جلسة يوم الأربعاء الموافق ٢ / ١١ / ٢٠١٦م
المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ د / إسحاق بن أحمد البوسعيدي، رئيس المحكمة العليا، رئيس الهيئة، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:
الشيخ د. عبدالله بن راشد بن عزيز السيابي نائب رئيس المحكمة العليا
د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي نائب رئيس المحكمة العليا
د. خليفة بن محمد بن عبدالله الحضرمي نائب رئيس المحكمة العليا
سالم بن محمد بن سالم البراشدي قاضي المحكمة العليا
مسعود بن محمد بن علي الراشدي قاضي المحكمة العليا
الشيخ.د. سالم بن حميد بن محمد الصوافي قاضي المحكمة العليا
سعيد بن خلف بن سالم التوبي نائب رئيس محكمة القضاء الإداري
عبد المجيد بن يحيى بن سيف الراشدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
عبدالله بن مسعود بن علي السنيدي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
أحمد بن محمد بن سالم الوهيبي مستشار بمحكمة القضاء الإداري
(١٢)
طلب التنازع رقم (١٤) السنة القضائية السابعة
تنازع اختصاص (شروط) – تنفيذ (منازعة – اختصاص)- قرار (إحالة – ادعاء عام)
– يدور النزاع القائم حول التناقض بين حكمين، ولمّا كان الحكمان قد صدرا من جهتين قضائيتين مختلفتين، وحسما ذات النزاع القائم بين أطراف طلب التنازع الماثل حسماً نهائياً بعد أن حازا قوة الأمر المقضي، وتناقض فيه بأن رفض الحكم الصادر من القضاء العادي (الدائرة المدنية) طلب طالبة التنازع بردم البئرين، بينما قضى الحكم الصادر من الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري برفض طلب الورثة المقدم ضدهم طلب التنازع بحصر وتسجيل البئرين، الأمر الذي تكون معه المنازعة المطروحة على القضاء العادي تتطابق وقائعها مع المنازعة المطروحة على القضاء الإداري، بحسبان أن مقدمة الطلب في الدعوى أمام المحاكم المدنية طلبت إلزام المدعى عليهم بإزالة البئرين، بينما الورثة المقدم ضدهم التنازع طلبوا من محكمة القضاء الإداري إلزام الوزارة – مقدمة طلب التنازع – بحصر وتسجيل البئرين وهو يتعلق بذات الموضوع الذي قدّم أمام محكمة القضاء الإداري من قبل المقدم ضدهم الطلب، ونتيجة للتناقض بين الحكمين المشار إليهما، فإنه يتعذر تنفيذهما معاً.
– فلا تعدّ إحالة محضر المخالفة للادعاء العام من قبيل القرارات أو الخصومات الإدارية الوارد بالمادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩١ / ٩٩)، والتي يجوز الطعن عليها بطلب القضاء بعدم صحتها، وهو ما يخرج تحرير المخالفة والإحالة من الاختصاص الولائي لمحكمة القضاء الإداري، ويتعين القضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر أمر الإحالة.
– يتعين على محكمة القضاء الإداري بحث اختصاصها في ضوء تلك الأحكام عند عرض المنازعة عليها، كون المنازعة التي يثيرها الورثة منازعة تتعلق بالتنفيذ لا يختص بنظرها إلا قاضي التنفيذ عملاً بأحكام المواد (٣٣٤) وما بعدها من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠٠٢) المشار إليها، بحسبان أنّ جميع مطالب تنفيذ الأحكام ترفع أمام هذا القاضي المختص، وهو المؤهّل قانوناً والمنوط به الفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية، كما أنّ قاضي الأصل في منازعات التنفيذ هو قاض الفرع في كل ما يتصل بها من مطالبات أو منازعات، والحكمة في ذلك هو عدم تأييد أو تقطيع أواصر النزاع بين جهتين قضائيتين مختلفتين.
أولاً- في الإجراءات
بتاريخ ٢٦ / ١٠ / ٢٠١٥م أودعت وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه – مقدمة الطلب – لدى أمانة سر الهيئة الطلب الماثل، وأرفقت به سند الوكالة وصوراً من الحكمين اللذين وقع في شأنهما التنازع، ملتمسةً في ختام طلبها: الفصل في النزاع وتحديد الحكم الواجب التنفيذ.
وبتاريخ ٨ / ١١ / ٢٠١٥ م تم إعلان الورثة – مقدم الطلب ضدهم – الذين ردوا بمذكرة موقعة من وكيلهم التمسوا في ختامها الفصل في النزاع القائم، وإلزام المدعية بتنفيذ الأحكام الصادرة وتسجيل الآبار في المادة (٤) الفقرة (أ)و(ب)، وبإلزام المدعية – طالبة التنازع – بردم الآبار، وهي أكثر من (٢٠) بئرا المقامة من مؤسسة….. وقد عقّبت عليها الطالبة بمذكورة صمّمت فيها على طلباتها الواردة بالصحيفة.
وأحال فضيلة الشيخ الدكتور رئيس الهيئة ملف الطلب إلى الأمانة الفنية لتتولى تحضير المنازعة واتخاذ ما يلزم بشأنها.
ثانياً- الوقائع
تتلخص الوقائع في أنّ الوزارة مقدمة الطلب سبق لها وأن أقامت دعواها ضد الورثة بصحيفة أودعتها – ابتداء – لدى أمانة سر المحكمة الابتدائية بنزوى بتاريخ ٢٨ / ٤ / ٢٠١٣ م، وقيدت برقم (١٥٥ / ٥ / ٢٠١٣م) ملتمسةً القضاء: بردم الآبار محل الدعوى، وتحميلهم المصاريف.
وذكرت شرحا للطلب إنه بتاريخ ٦ / ١٢ / ٢٠٠٩ م تلقت دائرة موارد المياه ببلدية نزوى بلاغاً من أحد المواطنين مفاده قيام المذكورين بحفر آبار جديدة دون الحصول على تراخيص مسبقة من قبل الجهة المختصة، وبناء عليه قام المختصون بالبلدية بمعاينة الموقع، وإذ ثبت صحتها من خلال الأدلة المادية التي تتمثل في أنّ البنية الداخلية للآبار تدل على أنها جديدة (أي تم حفرها بعد مشروع الحصر)، وقد تم العثور على البئر الأولى على هيئة ثقب بداخلها مضخّة من نوع غطّاس موصّلة مباشرة إلى حوض تجميع المياه داخل حظيرة المزرعة على عمق (٧٠سم)من سطح الأرض بقصد التضليل، والثانية خارج سياج المزرعة بداخلها مضخة من نوع غطاس وموصلة إلى حوض تجميع المياه بحفرة على عمق (٧٠سم) من سطح الأرض بقصد التضليل.
وعلى الفور تم تحرير محضر ضبط رقم (٧ / ٢٠٠٩م)، وأنه لم تفلح معهم كل المحاولات الودية في حثهم على ردمهما، وأضافت أنه سبق وأن قامت المدعية برفع دعوى جزائية ضد…. انتهى الحكم فيها من قبل محكمة الاستئناف المغايرة بنزوى بتاريخ ٢٧ / ٤ / ٢٠١١م ببراءة المتهم من الجرم المسند إليه لعدم كفاية الدليل، وعليه تقدمت المدعية بهذه الدعوى الراهنة أمام المحكمة الابتدائية الدائرة المدنية الفردية بطلباتها سالفة الذكر؛ لأسباب حاصلها أنّ بقاء الآبار يشكل ضرراً على الثروة المائية، ويهدد المخزون الجوفي للمياه، وأنه يخالف نصوص القانون.
وتدوولت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية بنزوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة ١٠ / ٦ / ٢٠١٣م قضت: « برفض الدعوى، وألزمتها بالرسم والمصاريف».
وأسست المحكمة حكمها على «أنه بناء على الأحكام الجزائية سالفة الذكر، وخلوّ الدعوى من الأسانيد والدليل، وعدم ثبوت الضرر من قبل المدعى عليهم من تلك البئر، خاصة أنه لم يتقدم أحد على المدعى عليهم بوقوع ضرر عليه من حفر تلك البئرين، ممّا يثبت أنّ الدعوى أقوال مرسلة».
وحيث إن ذلك القضاء لم ترتضه المدعية فطعنت عليه بالاستئناف رقم (٣٣١ / ٢٠١٣م) ملتمسةً إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بإلزام المستأنف ضدهم بردم الآبار محل الدعوى، وتحميل المستأنف ضدهم مصاريف الدعوى، وتم إعلان المستأنف ضدهم بها، لأسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره.
وبجلسة ١١ / ٢ / ٢٠١٣م قضت محكمة الاستئناف:» بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة بالمصاريف، ومبلغ مائتي ريال مقابل أتعاب المحاماة».
وبتاريخ ٢٠ / ٩ / ٢٠١٤م تقدم الورثة بدعوى إلى محكمة القضاء الإداري – الدائرة الابتدائية الثانية – قيدت برقم (١٥٨٥ لسنة ١٤) طالبين في ختامها: «بقبولها شكلاً، وبعدم صحة القرار السلبي بالامتناع عن تسجيل البئرين الآيلين إليهم من مورثّهم، مع ما يترتب عليه من آثار، والقضاء بتسجيل البئرين باسم الورثة، وإلزام المدعى عليها بالمصاريف، وبمبلغ خمسمائة ريال مقابل أتعاب المحماة «.
واستطرد وكيل الورثة – مكتب…. للمحاماة والاستشارات القانونية – القول إن موكليه يمتلكون الأرض الزراعية رقم (٤ / ٢٨ / ١٠١ / ٠١ / ١٥٢) الواقعة بمربع المعتمر بولاية نزوى، والبالغ مساحتها (٧٥٣٤٥م٢)، ويوجد في المزرعة بئران لريّ المزروعات، وعليه تقدم موكلوه إلى مدير بلدية نزوى بتاريخ ٦ / ٧ / ٢٠١٤م بطلب لحصر وتسجيل البئرين، كما تقدموا بتاريخ ٧ / ٨ / ٢٠١٤م بتظلم إلى وزير البلديات الإقليمية وموارد المياه، إلاّ أنّ الوزارة لم ترد على تظلمهم، فأقاموا الدعوى الماثلة بطلباتهم سالفة الذكر.
وقد أعلنت عريضة الدعوى ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية المدعى عليها التي لم ترد خلال الأجل المحدد، ونظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة ١٨ / ٣ / ٢٠١٥م قضت:» بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعين المصاريف».
ولم يرتض المدعون – المطلوب ضدهم – ذلك القضاء فطعنوا عليه بطريق الاستئناف بوساطة وكيلهم….. للمحاماة والاستشارات القانونية قيّد برقم (س- أ ٧٤٢) لسنة (١٥) ق.س، مؤسسين طعنهم بالخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب.
وتدوولت الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة ٢٦ / ٥ / ٢٠١٥م قضت الدائرة الاستئنافية:» بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفين المصاريف».
الهيئة
وحيث إنه عن شكل الطلب، فإنه لمّا كان الطلب موقّعا من محام مقبول للترافع أمام المحكمة العليا، وقدمت وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً، واستوفى الطلب سائر أوضاعه الشكلية الأخرى المقررة قانوناً، فيكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إنه عن موضوع هذا الطلب، فإنّ وقائعه تتحصل في أنّ مقدّمة الطلب سبق لها وأن أقامت دعواها ضد الورثة بصحيفة أودعتها – ابتداء- لدى أمانة سر المحكمة الابتدائية بنزوى بتاريخ ٢٨ / ٤ / ٢٠١٣م، وقيّدت برقم (١٥٥ / م / ٢٠١٣م) ملتمسة القضاء: بإلزامهم بردم الآبار محل الدعوى، وتحميلهم المصاريف.
وقد شرحت دعواها بأنه بتاريخ ٦ / ١٢ / ٢٠٠٩م تلقت دائرة موارد المياه ببلدية نزوى بلاغاً من أحد المواطنين مفاده قيام الورثة المذكورين بحفر آبار جديدة دون الحصول على تراخيص مسبقة من قبل الجهة المختصة، وعليه قام المختصون بالبلدية بمعاينة الموقع حيث ثبت لهم صحة البلاغ من خلال الأدلة المادية التي تتمثل في أن البنية الداخلية للآبار تدل على أنها جديدة – أي تم حفرها بعد مشروع الحصر – فقد تم العثور على البئر الأولى على هيئة ثقب بداخلها مضخة من نوع غطاس موصلة مباشرة إلى حوض تجميع المياه داخل حظيرة بالمزرعة على عمق (٧٠سم) من سطح الأرض بقصد التضليل، والثانية خارج سياج المزرعة بداخلها مضخة من نوع غطاس وموصلة إلى حوض تجميع المياه بحفرة على عمق (٧٠سم) من سطح الأرض بقصد التضليل، وعلى الفور تم تحرير محضر ضبط رقم (٧ / ٢٠٠٩م)، ولم تفلح كل المحاولات الودية معهم في حثهم على ردمها.
علماً بأنه سبق لوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه – طالبة التنازع – أن قامت برفع دعوى جزائية ضد…… كونه وكيلاً عن الورثة انتهى فيها الحكم – الابتدائي والاستئنافي من قبل محكمة الاستئناف المغايرة بنزوى بتاريخ ٢٧ / ٤ / ٢٠١١م « ببراءة المتهم من الجرم المسند إليه، لعدم كفاية الدليل».
وعليه تقدمت المدعية بهذه الدعوى الراهنة أمام المحكمة – الابتدائية الدائرة المدنية الفردية – بطلباتها سالفة الذكر، لأسباب حاصلها أنّ بقاء الآبار يشكل ضرراً على الثروة المائية، ويهدد المخزون الجوفي للمياه، وأنه يخالف نصوص القانون.
وقد تدوولت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية بنزوى – الدائرة المدنية الفردية – على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة ١٠ / ٦ / ٢٠١٣م قضت:» برفض الدعوى، وألزمتها بالرسم والمصاريف».
وأسست المحكمة حكمها على « أنه بناء على الأحكام الجزائية سالفة الذكر، وخلوّ الدعوى من الأسانيد والدليل، ولعدم ثبوت الضرر من قبل المدعى عليهم من تلك الآبار، خاصة وأنه لم يتقدم أحد على المدعى عليهم بوقوع ضرر عليه من حفر تلك البئرين، مما يثبت أن الدعوى أقوال مرسلة».
وحيث لم ترتض المدعية بذلك القضاء فطعنت عليه بالاستئناف رقم (٣٣١ / ٢٠١٣م) ملتمسة إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بإلزام المستأنف ضدهم بردم الآبار محل الدعوى، وتحميل المستأنف ضدهم مصاريف الدعوى، وتم إعلان المستأنف ضدهم بها، الأسباب حاصلها الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره.
وبجلسة ١١ / ٢ / ٢٠١٣م قضت محكمة الاستئناف: »بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة بالمصاريف، ومبلغ مائتي ريال أتعاب المحاماة.
وحيث إنه في ٢٠ / ٩ / ٢٠١٤م تقدم الورثة بدعوى أخرى أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الابتدائية الثانية- قيدت برقم (١٥٨٥ لسنة ١٤) طالبوا في ختامها: « بقبولها شكلاً، وبعدم صحة القرار السلبي بالامتناع عن تسجيل البئرين الآيلين إليهم من مورثهم، مع ما يترتب عليه من آثار، والقضاء بتسجيل البئرين باسم الورثة، وإلزام المدعى عليها بالمصاريف، وبمبلغ خمسمائة ريال مقابل أتعاب المحاماة «.
واستطرد وكيلهم مكتب…..للمحأماة والاستشارات القانونية بأن موكليه يمتلكون الأرض الزراعية رقم (٤ / ٢٨ / ١٠١ / ٠١ / ١٥٢) الواقعة بمربع المعتمر بولاية نزوى ، والبالغة مساحتها (٧٥٣٤٥م٢)، ويوجد في المزرعة بئران لريّ المزروعات.
واستعرض وكيل الورثة ما ذُكر سابقا من أحكام، وبأنّ موكليه تقدموا إلى مدير بلدية نزوى بتاريخ ٦ / ٧ / ٢٠١٤م بطلب لحصر وتسجيل البئرين، كما تقدموا بتاريخ ٧ / ٨ / ٢٠١٤م بتظلم إلى وزير البلديات الإقليمية وموارد المياه، إلى أن الوزارة لم ترد على تظلمهم، وعليه أقاموا الدعوى الماثلة بطلباتهم سالفة الذكر. وقد أعلنت عريضة الدعوى ومرفقاتها إلى الجهة الإدارية المدعى عليها التي لم ترد خلال الأجل المحدد، ونظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة ١٨ / ٣ / ٢٠١٥م قضت:» بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا ، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعين المصاريف».
لم يرتض المدعون المطلوب ضدهم ذلك القضاء فطعنوا عليه بطريق الاستئناف بوساطة وكيلهم…… للمحأماة والاستشارات القانونية) قيد برقم (س- أ- ٧٤٢) لسنة ١٥ ق.س، مؤسسين طعنهم على الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب.
وتدوولت الدعوى أمام الدائرة الاستئنافية على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة ٢٦ / ٥ / ٢٠١٥م قضت فيها الدائرة الاستئنافية:» بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفين المصاريف».
وحيث إن حقيقة ما تنشده مقدمة الطلب من الهيئة الفصل في النِّزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين وتحديد الحكم الواجب التنفيذ منهما بالحكم الصادر في الدعوى الإدارية – الدائرة الابتدائية الثانية – قيد برقم (١٥٨٥ لينة ١٤) الصادر بتاريخ ١٨ / ٣ / ٢٠١٥م بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت المدعين المصاريف»، والذي تأييد استئنافيا بتاريخ ٢٦ / ٥ / ٢٠١٥م « بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفين المصاريف».
وحيث إنه إزاء صدور حكمين في الدعوى، الحكم السالف البيان، والحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بنزوى – الدائرة المدنية الفردية – بتاريخ ١٠ / ٦ / ٢٠١٣م برفض الدعوى، وألزمت المستأنفة بالمصاريف، والذي تأيّد استئنافياً بجلسة ١١ / ٢ / ٢٠١٣م: بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة بالمصاريف ومبلغ مائتي ريال أتعاب المحاماة، وقد طعن عليه أمام المحكمة العليا التي قررت عدم قبول الطعن، مؤسسة ذلك على أنّ طعن الطاعنة ما هو إلا جدل موضوعي، بني على افتراضات الضرر المتوقع بحصوله على الجوار، إضافة إلى أنّ البئر هي موروثة للمطعون ضدهم، فأضحى الحكم مؤسسا قانوناً وواقعاً، مما لا جدوى معه قبول الطعن المعروض على المحكمة.
وحيث إن طالبة التنازع – وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه – سبق لها أن قامت برفع دعوى جزائية ضد…… كونه وكيلا عن الورثة انتهى فيها الحكم الابتدائي والاستئنافي من قبل محكمة الاستئناف المغايرة بنزوى بتاريخ ٢٧ / ٤ / ٢٠١١م ببراءة المتهم من الجرم المسند إليه لعدم كفاية الدليل.
وحيث إن المادة (٦٢) من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (١٠١ / ٩٦) تنص على أنه: يرتب القانون المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ويبين وظائفها واختصاصاتها.
وحيث إن المادة (٦٨) من النظام الأساسي ذاته تنص على أن: ينظّم القانون طريقة البتّ في الخلاف على الاختصاص بين جهات القضاء وفي تنازع الاختصاص.
وحيث إن المادة (٨) من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩٠ / ٩٩) تنص على أنه: فيما عدا الخصومات الإدارية، تختص المحاكم المنصوص عليها في هذا القانون بالحكم في الدعاوى المدنية والتجارية، وطلبات التحكيم ودعاوى الأحوال الشخصية والدعاوى العمومية والعمالية والضريبية والإيجار وغيرها التي ترفع إليها طبقا للقانون إلا ما استثنى بنص خاص.
وحيث إن المادة (٢) من المرسوم السلطاني رقم (٨٨ / ٢٠٠٨) بشأن قانون هيئة تنازع الاختصاص والأحكام تنص على أن تختص الهيئة دون غيرها بما يأتي:
الفصل في حالات تنازع الاختصاص الإيجابي والسلبي بين المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية ومحكمة القضاء الإداري وأية محكمة أخرى، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام محكمتين من المحاكم المشار إليها ولم تتخل إحداها أو تخلت كلتاهما عنها.
الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صدر أحدهما من جهة قضائية والآخر من جهة قضائية أخرى.
وتنص المادة (٩) من المرسوم ذاته على أنه: لكل ذي شأن أن يطلب من الهيئة الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين في الحالة المشار إليها في البند (ب) من المادة (٢).
وحيث إن المادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩١ / ٩٩) المعدل بالمرسوم السلطاني رقم (٣ / ٢٠٠٩) تنص على أن « تختص محكمة القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في الخصومات الإدارية ومنها الآتي:
٢ الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بمراجعة القرارات الإدارية النهائية.
ويعتبر في حكم القرارات الإدارية المنصوص عليها في البندين رقمي (١ و ٢) من هذه المادة، رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح «.
وحيث إن المستفاد من النصوص سالفة البيان؛ أنّ قواعد توزيع الاختصاص الولائي بين جهات القضاء تعدّ من المسائل المتعلقة بالنظام العام، إذ عهد النظام الأساسي للدولة في المادة (٦٢) منه للقانون بترتيب المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وبيان وظائفها واختصاصاتها، وقد صدر قانون السلطة القضائية محدداً في المادة (٨) منه ما تختص به محاكمه، ومنها الدعاوى المدنية والتجارية، وطلبات التحكيم، ودعاوى الأحوال الشخصية، والدعاوى العمومية والعمالية والضريبية والإيجارية وغيرها، إلا ما استثنى بنص خاص، وحظر عليها النظر في الخصومات الإدارية، وجعلها من اختصاص محكمة القضاء الإداري.
كما أن مناط اختصاص هيئة تنازع الاختصاص والأحكام طبقاً للفقرة (أ) من المادة (٢) سالفة الذكر هو أن تكون الدعوى قد رفعت أمام محكمتين من المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية ومحكمة القضاء الإداري أو أيّة محكمة أخرى من المحاكم الاستثنائية، ولم تتخلّ إحداهما عنها أو تخلت كلتاهما عنها، أو جاء التخلي عن الحكم من إحدى الجهتين بعدم الاختصاص ولائياً والإحالة إلى الجهة المختصة، فتقضي هذه الأخيرة أيضاً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى.
كما ينشأ اختصاص الهيئة أيضاً إعمالاً للفقرة (ب) من المادة (٢) سالفة الذكر في حال صدور حكمين نهائيين متناقضين في نزاع واحد على أن يكون أحد الحكمين صادراً عن جهة قضائية والآخر صادراً عن جهة قضائية أخرى، الأمر الذي يترتب عليه أنه في حال صدور حكمين متناقضين من جهة قضائية واحدة وغدا الحكمان نهائيين، فإن ذلك يخرج عن اختصاص الهيئة بنظر الطلب بشأنهما وهو ما أكدته المادة (٩) فقرة أولى من حق كل ذي شأن أن يطلب من الهيئة الفصل في النزاع بشأن تنفيذ حكميين نهائيين متناقضين.
وحيث إن اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعاوى المرفوعة إليها لا ينعقد إلا اذا كانت الدعوى متعلقة بخصومة إدارية من الخصومات التي نصت عليها المادة (٦) من قانونها، وجهة الإدارة طرف فيها، كما أنه يجب أن يكون القرار المطعون فيه إداريا بحكم موضوعه أي صادر في مسألة من مسائل القانون العام، فإذا كان القرار متعلقاً بمسألة من مسائل القانون الخاص فلا يعدّ ذلك من قبيل القرارات الإدارية التي تختص بها المحكمة.
وبتطبيق ما تقدم على الطلب الماثل، ولمّا كان الثابت من واقع تسلسل الأحكام الصادرة في الدعاوى المتبادلة بين طرفي الطلب وفق ما تم عرضه يتبين أن القضاء العادي انتهى إلى رفض دعوى وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه – طالبة التنازع – وذلك في مطالبتها بردم الآبار محل التداعي، بينما انتهى القضاء الإداري إلى القضاء برفض دعوى الورثة -المطلوب ضدهم – وذلك في مطالبتهم بإلغاء قرار وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه – طالبة التنازع – رفض تسجيل وحصر الآبار ، وعليه تقدمت وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه – طالبة التنازع – بطلبها لهيئة تنازع الاختصاص والأحكام لتعيين الحكم الواجب النفاذ.
وحيث إن في حالة اعتبار الدعوى المعروضة دعوى للضرر، فإن النزاع يكون نزاعاً مدنيًّا، وبموجبه يكون الحكم الصادر من قبل القضاء العادي هو الواجب التنفيذ.
أما في حالة اعتبار الدعوى المعروضة بشأن قرار إداري اتخذته الإدارة، وذلك برفضها طلب حصر وتسجيل للآبار فهي خصومة إدارية، ومن ثم يكون الحكم الواجب التنفيذ هو الحكم الصادر من قبل محكمة القضاء الإدارية.
وحيث إن النزاع القائم يدور حول التناقض بين حكمين، ولمّا كان الحكمان قد صدرا من جهتين قضائيتين مختلفتين، وحسما ذات النزاع القائم بين أطراف طلب التنازع الماثل حسما نهائيا بعد أن حازا قوة الأمر المقضي، وتناقض فيه بأن رفض الحكم الصادر من القضاء العادي (الدائرة المدنية) طلب طالبة التنازع بردم البئرين، بينما قضى الحكم الصادر من الدائرة الابتدائية بمحكمة القضاء الإداري برفض طلب الورثة المقدم ضدهم طلب التنازع بحصر وتسجيل البئرين، الأمر الذي تكون معه المنازعة المطروحة على القضاء العادي تتطابق وقائعها مع المنازعة المطروحة على القضاء الإداري، بحسبان أن مقدمة الطلب في الدعوى أمام المحاكم المدنية طلبت إلزام المدعى عليهم بإزالة البئرين، بينما الورثة المقدم ضدهم التنازع طلبوا من محكمة القضاء الإداري إلزام الوزارة – مقدمة طلب التنازع – بحصر وتسجيل البئرين وهو يتعلق بذات الموضوع الذي قدّم أمام محكمة القضاء الإداري من قبل المقدم ضدهم الطلب، ونتيجة للتناقض بين الحكمين المشار إليهما، فإنه يتعذر تنفيذهما معاً.
وحيث إن تنفيذ أحد الحكمين لا يتأتى إلا بإهدار حجية الحكم الآخر، لذلك يتعين على الهيئة تعيين الحكم الصادر من الجهة القضائية التي لها ولاية الفصل في الدعوى، ليكون هو الحكم الواجب تنفيذه دون الحكم الصادر من الجهة الأخرى.
وحيث إن جهة الإدارة وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه سبق وأن رفعت دعوى جزائية بموجب أمر الإحالة إلى الادعاء العام، وعرضت الدعوى على القضاء الجزائي الذي قضى فيها ببراءة المتهم من الجرم المسند إليه لعدم كفاية الدليل، وبالتالي لم تشأ الجهة الإدارية المدعى عليها في حينها أن تتخذ طريق الإزالة الفورية. وحيث استقر في أحكام محكمة القضاء الإداري على أنه في حالة تحرير مخالفة إدارية وإحالتها إلى الادعاء العام للتحقيق فيها، ولم تشأ جهة الإدارة أن تتخذ طريق الإزالة الفورية، فإن الاختصاص يكون موكولاً للدائرة الجزائية المختصة إذا ما أحيلت إليها المخالفة عن طريق الادعاء العام بعد الانتهاء من التحقيق فيها، ومن ثمّ فلا يعدّ إحالة محضر المخالفة للادعاء العام من قبيل القرارات أو الخصومات الإدارية الوارد بالمادة (٦) من قانون محكمة القضاء الإداري الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٩١ / ٩٩)، والتي يجوز الطعن عليها بطلب القضاء بعدم صحتها، وهو ما يخرج تحرير المخالفة والإحالة من الاختصاص الولائي لمحكمة القضاء الإداري، ويتعين القضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر أمر الإحالة دون إحالة الدعوى مرة أخرى، وانسجاما مع هذا النهج كان يتعين على محكمة القضاء الإداري بحث اختصاصها في ضوء تلك الأحكام عند عرض المنازعة عليها، كون المنازعة التي يثيرها الورثة منازعة تتعلق بالتنفيذ لا يختص بنظرها إلا قاضي التنفيذ عملاً بأحكام المواد (٣٣٤) وما بعدها من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٩ / ٢٠٠٢) المشار إليها، بحسبان أنّ جميع مطالب تنفيذ الأحكام ترفع أمام هذا القاضي المختص، وهو المؤهّل قانوناً والمنوط به الفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية ، كما أنّ قاضي الأصل في منازعات التنفيذ هو قاض الفرع في كل ما يتصل بها من مطالبات أو منازعات، والحكمة في ذلك هو عدم تأييد أو تقطيع أواصر النزاع بين جهتين قضائيتين مختلفتين.
فلهذه الأسباب
حكمة الهيئة بأن الحكم الصادر من القضاء العادي في الدعوى رقم (١٥٥ / م ف / ٢٠١٣م) بالمحكمة الابتدائية بنزوى المؤيد بالاستئناف رقم (٣٣١ / ٢٠١٣م) ؛ هو الواجب التنفيذ.