التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة الشرعية: الطعن رقم ٢١٦ / ٢٠١٦م

2016/216 216/2016 ٢٠١٦/٢١٦ ٢١٦/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الأحد الموافق ٩ / إبريل / ٢٠١٧م

المشكلة برئاسة فضيلة الشيخ / د. صالح بن حمد بن سالم الراشدي / نائب رئيس المحكمة وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن محمد البراشدي، مسعود بن محمد الراشدي، حمود بن حمد المسكري، عامر بن سليمان المحرزي

(٧)
الطعن رقم ٢١٦ / ٢٠١٦م

حضانة (مصلحة المحضون – عمل الأم – نفقة – تقدير)

– عمل الأم طبيبة لا يتنافى مع مقتضيات الحضانة وبالتالي لا يسقط حضانتها لأبنائها.

– تقدر النفقة يكون بمراعاة الوضع الاقتصادي للبلد الذي يعيش فيه المحضون المنفق عليه وليس وفق البلد الذي يعيش فيه المنفق.

الوقائع:-

تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعن أقام الدعوى الشرعية رقم (١٠٤ / ٢٠١٥م) لدى المحكمة الابتدائية بالرستاق ضد المطعون ضدها طلب فيها بصفة مستعجلة تمكين المدعي من رؤية ولديه (….و…) واستزارتهما له يومين في الأسبوع تبدأ من مساء الخميس الساعة الثالثة وحتى مساء السبت و أن يردهما لأمهما في تمام الساعة التاسعة مساء، ويتكفل المدعي بالذهاب لأخذهما وإرجاعهما في المواعيد المحددة.

وفي موضوع الدعوى إلزام المدعى عليها بالرجوع لبيت الزوجية واحترام العلاقة الزوجية والمعاشرة بالمعروف، على سند من القول بأن المدعى عليها هي زوجته ورزق منها على فراش الزوجية بولدين ………. (٥) سنوات…….. (٤) سنوات إلا أن المدعى عليها بتأريخ ٤ / ٧ / ٢٠١٢م خرجت من منزل الزوجية في بلدها (جمهورية مصر العربية) دون رضا زوجها وأخذت معها ولديها قاصدة سلطنة عمان ولم تتواصل مع المدعي طوال تلك الفترة ولم تسمح له بالتواصل مع ابنيه حتى تأريخ قيد هذه الدعوى.

حضرت المدعى عليها (المطعون ضدها) وأجابت بأنها مكنت المدعي من رؤية ابنيه ولديها شهود على ذلك، وأما ما يتعلق بالرجوع إليه فتوجد مشاكل سابقة بينهما وتقدم دعوى فرعية تطلب الحكم لها بالتطليق منه، وأنها جاءت إلى عمان بموافقته لتعمل طبيبة بمركز صحي الرستاق، وقدمت صحيفة دعوى فرعية مدفوعة الرسم طلبت سماع الشهود لإثبات الضرر والشقاق ومن ثم الحكم بالتطليق وحضانة الولدين وفرض نفقة شهرية بصفة مستعجلة للمدعية مبلغ (٣٠٠ر.ع) لحين الفصل في الدعوى ونفقة شاملة للولدين مقدارها (٣٠٠ر.ع) ونفقة عدة (٢٠٠ر.ع) ومتعة (٣٠٠٠ر.ع) وإلزام المدعى عليه بمؤخر الصداق (٢٠٠٠ر.ع) جنيه مصري، وإلزام المدعى عليه أن يؤدي مصاريف تحفيظ القرآن، وإلزامه بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة، وقدمت إيصالات بدفع مبالغ ادعت أنها ترسلها للمدعي أصليا بمصر، وتأشيرة الولدين، وأفادت بأنها لا يمكنها المغادرة إلا بموافقة الأب وقررت المدعية بأن الضرر عليها يتمثل بالسب والضرب وأخذ مالها من ذهب وغيره وشتم أهلها، و أن المدعى عليه فرعيا يعاني من مرض.

وخلال الجلسة المحددة لتقديم مذكرات ختامية من الطرفين قدم المدعي أصليا مذكرة اقتصر طلباته فقط على إسقاط الحضانة بموجب المادة (١٢٦) من قانون الأحوال الشخصية وإسنادها للمدعي وتنازل عن طلب إلزام المدعى عليها بالرجوع إلى بيته.

وبعد الاستماع إلى شهود المدعية فرعيا وإيداع تقرير الحكمين قضت محكمة أول درجة بجلسة ٢١ / ٤ / ٢٠١٦م بالآتي:

أولا: في الدعوى الأصلية برفضها.

ثانيا: في الدعوى الفرعية بقبولها شكلا وفي الموضوع بتطليق المدعية فرعيا من المدعى عليه على أن يكون الطلاق نافذا من تأريخ صيرورة الحكم نهائيا والقضاء بحق المدعية في حضانة الولدين (……….و……….) مع إلزام المدعى عليه بنفقة شهرية شاملة لهما مبلغ (١٠٠ر.ع) مائة ريال عماني يدفعها المدعى عليه للمدعية باعتبارها الحاضنة على أن تكون النفقة مستمرة باستمرار إقامتهم في السلطنة اعتبارا من تأريخ المطالبة القضائية وإلزامه مبلغ (٣٥٠ر.ع) ثلاثمائة وخمسين ريالا عمانيا للمدعية مجموع نفقة العدة والمتعة ومبلغ عشرين ألف جنيه مصري أو ما يعادلها بالريال العماني قيمة الصداق الآجل ورفض بقية الطلبات.

ثالثا: إلزام المدعي أصليا مصاريف الدعويين الأصلية والفرعية.

لم يحز الحكم الابتدائي قبولا لدى الطاعن فاستأنفاه أمام محكمة الاستئناف بالرستاق والتي قضت فيه بجلسة ٢٠ / ٩ / ١٤٣٧هـ والموافق ٢٦ / ٦ / ٢٠١٦م بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنف بدفع نفقتي العدة والمتعة للمستأنف ضدها والحكم مجددا برفض الطلب وبتحديد زيارة المستأنف لولديه…و…. واصطحابهما من صباح يوم الجمعة الساعة التاسعة إلى الساعة الثامنة من مساء يوم السبت من كل أسبوع وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك مع إلزام المستأنف بالمصاريف.

لم يقبل الطاعن بهذا القضاء فطعن فيه على سبيل النقض أمام المحكمة العليا بالطعن الماثل.

أقيم الطعن بالنقض على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والتناقض بين الأسباب والمنطوق وبالخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيقول ما حاصله:

لقد وقع الحكم المطعون فيه في فساد مبطل في الاستدلال حين قضى بالتطليق دون أن يلتفت إلى أن المطعون ضدها طلبت الخلع أمام محكمة أول درجة بالقضاء المصري وتزامن نظر دعوى الخلع مع نظر الدعوى أمام القضاء في السلطنة وكانت دعوى الخلع في مصر محجوزة للحكم بتأريخ ١٢ / ٧ / ٢٠١٦م إلا أنه لصدور الحكم المطعون فيه قررت المطعون ضدها ترك دعوى الخلع التي رفعتها بمصر.

كما أنها هي التي ترفض الرجوع إلى بيت الزوجية وادعت ادعاءات على غير الحقيقة لفصم عرى الزوجية بدون أن تثبت عناصر الضرر وكان الشقاق ثابتا بشهادة الشهود وشهادة الحكمين بما لا يدع مجالا للشك أن الشقاق كان صادرا من قبل المطعون ضدها بخلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وبرغم ما جاء في حيثيات الحكم الابتدائي من نفي الضرر انتهى إلى الحكم بالتطليق فجاءت حيثياته متناقضة تماما مع منطوقه، وثبت من خلال الحكم المطعون فيه أن الإساءة من جانب المطعون ضدها إلا إن الحكم يطبق نص المادة (١٠٧) من قانون الأحوال الشخصية وقضى بمؤخر الصداق، ولم يفطن إلى ما قررته المطعون ضدها من أنها طلبت من الطاعن الخلع لغاية في نفسها لا لأسباب من الطاعن وكذلك أخطأ الحكم المطعون فيه حينما قضى بالحضانة لها متجاهلا الدفوع التي أبداها إذ خرجت بالولدين من وطنهم مصر دون علم أبيهم ومنعت نفسها وولديها من التواصل به ولا ترعاهم الرعاية السليمة فتتركهم فترة طويلة مع جيرانها لأنها تعمل طبيبة بالمركز الصحي بالرستاق من الساعة ٢:٣٠ بعد الظهر وحتى الساعة ٩:٣٠ مساء مما يمثل خطورة عليهم حيث إن أكبر الولدين عمره (٥) سنوات، وتأثر الولدين بغياب أبيهم عنهم، فالمطعون ضدها أسقطت حقها في الحضانة بمخالفتها نص المادة (١٣٤) من قانون الأحوال الشخصية إذ نصت على أنه (لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون خارج الدولة إلا بموافقة وليه) والثابت أن المطعون ضدها تقيم بسلطنة عمان مع ولديها منذ أربع سنوات والطاعن يقيم بوطنه مصر ملتزم بوظيفة حكومية هناك ويعسر عليه القيام بواجباته اتجاه ابنيه.

كما أخطأ الحكم المطعون فيه في تقدير نفقة الولدين بمائة ريال عماني بدون أن يتحقق من دخل الطاعن مع إن مرتبه الشهري (١٣٠٠) ألف وثلاثمائة جنيه مصري بما يعادل (٦٠ر.ع) فكان لزاما على محكمة الموضوع بحكم المادة (٤٥) من قانون الأحوال الشخصية أن يتحرى سعة المنفق، والمنفق عليهما إقامتهما مرهونة بإقامة المطعون ضدها مما يعني أن وظيفة المطعون ضدها هي السبب في بقاء المحضونين برفقتها وهذا الأمر غير ملزم للطاعن لأنه تم دون رضاه ومن ثم لا يجب إلزام الطاعن بالمبلغ المحكوم به لعدم وجود نص في القانون يجيز للحاضنة الإقامة بالمحضون حيثما تشاء، وأيضا فإن دخل الفرد في مصر يختلف عن دخل الفرد في عمان، كما إن المطعون ضدها حصلت على حكم لها بالنفقة لها وللولدين من قضاء مصر مقدارها (٥٠٠ جنيه مصري) بما يعادل (٢٥ر.ع) وما كان قضاء مصر ليقضي بهذه النفقة إلا بعد التحري والبحث عن دخل الطاعن.

تم إعلان المطعون ضدها بصحيفة الطعن فردت عليها بمذكرة طلبت في ختامها رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.

المحكمة

بعد الاطلاع على كافة الأوراق، وصحيفة الطعن، وسماع التقرير الذي أعده القاضي المقرر، وبعد المداولة.

وحيث إن التقرير بالطعن بالنقض قد تم بأمانة سر المحكمة العليا وخلال القيد الزمني الوارد في المادة (٢٤٢) مقروءة مع المادة (٢٠٤) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية واستوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونا فالطعن مقبول شكلا.

ومن حيث الموضوع فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالأسباب الواردة تفصيلها في صدر هذا الحكم نعي لا يصادف محلا من الحكم المطعون فيه ومردود عليه بأن قضاء المحكمة العليا قد استقر وتواتر على أن استخلاص الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها إيجابا وسلبا من المسائل التي تنفرد بها محكمة الموضوع، فمتى بنت حكمها على أسباب سائغة إيجابية لها أصلها الثابت في الأوراق، وقادرة على حمل قضائها وقد حملت مدونات الحكم المطعون فيه بالمبررات السائغة من خلال ما تبين من تقرير الحكمين وما أقر به الطاعن من تسلم مبالغ نقدية من المطعون ضدها وما سبق من دعاوي بينهما ومن خلال المرافعة الشفوية كلها تنبئ عن استفحال الشقاق بينهما وتعذر الوفاق واستحالة العشرة بين الطرفين وإن الإساءة من الطاعن فلم يكن بد من إعمال المادة (١٠٦) من قانون الأحوال الشخصية التي نصت على (إذا تعذر الصلح، واستمر الشقاق بين الزوجين، حكم القاضي بالتطليق استنادا إلى تقرير الحكمين) والمادة (١٠٧) من القانون ذاته والواقع في الدعوى الماثلة إن الشقاق مستحكم بين الزوجين وأي ضرر أشد من الشقاق الذي يجعل الحياة الزوجية جحيما لا يطاق ويتنافى مع العشرة بالمعروف قال الله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسإن)، أما بالنسبة لحضإنة الولدين (…و….) فلما كان الشارع قصد من الحضانة حفظ الولد، وتربيته، ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس حسبما نصت عليه المادة (١٢٥) من قانون الأحوال الشخصية فإن هذين الولدين في مثل سنهما أحوج إلى حنإن الأم وعطفها لصغر سنهما ولا يقوم غيرها مقامها فالمصلحة تترجح في بقائهما مع أمهما لا سيما وأن المطعون ضدها قدمت ما يفيد الرعاية لهما والحرص على تربيتهما التربية السليمة، ولا ينال من ذلك عمل المطعون ضدها فعمل الأم لا يتعارض مع القيام بواجبات الحضانة للولدين فضلا عن إن إقامتها بسلطنة عمان موقوته بعقد العمل وليست دائمة.

أما تقدير النفقة الشاملة للولدين بمائة ريال عماني فكان حسب المكان الذي يقيمان فيه فهما بسلطنة عمان ومن المعلوم أن الأسعار في عمان تختلف عن الأسعار في مصر وهذا ما جرت به المادة (٤٥) من القانون المذكور أعلاه إذ نصت على (يراعي في تقدير النفقة سعة المنفق، وحال المنفق عليه، والوضع الاقتصادي زمانا ومكانا).

ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أس س قضاءه على معطيات إيجابية، ومبررات لها أصلها الثابت في الأوراق، فإنه يكون قد صادف صحيح الشرع والقانون ومن ثم يصبح النعي عليه بالأسباب السالفة الذكر على غير أساس، وعليه يتعين رفض الطعن موضوعا مع مصادرة ربع الكفالة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه ومصادرة ربع الكفالة.