التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة التجارية: الطعن رقم ٤١٥ / ٢١٠٦م

2106/415 415/2106 ٢١٠٦/٤١٥ ٤١٥/٢١٠٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٦ / ١٢ / ٢٠١٦م

برئاسة فضيلة القاضي / منصور بن علي الفارسي، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. محمد صالح علي سيد أحمد، وأحمد بن عياش الجندوبي، ونور الدين بن المكي خليفي، و عاطف المأمون عبد السلام.

(١٩٥)
الطعن رقم ٥١٤ / ٢٠١٦م

تنفيذ عيني (استحالة- إرهاق- تعويض- بطلان – آثار)

– لا محل للتنفيذ العيني إذا أصبح هذا التنفيذ مستحيلاً أو غير مجد أو كان يتطلب تدخل المدين شخصيًّا وامتنع المدين عن ذلك أو كان فيه إرهاق للمدين ولذلك وفي هذه الحالة فلا بد من الاستعاضة عن التنفيذ العيني بالتعويض أو التنفيذ بمقابل.

— جرى قضاء هذه المحكمة على قصر البطلان على المستقبل دون أن ينسحب على الماضي وهذا الاتجاه نابع من الاعتراف بوجود الشخص المعنوي الناشئ عن العقد الباطل وجودًا فعليًا واقعيًا لا وجودًا شرعيًا قانونيًا بما يعني أنّ البطلان يكون بمثابة انحلال مسبق للشركة ولا ينتج آثارًا إلا من تاريخ صدور الحكم وبالنسبة للمستقبل فقط.

الوقائع

تتحصل الوقائع في أن الطاعن أقام الدعوى رقم (٢٥٥ / ٢٠١٥م) أمام الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بركاء والتي أحالتها إلى الدائرة التجارية بذات المحكمة والتي قيّدتها بالرقم (١٤ / ٢٠١٥م) وكان الطاعن قد أقام دعواه ابتداء بإيداع صحيفتها أمانة سر المحكمة الابتدائية بركاء بتاريخ ٢١ / ٥ / ٢٠١٤م أولاً:- فسخ الاتفاقية المبرمة بينه وبين المدعى عليهما (المطعون وطلب الحكم ضدهما الآن) بتاريخ ٣ / ٢ / ٢٠١٤م وموضوعها تشغيل المدعى عليهما مقهى بيتزا وعصائر وحلويات الكائن بمحل الطاعن الواقع بمدخل……. ببركاء، ثانيًا:- إخلاء المحل، ثالثًا:- التعويض ستة آلاف ريال عُماني، رابعًا:- إلزامهما بقيمة استهلاك الكهرباء والماء خمسمائة ريال عُماني، وإلزامهما بالمصاريف.

وأورد الطاعن أسبابًا لدعواه أنّ المدعى عليهما أدخلا الغش عليه لكون أنّ الأول   يعمل بالتجارة من خلال معلومات بطاقته وأنّ الثاني لا علاقة له بالنشاط المتفق على تشغيله مما أدخل الطاعن في الغلط عندما تعاقد معهما كما ساق الطاعن أسباب دعواه أنّ المدعى عليهما يستغلان المحل منذ فبراير ٢٠١٤م دون أن يؤديا إليه نصيبه في الأرباح وأنهما خالفا تعليمات البلدية فيما يتعلق بنظافة المحل وأنهما يتعمدان إساءته أمام الزبائن وأنّ البند الحادي عشر من الاتفاقية يكفل له الحق في فسخ الاتفاق قبل أوانه، وفي الجانب الآخر رد المدعى عليهما على الدعوى الأصلية وطلبا رفضها وأوردت مذكراتهما أنهما التزما بكافة التزاماتهما العقدية وقدّم المدعى عليهما دعوى فرعية طلبا الحكم لهما:- بصحة ونفاذ عقد الاتفاق المؤرخ ٣ / ٢ / ٢٠١٤م وإلزام المدعى عليه فرعيًّا بتمكينهما من تشغيل المحل مع إلزامه بالتعويض عشرة آلاف ريال عُماني جبرًا لأضرارهما الناجمة عن توقف العمل منذ ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤م تاريخ طردهما من المحل.

وحيث إنّ الدائرة التجارية بالمحكمة الابتدائية بركاء أصدرت الحكم في الدعويين الأصلية والفرعية وجاء المنطوق كالآتي:- أولاً في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا حكمت المحكمة: إلى المدعي مبلغ مائة وأربعة وثلاثون ريال عُماني وأربعمائة وتسعون بيسة (٤٩٠ / ١٣٤ ر.ع) ورفضت ما زاد على ذلك من طلبات وألزمتهما المصروفات ومائة ريال عُماني مقابل أتعاب المحاماة.

ثانيًا: في الدعوى الفرعية بصحة ونفاذ عقد الشراكة المؤرخ ٣ / ٢ / ٢٠١٤م وتمكين المدعيين فرعيًّا من المحل موضوع عقد الشراكة المبينّ وصفًا ومعالمًا بالعقد وتقريري الخبير ومنع المدعى عليه فرعيًّا لهما في ذلك مع إلزام المدعى عليه فرعيًّا بأن يؤدي إليهما تعويضًا عما لحق بهما من أضرار مقداره ألفا ريال عُماني (٢٠٠٠ ر.ع) وألزمته المصروفات ومائة ريال عُماني مقابل أتعاب المحاماة.

وحيث لم يلق هذا الحكم القبول لدى المدعى عليه فرعيًّا (الطاعن الآن) فأقام عنه الاستئناف رقم (٢٧ / ٢٠١٦م) أمام الدائرة التجارية بمحكمة الاستئناف الرستاق وبجلسة ١٨ / ٤ / ٢٠١٦م قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعًا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت رافعه المصاريف.

ولم يجد حكم محكمة الاستئناف القبول لدى الطاعن فطعن فيه بطريق النقض   بالطعن الماثل بصحيفة أودعت أمانة سر المحكمة بتاريخ ٢٤ / ٥ / ٢٠١٦م موقعة من الأستاذ………………… المحامي المقبول لدى المحكمة العليا الذي يعمل بمكتب……………. بموجب سند الوكالة المرفق وقدّم ما يفيد سداد الرسم والكفالة المقررين قانونًا وتم إعلان المطعون ضدهما بصحيفة الطعن وقدما ردهما عليها بالمذكرة الواردة بتاريخ ٢٨ / ٨ / ٢٠١٦م طلبا في ختامها رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصروفات وألف ريال عُماني مقابل أتعاب المحاماة.

المحكمة

وحيث إنّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إنّ الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وجاء بيانًا لهذا السبب أنّ العقد المبرم بين الطرفين هو عقد تضمن التزامات متبادلة وإذا أخل أحد طرفيه بأن توقف عن تنفيذ التزاماته فإنه يقضي إما بتنفيذ الالتزام أو الفسخ مع التعويض إلا أنّ الحكم المطعون فيه قضى خلافًا لذلك إذ انتهى إلى نفاذ الاتفاقية المؤرخة ٣ / ٢ / ٢٠١٤م مع التعويض وهذا مخالف للقانون.

وحيث إنّ النعي على الحكم بهذا السبب غير سديد إذ أنّ المقرر قانونًا أنه لا محل للتنفيذ العيني إذا أصبح هذا التنفيذ مستحيلاً أو غير مجد أو كان يتطلب تدخل المدين شخصيًّا وامتنع المدين عن ذلك أو كان فيه إرهاق للمدين ولذلك وفي هذه الحالة فلا بد من الاستعاضة عن التنفيذ العيني بالتعويض أو التنفيذ بمقابل.

وبإنزال ما سبق على القضية فإنّ الحكم المطعون فيه أيّد الحكم الابتدائي الذي كان قد قضى في الدعوى الفرعية لصالح المطعون ضدهما بصحة ونفاذ الاتفاق المؤرخ ٣ / ٢ / ٢٠١٤م كما قضى بتعويض المطعون ضدهما عن الأضرار المترتبة على قيام الطاعن بمنع المطعون ضدهما عن ممارسة العمل بالمحل منذ ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤م ويعني هذا أنّ التعويض المقضى به لصالح المطعون ضدهما هو تعويض مترتب على الأضرار التي حاقت بالمطعون ضدهما الناجم عن حرمانهما من تشغيل المحل منذ توقفه بسبب الطاعن في ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤م ومن ثمّ فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن رأى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بصحة   ونفاذ العقد والتعويض والجمع بينهما ويتعينّ من ثم الالتفات عن السبب الأول للطعن لعدم وجاهته.

كما ينعى الطاعن – كذلك – على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني القصور في التسبيب وفساد الاستدلال وذلك من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول:- قضى الحكم الابتدائي بصحة ونفاذ الاتفاقية المؤرخة ٣ / ٢ / ٢٠١٤م دون أن تكون قد أفرغت في شكل شركة من الشركات التي نص عليها قانون الشركات وما نظمته وزارة التجارة والصناعة، وأنّ المطعون ضدهما قاما بجلب المعدات والبدء في العمل دون إتمام الشكل القانوني.

الوجه الثاني: شاب العلاقة بين الطرفين الغش وذلك لأن قيام المطعون ضدهما بتشغيل المحل جاء خلافًا للمتفق عليه وهو أن يكون هذا التشغيل من خلال تكوين شركة معلومة الحصص وفقًا للاتفاقية الإطارية ولهذا كان ينبغي الحكم بفسخ العقد للغش.

الوجه الثالث:- إنّ الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيًا اعتنق التقريرين الأول والتكميلي رغم ما شابهما من عوار فيما يتعلق بحساب رواتب العاملين وبدل المواصلات وتقديم فواتير باللغة الإنجليزية إلى الخبير الذي أخذ بها دون وجود ترجمة لها باللغة العربية.

وحيث إنّه بالنسبة للوجه الأول للسبب الثاني للطعن فإنّ الثابت من الأوراق المقدمة في الدعوى أنّ عقد شراكة أبرم بين الطاعن والمطعون ضدهما بتاريخ ٣ / ٢ / ٢٠١٤م أورد البند الثاني منه أنّ الشركاء اتفقوا على تكوين شركة لتشغيل محل بيتزا وحلويات بالمحل المملوك للطاعن ببركاء والذي له ترخيص مطعم ومقهى رقم (٢٧٩٦) على أن تكون حصة الطاعن عينية تتمثل في المحل مجهزًا بديكوراته وأن تكون حصة المطعون ضدهما معدات تشغيل النشاط وأنّ المطعون ضدهما مارسا النشاط بالمحل بعد أن قاما بتوفير المعدات اللازمة وأنّ النشاط استمر حتى تاريخ ٢٨ / ٥ / ٢٠١٤م تاريخ قيام الطاعن بقفل المحل بعد نشوب الخلاف، غير أنّ أوراق الدعوى لم تثبت قيام أطراف العقد بتوثيق الاتفاق لدى السلطات المختصة ولا حصول المطعون ضدهما – الأول تونسي والثاني أمريكي – على الترخيص اللازم من وزارة التجارة والصناعة وذلك بالمخالفة لقانون استثمار   رأس المال الأجنبي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (١٠٢ / ١٩٩٤م) والذي حظر على غير العمانيين ممارسة العمل التجاري بالسلطنة أو المشاركة في شركة عُمانية داخل السلطنة إلا بترخيص من وزارة التجارة والصناعة، ومتى كان كل ذلك فإنّ عقد الشراكة يكون باطلاً، ولما كان هذا العقد قد لحقه التنفيذ وتمت مباشرة النشاط ونتج عن ذلك آثارًا واقعية بين الطاعن والمطعون ضدهما بدليل مطالبة الطاعن بحصته في أرباح النشاط عن مدّة التشغيل قبل إغلاقه للمحل ومتى كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على قصر البطلان على المستقبل دون أن ينسحب على الماضي وهذا الاتجاه نابع من الاعتراف بوجود الشخص المعنوي الناشئ عن العقد الباطل وجودًا فعليًا واقعيًا لا وجودًا شرعيًا قانونيًا بما يعني أنّ البطلان يكون بمثابة انحلال مسبق للشركة ولا ينتج آثارًا إلا من تاريخ صدور الحكم وبالنسبة للمستقبل فقط، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيّد حكم أول درجة الصادر في الدعوى الفرعية بصحة ونفاذ عقد الشراكة فإنّ ذلك ينطوي على مخالفة للقانون سالف الذكر رغم أنّ بطلان عقد الشراكة غير الموثق لدى الجهات المختصة من النظام العام لكون أنّ المطعون ضدهما غير عمانيين، وهو ما يتعين معه – تبعًا لما تم سرده أعلاه – نقض الحكم المطعون فيه في هذا الشأن والتصدي للاستئناف رقم (٢٧ / ت / ٢٠١٦م) وذلك بإلغاء الحكم المستأنف فيما نقض والقضاء من جديد ببطلان عقد الشراكة وبالتأييد فيما عدا ذلك بالنسبة لما قضى به الحكم في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا إلى الطاعن صافي أرباحه (٥٠٪) من الصافي المحقق وفقًا لما انتهى إليه الخبير (مركز المحاسبة لتدقيق الحسابات) البالغة (٤٩٠ / ١٣٤ ر.ع) مائة وثلاثة وأربعون ريالاً وأربعمائة وتسعون بيسة وكذلك فيما قضى به الحكم في الدعوى الفرعية بالتعويض ألفي ريال عُماني جبرًا لأضرار المطعون ضدهما جراء غلق الطاعن للمحل قسريًا، باعتبار أنّ هذه المبالغ المحكوم بها كانت من آثار تنفيذ عقد الشراكة، وبذا تكون أسباب الطعن التي أبداها الطاعن لفسخ الشراكة غير ذات معنى ولا داعي لمناقشتها لما تم من قضاء بطلان العقد باعتبار أنّ ذلك من النظام العام، وأما أسباب الطعن المتعلقة بتجريح الخبرة فهي مردود عليها بأن المحاكم تستقل بتقدير عمل الخبير والأخذ به متى ما اطمأنت إليه ورأت وجاهة أسباب ما انتهى إليه ومتى كان التقرير المذكور كذلك فإنه يتعينّ الالتفات عن أسباب الطعن في شأنه ومن ثم إلى الحكم في الطعن بما سبق ووفقًا لما سوف يرد في المنطوق مع إلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة إلى الطاعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئيًا فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد الشراكة المقضي به في الدعوى الفرعية والتصدي للاستئناف رقم (٢٧ / ت / ٢٠١٦م) وذلك بإلغاء الحكم المستأنف فيما نقض والقضاء من جديد ببطلان عقد الشراكة وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المطعون ضدهما بالمصاريف ورد الكفالة إلى الطاعن.