدعوى وأتعاب المحاماة وقدرها ثلاثة آلاف ريال.

وحيث وتعليقا على تقرير الخبير لاحظ وكيل المدعية الأصلية بمذكرته المؤرخة في ١٦ / ٦ / ٢٠١٤م بأنه تجاوز نطاق مهمته بأن أصبح خبيرا حسابيا فقد احتسب استقطاعات دون سند قانوني إضاقة إلى عدم بحثه الأضرار التي لحقت بها نتيجة الإخلالات والعيوب التي شابت أعماله والتأخير في إنجازها وعدم مطابقتها للشروط والموصفات كما أنه حملها مبالغ دون سند قانوني ولذا فإنها تطالب الحكم لها بما ورد بصحيفة الدعوى ورفض دفوع المدعى عليها.

وحيث تعذر إعلان الخصم المدخل (……..) لعدم وجود محل إقامة معروف له فتم إعلانه بالنشر بصحيفة يومية بتاريخ ٢٣ / ١٠ / ٢٠١٤م.

وحيث وبجلسة ٢٤ / ١١ / ٢٠١٤م حكمت المحكمة الابتدائية بمسقط «… أولا: في الدعوى رقم (٣٧ / ٢٠١٤م) تجاري بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ (٤٣٢٠٠ ر.ع) وألزمتها بالمصاريف ومائة ريال أتعاب محاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. ثانيا: في الدعوى رقم (٥١ / ٢٠١٤م) تجاري بانتهاء الدعوى وألزمت المدعية بالمصاريف. ثالثا: بقبول الطلب العارض المقام من شركة…….. بالمصاريف»، تأسيسا على تقرير الخبير الذي تطمئن إليه المحكمة لسلامة الأسس وكفاية الأبحاث التي بني عليه والذي تستخلص منه إخلال المدعى عليها أصليا بالتزاماتها التعاقدية بإقامتها الأعمال الإنشائية بطريقة مخالفة للمواصفات الهندسية المقررة مما تسبب في وجود عيوب وتشققات يصعب معها تركيب الماكينات عليها وهي أعمال يجب إزالتها وإقامتها من جديد بتكلفة هدم وإعادة بناء بقيمة (٤٣٢٠٠ ر.ع) تتحملها المدعى عليها وحدها باعتبارها المسؤولة عن تلك الإنشاءات خاصة وأن الأطراف والخبير لم يثبتوا وجوب تعيين المدعية لمهندس للإشراف على الأعمال. أما كونها عينت مهندسا للإشراف على الأعمال الجديدة ليست دليلا على التزامها بذلك وهو ما تقضي به المحكمة معتبرة إياه تعويضا ماديا. أما عن التعويض المعنوي فإن القيام بأعمال مخالفة للمواصفات وإعادة هدمها لبنائها من جديد بالاستعانة بشركة أخرى يعتبر إحباطا وحسرة المدعية تستوجب عنه التعويض بمبلغ سبعة آلاف ريال تقضي به المحكمة وعن فسخ الاتفاقية ونظرا إلى ما انتهت إليه المحكمة من إخلال المدعى عليها لبنودها وعدم ثبوت تقاعس المدعية عن التزاماتها المقابلة فقد بات التقرير بالفسخ أمرا مقضيا. أما عن التعويض عما فات المدعية من كسب فإنها لم تقدم الدليل على إلغاء عقود أو تأجيل مشاريع لتقضي برفضه وفي خصوص الفائدة فإن المحكمة تقضي بها عملا بالمادة (٨٠) من قانون التجارة وفيما يتعلق بغرامة التأخير فلم تقدم الدليل على التنصيص عليها بالعقد لتقضي برفضها. وفي خصوص الدعوى الفرعية فطالما أن المحكمة انتهت إلى فسخ العقد بسبب إخلال المدعية فرعيا بالتزاماتها فإن طلب التعويض عن الأضرار الحاصلة لها يكون محلا للرفض وعن طلب إلزام الخصم المدخل برد مبلغ عشرة آلاف ريال فإن المدعية فرعيا لم تدل بما يفيد عدم التزامه بالتزاماته وأن قيمة ما قام به من أعمال هي خمسة آلاف ريال فقط مما يتعين رفضه.

وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطرفين فاستأنفاه أمام محكمة الاستئناف بمسقط حيث قيد استئناف (شركة……..) تحت رقم (٧٨٣ / ٢٠١٤م) في طلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى الأصلية والقضاء في الطلبات في الدعوى الفرعية وإلزام المستأنف ضدهما بالمصروفات وبمبلغ خمسة آلاف ريال مقابل أتعاب محاماة عن درجتي التقاضي استنادا إلى ثلاثة اسباب أولهما الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره عندما قضي لصالح الدعوى الأصلية وأغفل دفاع الطاعنة والمطاعن التي وجهت إلى تقرير الخبير التي لم يقع فحصها وتمحيصها إضافة إلى القضاء بما يخالف تقرير الخبير ودون الاستعانة بخبرة أخرى وهو ما يخالف المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

وعندما رفضت المحكمة الدعوى الفرعية رغم أنها مؤيدة بمستندات لم يقع الطعن فيها كما أنها التفتت عن الدفوع الشكلية دون الخوض فيها قبل الموضوع طبقا للمادة (١١٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. ويتمثل السبب الثاني في القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال عندما اعتمدت المحكمة تقرير الخبير مطعون فيه بالبطلان لمخالفته القانون والنظام العام من عدة أوجه تم التعرض إليها ضمن المذكرة في التعليق عليه أما الثالث فهو الإخلال بحق الدفاع عندما التفتت المحكمة عن دفوع المستأنفة وطلباتها الجوهرية المتمثلة في استدعاء الخبير لمناقشته حول تقريره واستدعاء المدعو…. بصفته المفوض بالتوقيع عن شركة…. طبقا للمادة (٦١) من قانون الإثبات ولتوجيه اليمين الحاسمة إليه طبقا للمادة (٦٨) من هذا القانون.

وحيث وبتاريخ ١٩ / ٤ / ٢٠١٥م تقدمت المستأنفة (شركة……..) بمذكرة تكميلية دفعت فيها أيضا ببطلان الحكم الابتدائي لمخالفته المادة (١٦٣) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. إذ بمراجعة محاضر الجلسات الابتدائية يتضح أن الهيئة التي نظرت الدعوى وسمعت المرافعة ليست هي التي تداولت ونطقت الحكم وهو ما يصمه بالبطلان المتعلق بالنظام العام ويجوز للمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها كما دفعت بعدم قبول الدعوى المستعجلة لرفعها من غير ذي صفة لأن صحيفة الدعوى مقدمة من مكتب الدكتور…….. للمحاماة في حين أن سند الوكالة صادر لمكتب…….. للمحاماة لتنتفي صفة الأول إضافة إلى أن سند الوكالة غير موثق لدى الكاتب بالعدل ليكون غير معتمد كسند وكالة رسمي كما أن المحامي موقع الصحيفة لم يرد اسمه بسند الوكالة وأن تقديم وكالة لاحقة ومذكرات لاحقة موقعة من محام آخر لا يصحح هذا البطلان ورغم ذلك فإن المحكمة لم تتعرض إلى هذه الدفوع الجوهرية التي قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، كما دفعت بأن الدعوى الابتدائية لم تقع إقامتها على كامل الخصوم بإغفال إدخال المهندس الاستشاري ومصمم المشروع باعتباره طرفا أصليا بالدعوى وبذلك عدلت طلباتها أولا بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا:

ببطلانه لمخالفة المادة (١٦٣) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير كامل الخصوم وعدم قبول الدعوى المستعجلة المنضمة لرفعها من غير ذي صفة.

برفض الدعوى الأصلية والقضاء لصالح الدعوى الفرعية واحتياطيا إحالة الدعوى إلى محكمة أول درجة لاختصام الاستشاري والمصمم كأطراف أصلية في الدعوى واستدعاء الخبير لمناقشته وإحالة الدعوى للخبير لبحث الاعتراضات الموجهة للتقرير واستدعاء المستأنف ضدهما لاستجوابهما طبقا للمادة (٦١) من قانون الإثبات وإلزام المستأنف ضدهما بالمصاريف وأتعاب محاماة وقدرها خمسة آلاف ريال عن درجتي التقاضي.

وحيث وردا على صحيفة الاستئناف لاحظ وكيل المستأنف ضدها الأولى (شركة ……..) بمذكرته بانها لم تأت بجديد ينال من سلامة الحكم أو يغير وجه الرأي فيه فلا وجود لأي بطلان بالحكم وأن سند الوكالة الصادر عن مكتب…….. محرر بتاريخ ٢٧ / ٨ / ٢٢٠١٣م ومرفق حال تقديم الدعوى الموقعة من المحامي …….. الثابت بالوكالة الموثقة لدى الكاتب بالعدل بنفس التاريخ وتحمل ختمه ومستوفية للشروط القانونية والرسمية وأضاف بأنه لا يوجد اتفاق على تعيين مهندس استشاري وبالتالي فإن عدم إلتزام المستأنفة بتطبيق المخططات الخرسانية وعدم قدرتها على ذلك هو الذي أدى إلى انقطاع الأعمال وتوقفها ولا وجود لأي دليل يفيد إلزامها بأن يكون الخصم المدخل طرفا في العقد لذا فإنها تطالب برفض الاستئناف وإلزام رافعته بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي.

وحيث تعذر إعلان المستأنف ضده (……..) فتم إعلانه بالنشر بصحيفة يومية بتاريخ ٧ / ٤ / ٢٠١٥م.

وحيث قيد استئناف (شركة……..) تحت رقم (٨٠٢ / ٢٠١٤م) في طلب تعديل الحكم المستأنف بالزيادة بإلزام الشركة المستأنف ضدها بأن تؤدي لها مبلغ مائة وواحد وعشرين ألف ريال مع الفوائد القانونية بنسبة (٩٪) وتعويضها عن الأضرار المادية بمبلغ واحد وخمسين ألف ريالا وعن الأضرار المادية بمبلغ سبعين ألف ريالا كإلزامها بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي استنادا إلى ثلاثة أسباب:

أولها: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره وتأويله عندما رفضت المحكمة التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتها بسبب أخطاء المستأنف ضدها ومخالفتها العقود خاصة أن الخبير المنتدب أثبت الأضرار بوجود عيوب وتشققات ظاهرة في عمل الأساسات.

ثانيا: الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب عندما لم تبحث المحكمة في تلك الأضرار نتيجة الإخلالات ولم تحتسب ما فاتها من ربح وما أصابها من خسارة نتيجة خطأ المستأنف ضدها والفوائد القانونية حتى تاريخ السداد.

ثالثا: الإخلال بحق الدفاع بعدم سماع المحكمة للخصم المدخل (……..) بصفته المدير التنفيذي للمستأنف ضدها حول ملابسات الدعوى وظروفها والأخطاء الهندسية في التنفيذ والأضرار الناتجة عن ذلك.

وحيث وردا على صحيفة الاستئناف لاحظ وكيل المستأنف ضدها الأولى (شركة ……..) بمذكرته بأن هذه الأخيرة لم تتأخر في تنفيذ الاتفاقية فمدة ستة أشهر تبدأ من تاريخ اعتماد الاتفاقية المعدلة في ١٤ / ٨ / ٢٠١٤م في حين أن الدعوى الماثلة أقيمت قبل انتهاء المدة ١٣ / ٤ / ٢٠١٤م وبالتالي فإن الدعوى أقيمت قبل أوانها وبعد إنجازها للمرحلتين الأولى والثانية من الاتفاقية منعتها المستأنفة عن استكمال بقية المراحل وطردت العمال من الموقع كما انها لم توفي بباقي الدفعات (٦٠٪) من قيمة الاتفاقية وقد خاطبتها في عدة مناسبات لإبداء استعدادها لاستكمال الأعمال خلال المدة القانونية. أما عن الأعمال المنجزة فقد تمت على أكمل وجه ودون سلبيات أو قصور خاصة أن المدعية والاستشاري المكلف من قبلها لم يبديا أي ملاحظات في حين أصدرت شركة…….. تقريرا يثبت أن الخرسانات المستعملة في الانشاءات من أقوى أنواع الخرسانات ومطابقة للمواصفات إضافة إلى تركيب الخبراء الإيطاليين المعدات والماكينات عليها وهو دليل على جودتها كما أن المستأنف ضدها لم تتسلم خرائط الموقع ولم تحدد الاتفاقية مواصفات فنية للإنشاءات وكانت تتلقى التعليمات مباشرة من المدعو…….. المفوض بالتوقيع عن المستأنفة وأعوانه ومستشاريه ويتم التنفيذ بناء على ذلك. هذا علاوة على أن تقرير الخبير أثبت اشتراك المستأنفة في الخطأ لعدم تعيينها استشاري للإشراف على المشروع ومتابعة الأعمال، أما بالنسبة للخصم المدخل فلا تربطه صلة بالمستأنف ضدها وليس من ضمن العاملين بها إضافة إلى كونه خصما فلا تقبل شهادته. لذا فإنها تطلب رفض الاستئناف لخلوه من السند القانوني وإلزام المستأنفة بالمصروفات وأتعاب محاماة وقدرها ثلاثة آلاف ريال عن درجتي التقاضي.

وحيث تعذر إعلان المستأنف ضده الثاني (……..) بالطرق العادية فتم إعلانه بالنشر بصحيفة يومية بتاريخ ١١ / ٦ / ٢٠١٥م.

وحيث وبجلسة ٢٥ / ١٠ / ٢٠١٥م حكمت محكمة الاستئناف بمسقط».. بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه»، تأسيسا فعن الاستئناف رقم (٧٨٣ / ٢٠١٤م) فطالما أن الدعوى تستند واقعيا على وقوع عيوب فنية في أشغال البناء موضوع الاتفاقية فإن الأمر يتوقف على أعمال الخبرة وعلى هذا الأساس لا ترى المحكمة فائدة في الاحتكام إلى اليمين، وفي خصوص الدفع بأن الخبير لم يقم بالمأمورية بنفسه فهو غير سديد طالما أن التقرير موقع منه وعليه ختمه وقد أوضح الخبير أن العيوب واضحة وجلية للعين المجردة وصادق على العيوب المفصلة برسالة الشركة الإيطالية خاصة في ارتكاب المستأنفة لأخطاء خطيرة جعلت تلك الشركة عاجزة عن ضمان الآلات الواقع تركيبها على الأساسات وهو ما تعزز أيضا بملاحظات الاستشاري (……..) الذي تعاقدت معه لمراقبة أشغال الشركة الجديدة وهي كلها عناصر تجعل المحكمة مقتنعة بترتيب مسؤولية المستأنفة والتي تبرر المبالغ المحكوم بها ابتدائيا مما يتعين رفض الاستئناف.

وعن الاستئناف رقم (٨٠٢ / ٢٠١٤م) فإن طلب الترفيع في المبالغ المحكوم بها بالاستجابة إلى طلب التعويض فهو غير سديد لأن الخبير المنتدب بين بوضوح الخسارة الناجمة عن العيوب الفنية في الأشغال وما تتطلبه من هدم وإعادة البناء وانتهى إلى تحديد المبالغ مناصفة بين الطرفين لإغفال المدعية صاحبة الأشغال عن تعيين مهندس يراقب إنجاز الأشغال كما فعلت مع الشركة الجديدة المكلفة بالأشغال الإضافية وان المحكمة تقتنع بذلك طالما وجب أن يتحمل كل طرف بوزر مساهمته في حصول الأضرار لتنتهي المحكمة إلى تأييد الحكم المستأنف لبنائه على عناصر واقعية وقانونية.

وحيث لم يلق هذا الحكم قبولا لدى المستأنفة (شركة……..) فطعنت فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل بصحيفة أودعت أمانة سر هذه المحكمة بتاريخ ٦ / ١٢ / ٢٠١٥م موقعة من المحامي….. من مكتب…. للمحاماة المقبول أمام هذه المحكمة بوصفه وكيلا للطاعنة وقدم سند وكالة يجيز له ذلك مع ما يفيد سداد الرسم والكفالة وثم إعلان المطعون ضدهما بصحيفة الطعن فلم يستعملا حقهما في الرد عنها.

وحيث وبجلسة ٢ / ٣ / ٢٠١٦م قررت المحكمة وقف تنفيذ الحكمة المطعون فيه مؤقتا إلى حين البت في الطعن.

وحيث أقيم الطعن على الأسباب الثلاثة التالية:

أولا: بطلان الحكم المطعون فيه للقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال لعدة أوجه:

الوجه الأول، عندما اعتمدت المحكمة تقرير الخبير المجرى في الدعوى رقم (٥١ / ٢٠١٤م) لاطمئنانها إليه متجاهلة اعتراضات الطاعنة عليه إضافة إلى أن الخبير لم يندب بوساطة المحكمة المختصة ولم يحقق الدعوى رقم (٣٧ / ٢٠١٤م).

الوجه الثاني، عندما استندت المحكمة إلى تقرير الخبير رغم الدفع ببطلانه لعدم تحريره محضر أعمال الخبرة حتى يمكن للمحكمة مراقبة وتقدير صحة أعماله والنتيجة التي انتهى إليها ليكون معيبا.

الوجه الثالث، بطلان تقرير الخبير لأنه صادر من شخص أجنبي مغاير لمن تم ندبه بالحكم التمهيدي (……) وجاء تقريره غير محايد ومعتمدا مستندات غير مترجمة رافضا فحص أعمال الطاعنة الخرسانية وهو ما يتطلب وجود استشاري للمشروع لأخذ العينة وفحصها وبالتالي فإن ما أنجزه كان وفقا للأصول المتعارف عليها تطبيقا للمادة (٦٣١) من قانون المعاملات المدنية خاصة وأن الطاعنة قدمت تقريرا في فحص الخرسانة والحديد معد من شركة متخصصة (شركة……..) تأكد منه مطابقة الانشاءات للمواصفات الفنية من حيث جودة ومتانة الاسمنت المستخدم وحديد التسليح إلا أن الخبير لم يأخذ بهذا التقرير دون سند واخذ بتقرير مكتب…….. رغم العلاقة التي تربطه بالمطعون ضدها لأنه تولى العمل بالموقع بدلا من الطاعنة وأصبحت له مصلحة في الدعوى وقد رفضت المحكمة طلب استدعاء الخبير لمناقشة تقريره دون مسوغ قانوني مخلة بدفاع الطاعنة ورغم قبول المحكمة للدعوى الفرعية فإنها لم تحققها ولم تتولى إحالتها للخبير لتحقيقها كما فعلت بالنسبة للدعوى الأصلية لأنه سبق أن ندبت الخبير خلال شهر مارس ٢٠١٣م قبل إقامة الدعوى الفرعية وقبولها مما أخل بدفاعها وحقوقها.

ثانيا: بطلان الحكم المطعون فيه لتناقض الأسباب مع المنطوق.

فرغم ما جاء في الأسباب من أن الخبير المنتدب بين بوضوح الخسارة الناجمة عن العيوب الفنية في الأشغال، وانتهى إلى تحديد ذلك المبلغ مناصفة بين الطرفين وأن المحكمة تقتنع بذلك طالما وجب أن يتحمل كل طرف بوزر مساهمته في حصول الأضرار فقد جاء المنطوق مؤيدا لحكم أول درجة الذي يختلف عن تقرير الخبير الذي حمل الطاعنة نصف المسؤولية وبالتالي مبلغ (٢١٦٠٠ ر.ع) إلا أن الحكم المستأنف حملها كامل المسؤولية مما يجعل الحكم باطلا.

كما جاء الحكم المطعون فيه باطلا لعدم انعقاد الخصومة في مواجهة المطعون ضده الثاني طبقا للمادة (٧٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، حيث لم يتم إعلانه قانونا بالدعوى وبالاستئناف رقم (٨٠٢ / ٢٠١٤م) الذي حجز للحكم وندب الخبير بجلسة ٢٤ / ٣ / ٢٠١٤م أي قبل إدخاله كخصم في الدعوى واكتمال شكلها إذ تم قبول إدخاله بجلسة ٢ / ٦ / ٢٠١٤م.

ثالثا: مخالفة القانون، عندما تخلت المحكمة عن واجبها في تكييف الدعوى وفقا لما طرح أمامها من وقائع وأدلة تاركة مهمتها القانونية للخبير الهندسي في بحث دعوى فسخ وتعويض والحال أن الطاعنة أوردت سندها القانوني لدعواها الفرعية إلا أن المحكمة استندت إلى تقرير الخبير الباطل ذاهبة إلى فسخ العقد خلافا للثابت بالأوراق لأن الدعوى مقامة قبل انتهاء مدة العقد وبالتالي لا يوجد تأخير ولا يكون سببا للفسخ خاصة أن جزءا من العمل يقع على عاتق المطعون ضده الثاني كما أن الأولى كانت تشرف على العمل من خلال المفوض بالتوقيع عنها فهد الشنفري الذي استلم مبالغ من قيمة العقد. كما أن الطاعنة تمسكت ببطلان الحكم طبقا للمادة (١٦٣) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية لأن الهيئة التي نظرت الدعوى وسمعت المرافعة أمام محكمة أول درجة ليست هي التي نطقت بالحكم إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفع رغم تعلقه بالنظام العام.

وعلى ضوء تلك الأسباب فإن الطاعنة تطالب بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف بمسقط لتحكمها من جديد بهيئة مغايرة.

المحكمة

– من حيث الشكل:

حيث استوفى الطعن كافة أوضاعه القانونية فكان بذلك مقبولا شكلا.

– من حيث الموضوع:

حيث وبغض النظر عما جاء بالسبب الثالث للطعن فإن النعي بالسببين الآخرين السالف إيراداهما تفصيلا سديد، فإن السبب الأول القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، فهو ينصب على تقرير الخبير المجرى في الدعوى رقم (٥١ / ٢٠١٤م) بتاريخ ١٣ / ٥ / ٢٠١٤م خاصة بوجهين أولهما أن الخبير لم يحقق في الدعوى الفرعية، وهو في طريقه إذ تم ندبه بموجب حكم تمهيدي مؤرخ في ٥ / ٣ / ٢٠١٤م في حين أقيمت الدعوى الفرعية بتاريخ ١٥ / ٦ / ٢٠١٤م في إطار الدعوى رقم (٣٧ / ٢٠١٤م) أي بعد ورود التقرير ١٣ / ٥ / ٢٠١٤م ورغم الاعتراضات التي وجهتها الطاعنة إليه بمذكرتها المؤرخة في ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤م ورغم صدور قرار بضم الدعويين بتاريخ ٤ / ٦ / ٢٠١٤م فإن المحكمة التفتت عنها دون رد أو مناقشة الخبير لبحث تلك الاعتراضات مما يعد منها إخلالا بحق الدفاع وقصورا في التسبيب يرتب النقض.

أما الوجه الثاني من السبب الأول فهو المتعلق بمخالفة المادة (٩٧) من قانون الإثبات التي تستوجب أن يعد الخبير محضرا بأعماله يشتمل على بيان حضور الخصوم وأقوالهم وملاحظاتهم موقعة منهم وبيان الأعمال التي قام بها الخبير بالتفصيل وأقوال الأشخاص الذين سمعهم من تلقاء نفسه أو بناء طلب أحد الخصوم وتوقيعاتهم والقصد من ذلك تمكين المحكمة من الإلمام بكل التفاصيل عند الاطلاع على نتيجة أعماله. فإذا لم يحرر الخبير محضرا بأعماله فلا تتحقق الغاية التي أرادها المشرع من هذا الإجراء مما يرتب بطلان تقريره طبقا للمادة (٢١) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. وبالتالي بطلان الحكم الذي استند إليه.

وحيث ولما كان ذلك فبمطالعة الأوراق يتضح أن الطاعنة تمسكت بدفاعها في جميع مراحل التقاضي ببطلان عمل الخبير لما لأوردته بسبب النعي وكان البين من تقرير الخبير (……..) أنه لم يحرر محضرا بأعماله يشتمل على ما أوجبته المادة (٩٧) من قانون الإثبات مكتفيا بسرد ما قام به من إجراءات وأعمال قام بها لتكون الغاية التي شرعت تلك المادة من أجلها لم تتحقق وهو ما يعتري تقريره البطلان وبالتفات المحكمة عن ذلك واستنادها في قضائها على هذا التقرير الباطل فإن حكمها يكون معيبا بالبطلان بما يوجب نقضه.

وحيث وعن السبب الثاني المتعلق ببطلان الحكم لوجهين أولهما تناقض أسبابه مع منطوقه فهو وجيه ذلك أن التناقض الذي يفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق كما يستشف من المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية يكون الحكم مستوفيا في ذاته جميع أسبابه تماشيا مع القاعدة بوجوب أن يحمل العمل القانوني بنفسه دليل صحته وأن تكون الأسباب كافية أي أن الأسباب التي يستند إليها الحكم تكفي لاستخلاص منطوقه وأن تكون أسبابا منطقية تقتضي توافر رباط منطقي ووثيق بينها والمنطوق بحيث تؤدي إلى نتيجته بمعنى عدم وجود أي تناقض أو تضارب بين الأسباب فيما بينها أو بين الأسباب والمنطوق وانتفاء تلك الشروط يكون الحكم فاقدا للأسباب التي تقتضيها المادة (١٧٢) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية ليصبح باطلا بطلانا مطلقا موجبا للنقض.

وحيث وبالرجوع للحكم المطعون فيه يتضح أن المحكمة عندما تعرضت للاستئناف رقم (٧٨٣ / ٢٠١٤م) المقام من الطاعنة أكدت بالصفحة السادسة بأن تقرير الخبير الذي كان متماشيا مع رسالة الشركة…….. المكلفة بتوريد الآلات وتركيبها أثبت أن الطاعنة ارتكبت أخطاء في أعمالها انتجت عيوبا بالقاعدة الخرسانية وهو ما يجعل حكم أول درجة مبررا في تحميلها كامل المسؤولية إلا أنها وعند نظرها الاستئناف رقم (٨٠٢ / ٢٠١٤م) وخاصة في بحث مدى جدية التعويض المطالب به من المستأنفة شركة…….. من عدمه تطرقت المحكمة إلى نفس التقرير من أنه أوضح الخسارة الناجمة عن العيوب الفنية في الأشغال وما تتطلبه من هدم وإعادة بناء منتهيا إلى تحميل الطرفين الكلفة الجملية مناصفة بينهما أمام عدم تعيين المستأنفة المذكورة لمهندس استشاري يراقب تلك الشغال وهو ما تقتنع به المحكمة طالما وجب أن يتحمل كل طرف وزر مساهمته في حصول الأضرار وهو ما يؤكد تناقضها مع أسبابها في الاستئناف الأول ثم أنها ورغم نتيجة تلك الأسباب خلصت بالمنطوق إلى تأييد الحكم المستأنف الذي خالف رأي الخبير في نطاق المسؤولية وحمل شركة آفاق كامل المسؤولية بسبب ثبوت خطئها في إنجاز الأشغال وعدم ثبوت خطأ شركة الشنفري وقضت بالتالي بكامل المبلغ لفائدة هذه الأخيرة.

وحيث يتبين من خلال ما تقدم أن أسباب الحكم المطعون فيه جاءت متناقضة فيما بينها إضافة إلى تناقضها مع منطوقه مما يؤدي إلى بطلانه الموجب للنقض.

وحيث وعن الوجه الثاني من السبب الثاني المتعلق بمخالفة المادة (٧٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية. فهو وجيه ذلك أن المدعية الأصلية رفعت الدعويين ضد الطاعنة كليا باعتبار عدم وجود أية علاقة لها بالخصم المدخل (……..) الذي كان مرتبطا بعقد من الباطن مع الطاعنة مؤرخ في ١١ / ١١ / ٢٠١٣م وهو ما أدى إلى عدم إعلانه بصحيفتي الدعوى لعدم وجود مطالبة في شأنه إلا أنه وعند قيام المدعى عليها أصليا (الطاعنة) بدعوى فرعية بتاريخ ١٥ / ٦ / ٢٠١٤م في إطار الدعوى رقم (٣٧ / ٢٠١٤م) تضمنت إدخال ذلك الخصم وتوجيه الطلب الأول له بإلزامه برد مبلغ عشرة آلاف ريال ما استلمه زيادة عن كلفة عمله وتم قبول طلب الإدخال في نفس التاريخ فجاء سلبيا لعدم العثور عليه بالعنوان المبين بصحيفتها فأذنت بإعلانه بالنشر وهو نفس الإجراء الذي تم بالاستئناف رقم (٧٨٣ / ٢٠١٤م) خاصة أن المحكمة رغم إصدارها قرار بالإرشاد بجلسة ١٨ / ١ / ٢٠١٥م فإنه لم يقع تنفيذه فتم الإعلان بالنشر مباشرة أما استئناف شركة…….. رقم (٨٠٢ / ٢٠١٤م) فقد رفع ضد الطاعنة فقط إلا أنها تولت تصحيح الصحيفة بالقيام أيضا ضد الخصم المدخل بموجب مذكرتها المؤرخة في ٢٢ / ٢ / ٢٠١٥م وعلى ضوء ذلك أعلن هذا الأخير مباشرة بالنشر بناء على سلبية الإعلانات السابقة.

وحيث يتضح من خلال ذلك أن إعلان الخصم المدخل في مرحلتي التقاضي تم بالمخالفة للمادتين (٩ و١٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، بالقفز مباشرة للإعلان بالنشر دون استنفاذ إجراءات الطرق العادية ليكون باطلا ولتصبح الخصومة غير منعقدة في مواجهته في إطار الدعوى الفرعية والاستئنافي طبقا للمادة (٧٠) وهو ما يؤدي إلى بطلان الإعلانات المتعلقة به وفق المادة (٢٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية، وهو بطلان يهم النظام العام تثيره المحكمة من تلقاء نفسها.

وحيث وتبعا لجميع تلك الأسباب الجدية فإن الحكم المطعون فيه يكون متسما بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ومخالفة القانون بما يتعين معه نقضه مع إحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بمسقط لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنة وفق المواد (١٨٣، ٢٤٧، ٢٥٩، ٢٦٠) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية.

ولهذه الأسباب

« حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بمسقط لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة للطاعنة «.