جلسة يوم الثلاثاء الموافق ٤ / أكتوبر / ٢٠١٦م
المشكلة برئاسة فضيلة السيد / خليفة بن سعيد بن خليفة البوسعيدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة:سالم بن سعيد الرحبي، سلطان بن ماجد الزعابي، العربي الحروشي، مجيد فرج شوشان
(٢)
الطعن رقم ٣٧٩ / ٢٠١٦ م
جريمة حيازة وإحراز المخدر« ماهية الحيازة والإحراز».
– إن مناط المسؤولية في حالتي إحراز أو حيازة المخدرات هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو وضع اليد عليه على سبيل التملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية.
– دفع « بطلان القبض والتفتيش». دليل « بناؤه على إجراء غير مشروع».
– إن الدفع ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليه هو من أوجه الدفاع الجوهرية، فيجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه متى كان الحكم قد عوَّل في قضائه بالإدانة على الدليل المستمد منه فلا يكفي لسلامة الحكم أن يكون الدليل صادقاً متى كان وليد إجراء غير مشروع.
الوقائع
تتحصَّلُ الوقائع على ما يبينْ ُ من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الادعاء العام أحال الطاعن (المتهم الأول) وآخر إلى محكمة الاستئناف بصحار (محكمة الجنايات)؛ لأنهما بتاريخ (٧ / ١٠ / ٢٠١٤م) بدائرة اختصاص الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بمحافظة شمال الباطنة:
أولاً: بالنسبة للمتهم الأول (الطاعن):
١ . حاز وأحرز بقصد الاتجار مخُدر الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت بالتحقيقات ومحضر الضبط.
٢ . سهَّل تقديم مواد مخُدرة من نوع الهيروين للمتعاطي (المتهم الثاني) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، على النحو الثابت بالتحقيقات.
٣ . قاد المركبة رقم (… /.. خاص) وهو غير حاصل على رخصة قيادة، وفق الثابت باعترافه.
٤ . قاد المركبة السالف ذكرها تحت تأثير المخدر، وفق الثابت بتقرير الفحص الفني وتقرير محضر الضبط.
ثانياً: بالنسبة للمتهم الثاني:
أحرز بقصد التعاطي مخُدر الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت بالتحقيقات ومحضر الضبط.
ثالثاً: بالنسبة للمتهمين معاً:
تعاطيا مواد مخُدرة من نوعي المورفين والكودايين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وفق الثابت بتقرير الفحص الفني لعينة بولهما.
وطالب الادعاء العام بمعاقبة المتهم الأول بجناية حيازة وإحراز المواد المخدرة بقصد الاتجار وجناية تسهيل تقديم مواد مخُدرة لمتعاطٍ دون مقابل المؤثمتين بنص المادة (٤٤ / ٤،١) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وجُنحة قيادة مركبة دون الحصول على رخصة قيادة المؤثمة بنص المادة (٤٩ / ١) بدلالة المادة (٢١) من قانون المرور وتعديلاته وجُنحة قيادة مركبة تحت تأثير مخُدر المؤثمة بنص المادة (٥٠ / ١) من ذات القانون ومعاقبة المتهم الثاني بجُنحة إحراز مخُدر الهيروين بقصد التعاطي المؤثمة بنص المادة (٤٧) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ومعاقبة المتهمين معاً بجُنحة تعاطي المواد المخدرة المؤثمة بنص المادة (٦٤) بدلالة المادة (٢) من ذات القانون مع مصادرة المواد المخدرة المضبوطة بقصد إتلافها ومصادرة المبلغ والهاتف للصالح العام استناداً لنص المادة (٥٩) من ذات القانون.
وبتاريخ (٣١ / ١٢ / ٢٠١٥م) حكمت المحكمة حضورياً في حق المتهم الأول ومعتبراً حضورياً في حق المتهم الثاني بإدانة المتهم الأول بجناية حيازة وإحراز مواد مخُدرة بقصد الاتجار وقضت بسجنه لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها (٥٠٠،١ ر.ع) ألف وخمسمائة ريال وإدانته بجناية تسهيل تعاطي مواد مخُدرة بدون مقابل وقضت بسجنه لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها (٠٠٠ ،١ ر.ع) ألف ريال وإدانته بجُنحة تعاطي مواد مخُدرة وقضت بسجنه لمدة ستة أشهر وغرامة قدرها (٢٥٠ ر.ع) مائتان وخمسون ريالاً وإدانته بجُنحة قيادة مركبة دون رخصة قيادة وقضت بسجنه لمدة شهر واحد وغرامة قدرها (١٥٠ ر.ع) مائة وخمسون ريالاً وإدانته بجُنحة قيادة مركبة تحت تأثير المخدر وقضت بسجنه لمدة ستة أشهر وغرامة قدرها (٢٥٠ ر.ع) مائتان وخمسون ريالاً وإدانة المتهم الثاني بجُنحة إحراز مواد مخُدرة بقصد التعاطي وقضت بسجنه لمدة ستة أشهر وغرامة قدرها (٢٥٠ ر.ع) مائتان وخمسون ريالاً وإدانته بجُنحة تعاطي مواد مخُدرة وقضت بسجنه لمدة ستة أشهر وغرامة قدرها (٢٥٠ ر.ع) مائتان وخمسون ريالاً على أن تدغم العقوبات في حق المتهم الأول وينفذ الأشد منها كما تدغم العقوبات في حق المتهم الثاني مع مصادرة المخدرات المضبوطة تمهيداً لإتلافها ومصادرة المبلغ المالي والهاتف لفائدة الخزانة العامة.
لم يرتض المحكوم عليه الأول (الطاعن) بهذا القضاء فطعن فيه بالنقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل الذي تم التقرير به بتاريخ (٨ / ٢ / ٢٠١٦م) بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن وقدم سند وكالته عنه التي تتيح له ذلك وتم إعلان المطعون ضده بصحيفة الطعن فآثر عدم الرد عليها.
وقدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيها إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه للطاعن وإعادة أوراق الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر أوراق الطعن وبعد سماع التقرير الذي أعدَّه وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني فهو مقبول شكلاً.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخُالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع حينما أدانه بجنايتي حيازة مواد مخُدرة بقصد الاتجار وتسهيل تعاطي مواد مخُدرة بدون مقابل رغم عدم توافر أركانها لعدم وجود صلة له بالمواد المضبوطة والحكم نفسه لم يدلل على وجود تلك الصلة وأن المتهم الثاني أقرَّ أمام المحكمة أن علبة الكوداك المضبوطة تخصُّه فضلاً عن عدم وجود دليل قطعي على قيامه بالاتجار بالمواد المخدرة كما عوَّل الحكم في إدانته على اعترافه بتحقيقات الشرطة رغم أنه دفع بتعرُّضه للإكراه والضرب ناهيك عن مخُالفة ذلك لنص المادة (١٨٦) من قانون الإجراءات الجزائية التي تنصُّ على أنه: «… ليس لمحاضر التحقيقات السَّابقة على المحاكمة حجية في الإثبات…» كما أخطأ الحكم حين استند في إدانته على اعتراف المتهم الثاني بالمخالفة لنص المادة (١٩١) من قانون الإجراءات الجزائية كما أن الحكم استند إلى أدلة لا علاقة لها بالطاعن ولا تؤدي إلى ما رتبه عليها من نتائج باستناده إلى أقوال رجال الضبط والتي تعبر عن وجهة نظرهم ورأيهم الخاص وخلو الأوراق من أي دليل على صحتها كما أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش وما تلاه من إجراءات لحصوله قبل صدور الإذن ولبنائه على تحريات غير جدية إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفع بالرغم من أنه دفاع جوهري كما دفع بكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم معقولية الواقعة وانتفاء الركن المادي لجريمة حيازة مواد مخُدرة بقصد الاتجار أو تسهيلها للتعاطي بدون مقابل، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من فساد في الاستدلال وقصور مبطل في التسبيب وإخلال بحق الدفاع فهو سديد ذلك أن المادة (٢١٩) من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه: «… على المحكمة أن تفصل في الطلبات التي تقدم لها من الخصوم وتبينِّ الأسباب التي تستند إليها…» كما تنصُّ المادة (٢٢٠) من ذات القانون على أنه: «… يجب أن يتضمَّن الحكم ملخص ما قدمه الخصوم من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحُجج القانونية ثم تذكر المحكمة بعد ذلك الأسباب التي بُني عليها الحكم ومنطوقه…».
لما كان ذلك وكان البينِّ ُ من محاضر جلسات المحاكمة أن محامي الطاعن حضر جلسة (١٠ / ١٢ / ٢٠١٥م) ودفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وما تلاها من إجراءات لحصولها قبل صدور الإذن وبنائها على تحريات غير جدية وضمَّن ذلك في المذكرة التي قدَّمها للمحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه فأصبح بذلك واقعاً مسطوراً بالأوراق قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر الدعوى.
لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة العليا قد جرى على أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليه هو من أوجه الدفاع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه متى كان الحكم قد عوَّل في قضائه بالإدانة على الدليل المستمد منه وأنه لا يكفي لسلامة الحكم أن يكون الدليل صادقاً متى كان وليد إجراء غير مشروع.
لما كان ذلك وكان البينِّ ُ من الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد أشارت إلى دفاع الطاعن بالقول: «… وترافع محامي المتهم الأول عن موكله ودفع بعدم جدية محضر التحريات التي انتهت إليه هذه القضية وأن التحريات تمت في (٦ / ١٠ / ٢٠١٤م) والقبض على المتهم تم في (٧ / ١٠ / ٢٠١٤م) وأن المتهم الأول ضبطته إحدى الدوريات وكان هو والمتهم الثاني في حالة سكر بينِّ كما دفع ببطلان القبض والتفتيش والاعتراف …» إلا أن الحكم المطعون فيه خلا من الرد على ذلك الدفع رغم أنه دفع جوهري لأن قبوله قد ينفي الجريمة عن الطاعن أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى فكان لزاماً على المحكمة أن ترد عليه احتراماً لحقوق الدفاع وتطبيقاً لالتزامها بتسبيب الأحكام وذلك برد صريح وجلي فضلاً عن أن المحكمة أوردت في مدوَّنات حكمها المطعون فيه
ما تمسك به الطاعن من أن المادة المخدرة المضبوطة في العُلبة لا تخصُّه هو وإنما تخص المتهم الثاني وأن الأخير أقرَّ أمام المحكمة بجلسة (٩ / ٤ / ٢٠١٥م) بأن المادة المخدرة تخصه ولا تخصُّ المتهم الأول (الطاعن)، ولما كان ما تمسَّك به الطاعن في هذا الشأن يحمل مقوِّمات شيوع التهمة بينه وبين المتهم الثاني بالنسبة لهذا النوع من الاتهام لما هو مقرَّر في قضاء المحكمة العليا من أن مناط المسؤولية في حالتي إحراز أو حيازة المخدرات هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو وضع اليد عليه على سبيل التملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية الأمر الذي كان يتعينَّ على المحكمة أن تورد في حكمها ما يفيد أنها واجهت ما تمسَّك به الطاعن من دفاع يعد في واقعة الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً بما يحمل اطِّراحها له أما وهي لم تفعل ذلك ولم يستبن من الحكم أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه صحيح وحسمت موقفها من التحقق من حيازة الطاعن للمخدر المضبوط في جيب دشداشة المتهم الثاني للتثبت من مناط مسؤوليته عنه فإن حكمها يكون قاصراً قصوراً يُبطله بما يتعينَّ نقضه موضوعاً دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن الأخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة أوراق الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها من جديد بهيئة مغايرة.