التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الجزائية (ب): الطعن رقم ٣٥٨ / ٢٠١٦م

2016/358 358/2016 ٢٠١٦/٣٥٨ ٣٥٨/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الثلاثاء الموافق ١١ / نوفمبر / ٢٠١٦م

المشكلة برئاسة فضيلة  /  محمد بن عبدالله الحجري وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: د. سلطان بن حمد السيابي، سيد ساتي زيادة، الحسين غرار، عابدين صلاح حسن

(٦٩)
الطعن رقم ٣٥٨ / ٢٠١٦م

– سن الطفل» استقاؤه من البطاقة الشخصية».

– اعتماد الحكم في إثبات عمر المجني عليه على ما ورد ببطاقته الشخصة لا يعيب الحكم وليس فيه مخالفة للمادة (٤) من قانون الطفل إعمالا للمادة (٤٢) من قانون الأحوال المدنية رقم (٦٦ / ١٩٩٩) التي نصت على أن البطاقة الشخصية تعتبر دليلاً على صحة البيانات الواردة بها ولا يجوز لأي جهة حكومية أو غيرها. علة ذلك.

الوقائع

تتحصل الوقائع حسبما بان من الحكم المطعون فيه ومن كافة الأوراق في أن الادعاء العام أحال الطاعنين إلى محكمة الجنايات بصور؛ لأنهما بتاريخ ١ / ٦ / ٢٠١٥م بدائرة اختصاص مركز شرطة جعلان بني بوعلي:

تحرشا جنسيًّا بالطفل /…………. البالغ من العمر (١٥ سنة) بأن عمدا إلى استدراجه إلى مكان متوار عن الأنظار، ثم قاما برفع ملابسه، ومارسا معه أفعالاً شهوانية خارجية.

وطلب معاقبتهما بالجناية المؤثمة بالمادة (٧٢) بدلالة المادة (٥٦ / ب) من قانون الطفل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (٢٢ / ٢٠١٤م).

وبجلسة ٨ / ٢ / ٢٠١٦م حكمت المحكمة حضوريًّا: بإدانة الطاعنين تحت المادة (٥٦ / ب) من قانون الطفل ومعاقبة كل منهما بالسجن خمسة سنوات والغرامة (٠٠٠.٥ر.ع) خمسة آلاف ريال عماني على أن ينفذ نصف العقوبة الحبسية، ونصف الغرامة المالية وإلزامهما المصاريف الجزائية.

وحيث إن الطاعنين لم يقبلا بهذا الحكم فقد طعنا فيه بالطعن الماثل الذي تم    التقرير به بتاريخ ١٤ / ٣ / ٢٠١٦م بأمانة سر المحكمة التي أصدرته وبذات التاريخ أودعت صحيفة بأسباب الطعن موقعة من محام مقبول لدى المحكمة العليا وقدم سندي وكالتيه عنهما، أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن فلم يرد عليها.

وحيث قدم الادعاء العام لدى المحكمة العليا مذكرة بالرأي خلص فيه إلى قَبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.

المحكمة:

بعد الاطلاع على الحكم المطعون فيه وعلى سائر الأوراق، وبعد سماع التقرير الذي أعده وتلاه القاضي المقرر وبعد المداولة.

وحيث إن الطعن أستوفى شكله المقرر قانونًا، فهو مقبول شكلاً.

وحيث سبب الطاعنان طعنهما في الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وجاء في بيان ذلك أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف والملابسات التي وقعت فيها ولم يستظهر أركان جريمة التحرش الجنسي كما عرفها القانون ودون بيان دور كل منهما فيها، واستند في إدانتهما على أقوال المجني عليه التي لم يبين أنه أخذ بها كشهادة أم على سبيل الاستئناس، كما اعتمد على اعترافهما في التحقيقات السابقة على المحاكمة وإرشادهما لرجال الشرطة إلى مكان الواقعة ودون بيان مضمون، ومؤدى تلك الأدلة ووجه استدلاله بها، وحتى يستبين من ذلك مدى تطابق الاعترافات مع أقوال المجني عليه.

واعتمد الحكم عمر المجني عليه من بطاقته الشخصية دون شهادة ميلاده بالمخالفة لنص المادة (٤) من قانون الطفل لاسيما أن بنية المجني عليه تظهر أنه شاب تجاوز الثامنة عشرة من العمر ومن ثم لا يخضع لحماية قانون الطفل.

ولم تطرح المحكمة بجلسة المحاكمة التقرير الطبي الذي خلا مما يفيد صحة إسناد الجناية المسندة إليهما وبما يعارض أقوال المجني عليه بأنهما استخدما العنف معه وكذلك تقرير الفحوص البيولوجية، إذ لم يتم اكتشاف أي آثار منوية على المسحات القطنية الشرجية أو ملابس المجني عليه وهي عينات أخذت بعد الواقعة مباشرة وهو ما يخالف أقوال المجني عليه، واستند الحكم في رده على عدولهما عن اعترافيهما إلى تناقضهما في تحديد عدد الإطارات وهي مسألة ثانوية لا علاقة لها بالدعوى   وفيها تعسف في الاستنتاج وبالمقابل أخذ بأقوال المجني عليه رغم تناقضها مع ما جاء بالتقرير الطبي وتقرير الفحوص البيولوجية، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن ما ورد من نعي على الحكم المطعون فيه في مجمله غير سديد ومردود عليه بما هو مقرر في قضاء المحكمة العليا أن استخلاص الواقع في الدعوى والصورة الصحيحة لها وتقدير ووزن الأدلة فيها من سلطة محكمة الموضوع ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها سندها في أوراق الدعوى وقادره على حمله، وأن العبرة في المحاكمات الجزائية باقتناع محكمة الموضوع من جميع عناصر الدعوى المطروحة عليها، ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان مطروحًا على بساط البحث بجلسة المحاكمة ومن المقرر أن اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الإجراءات عنصر من عناصر الإثبات للمحكمة أن تأخذ بما جاء فيه مع باقي عناصر الدعوى، ولها سلطة تقدير ما إذا كان مطابقًا للحقيقة والواقع ولو رجع عنه في مرحلة المحاكمة.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أبان واقعة الدعوى بيانًا أجلى صورتها مستندًا إلى أدلة استمدها من أقوال المجني عليه ومن اعتراف الطاعنين أمام الادعاء العام ومن إرشادهما مأموري الضبط القضائي إلى مكان الواقعة وبيانهما كيفية مقابلتهما المجني عليه، وكيفية ممارستهما لواقعة الدعوى، وهي أدلة مقبولة تم طرحها بجلسة المحاكمة وتحقق ما خلص إليه الحكم من أن الطاعنين قد استدرجا المجني عليه، وهو طفل وفق التعريف الوارد بالمادة (١) من قانون الطفل، استدرجاه إلى منطقة متوارية عن الأنظار ليلاً وأنهما تناوبا في ممارسة الجنس (دون إيلاج) على المجني عليه في الكرسي الخلفي للمركبة وعادا به إلى قرب منزله حيث أنزلاه وغادرا، والحال كذلك فإن ما قضى به الحكم من إدانة الطاعنين بموجب المادة (٥٦ / ب) بدلالة المادة (٧٢) من قانون الطفل هو تطبيق سليم للقانون.

أما ما جاء بشأن عدم اتساق أقوال المجني عليه مع التقرير الطبي القضائي وتقرير الفحوص البيولوجية فهو غير سديد؛ ذلك أن ما جاء بالتقريرين ليس أمرًا تستعصي معه الموائمة والتوفيق بينهما ولا يشكل تناقضًا؛ لأن فعل الطاعنين وفق اعترافهما وإفادة المجني عليه كان فعلاً جنسيًّا خارجيًّا أي دون إيلاج وهو بتلك الصفة يشكل الجريمة موضوع الدعوى.

أما ما جاء بشأن اعتماد الحكم في إثبات عمر المجني عليه كان مبنيًا على ما ورد ببطاقته الشخصية فإن ذلك لا يعيب الحكم وليس فيه مخالفة للمادة (٤) من قانون الطفل؛ ذلك أن المادة (٤٢) من قانون الأحوال المدنية رقم (٦٦ / ١٩٩٩) نصت على أن البطاقة الشخصية تعتبر دليلا على صحة البيانات الواردة بها ولا يجوز لأي جهة حكومية أو غيرها الامتناع عن اعتمادها في إثبات شخصية صاحبها، لما كان ذلك وكانت المعلومات المدونة بالبطاقة الشخصية هي أصلا مستقاة من وثيقة رسمية وهي شهادة الميلاد، وحيث إن القوانين المعمول بها في الدولة مكملة لبعضها فلا تناقض بين ما جاء بالمادة (٤) من قانون الطفل والمادة (٤٢) من قانون الأحوال المدنية الأمر الذي ينحل معه النعي بهذا السبب على غير محل.

لما كان ذلك وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوحبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي عوّل عليها في قضائه بالإدانة، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بجميع ظروفها وأدلتها فإن ذلك يحقق حكم القانون.

لما كان ذلك وكان ما تقدم فإن ما جاء بأسباب الطعن لا يعدو كونه جدلاً موضوعيًّا حول سلطة محكمة الموضوع في استخلاص واقعة الدعوى وتقدير ووزن أدلتها وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا مما يتعين معه القضاء برفض الطعن موضوعًا وإلزام الطاعنين المصروفات، ولأن الطاعن لا يضار بطعنه إلا أن المحكمة تشير بأن نظام وقف التنفيذ المنصوص عليه بالمادة (٧٤) من قانون الجزاء يقتصر على العقوبات التأديبية والتكديرية ولا يشتمل العقوبات الإرهابية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.