التصنيفات
أحكام قضائية

المحكمة العليا – الدائرة المدنية (أ): الطعن رقم ١٣٢٢ / ٢٠١٦م

2016/1322 1322/2016 ٢٠١٦/١٣٢٢ ١٣٢٢/٢٠١٦

تحميل

جلسة يوم الاثنين الموافق ٣٠ / ١ / ٢٠١٧م

برئاسة فضيلة القاضي / د. محمود بن خليفة الراشدي وعضوية كل من أصحاب الفضيلة القضاة: سالم بن راشد القلهاتي، و د. أحمد بن ناصر الراشدي، ومحمد بن سيف الفرعي، و د. سلطان بن حمد السيابي.

(٤٧)
الطعن رقم ١٣٢٢ / ٢٠١٦م

بيع (آثار – تسجيل)

– إن تطابق الإيجاب والقبول من طرفي عقد البيع ينتج أثره، ويصبح العقد مبرما بينهما، وإن تم خارج دائرة السجل العقاري؛ إذ إن قانون السجل العقاري لم يغير من الطبيعة الرضائية لعقد البيع؛ وعليه فالعقد ينتج جميع آثاره بمجرد تمام انعقاده فيما عدا نقل الملكية الذي قد يتراخى فيه لحين إتمام التسجيل.

الوقائع

تتلخص الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر الأوراق في أن المدعين…………..أقاموا الدعوى رقم (٧٣ / م / ٢٠١٥م) أمام المحكمة الابتدائية بالمضيبي طالبين القضاء لهم بمخاطبة دائرة الإسكان بالمضيبي بوقف جميع الأعمال والتصرفات على قطعة الأرض محل النزاع لحين الفصل في الدعوى، وسماع أقوال المدعى عليه الأول………. حول صحة الواقعة المدعى بها وإخراج الجزء المدعى به من ملكية المدعى عليهم وضمه عرضا وعمقا إلى الداخل إلى ملكيتهم ومخاطبة دائرة الإسكان بالمضيبي بتعديل سند الملكية والرسم المساحي الخاص بالمدعين والمدعى عليهم وإلزام المدعى عليهم برسوم ومصاريف الدعوى والأتعاب ستمائة ريال عماني.

وذلك لأن المدعو……… باع قطعة الأرض المسماة…… للمدعى عليه الأول وبعد علم المدعين بهذا البيع تقدموا بطلب الشفعة فيها لتحقق شروطها وموجباتها لهم وكان ذلك في عام ١٩٨٩م وبعد تدخل أهل الخير والصلاح تمت التسوية بينهم على أن يتنازل المدعون عن طلب الشفعة مقابل حصولهم على سبعة أمتار عرضا من الأرض محل النزاع يحدها من الشرق الشارع ومن الغرب جبل وبعمق نحو الداخل على امتداد قطعة أرضهم على أن يدفع المدعون للمدعى عليه الأول مبلغ ألف ريال عماني وقبض الأخير هذا المبلغ وباشر المدعون تعمير أرضهم بما فيها سبعة الأمتار طولا وعرضا محل التسوية منذ عام ١٩٨٩م وإقامة إشغالات عليها بتأريخ ١٨ / ٢ / ٢٠٠٨م قام المدعى عليه الأول ببيع أرضه للمدعى عليهم الثاني والثالث، واستمر الوضع قائما كما هو إلا أن المدعين تفاجؤوا بورود إنذار إليهم من قبل محامين المدعى عليهم الثاني والثالث يطلبون منهم إخلاء الجزء الذي آل إليهم من المدعى عليه الأول خاليا من الشواغل والتعويض بحجة أن الجزء الذي هم فيه دخل في سند ملكيتهم التي اشتروها من المدعى عليه الأول الأمر الذي حدا بهم إلى رفع الدعوى.

وتداولت المحكمة الابتدائية بالمضيبي نظر الدعوى على نحو ما ثبت من محاضر جلساتها التي حضرها الأطراف مع وكلائهم وطلب المدعى عليهم ثانيا وثالثا رفض الدعوى لأنهم اشتروا هذه الأرض من المدعى عليه الأول ولا يعلمون بأمر الشفعة التي يدعيها المدعون حيث اشتروا أرضا بمساحة (٥٣٧م٢) بتأريخ ٢٣ / ٧ / ٢٠٠٣م بمبلغ خمسة آلاف ريال وبعد الشراء حصلوا على تمديد، وأصبحت الأرض (٨٧٩م٢) ولا يعلمون عن تنازل المدعى عليه الأول……… عن سبعة أمتار محل الدعوى للمدعين.

كما قرر المدعى عليه الأول بأن ما جاء في صحيفة المدعين صحيح وأن المدعين اشتروا هذه سبعة الأمتار بعد قيام نزاع بينهم، وطلبهم الشفعة في الأرض وقام المدعون باستثمارها، وبناء محلات فيها ومخازن، ولم يعب عليهم أحد، وأن مورث المدعى عليهم ثالثا هو من عاين المكان الذي اشتروه منه، وهو محاط بسور، وذلك عن طريق الوسيط وإنه لم يبع غير المحاط بالسور.

كما أقام المدعى عليهم ثانيا، وبعض المدعى عليهم ثالثا دعوى فرعية بطلب إلزام المدعين أصليا المدعى عليهم فرعيا بإخلاء المكان الذي قاموا بالاستيلاء عليه، وإزالة ما أحدثوه من إشغالات على نفقتهم الخاصة وإلزامهم بتعويض المدعين فرعيا بمبلغ مقداره خمسة عشر ألف ريال بجلسة ٢١ / ١٢ / ٢٠١٥م حكمت المحكمة الابتدائية في الدعويين بالآتي:

أولا: – في الدعوى الأصلية بأحقية المدعين وإثبات ملكهم في المساحة المدعى بها وفق الوضع القائم والواقع تحت حيازتهم وإلزام المدعى عليهم الثاني والثالث والخصم المدخل دائرة الإسكان بالمضيبي بتعديل سند تملك المدعين وذلك بإدخال تلك المساحة ضمن سند ملكيتهم، ورفض الدعوى فيما عدا ذلك، وإلزام المدعى عليهم الثاني والثالث أصليا برسوم ومصاريف الدعوى

ثانيا: – في الدعوى الفرعية برفضها وإلزام رافعها بالمصاريف.

ولم يلق هذا القضاء قبولا من المدعى عليهم ثانيا وثالثا فأقاموا ضده الاستئناف رقم (٦ / م / ٢٠١٦م) الذي تداولته محكمة الاستئناف بالمضيبي وفق الثابت من محاضر جلساتها وبجلسة ١٢ / ٦ / ٢٠١٦ قضت بقبوله شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت رافعه بالمصاريف.

وحيث لم يرض قضاء الحكم المطعون فيه الطاعنين أقاموا ضده الطعن الماثل بموجب صحيفة قدمت لأمانة سر هذه المحكمة بتأريخ ١٧ / ٧ / ٢٠١٦م وموقعة من وكيلهم المحامي……….. المحامي المقبول للترافع لدى المحكمة العليا من مكتب ………. للمحاماة والاستشارات القانونية، وأودع معها ما يفيد التوكيل وسداد الرسم والكفالة.

وطالب في ختام صحيفته بالطلبات التالية:

١ – قبل الفصل في الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن.

٢ – نقض الحكم المطعون، والتصدي بإلغاء الحكم الابتدائي والقضاء مجددا بإخلاء المطعون ضدهم الأول من الأرض محل التداعي التي قاموا بالاستيلاء عليها، وإلزامهم بإزالة ما أحدثوه عليها من إشغالات على نفقتهم الخاصة وإلزامهم بمبلغ ١٥٠٠٠ ر.ع تعويضا للطاعنين.

٣ – نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف بالمضيبي لتحكم فيه من جديد بهيئة مغايرة.

٤ – إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف عن درجات التقاضي ومبلغ ١٠٠٠ ر.ع عن أتعاب المحاماة.

أسباب الطعن

ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفقا للفقرات التي بينها وكيل الطاعنين والتي تلخصت في الآتي:

– الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قرر في حيثياته أن الأرض محل التداعي تقع في حدود أرض الطاعنين وفقا للخرائط المساحية لدى دائرة الإسكان بالمضيبي.

– لم توفق المحكمة المطعون في حكمها فيما ذهبت إليه من حيثيات استندت عليها في حكمها بالقول: إن المطعون ضده الثاني باع الأرض محل التداعي للمطعون ضدهم الأول، وإن البيع والتسوية يتمان بمجرد الإيجاب والقبول وتسلم كل طرف للمقابل وقيام المشتري بحيازة المبيع ووضع يده عليه.

– ذلك لأن…….. لم يقم بتثبيت بيعه للجزء من الأرض محل التداعي المدعى بيعه للمطعون ضدهم الأول لدى السجل العقاري بدائرة الإسكان بالمضيبي وأن المادة (١٨) من قانون السجل العقاري تنص على عدم ثبوت الملكية إلا بموجب سندات الملكية المستخرجة من أمانة السجل وما جاء بقضاء المحكمة العليا في الطعن رقم (٢٢٣ / ٢٠٠٥م) مدني ثانية عليا المبدأ (إثبات الملكية لا يكون إلا بسند الملكية المستخرج من أمانة السجل العقاري علما أن الأرض تؤول ملكيتها والمالك المسجل أولى بالحماية والطاعنون ليس لديهم علم بما أجراه…. من تنازل للمطعون ضدهم أولا عن سبعة أمتار عرضا الجزء من الأرض محل التداعي التي قاموا بشرائها.

– كما لم توفق المحكمة المطعون في حكمها لما استندت إليه مما سبق بيإنه من أن البيع والتسوية يتمان بمجرد الإيجاب والقبول وتسلم كل طرف للمقابل، وقيام المشتري بحيازة المبيع، ووضع يده عليه؛ لأن وقائع هذه الدعوى نشأت قبل صدور قانون المعاملات المدنية فلا يسري عليها وفقا للمادة (٣) منه أن الحكم المطعون فيه ومن قبله الحكم الابتدائي لم يستند إلى أسباب كافية مما يعد مخالفة للقانون وما استقر عليه قضاء المحكمة العليا.

بتأريخ ٢٣ / ٨ / ٢٠١٦م عرض الطعن مع طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا لحين الفصل في الطعن فقررت الأمر باستكمال إجراءات الطعن ووقف إجراءات تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن.

فأعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضدهم فتقدم وكيل المطعون ضدهم الأول المحامي ……….. بمذكرة رد ختمها بطلب رفض الطعن وإلزام الطاعنين المصاريف ومبلغ خمسمائة ريال أتعاب المحاماة.

عقب وكيل الطاعنين بمذكرة صمم فيها على ما جاء بصحيفته، وعقب محامي المطعون ضدهم بمذكرة.

ولم تجد المحكمة للمطعون ضدهم ثانيا وثالثا أي رد أو تعقيب رغم صحة إعلانهم بالصحيفة قانونا.

المحكمة

وحيث إن الطعن قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية المقررة فهو مقبول شكلا.

وأما من حيث الموضوع وعن النعي على الحكم المطعون فيه بما قرره وكيل الطاعنين من السبب الوارد تفصيله في ذكر الوقائع فغير سديد ومردود عليه ذلك أن تطابق الإيجاب والقبول من طرفي عقد البيع، ينتج أثره ويصبح العقد مبرما بينهما وإن تم خارج دائرة السجل العقاري مادام أن قانون السجل العقاري لم يغير من الطبيعة الرضائية لعقد البيع؛ إذ ينتج جميع آثاره بمجرد تمام انعقاده فيما عدا نقل الملكية الذي قد يتراخى فيه لحين إتمام التسجيل كما أن المبيع يتعين بتعيينه في العقد. لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها ومحاضر تحقيقاتها واستجواباتها تشير إلى أن المطعون ضده الثاني………. البائع للطاعنين قد صالح المطعون ضدهم أولا بعد أن تقدموا طالبين الشفعة في المال محل الدعوى وقت شرائه له عام ١٩٨٩م صالحهم على التنازل عن سبعة أمتار عرضا من الأرض محل البيع للطاعنين على أن يدفعوا له في مقابل ذلك ألف ريال عماني، والمطعون ضدهم قاموا بقبض هذا الجزء من الأرض واستثماره وبناء محلات ومخازن فيه، ولم يعب عليهم أحد وأن مورث الطاعنين هو من عاين المكان الذي اشتروه منه وهو محاط بسور من جميع الجهات، وذلك عن طريق الوسيط وأن………. لم يبع للطاعنين غير المحاط بالسور وأن الجزء المتنازع عليه، يقع خارج السور، وقائم به محلات تجارية تخص المطعون ضدهم وفقا لما شهد به الشهود، وأقر به المطعون ضده الثاني، وتشير إليه أوراق الدعوى وعقود الإيجار الخاصة وبذلك تكون الأرض المبيعة قد عينت للطاعنين بوساطة مورثهم تعيينا ينفي عنها الجهالة، وذلك ببيان حدودها، وتوضيح وصفها ومعالمها، ولم ينكر الطاعنون، ولم يرد الطاعنون على هذا الثابت إلا بما قرروه من الدفع بعدم العلم بهذا الصلح وأن…….. البائع لهم لم يعلمهم به، ولم يتم تسجيل هذا التصرف منه لدى أمانة السجل العقاري، الأمر الذي تقرر الرد عليه بما تقدم، ويضحى النعي به مجرد جدل لا أساس له وفقا لما ثبت بوقائع الدعوى وأسانيدها، ويتعين بالتالي رفضه ولا ينال من ذلك ما قرره وكيل الطاعنين من القول بأن قاضي الموضوع استند على قانون المعاملات المدنية في الاستدلال بأن البيع والتسوية يتمان بمجرد الإيجاب والقبول وتسلم كل طرف للمقابل، وقيام المشتري بحيازة المبيع ووضع يده عليه إذ إن ذلك مردود بأن ما قرره قاضي الموضوع، يكون صحيحا حتى وإن كان نشوء وقائع الدعوى سابقا لسريان قانون المعاملات المدنية ذلك أن ما قرره قانون المعاملات المدنية في شأن ما تقدم لا يخرج عما استقر عليه الفقه والقضاء إذ إن المحاكم قبل العمل بالقانون المشار إليه جرى عملها بالقواعد الفقهية المستقرة والمتفق عليها، والتي جاء القانون بتقريرها وتأكيدها، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قائما على أسباب سائغة وأسانيد صحيحة لها أصلها الثابت بالأوراق وواجه الدفوع التي أبداها الطاعنون بما يتفق وصحيح القانون، الأمر الذي يصير الطعن برمته إلى مجرد جدل موضوعي لا يستند إلى دليل، وبناء عليه ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن وحمل المصاريف على الطاعنين ورد ثلاثة أرباع الكفالة.

فلهذه الأسباب

«حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام رافعيه بالمصاريف ورد ثلاثة أرباع الكفالة».

ملاحظة: الهيئة المشكلة أعلاه هي التي نطقت بالحكم وأما فضيلة القاضي / سعيد بن ناصر البلوشي قد حضر جلسة المداولة ووقع على مسودة الحكم.